الحوثيون يصعدون ضد حلفائهم في حزب المؤتمر بصنعاء.. ما الدوافع؟
تاريخ النشر: 14th, August 2025 GMT
دخلت العلاقة بين جماعة "أنصار الله" الحوثيين، وحزب المؤتمر الشعبي (الجناح المتحالف معها) في صنعاء مرحلة قاتمة عنوانها "التوتر والتصعيد"، حيث قامت الأولى بعدد من الإجراءات والقيود التي اتخذتها بحق قيادات الحزب التي ماتزال حاليا تلتزم الصمت وسط تساؤلات عدة عن دوافع الجماعة في تصعيد مواقفها تجاه الحزب.
وبرز التصعيد في الأسبوعين الماضيين، من خلال قيام مجاميع مسلحة تابعة للحوثيين باقتحام اجتماع حزبي لقيادات مؤتمرية في أحد مقراتها في صنعاء وإجبار المجتمعين على إنهاء الاجتماع والمغادرة، تلى ذلك، قيام الجماعة بمصادرة مبالغ مالية مخصصة لإحياء الذكرى السنوية لتأسيس الحزب نهاية آب/ أغسطس الجاري.
ونهاية تموز / يوليو الفائت، أصدرت محكمة تابعة للحوثيين حكما غيابيا قضى بإعدام نجل الرئيس الأسبق، أحمد علي عبدالله صالح الذي يشغل منصبا رفيعا في حزب المؤتمر (جناح صنعاء المتحالف مع الحوثيين) في خطوة وصفت أن العلاقة بين الطرفين دخلت مرحلة جديدة لا يمكن التنبؤ بملامحها ومآلاتها.
وما يزال أحمد علي صالح يشغل منصب نائب رئيس حزب المؤتمر، الذي كان يتزعمه والده قبيل مقتله نهاية 2017، حيث اختير في المنصب في أيار /مايو 2019، لكن دون أن يمارس أي نشاط تنظيمي حزبي، بل انتهج الصمت مع جماعة الحوثي حتى بعد مقتل والده، ودون أن يشير إلى الجماعة في أكثر من كلمة صدرت عنه، خلال الأعوام الماضية.
فقدان توازن وترهيب
وتعليقا على هذا التصعيد، قال عضو اللجنة العامة بحزب المؤتمر الشعبي العام وأستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء، عادل الشجاع إن الحوثيين فقدوا توازنهم بعد أن سمعوا بعودة أحمد علي للعمل السياسي، إدراكا منهم أن الرجل خلال السنوات الماضية لم يستطيعوا أن يزيلوا اسم "علي عبدالله صالح" من مخيلة الناس.
وأضاف الشجاع في حديث خاص لـ"عربي21" "وكلما حاولوا طمس اسمه ( أي الرئيس السابق) برز أكثر فأكثر، واليوم يصبون جام غضبهم على قيادات المؤتمر الموجودة في صنعاء لأنهم يشعرون بأنهم خلال فترة التحالف ( بين الحزب والجماعة) لم يستطيعوا أن يخضعوا المؤتمرين لسياساتهم.
وأشار القيادي بالحزب الحاكم سابقا إلى أن الجماعة حاليا، "تريد تقييد حركة المؤتمر لإحساسهم بقرب النهاية"، مؤكدا أنها "قامت بفرض الإقامة الجبرية على صادق أبو راس ( رئيس الحزب في صنعاء)" و"اقتحموا اجتماع لقيادة المؤتمر وتقريبا استخدموا كل وسائل الترهيب لتخويفهم من أي تواصل أو تحرك"، على حد قوله.
جمود ومخاوف
من جانبه، قال الكاتب والصحفي اليمني، كمال السلامي إن استهداف جماعة الحوثي لحزب المؤتمر وقياداته (جناح صنعاء)، يعكس حالة الجمود التي ضربت العلاقة بين الجانبين منذ سنوات، مضيفا أن هذه الإجراءات ترتبط بشكل مباشر "بمخاوف الجماعة من التحولات الإقليمية والدولية، بعد أن أصبحت محشورة في الزاوية مؤخراً".
