في عالم يبدو أنه تحول إلى ساحة معركة تجارية، تتصدر الصين وأمريكا المشهد كخصمين لا يعرفان التراجع، لكن هذه المعركة ليست بالضرورة معركة دبابات وصواريخ، بل هي معركة إبرة ومطرقة. 

الصين، بإبرتها الدقيقة، تخيط اقتصاد العالم بسلع رخيصة تفتح شهية المستهلكين، بينما أمريكا، بمطرقتها الثقيلة، تحاول أن تدق أبواب الحماية التجارية بغضب.

والسؤال هو: من سينتصر في هذه المعركة؟ الإبرة التي تخيط بلا توقف أم المطرقة التي تدق بلا هوادة؟

الصين: الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس!

الصين بلا شك أصبحت "الماكينة" التي تدور حولها عجلة الاقتصاد العالمي. 

بفضل قدرتها الإنتاجية الهائلة، تنتج الصين سلعا أكثر مما يحتاجه العالم وكأنها تقول: "إذا لم تشتر منا، فمن أين ستأتي بسلعك؟". 

هذه الاستراتيجية، التي يسميها الاقتصاديون "فوق الطاقة الاستيعابية" (Overcapacity)، جعلت الصين تتحكم في أسواق العالم بسلاسة، فلماذا تنتج ألمانيا أو أمريكا سلعا بتكلفة عالية عندما يمكن للصين أن تقدمها بأسعار تكاد تكون مجانية؟

لكن هذه الإبرة الصينية ليست مجرد أداة للخياطة، بل هي سلاح فتاك. عندما تستورد الدول السلع الصينية بأسعار أقل من تكلفة إنتاجها المحلي، تبدأ الشركات المحلية في الانهيار واحدة تلو الأخرى.

والنتيجة؟ بطالة، انخفاض في مستوى المعيشة، واقتصادات محلية تتحول إلى أطلال. 

الصين، بهذه الطريقة، لا تحتاج إلى غزو الدول بالدبابات، بل تغزوها بالسلع الرخيصة. 

إنها الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، لأن مصانعها تعمل 24 ساعة في اليوم، 7 أيام في الأسبوع.

 أمريكا: المطرقة التي تدق على أبواب الحماية

أما أمريكا، فلها استراتيجية مختلفة، بدلًا من أن تنافس الصين في الإنتاج، قررت أن تلعب دور "الشرطي العالمي" في التجارة.

بقيادة دونالد ترامب، الذي يعتقد أن الجمارك هي الحل لكل مشكلة، بدأت الولايات المتحدة الأمريكية في فرض رسوم جمركية على السلع الصينية. وكأنها تقول: "إذا لم نستطع أن ننتج مثلهم، فلنمنعهم من بيع منتجاتهم هنا".

لكن هذه الاستراتيجية، التي تبدو كضربات مطرقة ثقيلة قد تكون ضربات في الهواء، فرغم أن الجمارك قد توفر حماية مؤقتة للصناعات المحلية إلا أنها لن توقف الصين عن التحكم في الاقتصاد العالمي. 

الصين تعتمد على ميزة نسبية طورتها لتصبح ميزة تنافسية، وهي تعرف كيف تلعب هذه اللعبة ببراعة. أمريكا من ناحية أخرى تبدو كمن يحاول إصلاح ساعة باستخدام مطرقة.

 الحرب التجارية: من يختار طريق الندامة؟

الحرب التجارية بين الصين وأمريكا ليست مجرد صراع بين دولتين، بل هي صراع بين نموذجين اقتصاديين. 

الصين تعتمد على الإنتاج الضخم والأسعار المنخفضة، بينما أمريكا تحاول أن تحمي صناعاتها المحلية بفرض الجمارك، لكن السؤال الأهم هو: من يدفع ثمن هذه الحرب؟

الجواب بسيط: العالم كله. عندما تفرض أمريكا الجمارك على السلع الصينية، ترتفع الأسعار على المستهلكين، وعندما تخفض الصين أسعارها أكثر، تزداد البطالة في الدول الأخرى. إنها حلقة مفرغة من الصراع الذي لا يبدو أن له نهاية.

 الإبرة أم المطرقة؟

في النهاية، يبدو أن الصين قد وجدت طريقة للتحكم في الاقتصاد العالمي دون أن تطلق رصاصة واحدة. بإبرتها الدقيقة تخيط العالم بسلع رخيصة تفتح شهية المستهلكين وتدمر الصناعات المحلية. 

أمريكا، من ناحية أخرى، تحاول أن تدق أبواب الحماية التجارية بمطرقتها الثقيلة، لكنها قد تكتشف أن هذه الضربات لا تؤدي إلا إلى مزيد من الخراب.

ربما يكون الحل في العودة إلى المنظمات الدولية مثل منظمة التجارة العالمية، حيث يمكن للدول أن تتفاوض على حلول عادلة. لكن حتى ذلك الحين، يبدو أن الصين ستستمر في حياكة اقتصاد العالم بإبرتها، بينما أمريكا ستستمر في دق أبواب الحماية بمطرقتها. 

