مسارات جديدة: حدود فاعلية نهج “الدبلوماسية والعقوبات” الأمريكي مع إيران
تاريخ النشر: 17th, February 2025 GMT
ترددت أنباء عن اتجاه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لتكليف مبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، بمتابعة ملف إيران، وهي خطوة ذات دلالات استراتيجية عميقة، في ظل التحولات الكبرى في العالم والمنطقة بعد عودة ترامب إلى البيت الأبيض في ولايته الثانية. ويحمل اتجاه تكليف ويتكوف بملف إيران، الذي كشفت عنه صحيفة “فايننشال تايمز”، في 23 يناير 2025، نقلاً عن مطلعين في واشنطن، عدة رسائل يمكن قراءتها في سياق السياسة الأمريكية تجاه إيران، ومن أهمها الجمع بين الدبلوماسية والضغوط في التعامل مع طهران.
الدبلوماسية والضغوط:
يُبْرِز اتجاه ترامب لتعيين ويتكوف، ضمن فريق، للتعامل مع ملف إيران، استمرار النهج المتشدد لواشنطن تجاه طهران، لكن مع محاولة لاستكشاف فرص دبلوماسية بديلة قبل اللجوء مرة أخرى إلى تصعيد العقوبات أو التدخل العسكري ضد إيران. ويمكن الوقوف على أهم دلالات هذا الاختيار فيما يلي:
1- اختبار الدبلوماسية أولاً: تتمثل إحدى الرسائل الأساسية لهذا التكليف في اختبار إمكانية تحقيق نتائج ملموسة من خلال الدبلوماسية، وذلك على عكس سياسة “الضغوط الأُحادية” التي اعتمدتها الإدارة الأمريكية خلال ولاية ترامب الأولى (2017-2021). ويعكس الاتجاه لتكليف مبعوث خاص للتعامل مع ملف معقد مثل إيران، إدراك ترامب أن الدبلوماسية قد تكون في بعض الأحيان أداة فعالة لتحقيق أهداف السياسة الخارجية، حتى في مواجهة الخصوم. وفي هذا الإطار، يمكن اعتبار الاتجاه لتكليف ويتكوف بمثابة إشارة إلى استعداد إدارة ترامب لفتح قنوات اتصال غير رسمية مع طهران، أو على الأقل اختبار جدوى الدبلوماسية في حلحلة بعض الملفات الخلافية، مثل برنامج إيران النووي والصاروخي ونفوذها الإقليمي.
2- تكامل الدبلوماسية والضغوط: على الرغم من الدلالة الظاهرية لتكليف مبعوث خاص والتي قد تشير إلى نهج دبلوماسي، لا يُمكن إغفال حقيقة أن هذا التحرك قد يكون جزءاً من استراتيجية أوسع تجمع بين الدبلوماسية والضغوط؛ بمعنى أن الإدارة الأمريكية الحالية قد ترغب في إعطاء الفرصة للدبلوماسية، ولكن في إطار تقييد إيران اقتصادياً وسياسياً ودبلوماسياً، وهو ما يُعزز مكانة المبعوث كمفاوض قوي. ومن هذا المنظور، فإن الهدف من الاتجاه لتكليف ويتكوف ليس فقط السعي لتحقيق تسوية دبلوماسية مع طهران، وإنما أيضاً تعزيز الموقف الأمريكي في أي مفاوضات قادمة، من خلال إبقاء العقوبات والضغوط قائمة؛ بما يعني أن إدارة ترامب لن تتخلى عن سياسة “الضغوط القصوى” بالكامل، بل قد تستخدمها كورقة ضغط لفرض شروطها على طهران. ولعل هذا ما كشف عنه ترامب يوم 4 فبراير الجاري، معلناً أنه يعتزم استئناف سياسة “الضغوط القصوى” على إيران بسبب “محاولتها تطوير أسلحة نووية”، لكنه قال إنه يأمل ألا تكون هناك ضرورة لاستخدام هذه السياسة.
