فتاوى :يجيب عنها فضيلة الشيخ الدكتور كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عمان
تاريخ النشر: 7th, March 2025 GMT
في صلاة العشاء، في الركعة الأخيرة، أخطأ الإمام، حيث سجد سجدة واحدة، وبعد السلام نبهه الجماعة، أو نبه الجماعة بأن الخطأ خطأ، وأمرهم بإعادة الصلاة، فهل فعله صحيح؟
فالظاهر من السؤال أن الإمام أخطأ، فسجد سجدة واحدة من السجدتين، في الركعة الأخيرة، وعلى هذا، فالأولى في حقه كان أن يرجع، فيأتي بالسجدتين، ثم يأتي بما بعد السجدتين، أي يأتي بالتحيات، ولكن الظاهر أنه انصرف من صلاته، فسلم، ثم تذكر، فالذي فعله مجزٍ صحيح، إذ أعاد بهم الصلاة، ففي هذا خروج من الخلاف واحتياط، ولعلهم لم ينتبهوا إلى أنه كان يمكن له أن يتدارك ما وقع منه من سهو، بأن يرجع إلى ذلك الركن، والسجدتان ركن واحد، فإتيانه بسجدة دون الثانية لا يبرئ ذمة المصلي.
فكان الواجب عليه أن يرجع إلى هذا الموضع، فيأتي بالسجدتين، ثم يأتي من بعد بالتحيات، وقيل لا حاجة إلى أن يأتي بالتحيات، لكن الترتيب سيختل في هذه الحالة، فيأتي بالتحيات، بالتشهد من بعد إتيانه بالسجدتين، ثم يسلم، والغريب أيضًا أن الجماعة لم يسبحوا له، ولم ينتبهوا.
فقد يحصل ذلك في الأقوال، أي أن يكون السهو عامًا للمصلين فيما هو من الأقوال، لكن في السجدتين نادرًا ما يحصل، لكنه نادر، وإنما ذكرت هذا أيضًا لتذكير المأمومين بأن يكونوا خاشعين حاضرين، وأن ينبهوا إمامهم إن وقع في شيء من السهو أو الخطأ، والله تعالى أعلم.
معلوم أن وقت صلاة الظهر يبدأ بعد زوال الشمس من كبد السماء، بالإضافة إلى أن وقت صلاة الجمعة هو نفسه وقت صلاة الظهر. ومفهوم أن هناك أوقاتًا يُنهى فيها عن الصلاة، ومن ضمنها عندما تكون الشمس في كبد السماء، من هذا المنطلق، لوحظ أن هناك مساجد يُؤذَّن فيها للجمعة قبل وقت أذان الظهر ببعض الدقائق، 10 دقائق مثلًا، مما يجعل المصلين يقومون لصلاة بعض الركعات قبل الأذان الثاني والخطبة. وبناءً على ما ذكر آنفًا، فإن تلك الركعات تُصلَّى في وقت منهيٍّ عنه، فما رأيكم؟ وما الحكم؟
المسألة هي التنفل يوم الجمعة عند قيام الشمس في كبد السماء، والمسألة فيها خلاف، وأكثر الفقهاء يرون أن يوم الجمعة مستثنى من هذا الحكم، أي من النهي عن الصلاة، عن التنفل عند قيام الشمس في الظهيرة، أو عند انتصاف الشمس في كبد السماء، وهذا يكون غالبًا في شدة الصيف، فأكثر الفقهاء، كما تقدم من مختلف المدارس والمذاهب الإسلامية، يرون أن يوم الجمعة استُثني من هذا النهي، ولذلك يصرحون في هذا السياق، فيقولون: «غير الجمعة» أو «إلا يوم الجمعة» حينما يذكرون الأوقات المنهي عنها.
وهو وقت طلوع الشمس، ووقت غروبها، ووقت قيام الشمس في الظهيرة، أو انتصاف الشمس في كبد السماء، باختلاف تعبيراتهم، فيستثنون، فيقولون: «إلا الجمعة»، ومنهم من لا يرى دخول يوم الجمعة في النهي أصلًا، ومؤدى هذا القول يلتقي مع القول السابق، لكنه لا يرى أنه أتى على سبيل الاستثناء، وإنما هو غير داخل في النهي أصلًا، وهذا القول يُنسب إلى الإمام مالك وإلى طائفة كبيرة من أتباعه. إذ يقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم رغّب في الإكثار من الصلاة بعد التبكير يوم الجمعة في الجامع أو في المسجد، ولم يستثنِ أو يخصص، فدل ذلك على الترغيب في الإتيان بالصلاة إلى أن يأتي الخطيب، ومؤدى هذا القول يلتقي مع القول السابق.
وهناك من قال: إنه لا فرق بين الجمعة وغيرها، وهؤلاء هم الأقل من الفقهاء، ويرون أنه في هذه الحالة، على المصلي أن يجتنب أداء الصلاة في ذلك الوقت، فإما أن يصلي قبل انتصاف الشمس، أو أن يصلي بعدها، ولكن في الأمر سَعة، كما تقدم، فإن الجمهور على القول بجواز التنفل يوم الجمعة، وإن كان ذلك وقت انتصاف الشمس في كبد السماء، والله تعالى أعلم.
