لجريدة عمان:
2025-12-06@23:55:56 GMT

«العظمة» هي ما يسعى إليه ترامب في حرب فنزويلا

تاريخ النشر: 6th, December 2025 GMT

ترجمة: بدر بن خميس الظفري -

من بين كل التفسيرات التي يمكن أن تُقدَّم لفهم نهج الرئيس دونالد ترامب العدائي تجاه فنزويلا، من تصويره المواجهة على أنها حرب ضد «إرهابيي المخدرات»، أو كخطوة للسيطرة على احتياطات النفط، أو محاولة لإحكام النفوذ الأمريكي في نصف الكرة الغربي، يظل التفسير الأكثر استبعادًا، هو الهدف الذي يطمح إليه أكثر من أي شيء آخر، ألا وهو العظمة.

فبالنسبة لترامب، ليست فنزويلا مسألة جيوسياسية فحسب؛ بل فرصة لقيادة حرب، وهي السمة التي ارتبطت تاريخيًا بالرؤساء الأمريكيين الذين يُصنَّفون ضمن «الأعظم».

لا أحد يترشّح للبيت الأبيض ليكون رئيسًا عاديًا، فلكل رئيس رؤية خاصة لما يعنيه أن يكون عظيمًا؛ فبعضهم يرى العظمة في القدرة على اتخاذ القرار في لحظات التحوّل الكبرى، حين يُمزج الحُكم بالشخصية والشجاعة وسط ضباب من الشك. وآخرون يجدونها في مدى خضوع الدولة للسلطة التنفيذية، أو في إنجازات تُنجَز كما لو كانت نقاطًا على قائمة مهام. وبين هؤلاء وأولئك، يبقى السعي لأن يكون أحد «العظماء» واحدًا من أعمق هواجس ترامب.

في شهر مارس الماضي، قال ترامب أمام جلسة مشتركة للكونجرس إن الشهر الأول من ولايته الثانية كان «الأكثر نجاحًا في تاريخ البلاد»، ثم أردف قائلا: «أتدرون من يأتي في المرتبة الثانية؟ جورج واشنطن».

وفي لقاء مع صحفيين من المؤسسات الإعلامية الأمريكية السوداء، قال: «كنت أفضل رئيس للسود منذ أبراهام لينكولن». ومؤخرًا، كتب على وسائل التواصل أن سياسة الرهن العقاري لمدة 50 عامًا التي اقترحها تجعله «رئيسًا عظيمًا مثل فرانكلين روزفلت».

أما سعيه العلني لنيل «جائزة نوبل للسلام»، ووصفه كل خطوة يتخذها بأعلى الأوصاف، وحتى قرار بناء قاعة احتفالات جديدة داخل البيت الأبيض، فهي مؤشرات إضافية على هذا الهاجس المستمر بالمجد.

في الوقت نفسه، حوّلت المؤسسة العسكرية الأمريكية البحر الكاريبي إلى ما يشبه ساحة حرب. فطوال أشهر، استهدفت القوات الأمريكية سفنًا خاصة في المياه الدولية بدعوى أنها تعمل في تهريب المخدرات إلى الولايات المتحدة.

وقد تحولت الأوامر المزعومة بقتل بحّارة عالقين في تلك العمليات إلى قضية وطنية مستقلة بذاتها. كما أعلن ترامب إغلاق المجال الجوي فوق فنزويلا، فارضًا فعليًا منطقة حظر طيران تجارية.

ويتمركز أكبر أسطول أمريكي في الكاريبي منذ الحرب الباردة على مقربة من السواحل الفنزويلية، كجزء من قوة تُقدّر بنحو 15 ألف عنصر. وذهب ترامب أبعد من ذلك بإعلانه عن عمليات سرية جارية داخل فنزويلا، وهي خطوة غير معتادة تكشف عن رغبة في إظهار الاستعداد للمواجهة.

ويؤكد المؤرخون وعلماء السياسة منذ عقود أن الشجاعة والكفاءة في زمن الحرب هما أقوى مؤشرَين على «العظمة الرئاسية». فبعض الرؤساء اكتسب هذه الهالة من الخدمة العسكرية، والبعض الآخر من قيادة البلاد خلال الحروب.

ومع ذلك، تكشف الدراسات أن الرؤساء الذين يقودون البلاد خلال صراعات دامية يحصلون غالبًا على تقييمات أعلى، وأن الحرب، رغم ذلك، تلحق الضرر بسمعة الرئيس أكثر مما تعزّزها؛ فطريق الحرب ليس طريقًا مختصرًا نحو المجد.

والعلامة التي تفضح من يسعون لهذا النوع من المجد هي التناقضات. ففي حملته لنيل «نوبل»، تباهى ترامب بأنه أنهى ثماني حروب، لكنه يبدو اليوم مستعدًا لبدء حرب جديدة بلا ضرورة، وأجندته السياسية «أمريكا أولًا» لا تحمل أي دعوة للتوغّل في أراضٍ أجنبية.

ويقدّم تدخله في فنزويلا على أنه حرب على المخدرات، بينما منح العفو لرئيس هندوراس السابق المدان في محاكم أمريكية بإدارة شبكة تهريب مخدرات برعاية الدولة. أما «إظهار القوة»، فيتمثّل، بحسب ترامب، في حشد قوة عسكرية هائلة لمواجهة خصم محدود الإمكانيات، وتبرير استخدام أساليب سلطوية لإزاحة حاكم سلطوي آخر، تحت شعار «الديمقراطية».