3- دور الدبلوماسية الاقتصادية: من دلالات التكليف المُتوقع لويتكوف، الذي يمتلك خلفية اقتصادية واسعة، هي إمكانية الاستفادة من “الدبلوماسية الاقتصادية” في التعامل مع إيران، حيث إن ترامب يهتم دائماً بالشؤون الاقتصادية، واستخدام العقوبات كأداة رئيسة للضغط على الخصوم. ولذا، قد يكون التفكير في اختيار ويتكوف خطوة نحو تحقيق نوع من التسوية الاقتصادية مع إيران، خاصةً في ظل الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها طهران بسبب العقوبات الأمريكية.
فرص متاحة:
مع الإقرار بوجود تحديات تواجه ويتكوف وفريق ترامب في ملف إيران، هناك فرص متاحة قد تساعده على النجاح في مهمته، ومن أبرزها ما يلي:
1- سعي ترامب لإنهاء الحروب: اضطلع ويتكوف بدور محوري في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة، وهو ما يعزز فرص نجاحه في التعامل مع ملف إيران وتجنب المواجهة العسكرية معها، ولاسيما في ظل خطط إدارة ترامب ووعودها لإنهاء الحروب في الشرق الأوسط والعالم؛ ومن ثم من المُتوقع أن يتولى ويتكوف، بمساعدة نائبته مورغان أورتاغوس، مهمة استكشاف إمكانية التوصل إلى اتفاق دبلوماسي مع إيران، فضلاً عن الحفاظ على وقف إطلاق النار في غزة.
2- خلفية ويتكوف الاقتصادية: يتمتع ويتكوف بخبرة كبيرة في التفاوض الاقتصادي، وهو ما قد يمثل ميزة في التعامل مع إيران، خاصةً إذا اعتمدت إدارة ترامب على الدبلوماسية الاقتصادية كأداة في الضغط أو كجزء من استراتيجية بناء الثقة. ففي ظل الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها إيران، نتيجة للعقوبات الأمريكية والدولية، قد يسعى ويتكوف إلى تقديم حلول اقتصادية على الطاولة، مثل تخفيف العقوبات أو السماح بإبرام اتفاقيات تجارية، مقابل تنازلات من جانب إيران.
3- الخبرة في استخدام العقوبات: تمتلك الولايات المتحدة خبرة ممتدة في استخدام العقوبات الاقتصادية كأداة ضغط في السياسة الخارجية، وهي خبرة يمكن أن يعتمد عليها ويتكوف في التعامل مع طهران. وقد ألحقت العقوبات الأمريكية أضراراً كبيرة بالاقتصاد الإيراني، وتسببت في تدهور كبير في قيمة العملة المحلية، وزيادة معدلات البطالة والتضخم؛ ومن ثم، ربما تدفع مثل هذه الضغوط الاقتصادية إيران إلى العودة إلى طاولة المفاوضات، وهو ما يمكن أن يستغله ويتكوف من أجل التوصل إلى تفاهمات تحقق المصالح الأمريكية.
4- دور الدول الحليفة: تؤدي الدول الحليفة للولايات المتحدة في المنطقة دوراً مهماً في ملف إيران، ولاسيما إسرائيل التي تعارض دائماً البرنامج النووي الإيراني، وتضغط على واشنطن لاتخاذ خطوات حازمة لإيقافه. ويمكن أن يستفيد ويتكوف من هذه العلاقات مع الدول الحليفة، لتقوية موقف واشنطن في أي مفاوضات مع طهران، وإذا تمكن من بناء توافق إقليمي حول مسألة إيران، فقد يساعد ذلك على تحقيق تقدم في التعامل مع برنامج طهران النووي والصاروخي.
