كتبت سابين عويس في "النهار": لم يكن عادياً، بل لافتاً ان تخصص الصحيفة البريطانية العريقة ذات الصدقية "الفايننشال تايمز" حيّزاً واسعاً عبر صفحاتها لمقالة عن الحاكم السابق للمصرف المركزي رياض سلامة تحت عنوان "الساحر رياض سلامة ونهب لبنان" في عددها الصادر الاحد الماضي.
وتجلى العنصر الأهم في كشف الصحيفة عن معلومات استقتها ممن وصفته بالسياسي اللبناني الرفيع، تفيد بأن سلامة ارسل "فلاش ميموري" الى خارج البلاد تحتوي اسراراً عن عمله، تحسباً، في حال حصل له أي مكروه.
بقطع النظر عن صحة هذه المعلومة او عدمها، وهذا الامر سيتكشف قريباً مع تطور المسار القضائي لقضية سلامة امام القضاء اللبناني والاوروبي، فإن الإفصاح عنها يحمل اكثر من رسالة أولاها ان الرجل يدرك ان ثمة خطراً يتهدد حياته، وان الاحتفاظ بوثائق تدين الأطراف المتضررة من أي احتمال لخروجه عن صمته تحت وطأة التحقيقات، يمكن ان يشكل بوليصة التأمين على حياته.
يبدو الحاكم امام خيار من اثنين، إما القبول بالمخرج والدخول في تسوية تحفظ له حياته ومستقبل نجله الخاضع بدوره للعقوبات، وإما الخضوع للقضاء اللبناني والقبول بأحكامه، من خلال البقاء في لبنان، رغم المخاطر التي قد تتهدده. والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة هنا: هل يرتضي سلامة حكماً محتملاً بالسجن فيما الشركاء يتمتعون بحصاناتهم واموالهم خارج القضبان؟
مردّ هذا التساؤل ما قاله سلامة نفسه في مقابلته التلفزيونية الأخيرة عندما اعترف بأن السياسيين تخلوا عنه، وانه اضحى كبش فداء لهم.
عارفو الرجل يؤكدون ان ليس في اطباعه التنازل او الخنوع او القبول بتقديمه اضحية عن كل الشبكة التي استفادت من أموال المصرف المركزي وهندساته، لكنهم يستبعدون أي تحرك لسلامة في المرحلة الآنية، قبل ان يتضح المسار القضائي للاتهامات الموجهة اليه.
في الموازاة، تسير كرة ثلج العقوبات في تدحرج متسارع نحو اصدار دفعة جديدة من المتهمين بتهم الفساد المالي او الفساد السياسي وعرقلة المسار الديموقراطي في لبنان الهادف الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
ولا يستبعد المراقبون ان تسلك العقوبات طريقها بالتوازي مع مسار سلامة الذي ينتظر ان ينفجر صاعقه في وقت لم يعد بعيداً. والفارق في العقوبات هذه المرة انها ستأتي تحت اكثر من قانون او عنوان، منها ما يتصل بسوء استخدام السلطة او التورط في صفقات مشبوهة او الاستفادة من هندسات مالية او تسهيلات مصرفية ناجمة عن تلك الهندسات.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
الرئيس السيسي يستقبل نظيره اللبناني في قصر الاتحادية
استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم في قصر الإتحادية، الرئيس اللبناني جوزاف عون، حيث جرت مراسم الإستقبال الرسمية تخللها عزف السلامين الوطنيين للبلدين.
وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن الرئيسين عقدا اجتماعاً مغلقاً أعقبته جلسة مباحثات موسعة بمشاركة وفدي البلدين، حيث ناقش الطرفان سبل تعزيز العلاقات الثنائية، لا سيما في المجالات الإقتصادية، والبنية التحتية، والطاقة، وجهود إعادة الإعمار، كما تناولت المباحثات آليات دعم إستقرار لبنان الشقيق، وإستعادة الأمن والسلم الإقليميين في ظل التحديات الكبيرة التي تواجه المنطقة.
وأضاف السفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي، بأن الرئيسين عقدا مؤتمراً صحفياً استعرضا فيه نتائج المباحثات.
وفيما يلي نص كلمة الرئيس خلال المؤتمر الصحفي:
بسم الله الرحمن الرحيم
أخى العزيز، فخامة الرئيس/ العماد جوزاف عون،
رئيس الجمهورية اللبنانية الشقيقة،
السيدات والسادة الحضور،
أستهل كلمتى، بالترحيب بأخى فخامة الرئيس "جوزاف عون"، رئيس الجمهورية اللبنانية الذى يحل ضيفا عزيزا في بلده الثاني "مصر"، تلك الزيارة، التى تحمل فى طياتها رمزية خاصة، فهى تجسد متانة العلاقات التاريخية والإستراتيجية بين بلدينا، وتعكس ترابطا يمتد عبر العصور إذ لطالما شكلت مصر ولبنان، نموذجا فريدا، للأخوة العربية الحقيقية.
