هل تنسحب إسرائيل من جنوب لبنان؟
تاريخ النشر: 13th, February 2025 GMT
بات السؤال حول انسحاب اسرائيل من لبنان أساسياً جداً سيما بعد ان تخلت إسرائيل عن المهلة الاولى وجددتها بالتوافق مع الولايات المتحدة الأميركية وموافقة الدولة اللبنانية. لكن هذا السؤال اليوم يبدو حتميّاً ومصيرياً اكثر في ظل اصرار "حزب الله" والقوى الشعبية القريبة منه على ضرورة تنفيذ إسرائيل انسحابها الكامل مهما كلّف الامر.
الأكيد ان تعامل الولايات المتحدة الاميركية مع موضوع وجود إسرائيل في لبنان مختلف عن تعاملها مع واقع إسرائيل وعلاقتها بداخل فلسطين المحتلة، حتى في غزة، اذ إن الاميركيين لا يريدون لاسرائيل ان تستمر في اعتداءاتها على لبنان ليس حباً به بل لأنهم يعتبرون ان "حزب الله" قد تراجعت قوته بشكلٍ كبير وان الامر يشكّل فرصة ذهبية لهم لتقوية حلفائهم في الداخل وهذا ما لا يمكن ان يتحقّق في ظل اعتداءات إسرائيلية مستمرة على اعتبار أنّ الاعتداء الاسرائيلي المتواصل على لبنان وبقاء الاحتلال من شأنه أن يضعف حجة قوى التغيير والقوى المعارضة للحزب ويعيد شرعية المقاومة من جديد ويزيد من قدراتها على إقناع الرأي العام بأن القرارات الدولية والدولة اللبنانية وكل الضغوطات عاجزة عن ردع إسرائيل، وأنّ المقاومة المسلّحة هي الحلّ الأسلم والأقوى في مثل هذه الظروف، وهذا ما لا تريده إسرائيل ولا تريده اميركا بشكل اساسي.
وعليه فإن انسحاب إسرائيل مرجح اكثر من عدم انسحابها وهذا ما تسرّبه وسائل الإعلام الأميركية.
من جهة أخرى فإنّ انسحاب إسرائيل قد لا يشمل بعض التلال الحاكمة التي من المرجح ان تبقى فيها، وهذا الامر سيستفيد منه "حزب الله" بشكل كبير على اعتبار ان الاحتلال مستمر، وكذلك فإنه سيعزز شرعيته بشرعية سياسية داخلية تمثلت ببيانين صدرا عن رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب يؤكدان ان اي بقاء لقوات الاحتلال الاسرائيلية في لبنان هو اعتداء على سيادة البلد بكامله ما يزيد من التفاف الشرعية الرسمية حول المقاومة في ظل حكومة قد تكون تحضّر لنوع من الانقلاب على "الحزب".
الاهم من كل ذلك هو ان الضغوط والظروف التي قد تؤدي الى انسحاب إسرائيل بالكامل من لبنان ستفيد "الحزب"، حيث أنه سيبدأ بمسار اعادة الاعمار وسيكون اقدر على التعامل، بالمعنى الميداني، مع جنوب نهر الليطاني وشماله وستضعف القبضة الاسرائيلية عنه تدريجياً ليلتقط أنفاسه الأمنية والعسكرية وحتى السياسية في الداخل اللبناني.
المصدر: خاص لبنان24
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
لبنان بين شرعية الدولة ونزع سلاح المقاومة.. كتلة الوفاء: لا ننوي القيام بذلك ونرفض الضغوط الخارجية
تشهد الساحة اللبنانية حالة من الترقب الحذر في أعقاب القرار الذي اتخذته الحكومة اللبنانية بشأن حصر السلاح بيد الجيش اللبناني، وسط تحديات سياسية وأمنية داخلية، ومعارضة شديدة من "حزب الله" الذي يرفض هذا التوجه بشكل قاطع.
الترقب يسبق قرار "حصر السلاح" بيد الجيشوفي هذا الصدد، قال الدكتور عبد الله نعمة، المحلل السياسي، إن الجيش اللبناني يعد مؤسسة وطنية قوية يحظى بثقة تامة من قبل كافة شرائح الشعب اللبناني، وهو يمثل أحد الركائز الأساسية في استقرار البلاد.