تحديات متشابكة:
تُعد مهمة ويتكوف في التعامل مع ملف إيران أحد أبرز التحديات التي قد يواجهها في مسيرته الدبلوماسية؛ نظراً لتعقد المشهد الإقليمي الراهن، والخصومة الطويلة بين واشنطن وطهران. وعلى الرغم من أن ويتكوف يتمتع بخبرة كبيرة في المجالات الاقتصادية والتفاوضية؛ فإن تعامله المُحتمل مع ملف إيران قد يواجه عدداً من التحديات المتشابكة، منها ما يلي:
1- غياب الثقة المتبادلة: لعل أحد أكبر التحديات التي قد تواجه ويتكوف وفريق ترامب هو غياب الثقة بين الولايات المتحدة وإيران. فمنذ اندلاع الثورة الإيرانية عام 1979، تشوب العلاقات بين البلدين حالة من التوتر المستمر، وقد زاد من حدة هذا التوتر انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي عام 2018 خلال ولاية ترامب الأولى. وهذه العقبة تُصعب على إدارة ترامب إيجاد أرضية مشتركة للبدء في مفاوضات مع طهران. من جانبها، تشكك إيران في النيات الأمريكية، وتعتبر أن واشنطن تسعى للإطاحة بنظامها الحاكم أو على الأقل إضعافه؛ ومن ثم سيكون من الصعب إقناع القيادة الإيرانية بأنها ستستفيد من أي مفاوضات جديدة أو أنها ستحصل على مكاسب حقيقية.
2- النفوذ الإيراني في المنطقة: تمتلك إيران شبكة من النفوذ الإقليمي من خلال دعمها لجماعات مسلحة في عدة دول عربية، مثل حزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، والجماعات المسلحة في العراق، وإن كان هذا المحور الإيراني قد تراجع نفوذه في ضوء نتائج الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان، وما ارتبط بها من تصعيد في عدة جبهات إقليمية، ناهيك عن سقوط نظام بشار الأسد في سوريا. وفي ضوء ذلك، فإن أي تحرك أمريكي لفرض مزيد من الضغط على إيران قد يُقابل بردود فعل عنيفة من الجماعات المدعومة من طهران، وهو ما يزيد من تعقيد مهمة ويتكوف. وبالرغم من أن تلك الجماعات أصبحت ضعيفة مقارنة بمرحلة ما قبل 7 أكتوبر 2023؛ فإنها ما تزال تُمثل تحدياً لواشنطن؛ لأنها تُعد أوراقاً بيد إيران قد تستخدمها في مواجهة الولايات المتحدة وحلفائها بالمنطقة.
3- تأثير روسيا والصين: إضافة إلى الولايات المتحدة، هناك قوى دولية أخرى تؤدي دوراً مهماً في الملف الإيراني، مثل روسيا التي تدعم طهران في العديد من الملفات الإقليمية وتعتبرها شريكاً استراتيجياً في الشرق الأوسط، وكذلك الصين التي تربطها علاقات تجارية واقتصادية قوية مع إيران وتعتبرها جزءاً من مبادرة “الحزام والطريق”. ولا شك في أن جود هذه القوى الدولية قد يُصعب على الولايات المتحدة فرض إرادتها بشكل منفرد على إيران، وربما يجد ويتكوف نفسه مضطراً للتعامل مع هذه القوى كجزء من الاستراتيجية الأمريكية تجاه طهران. كما أن أي محاولة لفرض مزيج من العزلة على إيران اقتصادياً أو سياسياً، قد تُقَابل بمقاومة من روسيا والصين، حيث إنهما قد يريان في العقوبات الأمريكية على طهران تهديداً لمصالحهما.
4- الانقسام الأمريكي تجاه إيران: ثمة انقسام داخل الولايات المتحدة بين الجمهوريين والديمقراطيين حول كيفية التعامل مع إيران. فبينما يدعو الجمهوريون إلى اتخاذ موقف حازم ضد طهران ويطالبون بالاستمرار في سياسة “الضغوط القصوى”، فإن الديمقراطيين يسعون إلى انتهاج مسار دبلوماسي أكثر مرونة، والعودة إلى الاتفاق النووي المُوقع عام 2015. وهذا الانقسام قد يجعل من مهمة ويتكوف أكثر صعوبة، حيث سيجد نفسه مضطراً لموازنة الضغوط الداخلية والتوجهات المختلفة لأعضاء الكونغرس.