والسؤال الذي يبقى معلقا هو: من سينتصر في النهاية؟ الإبرة أم المطرقة؟ أم أن العالم سيكون هو الخاسر الأكبر في هذه المعركة؟

في النهاية قد نكتشف أن هذه الحرب التجارية ليست سوى فصل آخر من فصول صراع العمالقة، حيث الإبرة والمطرقة تلعبان دورا في مسرحية لا يعرف أحد كيف ستنتهي.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: أمريكا الصين الحرب التجارية المزيد یبدو أن

إقرأ أيضاً:

رغم وداع مونديال الأندية.. الأهلي المصري يكتب تاريخا جديدا

ودع الفريق الأول لكرة القدم بالنادي الأهلي المصري منافسات بطولة كأس العالم للأندية لكرة القدم، من دور المجموعات، ورغم ذلك تمكن الفريق من كتابة تاريخ جديد له بالبطولة، التي تقام لأول مرة بمشاركة 32 فريقا.

وكانت هذه هي المشاركة العاشرة للأهلي في مونديال الأندية، والخامسة على التوالي في البطولة، وكانت أفضل نتائج الفريق في المشاركات السابقة هو احتلاله المركز الثالث وحصد الميدالية البرونزية 4 مرات في 2006 و2020 و2021 و2023.

ورغم أن الأهلي قدم عرضا قويا أمام إنتر ميامي وكان قريبا من الفوز في المباراة الافتتاحية للبطولة لكنه اكتفى بالتعادل ثم واجه بالميراس ولكنه لم يقدم العرض المنتظر وخسر بهدفين نظيفين.

ورغم التعادل مع بورتو 4-4 في المباراة الثالثة الأخيرة من دور المجموعات، وخروج الفريقين رسميا من البطولة، حقق الأهلي العديد من الأرقام من خلال هذه المواجهة وصنع تاريخا جديدا له في البطولة العالمية.

ولعل من أبرز الأرقام التي حققها الأهلي هي أنه أصبح أول فريق عربي يسجل 4 أهداف أمام ناد أوروبي في بطولات كأس العالم للأندية، كما أنه بات أول فريق عربي يسجل 4 أهداف بمباراة واحدة في كأس العالم للأندية 2025 بنظامه الجديد، كما أصبح أكثر ناد عربي يسجل أهدافا في النسخة الحالية من المونديال.

كما أصبح الأهلي أكثر ناد إفريقي يسجل أهدافا في مباراة واحدة بالبطولة، بعد تخطي ماميلودي صن داونز الجنوب إفريقي الذي سجل 3 أهداف في مرمى بروسيا دورتموند.

وحافظ الأهلي على سلسلة عدم الخسارة أمام أندية البرتغال تاريخيا، بعدما فاز على بنفيكا مرتين من قبل.

وأصبحت هذه هي المرة الأولى التي يسجل فيها الأهلي 4 أهداف في مباراة واحدة بكأس العالم للأندية.

واستطاع الفلسطيني وسام أبو علي، مهاجم الفريق، أن يسجل 3 أهداف (هاتريك) ليصبح ثاني لاعب يسجل هاتريك أمام فريق أوروبي، في بطولات فيفا، بعد الأسطورة البرازيلية بيليه، أمام بنفيكا 1962.

كما بات أول لاعب من الأهلي يسجل ثلاثة أهداف للفريق في مونديال الأندية، وأيضا أصبح أول لاعب عربي يسجل هذا العدد من الأهداف في البطولة بنظامها الجديد.

كما أصبح ثاني لاعب عربي ينجح في تسجيل ثلاثية في تاريخ كأس العالم للأندية منذ عام 2000 بعد حمدو الهوني (الترجي) أمام السد نسخة 2019، وبات سادس لاعب يسجل ثلاثية في تاريخ كأس العالم للأندية منذ عام 2000.

مقالات مشابهة

  • الصين ترغب بـربط الزر الأول بشكل صحيح في العلاقة مع أمريكا
  •  لماذا حظرت أمريكا واتساب وما البدائل التي قدمتها؟ (ترجمة خاصة)
  • الصين تتهم أمريكا بمحاولة تجنيد مسؤولين عبر إعلانات توظيف
  • وسام أبو علي يشعل صراع الانتقالات.. عرض خليجي ضخم ونيويورك يدخل على الخط
  • خالد عامر يكتب: من الفائز؟ أمريكا ـ إسرائيل .. أم إيران؟
  • وسام أبو علي يترقب عرضًا من أوروبا بعد كأس العالم للأندية.. محمد فاروق يكشف التفاصيل
  • د.محمد عسكر يكتب: ماذا يعني تسريب 16 مليار كلمة مرور حول العالم؟
  • إبراهيم النجار يكتب: أمريكا.. من يطلق قرار الحرب؟!
  • رغم وداع مونديال الأندية.. الأهلي المصري يكتب تاريخا جديدا
  • وسام أبو علي يكتب التاريخ بهاتريك جديد للأهلي في مونديال الأندية