وتابع السلامي حديثه لـ"عربي21" بأن الجماعة الحوثية أصبحت محاصرة أكثر من أي وقت مضى، بسبب "العقوبات الأمريكية وتعثر المفاوضات وتجفيف مواردها المالية، وتضييق الخناق عليها وتراجع الدعم الإيراني"، مشيرا إلى أن كلها أسباب تجعل الجماعة تخشى من تحرك الجبهة الداخلية ضدها، وهنا يحضر المؤتمر كرافعة مهيئة لأي فعل سياسي وربما عسكري مضاد للجماعة في مناطق سيطرتها.
كما أن الجماعة وفقا للكاتب اليمني "تخشى العودة المحتملة لنجل الرئيس السابق أحمد علي عبدالله صالح، والذي ظل على مسافة واحدة من جميع أجنحة حزب المؤتمر، وربما أقرب لجناح صنعاء المتحالف مع الجماعة"، ولفت إلى أن هذا الموقف قد يجعله مقبولاً لدى قواعد الحزب في مناطق سيطرة الجماعة.
وبحسب الصحفي السلامي فإن جماعة الحوثيين تدرك أيضا، أن "المعركة المؤجلة قد اقتربت"، في ظل حراك دولي وإقليمي يدفع بهذا الاتجاه، للتخلص من آخر حلقات النفوذ الإيراني في خاصرة الجزيرة العربية.
وقال أيضا، "ويبدو أن هناك توقع أن يكون لأسرة الرئيس السابق، ولحزب المؤتمر جناح صنعاء دور في المرحلة المقبلة"، وهذا ما يفسر حالة الهياج الأمن والسياسي والإعلامي ضد الحزب، وفق قوله
ولم يتسن لـ"عربي21" الحصول على تعليق وتوضيح من قيادات في الجماعة بشأن إجراءاتها التي اتخذتها بحق حلفائها في حزب المؤتمر بصنعاء.
كما لم تتمكن "عربي21" من الحصول على تعليق من قيادات أو متحدثين عن حزب المؤتمر في صنعاء بسبب القيود التي فرضتها الجماعة والمخاوف من ردة فعلها، كما تم إبلاغنا.
وتأسس التحالف بين حزب المؤتمر الذي يترأسه الرئيس الأسبق، علي صالح وجماعة "أنصار الله" الحوثيين بشكل خفي مع بدء جماعة الحوثيين حربها تجاه العاصمة صنعاء في محافظة عمران (140 كم شمال صنعاء)، قبل أن تتضح ملامح هذا التحالف وتكشف إلى العلن، مع وصول مسلحي الجماعة إلى محيط صنعاء والبدء باجتياحها عسكريا بإسناد من قوات الحرس الجمهوري التي كان يترأسها نجل صالح، العميد أحمد علي، في 21 سبتمبر/ أيلول 2014 وصولا إلى الانقلاب على الرئيس الشرعي، عبدربه منصور هادي مطلع 2015.
ووصل التحالف بين صالح والحوثيين مرحلة النضوج بالإعلان في 2016 تشكيل المجلس السياسي الأعلى مناصفة بينهما، وذلك كأعلى سلطة حاكمة في المناطق التي يسيطرون عليها وسط وشمال وغرب البلاد.
وبعد أربع سنوات من التحالف السياسي والشراكة العسكرية بين صالح والحوثيين، فقد لقي مصرعه على أيدي مسلحي الجماعة خلال يومين فقط من إعلانه فض تحالفه معهم في ديسمبر/كانون أول 2017.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية الحوثيين المؤتمر الشعبي صنعاء اليمني اليمن صنعاء الحوثي عبد الله صالح المؤتمر الشعبي المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حزب المؤتمر فی صنعاء أحمد علی
إقرأ أيضاً:
ليفربول تحتضن المؤتمر التأسيسي لحزب كوربن وسلطانة الجديد.. ما الجديد؟
أعلن الحزب اليساري الجديد الذي أسسه النائبان البريطانيان جيريمي كوربن وزارا سلطانة عن قائمة قصيرة تضم أربعة أسماء مرشحة ليصبح أحدها الاسم الرسمي للحزب، وذلك قبيل مؤتمره التأسيسي الحاسم الذي يُعقد نهاية هذا الأسبوع في مدينة ليفربول، إحدى أبرز معاقل اليسار البريطاني.
وتشمل القائمة المطروحة على نحو 50 ألف عضو للتصويت أسماء: "حزبكم" Your Party، "حزبنا" (Our Party)، "التحالف الشعبي" (Popular Alliance)، و "من أجل الأغلبية" (For The Many). ومن المقرر أن يُعلن كوربن الاسم الفائز خلال خطابه الختامي غدا الأحد.