الصلاة بين الأذانين، هل هي من باب «الصلاة خير موضوع» أم ورد فيها تشريع خاص؟
الأذانان في هذه الرواية إنما هما على سبيل التغليب، أي يقصد بهما الأذان والإقامة، أما الأذان يوم الجمعة فإنه أمر حادث بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما بدأ الناس يتأخرون عن الجمعة ولا يعرفون وقتها، فأُذِّن أذانٌ أول لأجل تنبيه الناس وإعلامهم بقرب وقت دخول الجمعة.
فلا تترتب عليه الأحكام التي تترتب على سائر أوقات الأذان، وإنما هو للتنبيه والإعلام، وجرى على ذلك عمل المسلمين من بعد، فعلى هذا، إذا جاء من يسأل عن السنة التي تكون بين الأذانين يوم الجمعة؟ فالجواب: لا، ليس هناك سنة يؤتى بها بين الأذانين، إذ لم يكن الأذان الأول على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما هو من عموم ما تفضلتم به من أن «الصلاة خير موضوع»، ومن الترغيب في الصلاة يوم الجمعة، فهي من هذا الباب، والله تعالى أعلم.
من وجد في ثوبه بقعة دم وهو إمام، هل يلزمه أن يخبر المصلين ويأمرهم بالإعادة، خاصة إذا كانت صلاة الجمعة؟
إذا كان الأمر كذلك، فإنه ينتقل بهم إلى صلاة الظهر، وهذا معناه، الحقيقة أن السائل يسأل عن مسألة قد وقعت، فإذا كان يسأل عن حكمها الفقهي، فإنه كان يمكنه الأخذ بقول في هذه المسألة، خصوصًا في مثل هذه الحالة، لا سيما إذا كانت بقعة الدم في موضع لا يطلع عليه المأمومون.
ففي هذه الحالة، كان يمكنه أن يعيد صلاته وحده، وهذا القول موجود، وفي مثل هذه الأحوال التي يكون فيها عموم البلوى، فإن الأخذ به يكون أوسع وأيسر، أما وقد حصل ما حصل، وأعادوا الصلاة ظهرًا، فذلك مُجزئٌ إن شاء الله تعالى.
ولكن، إن وقع مثل هذا الأمر في المستقبل، فعليه أن يراعي أحوال يوم الجمعة وأحوال المصلين خلفه، وأن يدرك أن في المسألة خلافًا بين أهل العلم، والبحث هنا ليس في حكم بطلان الصلاة ببقعة الدم، فالراجح أن النجاسة إذا كانت في الثوب، ولم تُزل، فإنها تبطل الصلاة، وإنما البحث في ارتباط صلاة المأمومين بصلاة الإمام في مثل هذه الحالة، وهي مسألة خلافية مشهورة.
ولا حاجة للخوض فيها الآن، فقد تأتي مناسبة أخرى لبحثها، وقد أشرتُ إلى أنه إن كانت النجاسة في موضع لا يطّلع عليه المأمومون، ولم يعلموا بها، فلا تنتقض صلاتهم بذلك، لأن هذا ليس من الأمور التي يتحملها الإمام عنهم فتنتقض صلاتهم بانتقاض صلاته.
ولكن، كما ذكرت، قد يكون هناك مجال لبحث هذه المسألة في مناسبة أخرى، والمقصود هنا أن يتفقه الإمام في مثل هذه الحالات، وأن يعلم أن في المسألة أقوالًا معتبرة لها أدلتها، وليست مجرد أقوال ضعيفة أو شاذة لا يُعمل بها، وكان الأوسع، كما ذكرت، أن يأخذ بالأيسر في هذه الحالة، ولكن، بما أن الأمر قد وقع، وأُعيدت الصلاة، فذلك مجزئٌ إن شاء الله تعالى.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی هذه الحالة یوم الجمعة الله تعالى فی مثل هذه هذا القول إذا کان إلى أن من هذا
إقرأ أيضاً:
أيهما أفضل ليلة الجمعة.. قيام الليل أم الصلاة على النبي؟
قال الدكتور مجدى عاشور، المستشار العلمي السابق لمفتي الجمهورية السابق، إن قيام الليل والصلاة على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يوم الجمعة من أفضل الأعمال.
وأضاف عاشور، خلال لقائه ببرنامج "دقيقة فقهية"، في إجابته عن سؤال «أيهما أفضل: يوم الجمعة الصلاة على النبي أم قيام الليل؟»، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يبين لنا وظائف الأوقات، أي أنه قال فى وقت الصلاة علينا أن نركع ونسجد ونقوم ولا نقرأ القرآن إلا في حال القيام فقط وهو الذى بين لنا هذا، كذلك بين لنا أن الاستغفار أولى في الثلث الأخير من الليل بدلا من قراءة القرآن.