5- الوضع الاقتصادي في إيران: قد يُمثل وضع الاقتصاد الإيراني تحدياً وفرصة في آن واحد، فبينما تُعاني إيران من مشكلات اقتصادية بسبب العقوبات الأمريكية، قد تجد القيادة الإيرانية في هذه الصعوبات حافزاً لـ”المقاومة” بدلاً من تقديم التنازلات. وتاريخياً، أظهرت إيران قدرة على التكيف مع الضغوط الاقتصادية عليها، وتحويلها إلى دافع لتطوير بنيتها الاقتصادية الداخلية والاعتماد على الذات. لذا، فإن ويتكوف قد يحتاج إلى استراتيجيات مبتكرة لإقناع إيران بأن التنازل والتفاوض أفضل من استمرار “مقاومة” العقوبات، بل ربما يحتاج أيضاً إلى التفكير في كيفية تقديم حوافز اقتصادية لطهران مقابل تقديم تنازلات في برنامجها النووي والصاروخي أو الحد من تدخلها في شؤون الدول الأخرى بالمنطقة.
سيناريوهات مُحتملة:
في ضوء الاتجاه لتكليف ويتكوف بملف إيران، يمكن استشراف بعض سيناريوهات السياسة الأمريكية لإدارة ترامب تجاه طهران، كالتالي:
1- الضغوط مع المرونة الدبلوماسية: يبدو أن السيناريو الأرجح هو استمرار سياسة “الضغوط القصوى” مع منح بعض المرونة الدبلوماسية لفتح قنوات اتصال مع إيران. وقد تختار إدارة ترامب الحالية استراتيجية تعتمد على العقوبات والضغوط الاقتصادية، بالتزامن مع تقديم بعض الحوافز الاقتصادية مقابل تنازلات من الجانب الإيراني.
2- إمكانية التوصل إلى اتفاق مؤقت: في حال نجاح الجهود الدبلوماسية بقيادة ويتكوف، ربما تتوصل الولايات المتحدة وإيران إلى اتفاق مؤقت، يشمل تجميد بعض الأنشطة النووية الإيرانية مقابل تخفيف جزئي للعقوبات عليها.
3- العودة إلى المواجهة المفتوحة: إذا فشلت الجهود الدبلوماسية وتصاعدت التوترات بين واشنطن وطهران، فقد تعود إدارة ترامب إلى نهج أكثر تصعيداً، بما في ذلك فرض عقوبات أشد أو حتى دراسة خيارات عسكرية محدودة. لكن هذا الخيار سيظل معقداً، ويحتاج إلى نوع من المغامرة الأمريكية، بسبب المخاطر الإقليمية الكبيرة التي قد تنتج عن أي مواجهة عسكرية مع إيران.
ختاماً، يعكس اتجاه إدارة ترامب لتكليف ويتكوف، ضمن فريق، بالتعامل مع ملف إيران، ليس فقط مدى تعقيد هذا الملف وأهميته في السياسة الخارجية الأمريكية، لكن أيضاً رغبة واشنطن في استكشاف مسارات جديدة للتعامل مع ذلك الملف الشائك، من خلال اختبار إمكانيات الحلول الدبلوماسية جنباً إلى جنب مع استمرار “الضغوط القصوى”.