الحضور الكرام،
تأتى زيارة فخامة الرئيس "عون"، فى مرحلة دقيقة وظرف إقليمى شديد التعقيد لتؤكد عمق العلاقات "المصرية - اللبنانية"، وصلابتها على كافة المستويات .. وتعكس الترابط الوثيق بين الشعبين والحكومتين.
ولقد مثلت مباحثاتنا اليوم، فرصة ثمينة لتبادل الرؤى، مع أخى فخامة الرئيس، حول سبل تعزيز التعاون بين بلدينا، لاسيما فى المجالات الاقتصادية والتجارية.
وأكدنا حرصنا، على دعم جهود لبنان فى إعادة الإعمار، من خلال الاستفادة من الخبرات المصرية الرائدة، فى هذا المجال.
كما شددت على موقف مصر الثابت فى دعم لبنان .. سواء من حيث تحقيق الاستقرار الداخلى، أو صون سيادته الكاملة .. ورفضنا القاطع لانتهاكات إسرائيل المتكررة، ضد الأراضى اللبنانية، وكذلك احتلال أجزاء منها.
وفى هذا السياق، تواصل مصر مساعيها المكثفة، واتصالاتها مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية، لدفع إسرائيل نحو انسحاب فورى وغير مشروط، من كامل الأراضى اللبنانية .. واحترام اتفاق وقف الأعمال العدائية، والتنفيذ الكامل والمتزامن، لقرار
مجلس الأمن رقم "1701".. دون انتقائية.. بما يضمن تمكين الدولة اللبنانية، من بسط سيادتها على أراضيها .. وتعزيز دور الجيش اللبنانى، فى فرض نفوذه جنوب "نهر الليطانى".
كما أجدد اليوم، دعوة المجتمع الدولى، لتحمل مسئولياته تجاه إعادة إعمار لبنان .. وأحث الهيئات الدولية والجهات المانحة، على المشاركة بفاعلية فى هذا الجهد .. لضمان عودة لبنان إلى مساره الطبيعى،على طريق السلام والتعايش والمحبة فى المنطقة.
السيدات والسادة،
لقد تطرقت مباحثاتى، مع أخى فخامة الرئيس "عون" كذلك، إلى تطورات الأوضاع فى قطاع غزة .. حيث أكدنا ضرورة إنهاء العدوان على القطاع فورا، واستئناف العمل باتفاق وقف إطلاق النار، وإطلاق سراح كافة الرهائن والأسرى .. مع ضمان دخول المساعدات الإنسانية، بشكل عاجل .. لتلبية الاحتياجات الملحة، للمدنيين الأبرياء فى غزة. كما جددنا التأكيد، على موقف مصر ولبنان الراسخ والداعم للقضية الفلسطينية ..مع رفض أى محاولات تهجير للفلسطينيين،أو تصفية قضيتهم العادلة.
ومن هذا المنبر، ندعو المجتمع الدولى، إلى حشد الجهود الدولية والموارد، لتنفيذ خطة إعادة إعمار غزة دون تهجير أهلها، وتمكين السلطة الفلسطينية.. من العودة إلى القطاع والعمل على توسيع الاعتراف الدولى بالدولة الفلسطينية، على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها "القدس الشرقية" كون هذا المسار، هو الضامن الوحيد، للتوصل إلى السلام الدائم والاستقرار فى المنطقة.
تناولت مباحثاتنا أيضا، الملفات الإقليمية الملحة، وعلى رأسها الوضع فى سوريا الشقيقة .. حيث جددنا دعمنا الكامل للشعب السورى الشقيق وأكدنا ضرورة أن تكون العملية السياسية، خلال الفترة الانتقالية.. شاملة وغير إقصائية .. مع استمرار جهود مكافحة الإرهاب، ورفض أى مظاهر للطائفية أو التقسيم.
كما شددنا على إدانة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، على السيادة السورية .. وضرورة انسحاب إسرائيل من الأراضى السورية المحتلة، واحترام سيادة سوريا ووحدة أراضيها.
أخى فخامة الرئيس،
فى ختام كلمتى، أؤكد لكم، أن مصر ستظل إلى جانب لبنان الشقيق، وإلى جانبكم، فخامة الرئيس، وإلى جانب الحكومة اللبنانية، فى كل المساعى الرامية، إلى الحفاظ على استقرار لبنان وسيادته، بما يلبى تطلعات شعبه النبيل .. ولنعمل معا من أجل
تعزيز علاقاتنا الثنائية فى كافة المجالات .. ليستعيد لبنان دوره العريق، كمنارة للثقافة والتنوير فى المشرق.. والعالم العربى.
لقد كان التواصل بين مصر ولبنان إيجابياً يهدف إلى التنمية والحضارة… فقد كان هناك تواصل بين المصريين القدماء والفينيقيين… وفي العصر الراهن كانت مصر من أوائل الدول منذ الأربعينات التي أقامت علاقات مع لبنان… ومصر ولبنان لديهما جهد مشترك عبر السنوات الماضية في مجال الثقافة والكتابة والشعر … السيد الرئيس… نحن داعمون لك ونتمنى لك كل التوفيق.