وأضاف نعمة- خلال تصريحات لـ "صدى البلد": "صرح حزب الله أمس بأن لا نية لديه للتصعيد، سواء في الشارع أو تجاه الجيش اللبناني، مؤكدا حرصه على الحفاظ على الأمن الداخلي".
وأشار نعمة، إلى أن قد عقد اجتماع ضم ممثلين عن حزب الله إلى جانب رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية، بهدف تهدئة الأجواء ومعالجة حالة التوتر التي طرأت مؤخرا، وقد ساد اللقاء طابع التفاهم والجدية في إيجاد مخرج سلمي للموقف الراهن، معقبا: "أتوقع أن الأمور سوف تتجه نحو الأفضل، لأن الطرفين لا يسعيان إلى المواجهة أو الدخول في صدام مباشر".
واختتم: "شدد رئيس الجمهورية على أن مسألة تسليم السلاح لا رجعة فيها، مؤكدا على ضرورة أن يقوم المجتمع الدولي بدوره في دعم جهود التهدئة، مشيرا إلى أن لبنان يعتبر نقطة ارتكاز إقليمية في غاية الأهمية، ما يحتم على الأطراف كافة التعامل مع الوضع بحساسية ومسؤولية عالية".
دعم أمريكي مشروط وتوقعات لبنانيةمن جهة أخرى، أبدت الولايات المتحدة دعما غير محدود للدولة اللبنانية في مساعيها لتنفيذ القرار، مؤكدة استعدادها لدعم خطة تسليم السلاح، غير أن تنفيذ القرار بنجاح يظل مرهونا بعدة عوامل، أبرزها توفر الإرادة السياسية الوطنية الجامعة التي تحفظ السيادة، إلى جانب التزام إسرائيل الكامل ببنود الاتفاق المطروح ضمن "الورقة الأمريكية".
وتتوقع أوساط سياسية لبنانية أن توافق تل أبيب على هذه البنود كما فعلت الحكومة اللبنانية.
وفي السياق نفسه، دعا رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع إلى ما أسماه "الانخراط الكامل في الدولة"، مطالبا بالتخلي عن سياسة المكاسب الخاصة. وجدد جعجع استعداد حزبه للتحاور مع "حزب الله" بشرط تسليم السلاح، موضحا أن الخلاف مع الحزب وجودي واستراتيجي، وليس طائفيا، وقال: "أكبر ضمانة للطائفة الشيعية هي الدولة اللبنانية، وليس أي كيان خارجها".
زيارات دبلوماسية حاسمةويتزامن هذا الحراك مع زيارة مرتقبة للموفد الأمريكي توم براك إلى بيروت، تسبقها زيارة للمبعوث السعودي يزيد بن فرحان، حيث من المقرر أن يعقد الطرفان لقاءات مع المسؤولين اللبنانيين لبحث آخر المستجدات، في وقت تقترب فيه المهلة المحددة للجيش اللبناني لتقديم خطة شاملة لحصر السلاح، والمقررة في موعد أقصاه 31 أغسطس.
"حزب الله": القرار خطر يهدد السيادةفي المقابل، جددت كتلة "الوفاء للمقاومة" على لسان النائب محمد رعد رفض "حزب الله" القاطع لقرار الحكومة، واصفا إياه بـ"الخطوة الخطيرة وغير المدروسة"، التي جاءت نتيجة ضغوط خارجية ودون توافق وطني، مما جعلها ـ حسب تعبيره ـ تفتقر إلى البعد السيادي والميثاقي.
وأكد رعد أن سلاح المقاومة كان ولا يزال عامل حماية للبنان منذ العام 1982، وحقق إنجازات على صعيد التحرير والردع، معتبرا أن أي تشكيك في جدواه هو "تزوير للواقع"، وأضاف: "تسليم السلاح يعني تسليم الشرف.. وهو انتحار لا ننوي القيام به".
كما اعتبر أن الضغوط الأمريكية والإسرائيلية لتطبيق القرار تأتي ضمن جدول زمني ضيق لأن "الوقت لا يعمل لصالحهما"، مشيرا إلى أن الهدف من القرار هو نقل الصراع من الطابع اللبناني–الإسرائيلي إلى صراع داخلي لبناني.