” يُنشر بترتيب خاص مع مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، أبوظبى ”
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
ترامب يعلن عن مباحثات وتخفيف العقوبات على ايران وتقدم كبير بشأن هدنة في غزة
واشنطن/تل أبيب/إسطنبول "وكالات":
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب اليوم أن الولايات المتحدة ستعقد مباحثات مع إيران خلال "الأسبوع المقبل"، بعد الحرب بين طهران وإسرائيل والتي تدخلت فيها واشنطن عبر قصف منشآت نووية في الجمهورية الإسلامية.وقال ترامب في مؤتمر صحافي في ختام قمة حلف شمال الأطلسي في مدينة لاهاي "سنتحدث إلى الإيرانيين الأسبوع المقبل، قد نوقع اتفاقا (بشأن برنامج طهران النووي)، لا أعرف".وقال ترامب" إن إسرائيل وإيران منهكتان، لكن الصراع بينهما قد يتجدد.
وأضاف "لقد تعاملت مع كلتيهما، وكلتاهما مُجهدة ومنهكة.. وهل يمكن أن يتجدد؟ أعتقد أنه ممكن يوما ما. ربما يبدأ قريبا".
من جهة أخرى تحدث ترامب اليوم عن "تقدم كبير" بشأن الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة، بينما أكدت الحركة الفلسطينية أن الاتصالات بشأن التوصل الى هدنة في القطاع تكثّف خلال الساعات الماضية، عقب اتفاق وقف إطلاق النار في الحرب بين إسرائيل وإيران.
وقال ترامب على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في لاهاي "أعتقد أن تقدما كبيرا يتحقّق في ما يتعلق بغزة وأعتقد أن السبب هو الهجوم الذي نفّذناه"، ملمحا الى أن الضربات الأميركية على منشآت نووية في إيران قد تنعكس إيجابا على الوضع في الشرق الأوسط. وعكس ترامب تفاؤلا بتوقعه "أنباء جيدة جدا" بشأن القطاع المدمّر جراء الحرب المتواصلة منذ أكثر من 20 شهرا، ويواجه أزمة انسانية حادة.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ألمح الى أن الحرب التي خاضتها اسرائيل على مدى 12 يوما ضد إيران ، قد يُسهم بإنهاء النزاع في غزة.
ويواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي ضغوطا من قبل معارضيه ومنتدى عائلات الرهائن المحتجزين في غزة، وكذلك من بعض أعضاء ائتلافه اليميني، لإنهاء الحرب التي بدأت في القطاع عقب هجوم غير مسبوق على إسرائيل شنّته حماس في السابع من أكتوبر 2023.
واليوم أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل سبعة من عسكرييه في حادثة واحدة في جنوب القطاع، في إحدى أكثر الحوادث دموية يتعرض لها منذ بدء الحرب.
وكان رئيس وزراء قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني الذي تتوسط بلاده في محادثات الهدنة الى جانب القاهرة وواشنطن، أكد الثلاثاء أن الدوحة تعمل على استئناف المفاوضات غير المباشرة بين حماس وإسرائيل.
وقال "نحاول البحث عن فرصة خلال اليومين القادمين لأن تكون هناك مفاوضات غير مباشرة بين الطرفين للوصول إلى الاتفاق"، مضيفا "نتمنى ألّا يستغل الجانب الإسرائيلي وقف إطلاق النار مع إيران لتفريغ ما يريد تفريغه في غزة ويستمر (في) قصفه".
بدوره، قال القيادي في حماس طاهر النونو "اتصالاتنا مع الإخوة الوسطاء في مصر وقطر لم تتوقف وتكثفت في الساعات الأخيرة". لكنه شدد على أن الحركة "لم تتلقَ أي مقترح جديد بشأن وقف النار حتى الآن".
وأبدى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سعادته بالنهاية السريعة للحرب بين إيران وإسرائيل وقال إنه يتوقع علاقة مع طهران من شأنها أن تحول بينها وبين إعادة بناء برنامجها النووي رغم عدم اليقين بشأن الأضرار التي ألحقتها الهجمات الأمريكية بمنشآت نووية إيرانية.
