الثورة / يحيى الربيعي

في نوفمبر 2023، قامت البحرية اليمنية التابعة للقوات المسلحة اليمنية باحتجاز سفينة نقل السيارات «جلاكسي ليدر»، في خطوة شكلت إيذاناً ببدء عملياتها ضد الكيان الصهيوني باستهداف أي سفينة إسرائيلية أو يُعتقد أنها متجهة نحو إسرائيل أو خارجة منها، وأعلنت القيادة اليمنية أيضاً عن إيقاف أي حركة ملاحة تجارية تتم عبر البحر الأحمر لصالح الكيان المحتل، مؤكدة أن هذه الإجراءات مرهونة بوقف «العدوان الإسرائيلي» على قطاع غزة، والذي بدأ في السابع من أكتوبر 2023م واستمر 15 شهراً ، و تتصاعد المخاوف الاسرائيلية من عودة هذه التهديدات إلى حيز التنفيذ بعد انتهاء المهلة التي منحتها اليمن للوسطاء للضغط على الكيان بالسماح بعودة تدفق المساعدات ومواد الإغاثة إلى سكان غزة.

القوات المسلحة اليمنية ترجمت موجهات قائد الثورة السيد عبدالنلك بدرالدين الحوثي إلى عمليات استهداف مباشرة لنحو 100 سفينة، مما أدى إلى تعطيل شامل لأي حركة ملاحة اسرائيلية في الممر الملاحي التجاري في البحر الأحمر ، واستمر هذا الوضع إلى أن أعلنت القيادة وقف هجماتها في اليوم نفسه الذي أُعلن فيه وقف إطلاق النار في غزة في يناير الماضي.

ومع ذلك وبعد انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار التي استمرت عدة اسابيع قامت السلطات الإسرائيلية بإغلاق المعابر المؤدية إلى قطاع غزة مرة أخرى، وأوقفت تدفق المساعدات إليها. وقوبلت هذه الخطوة الإسرائيلية بحملة تنديد واسعة، نظراً لتداعياتها على تفاقم معاناة الغزيين الذين يعيشون ظروفاً إنسانية كارثية بسبب الحرب والحصار.

ورداً على الإجراء الإسرائيلي، وجه السيد القائد عبد الملك الحوثي تحذيراً توعد فيه إسرائيل بالعودة إلى استهداف سفنها في البحر الأحمر إذا ما اصرت على مواصلة إغلاق المعابر ، ومنح السيد القائد الوسطاء مهلة أربعة أيام فقط للضغط على إسرائيل لإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، مهدداً باستئناف العمليات العسكرية في البحر الأحمر في حال عدم الاستجابة، مؤكدا في خطابه أن «الحصار سيُقابل بالحصار».

تفاعل واسع

حظي هذا الملف بتفاعل واسع من رواد منصات التواصل الاجتماعي. على سبيل المثال، قال رئيس قسم الاستشارات في شركة (إي أو إس ريسك جروب) للمخاطر البحرية، مارتن كيلي، إن قوات صنعاء معروفة بتنفيذ تهديداتها، وأنه إذا لم تدخل المساعدات إلى غزة فإن العمليات البحرية ضد المصالح والسفن الإسرائيلية في البحر ستعود بالفعل كما أعلن قائد حركة «أنصار الله» السيد عبد الملك الحوثي، مشيراً إلى أن الرد الانتقامي من جانب الولايات المتحدة وإسرائيل سيؤدي إلى تجدد الحرب في المنطقة. وأضاف كيلي في تدوينة رصدت له على منصة «إكس» أن اليمنيين «لديهم تاريخ في تنفيذ تهديداتهم، مما يشير إلى أن الهجمات على الشحن في البحر الأحمر قد تستأنف بحلول 11 مارس 2025 إذا لم تستأنف إسرائيل تسليم المساعدات إلى غزة».

الأثر الاقتصادي

إلى ذلك، يرى مراقبون أن الهجمات اليمنية أثرت بشكل كبير على الاقتصاد الإسرائيلي، إذ دفعت شركات الشحن والتأمين إلى تغيير مسارها وإعادة توجيه سفنها عبر رأس الرجاء الصالح الأطول حول أفريقيا، مما ضاعف التكاليف وخلف أزمة متصاعدة في التجارة العالمية. كشفت منصة «بروجكت 44» للخدمات اللوجستية في تقرير لها أن إبحار سفن الحاويات في البحر الأحمر تراجع بنسبة 78 % في مايو من العام الماضي مقارنة بالشهر ذاته من عام 2023.