حتى لو كان الهدف الفعلي هو خنق شبكات المخدرات، أو تأمين الموارد، أو منع نفوذ روسيا والصين، فإن الحرب مع فنزويلا هي أسوأ خيار لتحقيق ذلك.

وإذا كان يرى أن الحرب قد تُبعد الأنظار عن تراجع شعبيته، أو عن حملة الترحيل المثيرة للجدل، أو خسائر الجمهوريين الانتخابية، أو الجدل المحيط بقضية جيفري إبستين، فإن أي التفاف وطني مؤقت سيذوب أمام قسوة الحرب. وإن كان يعتقد أن الحرب ستمنحه مزيدًا من السلطة، فهو يغفل أن الكونجرس، بقيادته الحالية، قد منح الرئاسة كل ما يمكن أن تمنحه أصلاً من صلاحيات.

وقد يبدو الانتصار العسكري على فنزويلا أمرًا مضمونًا، لكنه «انتصار بلا قيمة».

هذا درس تعلّمه رؤساء كُثُر بالطريقة الأصعب، ويبدو أن ترامب يستعد لينضم إليهم. فبالنسبة لمن يبحثون عن المجد، يبدو العالم بأسره خشبة مسرح تنتظر «الرجل العظيم». لكن لو كان بلوغ البطولة مجرد سلسلة من الخطوات التي يمكن اجتيازها بالتدرّج، لما شحّ الأبطال، ولما كانت للبطولة أي قيمة.

فاحترام الناس لا يمكن صناعتُه. وسيتعلم ترامب هذا الدرس، إلى جانب درس آخر أشد وقعًا، وهو أنّ ثمن العظمة الحقيقي أكبر بكثير من قدرة من يتعطّشون للتاج على تحمّله.

ثيودور آر. جونسون كاتب في صحيفة «واشنطن بوست»، ومؤلف كتاب «إن كنا شجعانا».

الترجمة عن واشنطن بوست

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

رئيس فنزويلا للتلفزيون الرسمي: أجريت مكالمة ودية مع الرئيس الأمريكي

قال الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، إنه أجرى مكالمة هاتفية مع نظيره الأمريكي، دونالد ترامب، وسط أزمة بين البلدين.


وقال مادورو، في تصريح للتلفزيون الرسمي، "تحدثت مع رئيس الولايات المتحدة، دونالد ترامب.. وأستطيع القول إن المحادثة كانت ودية".


وبحسب ما ذكرت شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية اليوم الخميس، قال مادورو إن "الاتصال جرى قبل حوالي 10 أيام عندما تلقى مكتبه اتصالاً من البيت الأبيض"، ووصف المحادثة بأنها كانت "محترمة وودية"، ولم يُفصّل ما ناقشاه. 


وأضاف: "سأذهب إلى أبعد من ذلك، إذا كانت هذه الدعوة تعني أننا نتخذ خطوات نحو حوار محترم، من دولة إلى دولة، ومن بلد إلى بلد، فأهلا بالحوار، وأهلا بالدبلوماسية، لأننا سنسعى دائما إلى السلام".


وكانت صحف أمريكية أفادت، في تقارير سابقة، بأن ترامب ومادورو أجريا اتصالاً هاتفيًا أوائل الشهر الجاري، فيما لم يعلق مادورو ولا كبار مسؤولي حكومته على هذه الأنباء.


وعلى نحو مماثل، رفض رئيس الجمعية الوطنية الفنزويلية خورخي رودريجيز، التعليق على المكالمة خلال مؤتمر صحفي، مؤكداً أن هدفه كان الإعلان عن فتح تحقيق في ضربات بحرية أمريكية حديثة استهدفت قوارب يشتبه في تورطها بتهريب المخدرات في الكاريبي، وأسفرت عن مقتل أكثر من 80 شخصًا.


وفي الأيام الأخيرة، صعد الرئيس الأمريكي ضغوطه على مادورو، إذ حذر من احتمال تنفيذ ضربات برية ضد شبكات تهريب المخدرات قريبًا جدًا، كما وجه تحذيرًا لشركات الطيران والطيارين لتجنب المجال الجوي الفنزويلي. غير أنه أوضح للصحفيين على متن الطائرة الرئاسية أن التحذير بشأن المجال الجوي لا يعني أن ضربة جوية وشيكة.. وقال "لا تقرأوا الأمر بهذا الشكل.. أصدرنا التحذير لأننا لا نعتبر فنزويلا دولة صديقة".

طباعة شارك الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو نظيره الأمريكي دونالد ترامب أزمة بين البلدين رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب رئيس الجمعية الوطنية الفنزويلية خورخي رودريجيز ضربات بحرية أمريكية

مقالات مشابهة

  • الحرب البيضاء على الذهب الأسود
  • كاتب أميركي: ترامب بحاجة لمخرج من فنزويلا
  • صحيفة بريطانية: ترامب بحاجة لمخرج من أزمته مع فنزويلا بعيداً عن الحرب
  • فنزويلا حائط ترامب القصير
  • ترامب أول رئيس يُمنح جائزة الفيفا للسلام.. ويجدد تهديده بضرب فنزويلا برا
  • قتلى بغارة للجيش الأمريكي.. ترامب يؤكد عدم وجود خطط لحرب مع فنزويلا
  • على وجه السرعة.. الولايات المتحدة تدعو مواطنيها لمغادرة فنزويلا
  • ترامب يهدد بهجوم بري على فنزويلا
  • رئيس فنزويلا للتلفزيون الرسمي: أجريت مكالمة ودية مع الرئيس الأمريكي