فون دير لاين تقود وفدا أوروبيا إلى الهند.. شراكة اقتصادية أم إعادة ترتيب التحالفات؟
تاريخ النشر: 27th, February 2025 GMT
توجه أكثر من 20 مفوضًا أوروبيًا، بمن فيهم كبار المسؤولين، إلى نيودلهي الخميس في مسعى دبلوماسي لإعادة إحياء "الشراكة الاستراتيجية" بين الاتحاد الأوروبي والهند. وتهدف هذه الزيارة أيضاً إلى توسيع نطاق التعاون التجاري، وتعزيز الشراكة في مجال التكنولوجيا، وكسب دعم الهند في ملف أوكرانيا.
تاريخيًا، لم تكن الهند شريكًا سهلاً للاتحاد الأوروبي في المفاوضات التجارية، فقد أُطلقت المحادثات بين الطرفين لأول مرة عام 2007، لكنها تعثرت مرارًا.
ومع تزايد التوترات التجارية بين الاتحاد الأوروبي وكل من الولايات المتحدة والصين، تسعى بروكسل إلى تنويع اتفاقياتها التجارية عالميًا. في عام 2024، بلغ حجم التبادل التجاري بين الجانبين 120 مليار يورو، غير أن القيود الحمائية التي تفرضها الهند تجعل توسيع هذا التعاون أمرًا معقدًا.
ووفقًا لمسؤول رفيع في الاتحاد الأوروبي، فإن "السوق الهندية لا تزال مغلقة نسبيًا، خاصة في ما يتعلق بالمنتجات ذات الأهمية التجارية الكبرى للاتحاد الأوروبي، مثل السيارات والمشروبات الروحية". وتعتبر التعريفات الجمركية الهندية الصارمة على الكحول من أبرز العقبات أمام التوصل إلى اتفاق.
وفي هذا الإطار، يسعى الاتحاد الأوروبي إلى إعادة إطلاق المفاوضات حول اتفاقية تجارية تشمل التعريفات الجمركية، وإزالة الحواجز غير الجمركية، وفتح باب المنافسة في عقود المشتريات العامة.
التعاون التكنولوجي: رهان جديد في العلاقات الأوروبية-الهنديةيعد التعاون في مجال التكنولوجيا أحد الجوانب التي يلتقي فيها الطرفان على أرضية مشتركة، حيث يتطلع الاتحاد الأوروبي إلى تعزيز شراكته مع الهند في قطاعات الذكاء الاصطناعي، والحوسبة الكمومية، وبطاريات السيارات الكهربائية، وتصنيع أشباه الموصلات.
وبعد تعثر المفاوضات التجارية عام 2021، أنشأ الجانبان "مجلس التجارة والتكنولوجيا" في عام 2023، والذي سيعقد اجتماعه الثاني بالتزامن مع زيارة الوفد الأوروبي إلى دلهي. وسيكون الذكاء الاصطناعي من القضايا البارزة على جدول الأعمال، خاصة في ضوء مشاركة رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، في قمة الذكاء الاصطناعي التي عقدت مؤخرًا في باريس، وتحضيرات الهند لاستضافة قمة مماثلة خلال الأشهر الستة المقبلة.
وترى أنونيتا شاندراسيكار، الخبيرة في مركز الإصلاح الأوروبي، أن "الهند والاتحاد الأوروبي متأخران عن الصين في تطوير الذكاء الاصطناعي، مما يجعل هذا المجال فرصة واعدة للتعاون". ويُذكر أن الهند كانت قد حظرت تطبيق "تيك توك" في حزيران/ يونيو 2020 لأسباب تتعلق بالأمن القومي، مما يبرز حساسيتها تجاه النفوذ التكنولوجي الصيني.
وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2023، وقع الاتحاد الأوروبي والهند اتفاقية في مجال أشباه الموصلات، وهو قطاع تسعى عدة ولايات هندية إلى تطويره كمركز عالمي للإنتاج.
ملف أوكرانيا: محاولة لاستمالة الهند إلى المعسكر الأوروبيإلى جانب الملفات الاقتصادية والتكنولوجية، ستشكل الأزمة الأوكرانية محورًا رئيسيًا في المحادثات بين رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين ورئيس الوزراء الهندي. يسعى الاتحاد الأوروبي إلى حشد دعم الهند لموقفه في الحرب، خاصة في ظل المفاوضات الجارية بين روسيا والولايات المتحدة، والتي يشعر الأوروبيون بالتهميش فيها.
ومع ذلك، تبقى الهند، التي تحتفظ بعلاقات تاريخية وثيقة مع روسيا، متمسكة بسياسة "الحياد المتوازن" في الصراع الأوكراني الروسي. فقد امتنعت عن التصويت في الأمم المتحدة على قرار يدين روسيا ويدعو إلى انسحاب قواتها، بينما صوتت الولايات المتحدة ضده، مما يزيد من تعقيد مهمة الاتحاد الأوروبي في إقناع الهند بتبني موقف أكثر وضوحًا تجاه الأزمة.
Relatedالهند: ارتفاع غير مسبوق في حوادث خطاب الكراهية ضد الأقلياتواشنطن تتجه لتزويد الهند بمقاتلات "إف-35" وزيادة صادرات النفط والغازالهند وكارثة الغطس المقدس: 30 قتيلا على الأقل في تدافع في مهرجان كومبه ميلا الدينيويرى أحد كبار المسؤولين الأوروبيين أن "أمن أوكرانيا ليس فقط أولوية أوروبية، بل له تداعيات على الأمن الهندي أيضًا"، مضيفًا: "نحن روّاد السلام في أوكرانيا، ونعتبر الهند شريكًا أساسيًا في تحقيق تسوية دائمة للصراع".