أكد الخبير الاقتصادي خوجا كاوا أن الحصار اليمني الكامل على إمدادات «إسرائيل» في البحر الأحمر يكلف 10 ملايين دولار يومياً على الأقل، مبيناً أن تغيير المسار حول إفريقيا «يجعل التجارة غير مربحة». وأشار الأستاذ في قسم الاقتصاد بجامعة «بليخانوف» الروسية في تصريحات نقلتها وكالة «نوفوستي» الروسية إلى أن إجمالي الخسائر الاقتصادية على مدار شهر من هذا الحصار الكامل يقدر بنحو 4 مليارات دولار، ما يعني أنها وخلال 15 شهراً، بلغت 240 مليار دولار.

وبين أن تصعيد الوضع في البحر الأحمر قد يؤدي إلى عدد من المشاكل الاقتصادية لإسرائيل، وسيتم توقف نقل البضائع البحرية مع أوروبا وآسيا. مؤكداً أن «إسرائيل تنفذ كامل تجارتها الخارجية تقريباً عن طريق البحر عبر قناة السويس والبحر الأحمر، وهذا الطوق يشل استيراد وتصدير البضائع إليها».

وأضاف خوجا أن التكاليف اللوجستية ستزداد، موضحاً أنه سيتعين على «إسرائيل» البحث عن طرق بديلة لتسليم البضائع، على سبيل المثال، حول إفريقيا، مما سيزيد بشكل كبير من أعباء النقل». وأردف: «سينخفض الدخل من الترانزيت عبر الموانئ. موانئ إيلات وأسدود الإسرائيلية تجني الأموال عن طريق نقل البضائع بين آسيا وأوروبا. وهذا التدفق سينخفض بسبب الحصار».

تراجع الحركة

بدوره، قدر مدير التحليلات في شركة «كروس» أندريه ليبيديف، احتمال تراجع حركة الملاحة في ميناء إيلات المحتلة – الذي يتحمل الحصة الأكبر من الخسائر – بنسبة 85 % والإيرادات بنسبة 80 % منذ بدء هجمات الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر».

ونوه بأن «إيلات» قد لا يبدو أهم موانئ إسرائيل، وهو أقل أهمية بكثير من حيفا وأسدود على البحر الأبيض المتوسط، إلا أنه الميناء الوحيد الذي يتيح لإسرائيل الوصول مباشرة إلى طرق التجارة نحو الشرق متجاوزة العبور في قناة السويس.

وخلص ليبيديف إلى أن «إعادة هيكلة طرق التجارة من إيلات عبر المتوسط وحول إفريقيا ستزيد وقت السفر بمقدار أسبوعين إلى 3 أسابيع، الأمر الذي سيزيد بشكل كبير من تكاليف الشركات التجارية ويجعل التجارة غير مربحة».

هذا وقد فرضت القوات المسلحة اليمنية في منتصف نوفمبر الماضي، معادلة استراتيجية بعد قرارها منع الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر حتى رفع الحصار الصهيوني عن غزة.

 

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

الأونروا تطالب برفع حصار غزة وآلاف الأطفال يواجهون سوء التغذية

طالبت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) اليوم الجمعة برفع الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة لمواصلة العمل الإغاثي، في ظل تحول مراكز توزيع المساعدات التي يحميها جيش الاحتلال إلى "مناطق قتل" ومعاناة آلاف الأطفال من سوء التغذية.

وقالت في بيان إن الحصار الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة يمنع من هم في أمسّ الحاجة من الوصول إلى الإمدادات الغذائية الأساسية.

وأكدت ضرورة رفع الحصار، قائلة "يجب السماح بدخول المساعدات الإنسانية، بما في ذلك عبر الأونروا، إلى غزة على نطاق واسع الآن".

وأفادت بأن الحصول على الطعام حق أساسي من حقوق الإنسان، مشيرة إلى عرقلة سلطات الاحتلال وصول الطعام بطرق سلمية إلى سكان غزة.

