أبهرت دولة الكويت العالمَ العربي بحفل تدشين "الكويت عاصمة الثقافة والإعلام العربي" وسط حضور ثقافي عربي كبير، وقدمت أوبريتا وصفه الإعلام الكويتي "بالتاريخي" حمل عنوان "محيط الأرض" خرج من الإطار التقليدي والخطابي للاحتفالات الرسمية إلى فكرة الاشتغال الثقافي والنحت المعرفي والتاريخي. ووصف سياسيون ومثقفون عرب حضروا الحفل الأبريتَ بأنه "استثنائي" و"مشرف" ويليق بالمناسبة ليس في بعدها الكويتي المحلي ولكن في بعدها العربي وبعدها المناسباتي الذي يعلي من مكانة المناسبة ويكشف أهميتها ويعطي تصورا عن الفعاليات الثقافية والإعلامية التي ستقدمها الكويت طوال العام الجاري.

وحضر العرض عدد كبير من وزراء الثقافة والإعلام العرب والمثقفين والإعلاميين من مختلف المؤسسات الإعلامية في العالم العربي. ومثل سلطنة عُمان في الحفل معالي الدكتور عبدالله بن ناصر الحراصي وزير الإعلام وعدد من المثقفين والإعلاميين العمانيين.

واشتغل الأبريت "الاستثنائي" على شخصية الفلكي الكويتي صالح العجيري لينطلق من خلالها المخرج المسرحي عبدالله عبد الرسول إلى قراءة المنجز الحضاري العربي ليس بدءا بدار الحكمة في بغداد وليس انتهاء بالتجارب العربية لسبر أغوار الفضاء والفلك في طريق المستقبل. وكانت الكويت في قلب الاشتغال الدرامي للأوبريت وكذلك الاشتغال الفني والتاريخي. ورغم أن عبدالرسول أو حتى وزارة الإعلام الكويتية لم تتحدث عن مغزى أو رمزية الانطلاق من شخصية "الفلكي" إلا أن السياق العام يحيل إلى براعة وإبداع العرب في علم الفلك منذ مرحلة تاريخية مبكرة وما زالت نتائج ذلك العلم تبهر علماء الفلك في العصر الحديث.

وقدم المخرج عبدالله عبدالرسول تصويرا منفردا للأحداث في الأبريت لكنه أعاد تريكبها في بناء درامي مثير نجح في فتح أشكال فنية ودرامية مختلفة تراوحت بين الغناء الحديث والفنون التقليدية الفردية والجماعية والتي تجسد مرحلة حضارية من المراحل العربية. كما ستخدم تقنيات فنية متناهية الحداثة تنغامت جميعها في تقديم العرض "الاستثنائي" الذي جمع الكثير من الأشكال الفنية والدرامية لصناعة الدهشة.

وعبرّ العرض في صورته الكاملة عن رسالة الفن الحضارية من خلال تجسيد الأحداث التاريخية برؤية فنية مبتكرة جمعت فنون المسرح والمؤسيقى والمؤثرات السمعية والبصرية والتقنيات الحديثة إضافة إلى قوة الكلمة السردية أو الغنائية والتوثيق التاريخي التي امتزجت في مجملها وتظافرت لتقديم تجربة درامية عن أحداث تاريخية في أزمنة مختلفة نجح المخرج في وضعها في سياق زمني واحد رغم غياب البعد الخطي في تناول الزمن الأمر الذي أعطى المخرج الحرية في التنقل عبر الزمن بين الماضي والحاضر والمستقبل.

ورغم أن الحفل أعد لتدشن به الكويت اختيارها عاصمة للثقافة والإعلام العربي إلا أنها جعلت شخصية العجيري مركزا تنطلق منه لقراءة التحولات الحضارية الكويتية والعربية، أيضا، في تأكيد على تكاملية البناء الحضاري العربية وعلى دور الكويت في إثراء المشهد الثقافي والإعلامي العربي عبر العقود الماضية.