وأوضح أن الدولة اللبنانية لا تمتلك بقواها الذاتية القدرة الكاملة على مواجهة التحديات الإقليمية، رغم قدرتها على فرض سلطتها داخليا، كما أشار إلى أن الوضع في غزة يعيد فتح جبهات توتر جديدة.
وختم حديثه بالتأكيد على أن إعادة الإعمار ممكنة رغم الوضع الاقتصادي الصعب، لكن غياب السلطة القادرة على تحمّل المسؤولية يعوق ذلك المسار.
من جهتها، حذرت وزيرة البيئة تمارا الزين، إحدى الممثلين عن "الثنائي الشيعي"، من أن الاتفاقية المقترحة تمس السيادة اللبنانية، وتتطلب نقاشا أوسع وتوافقا وطنيا شاملا، نظرا لما تتضمنه من بنود ذات أثر مباشر على جميع اللبنانيين.
وأضافت الزين: "لا أحد يمكنه المزايدة علينا، فنحن لم نرفض دور الجيش إطلاقا"، موضحة أن مشاركتهم في الجلسات الوزارية هي دليل على عدم وجود نية للتعطيل، وقالت: "لست ناطقة باسم حزب الله، لكنني من موقعي أعبر عن تحفّظاتي، وأحذر من بعض البنود المثيرة للقلق في هذه الاتفاقية".
مخاوف من انفجار أمني في الشرقفي ظل هذا التوتر، تتصاعد المخاوف الأمنية، خاصة على الحدود الشرقية مع سوريا، تزامناً مع الحديث عن نزع سلاح المقاومة، ويخشى مراقبون أن تستغل إسرائيل هشاشة الوضع في سوريا للتمدد شرقا باتجاه منطقة البقاع ومحاولة عزلها عن باقي الأراضي اللبنانية، ما ينذر بتغيير استراتيجي في معادلات الردع والبيئة الحاضنة للمقاومة.
الحكومة تناقش "الورقة الأمريكية"وكانت الحكومة اللبنانية قد عقدت جلستين متتاليتين برئاسة قائد الجيش جوزاف عون، لمناقشة تفاصيل "الورقة الأمريكية" التي سلمها الموفد الأمريكي توم براك.
في الجلسة الأولى بتاريخ 5 أغسطس، ناقش الوزراء مضمون الوثيقة، بما في ذلك الجدول الزمني وآلية إنهاء الوجود المسلح لكل الجهات غير الحكومية، وانتشار الجيش في المناطق الحدودية والنقاط الاستراتيجية، إضافة إلى انسحاب إسرائيل من خمس نقاط حدودية احتلتها في الحرب الأخيرة.
وشهدت الجلسة انقساما حادا حول توقيت التنفيذ وترتيباته، دون اتخاذ قرار نهائي، وتم تكليف الجيش بإعداد خطة شاملة تعرض في موعد أقصاه 31 أغسطس.
أما الجلسة الثانية بتاريخ 7 أغسطس، فقد اتسمت بجدل واسع وانسحاب الوزراء الشيعة، ومن بينهم ممثلو "حزب الله" و"حركة أمل"، اعتراضا على موافقة الحكومة اللبنانية على الأهداف الأمريكية دون ضمان تثبيت وقف إطلاق النار أو انسحاب إسرائيل.
وتضمنت الوثيقة الأمريكية 11 هدفا رئيسيا، أبرزها:
- ضمان وقف دائم للأعمال العدائية.
- إنهاء الوجود المسلح لكل الجهات غير الحكومية.
- نشر الجيش اللبناني في المواقع المحددة.
- انسحاب إسرائيل من المواقع التي احتلتها خلال الحرب الأخيرة.
ومن المنتظر أن يعرض تقرير الجيش اللبناني على مجلس الوزراء لمناقشته، تمهيدا لإقراره قبل نهاية أغسطس، على أن يبدأ التنفيذ قبل نهاية العام، في حال توفر التوافق السياسي المطلوب.
والجدير بالذكر، أنه في ظل الانقسام السياسي والمواقف المتباينة،هل يتمكن لبنان من فرض سيادته بحصر السلاح بيد الجيش، أم أن هذا القرار سيكون شرارة لصراع داخلي جديد بين الضغوط الخارجية، ومواقف الداخل، والمهلة التي تقترب من نهايتها، يظل مصير القرار معلقا على خيط رفيع من التفاهم أو الانفجار.