وقال ترامب، متحدثا في لاهاي حيث يحضر قمة حلف شمال الأطلسي اليوم الأربعاء، إن قراره الانضمام إلى هجمات إسرائيل باستهداف مواقع نووية إيرانية بقنابل ضخمة خارقة للتحصينات أنهى الحرب واصفا الأمر بأنه "انتصار للجميع".
وعبر عن ثقته في أن طهران لن تحاول إعادة بناء مواقعها النووية وستنتهج بدلا من ذلك مسارا دبلوماسيا نحو تسوية الأمر.
وقال "سأقول لكم، آخر ما يريدون فعله هو تخصيب أي شيء في الوقت الحالي. إنهم يريدون التعافي".
وأضاف أنه إذا حاولت إيران إعادة بناء برنامجها النووي "فلن نسمح بحدوث ذلك. أولا، لن نفعل ذلك عسكريا"، مضيفا "أعتقد أن الأمر سينتهي بإقامة علاقة ما مع إيران لضمان ذلك".
وقال ترامب اليوم إن الولايات المتحدة لم تتراجع عن سياسة أقصى الضغوط على إيران، والتي تتضمن قيودا على مبيعاتها من النفط، لكنه أشار إلى احتمال تخفيف تطبيق العقوبات لمساعدة البلاد على إعادة البناء.
وقال"سيحتاجون إلى المال لإعادة البلاد إلى سابق عهدها. نريد أن نرى ذلك يحدث".
وأعلنت كل من إيران وإسرائيل النصر، إذ قالت إسرائيل إنها حققت أهدافها في تدمير المواقع النووية والصواريخ الإيرانية، بينما قالت طهران إنها فرضت نهاية للحرب باختراقها الدفاعات الإسرائيلية خلال ردها على الهجمات.
وقال الرئيس مسعود بزشكيان في بيان نقلته وسائل الإعلام الرسمية "هذه الحرب وما عززته من تعاطف بين الشعب والمسؤولين فرصة لتغيير نظرة الإدارة وسلوك المسؤولين بما يمكنهم من بناء الوحدة".
وفي إيران وإسرائيل، أبدى السكان ارتياحهم لنهاية أسوأ مواجهة على الإطلاق بين الجانبين، اللذين يتناصبان العداء منذ فترة طويلة، لكنهم عبروا أيضا عن قلقهم إزاء المستقبل.
قالت فرح (67 عاما) التي عادت إلى طهران قادمة من لواسان قرب العاصمة حيث فرت هربا من القصف الإسرائيلي "عدنا بعد إعلان وقف إطلاق النار. يشعر الناس بالارتياح لتوقف الحرب لكن هناك الكثير من عدم اليقين بشأن ما سيحدث لاحقا".
وفي تل أبيب، قالت روني هوتر-إيشاي ماير (38 عاما) إن نهاية الحرب أوجدت مشاعر متباينة من الارتياح لعودة الأطفال للمدارس واستئناف الحياة الطبيعية إلى الإنهاك الناجم عن التوتر والقلق.
وقالت "إنه أمر مرهق جدا. كان الأسبوعان الماضيان كارثيين في إسرائيل ونحن منهكون للغاية "
وقالت السلطات الإيرانية إن 610 أشخاص قتلوا وجرح ما يقرب من خمسة آلاف في إيران ولم يتسن التأكد من حجم الأضرار على نحو مستقل. وقُتل 28 شخصا في إسرائيل.
ولا يزال التقارب بين طهران والغرب يتطلب اتفاقا يحكم طموحات إيران النووية طويلة المدى مقابل رفع العقوبات الأمريكية والدولية.
وقال رافائيل جروسي مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن أولويته القصوى هي ضمان عودة المفتشين الدوليين إلى المنشآت النووية الإيرانية.وأضاف "على أية حال، المعرفة التكنولوجية والقدرة الصناعية موجودة. وهذا أمر لا يمكن لأحد أن ينكره. لذا، علينا أن نعمل معهم".