وأفرد الأبريت الكويتي/ العربي مساحة واسعة للاحتفاء بالمنجز الحضاري العماني من خلال لوحتين مهمتين ومركزيتين في العرض وفي قراءة مسار المشهد الحضاري العربي، وحمل المشهد عنوان "الكويت وسواحل عمان" في توثيق علمي لم يغفله العرض، رغم احتفائه بالجانب الفني وليس التاريخي الأكاديمي، لعُمان التاريخية التي كانت تمتد على مساحات واسعة جدا من الجغرافيا العربية والأفريقية والأسيوية. وصاحب هذا المسار الدرامي التاريخي في الأبريت تقديم فن العازي الذي أعطى الأبريت بعدا مهما وعميقا في سياق القراءة الضمنية لدور الفنون التقليدية في المسار الحضاري العربي، وأكد أيضا على تفرد عُمان بهذا الفن الحماسي المثير، وكتب كلمات العازي الشاعر سعيد الطالعي. كما قُدم فن عماني كويتي آخر بأداء مجموعة من الفتيات حمل عنوان "أهل عُمان" احتفى بالعلاقات العمانية الكويتية وسياقها الإنساني. كتب كلمات هذه الفقرة الفنية الشاعر عبدالرحمن العوضي الذي وضع بصمة واسعة على الكثير من النصوص الغنائية التي صاحبت الأوبريت في جانبه الفني.

ورغم أن الأبريت لم يضع عُمان في مشهد الحديث عن العلاقات مع "ممباسا ولامو" إلا أن السياق التاريخي يفرض حضورها في بناء تلك العلاقة خاصة وأن العرض كتب بمرجعية تاريخية علمية لا تخفى على المتابع.

استفاد أبريت "محيط الأرض" من الإمكانيات التي يمتلكها مسرح دار الأوبرا في مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي ووضفها في صناعة تحفة فنية توازي عروض الأبريت العالمية؛ قدمت رحلة تأملية في تاريخ الكويت وتاريخ المنطقة العربية والعلاقات الحضارية التي أقامتها مع العديد من الحضارات الأخرى سواء من خلال تجارة اللولو التي كان الحديث عنها مركزيا في البناء الدرامي والتاريخي وفي تشبيك العلاقات الحضارية.

ورغم أن الأبريت تجاوز تماما الجانب الوعظي إلا أنه قدم رسالة عميقة في جوهره الفني والدرامي حول أهمية بناء الهُوية الوطنية وتكريسها في نفوس الأجيال، وأكد على أن شخصية علمية واحدة يمكن أن تصنع فارقا ليس فقط في دولة واحدة وإنما في حضارة أمة كاملة.

كشف الأبريت عن إمكانيات فنية كويتية عالية سواء في البناء التاريخي للحدث الدرامي أو في التوظيف الغنائي لخدمة البناء الدرامي إضافة إلى الإمكانيات الأخرى المتمثلة في استخدام التقنيات الفنية الحديثة مثل استخدام تقنية الهولوجرام في بناء شخصيات ثلاثية الأبعاد وتقنيات الإضاءة والديكورات والملابس.. إضافة إلى الإمكانيات الهائلة في الأداء الحركي الذي أعطى الأبريت بعدا أوبراليا.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الحضاری العربی ورغم أن إلا أن

إقرأ أيضاً:

المجلس الأعلى للثقافة يعلن أسماء الفائزين بجائزة الشعر البدوي فى مصر

أعلن المجلس الأعلى للثقافة متمثًلا في لجنتي التراث الثقافي غير المادي «الفنون الشعبية» ومقررها الدكتور محمد شبانة، ولجنة الشعر ومقررها الدكتور يوسف نوفل، عن أسماء الفائزين بمسابقة الشعر البدوي في مصر.

وتأتى هذه المسابقة في ضوء اهتمام وزارة الثقافة بالإبداعات الشعبية القولية، وحرصًا على تشجيع رواة هذا الشعر وحفظته وشعرائه، وتنفيذَا للتوصيات الصادرة عن المائدة المستديرة التي نظمتها لجنة التراث الثقافي غير المادي خلال شهر نوفمبر الماضي بعنوان «الشعر البدوي - النبطي.. وظائفه الاجتماعية وآفاق استدامته».