أطفال بخطر

من جهته، قال مدير الإغاثة الطبية بغزة -للجزيرة- إن 17 ألف طفل في القطاع يعانون سوء التغذية، معربا عن توقعه وفاة عدد كبير من الأطفال جراء ذلك ما لم يحدث تدخل جاد.

وطالب بالضغط على الاحتلال ليسمح بإدخال حليب الأطفال والدواء، مشسرا أيضا إلى أن جراحات كثيرة مؤجلة بسبب نقص الكوادر والمستلزمات الطبية والأدوية.

مطالبة بتحقيق

وبمقابلة مع الجزيرة، طالب رئيس شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية بغزة بتشكيل لجنة تحقيق دولية في قتل منتظري المساعدات، قائلا إن آلية المساعدات الحالية محاولة لتخريب منظومة العمل الإنساني.

بدورها، نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن المتحدث باسم الوكالة الأممية لتنسيق الشؤون الإنسانية قوله إن قطاع غزة هو أكثر بقاع الأرض جوعا، مؤكدا أن مراكز المساعدات الجديدة بغزة أصبحت مصايد موت.

كما نقلت عن المتحدث باسم الصليب الأحمر إدانته بقوة تعريض سكان غزة يوميا للقتل أثناء محاولتهم تلقي الطعام.

وتفرض سلطات الاحتلال حصارا على إدخال المساعدات منذ الثاني من مارس/آذار الماضي، إذ أغلقت معابر القطاع أمام دخول المساعدات الغذائية والإغاثية والطبية والبضائع، مما تسبب بتدهور كبير في الأوضاع الإنسانية للفلسطينيين، وفق ما أكدته تقارير حكومية وحقوقية ودولية.

الآلاف يحاولون يوميا الحصول على مساعدات جراء الجوع رغم خطر الموت برصاص الاحتلال (الأوروبية)

وبعيدا عن إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بدأت تل أبيب وواشنطن منذ 27 مايو/أيار تنفيذ خطة لتوزيع مساعدات محدودة عبر ما يعرف بـ"مؤسسة غزة الإنسانية"، بحيث تجبر الفلسطينيين المجوعين على المفاضلة بين الموت جوعا أو برصاص الجيش الإسرائيلي.

إعلان

ويتم توزيع المساعدات في "مناطق عازلة" جنوب غزة ووسطها، لكن سجل المخطط مؤشرات متزايدة على الفشل، إذ توقف التوزيع مرارا بسبب تدفق أعداد كبيرة من المجوعين وإطلاق الجيش الإسرائيلي النار على الحشود.

وذكر المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، في بيان الأربعاء، أن حصيلة ضحايا ما يُعرف بـ"آلية المساعدات الإسرائيلية الأميركية" خلال شهر بلغت 549 شهيدا و4066 مصابا و39 مفقودا.

مقالات مشابهة

  • تعثر مشاريع و حرب تصفية حسابات.. وزارة قيوح على صفيح ساخن
  • عاجل | سرقة 130 ألف سيارة سنويًا تكبد بريطانيا خسائر تتجاوز 1.7 مليار جنيه
  • الأونروا تطالب برفع حصار غزة وآلاف الأطفال يواجهون سوء التغذية
  • صادرات الملابس الجاهزة تتجاوز 1.3 مليار دولار خلال النصف الأول من 2025
  • مستشار الجمعية المصرية بالأمم المتحدة: خسائر إسرائيل تجاوزت 150 مليار دولار
  • يديعوت أحرونوت: خسائر الاقتصاد الإسرائيلي تتجاوز 22 مليار شيكل بسبب حرب إيران
  • نيويورك تايمز: ازدهار المقاهي اليمنية في أمريكا لكن الحرب في اليمن أثرت على عملها؟ (ترجمة خاصة)
  • نيالا على سطح صفيح ساخن.. والتردي الأمني يجتاح المدينة
  • أستاذ تمويل وإستثمار : خسارة إسرائيل فى الحرب على إيران تجاوزت 1 مليار دولار يوميا
  • رئيس هيئة الدواء مصر تمتلك أكبر سوق دوائي في إفريقيا بقيمة تتجاوز 6.2 مليار دولار