بين أوراسيا والشرق الأوسط… هل تمتد صفقات الكبار لتشمل وقف الحرب على غزة؟

في عالم يزداد اضطرابًا، تلتقي الملفات الساخنة على طاولة واحدة، من ميادين أوكرانيا المشتعلة إلى شوارع غزة المدمرة. يوم الجمعة القادم، تتجه أنظار العواصم إلى ألاسكا، حيث سيجلس الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأمريكي دونالد ترامب وجهًا لوجه، في لقاء يصفه البعض بالتاريخي، ويراه آخرون مجرّد عرض سياسي يخدم صور الحملات الانتخابية أكثر مما يخدم فرص السلام.

وبين التفاؤل الحذر والتشاؤم الواقعي، يظل السؤال: هل يمكن أن تغير هذه القمة مسار الأحداث؟

منذ بداية ولايته الثانية، ظل ترامب يبحث عن فرصة لجمعه ببوتين، غير أن الظروف السياسية والأمنية أبقت هذه الفكرة مؤجلة. ومع تصاعد الحرب الأوكرانية واقترابها من دخول عامها الرابع، لجأ ترامب إلى لغة الإنذارات، مانحًا موسكو مهلة أولى من خمسين يومًا لوقف الحرب، قبل أن يخفضها فجأة إلى اثني عشر يومًا، في خطوة فسرها البعض بأنها ضغط متعمد لإجبار الروس على قبول لقاء مباشر.

لكن ما بين الطموح الأمريكي والحسابات الروسية، تتبدى الحقائق القاسية. ترامب رجل الصفقات الذي يسعى دائمًا لاقتناص أكبر قدر من المكاسب مقابل أقل قدر من التنازلات، ولن يقبل بأي اتفاق إلا إذا خرج منه بمشهد يستطيع تقديمه للداخل الأمريكي على أنه انتصار. في المقابل، يدرك بوتين أن أي تنازل عن شروطه في أوكرانيا يعني اهتزاز موقع روسيا الاستراتيجي وفتح الباب أمام تراجع نفوذها، وهو سيناريو لا يمكن القبول به في الكرملين.

الخيار الآخر أمام ترامب هو محاولة فصل روسيا عن الصين، وهو هدف استراتيجي للإدارة الأمريكية الحالية، لكنها مهمة شبه مستحيلة، فالعلاقة بين موسكو وبكين باتت اليوم تحالفًا وجوديًا يواجه العقوبات والحصار الغربي معًا، وأي تراجع فيه سيكون بمثابة خسارة للطرفين في آن واحد.

الملف الأوروبي يمثل بدوره عقدة لا تقل أهمية، فمهما تباينت المواقف بين واشنطن والعواصم الأوروبية، تبقى الهيمنة الأمريكية على القارة العجوز عنصرًا جوهريًا في إحكام السيطرة على أوراسيا. التخلي عن الأوروبيين أو تقليص المظلة الأمنية لحلف شمال الأطلسي قد يدفعهم لتطوير قوة عسكرية مستقلة، وهو ما قد يهدد النفوذ الأمريكي على المدى الطويل. ولهذا، فإن أي صفقة مع روسيا لن تمر دون مراعاة لحسابات الحلفاء الأوروبيين وحفظ ماء وجههم.

وعليه، يبدو أن قمة ألاسكا قد تنتهي دون اختراق حاسم في أوكرانيا، لكنها ستمنح بوتين مكسبًا سياسيًا يتمثل في كسر جزئي لعزلة بلاده وتوجيه ضربة رمزية لمذكرة الاعتقال الدولية بحقه، فيما يحصل ترامب على المشهد الذي يبحث عنه («صورة مع خصم استراتيجي» يبرهن بها على أنه «رجل الفرص القادر» على الحديث مع الأعداء قبل الأصدقاء).

ويبقى التساؤل الإقليمي حاضرًا: هل تمتد صفقات الكبار من أوراسيا إلى الشرق الأوسط، فيشهد الجمعة القادمة بادرة لوقف الحرب على غزة، أم أن الصراع هناك سيظل خارج حسابات هذه الطاولة، بانتظار تسوية أخرى قد لا تأتي قريبًا؟

في النهاية، تعكس قمة ألاسكا طبيعة الصراع الجيوسياسي المعاصر، حيث تتقاطع خطوط النار من شرق أوروبا إلى شرق المتوسط، وتتشابك رهانات القوى الكبرى مع حسابات الداخل، في سباق مفتوح على إعادة رسم خرائط النفوذ لما بعد أوكرانيا.. .!!

(كاتب وباحث في الجيوسياسية والصراعات الدولية.. !!)

اقرأ أيضاًقمة ألاسكا: ترامب وبوتين وجهاً لوجه لبحث إنهاء حرب أوكرانيا

ترامب ينفذ تهديده.. تفاصيل تغيير اسم خليج المكسيك رسميا

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: أوروبا بوتين ترامب أوكرانيا قمة ألاسكا قمة ألاسکا

إقرأ أيضاً:

دونالد ترامب: سأطلب من بوتين إنهاء الحرب في أوكرانيا

صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بشأن لقائه المرتقب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أنه سيطلب منه إنهاء الحرب في أوكرانيا، مؤكدًا أنه سيحاول استعادة بعض الأراضي لأوكرانيا.

وأضاف ترامب، في تصريحات نقلتها قناة «القاهرة الإخبارية»، أن الصين حتى الآن تتعامل بشكل جيد مع الولايات المتحدة في ملف التجارة، مشيرًا إلى اعتقاده أن الاجتماع مع بوتين سيكون إيجابيًا.

وأوضح أنه سيرتب لقاء بين بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، معبرًا عن استيائه من رد زيلينسكي بشأن مبادلة الأراضي، لافتًا إلى أن تبادل الأراضي بين روسيا وأوكرانيا سيجري، وأن خطوط المعركة ستتغير.

وأكد ترامب أنه سيجري اتصالات مع زيلينسكي والقادة الأوروبيين بعد لقائه مع بوتين، مشددًا على رغبته في التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين أوكرانيا وروسيا.

اقرأ أيضاًبعد تزايد معدلات السرقة.. «ترامب» يضع شرطة واشنطن تحت السيطرة الفيدرالية

الشركات الأمريكية الصغيرة تواجه خسائر سنوية 202 مليار دولار بسبب رسوم ترامب

عناصر (FBI) تنتشر في واشنطن بعد تعهد ترامب بإخلاء العاصمة من المشردين

مقالات مشابهة

  • ترامب لن يناقش مسألة "تقسيم الأراضي" مع بوتين في قمة ألاسكا
  • قمة ترامب- بوتين: تروّض أوكرانيا وتُحبط أوروبا
  • ترامب يلتقي بوتين في ألاسكا.. قمة حاسمة لوقف الحرب وإعادة رسم خريطة السياسة العالمية
  • الخارجية الروسية: قمة بوتين وترامب ستتناول القضايا الدولية وعلى رأسها الأزمة الأوكرانية
  • كيف سيبدو لقاء ألاسكا؟.. هذا ما سيحاول بوتين فرضه على أوكرانيا
  • قمة ألاسكا.. كيف يمكن لترامب أن يحقق نجاحا خلال التفاوض مع بوتين؟
  • دونالد ترامب: سأطلب من بوتين إنهاء الحرب في أوكرانيا
  • ترامب: سأطلب من بوتين اتخاذ هذا القرار خلال قمة ألاسكا
  • لقاء بوتين وترامب في أنكوريج.. محاولة لإنهاء الحرب في أوكرانيا