وأشار إلى أن الأوقات التي بين لنا فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أعمالا محددة لها فضائلها وعلينا أن نلتزم بها لنأخذ هذا الثواب، ثم بعد ذلك نقرأ القرآن في أي وقت، لافتا إلى أن الصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هي الأفضل في يوم الجمعة من قراءة القرآن.
قال أحد السلف (أتعجب ممن له عند الله حاجة كيف ينام وقت السحر).
كيفية صلاة قيام الليلالأفضل في صلاة الليل أن تكون مثنى مثنى، كما قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: «صلاةُ اللَّيل مثنى مثنى، فإذا خَشي أحدُكمُ الصُّبح، صلَّى ركعةً واحدةً تُوترُ له ما قد صلَّى وأقل الوتر ركعة واحدة يصليها بعد صلاة العشاء، فإن أوتر بثلاث ركعات فالأفضل أن يسلّم بعد الركعتين ويأتي بواحدة، وإن أوتر بخمسة فيسلم بعد كل ركعتين ومن ثمّ يأتي بركعة واحدة، ويراعي في صلاته الطمأنينة وعدم العجلة والنقر، فيخشع في صلاته ولا يتعجل فيها، فأن يصلي عددًا قليلًا من الركعات بخشوعٍ وطمأنينةٍ؛ خيرٌ له مما هو أكثر بلا خشوع.
ماذا يقرأ في صلاة قيام الليل
يقوم المسلم بأداء ركعتين ركعتين، والمقصود أن يسلّم بعد كلّ ركعتين يؤدّيهما، ثمّ يؤدّي الوتر، وذلك اقتداءً بفعل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في قيامه، وإن خاف المسلم أن يدرك صلاة الصّبح وهو لم يوتر بعد فيجوز له أن يوتر بركعةٍ واحدةٍ، يتلو فيها بعد سورة الفاتحة سورة الإخلاص، ثمّ يدعو دعاء القنوت.
وصلاة قيام اللّيل تكون في أوّل اللّيل، أو أوسطه، أو آخره، لكن في الآخر أفضل، وهو الثّلث الأخير، وعددها من حيث الأفضل أن تصلّى إحدى عشر ركعة، أو ثلاثة عشر ركعة، ومن السّنة أن يقوم المسلم بترتيل الآيات الكريمة عند القراءة، وقراءة ما تيسرّ له من القرآن الكريم، ومن المستحبّ عند القراءة أن يستعيذ بالله عند قراءة الآيات التي فيها وعيد، وأن يسأل الله الرحمة عند الآيات التي فيها رحمة، وأن يسبّح حينما تمرّ به آية تسبيح، وأن يطمئنّ في صلاته، ويخشع في ركوعه وسجوده.
والوتر إما أن يكون ركعةً واحدةً، أو ثلاثًا، أو خمسًا، أو سبعًا، أو تسعًا، فعدد ركعات الوتر فرديّة، وقد رُوي عن أبي أيّوب الأنصاريّ أنّه قال: « الوترُ حقٌّ، فمن شاءَ أوترَ بخمسٍ، ومن شاءَ أوترَ بثلاثٍ، ومن شاءَ أوترَ بواحدةٍ»، وفيما يأتي تفصيل لما ورد في صلاة الوتر:
1- أن يصلّى الوتر ركعةً واحدةً، كما كان يؤدّيها رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم-.
2- أن يصلّى الوتر ثلاث ركعات، فيقوم المسلم بصلاة الثّلاث ركعات متصلات، بحيث يسلّم في نهاية الصلاة، كما كان يفعل السّلف، ويقرأ فيهم: سورة الأعلى، وسورة الكافرون، وسورة الإخلاص، أو يصلّي ركعتي شفع ويسلّم، ثمّ يتبعها
بركعة وترٍ منفصلة عن أوّل ركعتين، فيشاء له ذلك مع ضرورة النّية من بداية الصّلاة.
3- أن يصلّى الوتر خمس أو سبع ركعات، ويكون ذلك بتشهّدٍ واحدٍ كما كان يفعل رسول الله، فقد رُوي عن أمّ سلمة -رضي الله عنها- أنّها قالت: « كان رسولُ اللهِ - صلَّى اللهُ عليه وسلم- يوترُ بسبعٍ أو بخمسٍ، لا يفصلُ بينهنَّ بتسليمٍ ولا كلام».
4- أن يصلّى الوتر تسع ركعات، ويجلس المسلم للتّشهد في الرّكعة الثّامنة، ثمّ يتمّ الرّكعة التّاسعة، بعدها ينهي صلاته بالتّشهد والسّلام.
وبصلاة الوتر تُختم صلاة اللّيل، لكن يجوز للمسلم أن يصلّي بعد ذلك ما يشاء من عدد ركعات القيام، على أن تكون الصّلاة ركعتين ركعتين، ولا يعيد الوتر، فقد رُوي عن قيس بن عليّ أنّه قال: «لاَ وترانِ في ليلةٍ».