وإحدى القضايا البارزة التي تعتزم فون دير لاين مناقشتها خلال الزيارة تتعلق بالعقوبات الأوروبية المفروضة على روسيا، ومدى التزام الهند بتنفيذها. فقد فرض الاتحاد الأوروبي بالفعل عقوبات على بعض الشركات الهندية التي اتُّهمت بالتحايل على القيود الأوروبية المفروضة على موسكو. وفي هذا السياق، قال مسؤول أوروبي بارز: "نريد ضمان فعالية هذه العقوبات ومنع أي محاولات للالتفاف عليها".
وتمثل هذه الزيارة اختبارًا مهمًا للعلاقات بين الاتحاد الأوروبي والهند، إذ يحاول الأوروبيون تحقيق تقدم ملموس في الملفات التجارية والتكنولوجية، بينما يسعون أيضًا إلى استمالة الهند سياسيًا في النزاع الأوكراني، هل تتمكن بروكسل من إحداث تحول جوهري في علاقاتها مع نيودلهي أم أن الفجوات بين الطرفين ستظل قائمة؟
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية قفزة قوية في مبيعات السيارات الكهربائية بالاتحاد الأوروبي بفضل الطلب المتزايد في ألمانيا أي دول في الاتحاد الأوروبي نجحت في خفض الانبعاثات مع الحفاظ على النمو؟ اكتشف القائمة الاتحاد الأوروبي يُعلّق عقوبات على قطاعات رئيسية في سوريا لدعم التعافي الاقتصادي والاستقرار السياسة الأوروبيةناريندرا موديالمفوضية الأوروبيةالحرب في أوكرانيا أورسولا فون دير لايينالهندالمصدر: euronews
كلمات دلالية: إسرائيل دونالد ترامب حركة حماس قطاع غزة وقف إطلاق النار إسرائيل دونالد ترامب حركة حماس قطاع غزة وقف إطلاق النار السياسة الأوروبية ناريندرا مودي المفوضية الأوروبية الحرب في أوكرانيا أورسولا فون دير لايين الهند إسرائيل دونالد ترامب حركة حماس قطاع غزة فلسطين وقف إطلاق النار علم اكتشاف الفضاء جائزة أوسكار فولوديمير زيلينسكي ناسا غزة الاتحاد الأوروبی الذکاء الاصطناعی أورسولا فون دیر الأوروبی إلى فون دیر لاین یعرض الآنNext
إقرأ أيضاً:
توليا أكسون: الديمقراطية وحقوق الإنسان محور شراكة البرلمان الدولي والمتوسطي
أكدت توليا أكسون، رئيسة الاتحاد البرلماني الدولي، في كلمتها خلال اجتماع الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط، على أهمية تعزيز الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، مشيرة إلى أن هذه القيم تمثل جوهر عمل الاتحاد البرلماني الدولي.
وقالت أكسون إن اجتماعات المنتدى وقمة رؤساء البرلمانات تركز على إعادة إحياء عملية برشلونة التي أطلقت عام 1995، والتي أرست أسس الشراكة والتعاون الأورومتوسطي بهدف تعزيز السلام والاستقرار والأمن والتنمية الاجتماعية والاقتصادية المشتركة، بالإضافة إلى تشجيع الحوار بين الشعوب المتشاركة في التاريخ والثقافة والجغرافيا.
دور الاتحاد البرلماني الدولي وأهدافه العالميةوأشارت أكسون إلى أن الاتحاد البرلماني الدولي تأسس عام 1889 ويضم اليوم 183 برلماناً عضوًا، مما يمنحه دورًا عالميًا رفيع المستوى، مؤكدة أن توظيف الدبلوماسية البرلمانية أداة لتعزيز السلام والتنمية والتفاهم المتبادل يمثل أحد الركائز الأساسية لعمله.
وأضافت أن إعلان جنيف 2024 يجسد هذا الالتزام بوضوح، ويعكس أهمية التعاون البرلماني والنظام متعدد الأطراف في تعزيز السلام وتحقيق العدالة والازدهار.
الحوار بين الأديان والثقافات كأداة لبناء الجسورذكرت أكسون أن الاتحاد البرلماني الدولي أولى اهتمامًا خاصًا للحوار بين الأديان والحوار بين الثقافات كأداة لبناء الجسور بين الشعوب، مشيرة إلى إعلان المنامة 2023 الذي ركز على التعايش السلمي وبناء مجتمعات شاملة ومكافحة التعصب، وأكد التزام البرلمانات الأعضاء بتعزيز ثقافة السلام والديمقراطية وتشجيع الحوار بين البرلمانيين من مختلف الانتماءات.
كما سلطت الضوء على مشاركة البرلمانيين والخبراء والقادة الدينيين وممثلي المجتمع المدني والشباب في مؤتمرات الاتحاد، للتعاون على تطوير الجهود المشتركة من أجل الصالح العام.
تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان في عمل الاتحادأكّدت أكسون أن التركيز على تعزيز الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان يمثل محور عمل الاتحاد البرلماني الدولي، ويجسد شعار الاتحاد:
«من أجل الديمقراطية. من أجل الجميع».
كما أشارت إلى احتفال لجنة حقوق الإنسان للبرلمانيين في الاتحاد بخمسين عاماً على تأسيسها في 2026، موضحة أن حقوق الإنسان ستكون الموضوع المحوري لأعمال الاتحاد خلال العام المقبل.
خاتمة وتطلعات المنتدىاختتمت توليا أكسون كلمتها بالتأكيد على أهمية مساهمة برلمانات المنطقة الأورومتوسطية في إعادة إحياء عملية برشلونة وتعزيز السلام والأمن والازدهار في منطقة البحر المتوسط وخارجها، معربة عن فخرها واعتزازها بالمشاركة في أعمال المنتدى ومناقشاته.