لماذا اختيرت ليفربول للمؤتمر التأسيسي؟
اختيار ليفربول لم يكن قراراً تنظيمياً عادياً، بل جاء لدوافع سياسية–اجتماعية واضحة، أبرزها:
1 ـ إرث يساري عميق: تُعد ليفربول من أكثر المدن ارتباطاً بالحركات العمالية واليسار البريطاني، وموطناً تاريخياً للحراك النقابي والمعارضة الشعبية للخصخصة والتقشف.
2 ـ قاعدة شعبية مؤيدة لكوربن: لطالما كانت المدينة من أبرز الدوائر التي تؤيد خطاب كوربن الاجتماعي ـ الاقتصادي، خاصة بين النقابيين والشرائح الفقيرة والشباب.
3 ـ رسالة سياسية لحزب العمال بقيادة ستارمر: في مدينة طالما خاب أملها بسياسات قيادة حزب العمال الحالية، يشير المؤتمر إلى أن اليسار القاعدي ما يزال حياً وقادراً على تشكيل بديل.
4 ـ مدينة معتادة على احتضان مؤتمرات اليسار: إذ احتضنت عبر العقود مؤتمرات لحزب العمال ولحركات يسارية دولية، ما يجعلها مكاناً عملياً ورمزياً لإطلاق حزب يساري جديد.
اختيار ليفربول يمنح المؤتمر بُعداً سياسياً واضحاً، عبر تأكيد أن الحزب الجديد ينطلق من عمق القواعد العمالية والتقدمية وليس من مراكز النخب السياسية التقليدية في لندن.
صراعات داخلية منذ التأسيس
ورغم الزخم الذي رافق إطلاق الحزب الصيف الماضي تحت اسم مؤقت هو "حزبكم"، إلا أن طريقه لم يكن سلساً. فقد شهد خلافات تنظيمية حادة بين كوربن وسلطانة حول إدارة التبرعات وطرق الإعلان عن الحزب، إضافة إلى صراع داخلي على النفوذ والهياكل التنظيمية.
كما جذب الحزب عدداً من النواب المستقلين مثل أيوب خان وشوكت آدم، بينما انسحب نائبان آخران ـ إقبال محمد وعدنان حسين ـ احتجاجاً على ما وصفوه بـ"صراع مستمر ومناخ تنظيمي مضطرب".
مؤتمر حاسم بحضور 2500 عضو
من المنتظر أن يحضر المؤتمر نحو 2,500 عضو مختارون عبر نظام قرعة لضمان التنوع، حيث سيُطرح على التصويت: شكل القيادة: زعيم واحد أم قيادة جماعية قاعدية، البرنامج السياسي للحزب، هيكله التنظيمي ولوائحه الداخلية، مدى دعم مرشحين اشتراكيين مستقلين في انتخابات 2026 المحلية.
كما سيلقي نواب الحزب كلمات رئيسية، إلى جانب نشطاء قاعديين وسياسيين يساريين من مختلف دول أوروبا.
وقال كوربن في تصريحات قبيل المؤتمر: "سافرت عبر البلاد خلال الأشهر الماضية وتحدثت مع الناس حول رؤيتهم لحزب يقوده أعضاؤه. هذه فرصتنا لبناء حزب جماهيري ديمقراطي يكون صوتاً للعدالة الاقتصادية والسلام."
أما سلطانة فأكدت: "نبني حزباً جديداً جذوره حركة جماهيرية، ويخضع ديمقراطياً لمساءلة قواعده. المؤتمر سيحدد شكل تنظيم قادر على ممارسة سياسة مختلفة."
وتزامن المؤتمر مع إلغاء عضوية عدد من المشاركين بسبب عضويتهم في أحزاب يسارية أخرى مثل حزب العمال الاشتراكي، رغم أن سلطانة تحظى بدعم منصة الوحدة الاشتراكية التي تضم بين مكوناتها الحزب الشيوعي البريطاني.
ويمثل المؤتمر أول محاولة جادة لبناء يسار بديل خارج حزب العمال، بعد التحولات الكبرى التي شهدها الحزب تحت قيادة كير ستارمر. ويعتقد كثيرون أن نجاح كوربن وسلطانة في تقديم نموذج تنظيمي ديمقراطي ـ قاعدي قد يعيد رسم خريطة اليسار البريطاني.