وتضمنت المسابقة ثلاثة فروع على النحو التالي: «فرع الراوي الهاوي، فرع التأليف في الشعر البدوي لأفضل ديوان شعري بدوي، فرع تشجيع الناشئة من مبدعي الشعر البدوي وحفظته»، لأقل من 17 عاما.

وحصل على المركز الأول عطا الله عيد ذيبان إبراهيم «عطا الله الجداوي» على المركز الأول في فرع الراوي الهاوي بجائزة قيمتها 8000 جنيه، بينما حصل على المركز الثاني أيمن عبد العظيم عبد الفضيل حمد «أيمن عبد العظيم رحيم» بجائزة قيمتها 6000 جنيه، وحصد المركز الثالث كلًا من محمد محمد عثمان عبد الله سعود الطحاوي وياسين ميمون أحمد عبد الهادي «مناصفة» وقيمتها 5000 جنيه.

أما في فرع التأليف في الشعر البدوي لأفضل ديوان شعري بدوي، فحصل على المركز الأول عياد عبد الرازق عياد حميدة «عياد الحجل» عن ديوان «نجع ومراح» بجائزة قيمتها 8000 جنيه، وحصل على المركز الثاني كل من إبراهيم ضيف الله سليمان سليم «إبراهيم أبو فايد السواركة» عن ديوان «قطوف السحاب»، وعلي محمد أحمد سلامة الرشيدي «علي سلامة الرشيدي» عن ديوان «قناص الهوى، مناصفة» بجائزة قيمتها 6000 جنيه.

وحصل على المركز الثالث بجائزة قيمتها 5000 جنيه ومنحت مناصفة بين كل من صالح محمد سالم مسعود «صالح الشراري» عن مجموعة قصائد بدوية، وعبد الله صالح عبيد مصري «عبد الله بو شعيب السمالوسي» عن ديوان «أطرافك لم».

أما في فرع تشجيع الناشئة من مبدعي الشعر البدوي وحفظته (أقل من 17 عاما) فقد حجبت الجائزة.

اقرأ أيضاًوزير الثقافة يعلن فتح المتاحف مجانًا للجمهور احتفاءً باليوم العالمي

وزير الثقافة الفلسطيني: مهرجان العودة السينمائي جزء من دعم القضية الفلسطينية

«تقييم وضع العملية التعليمية».. أبرز ما جاء في لقاء وزير الثقافة بأعضاء أكاديمية الفنون

مقالات مشابهة

  • وزير الدفاع اللواء المهندس مرهف أبو قصرة في تغريدة عبر X: تلقى الشعب السوري اليوم قرار الاتحاد الأوروبي برفع العقوبات المفروضة على سوريا، وإننا نثمن هذه الخطوة التي تعكس توجهاً إيجابياً يصب في مصلحة سوريا وشعبها، الذي يستحق السلام والازدهار، كما نتوجه بال
  • المجلس الأعلى للثقافة يعلن أسماء الفائزين بجائزة الشعر البدوي فى مصر
  • الكويت يفوز على العربي ويتوج بلقب كأس ولي العهد
  • الأمم المتحدة: المساعدات التي دخلت إلى غزة قطرة في محيط
  • «دبي للثقافة» والمعهد القضائي يتعاونان في تعزيز المعرفة القانونية
  • استقبال حافل للعرض التقديمي لفيلم "عين حارة" الذي يمثل "القاهرة السينمائي" في مبادرة "فانتاستيك 7"
  • «دبي للثقافة» تكشف عن الفائزين بـ «منحة الأبحاث»
  • بحضور كريم عبد العزيز.. أبطال فيلم المشروع X فى العرض الخاص للفيلم
  • ما سر الحشرة الزومبي التي تخرج بالملايين في أميركا كل 17 سنة؟
  • القناة 13 تكشف العرض الذي قدمته إسرائيل لحماس ومطالب الأخيرة