يمانيون:
2025-08-14@07:16:33 GMT

عرس فاخر أمام شعب جائع

تاريخ النشر: 14th, August 2025 GMT

عرس فاخر أمام شعب جائع

يمانيون|بقلم|عبدالرحمن العابد

في القاهرة، اجتمع مسؤولون سابقون بملابس شعبية يمنية مطرزة، وجنابيهم تلمع كأنها خرجت من معرض مجوهرات.
كل شيء يوحي بالفخامة.

كانت الموائد عامرة بالطعام والمشروبات الفاخرة، وكان في الحديدة وتعز وصنعاء وأبين وعدن وحضرموت والمحويت وذمار وشبوة، آلاف الأسر تُطفئ مواقدها لأن لا طعام فيها يُطهى.

الحدث لم يكن مجرد زواج جماعي لخمسة شبان، بل كان إعلاناً غير رسمي: “نحن بخير… ولسنا من هذا الشعب الذي تتحدثون عنه”.

لو جمعنا تكلفة تلك الليلة، لربما وفرت رواتب سنة كاملة لعدد من المعلمين أو الأطباء في القرى المنسية.
لكن ما قيمة ذلك أمام لقطات ستتداول على واتساب لتقول إن “العائلة ما زالت قوية، ومالها ما زال وفير”؟

المفارقة أن من كان يحكم، أو يدور في فلك الحاكم، لا يجد غضاضة في أن يقيم مهرجاناً للترف أمام شعب يعيش على فتات الإغاثة.

عبدالرحمن العابدعرس فاخر أمام شعب جائع

المصدر: يمانيون

إقرأ أيضاً:

غزة والنداء الأخير

هنا غزة، هنا مسرح الجريمة، ولكن بلا عقاب، هنا الجريمة كاملة الأركان، وهنا الجريمة متعددة الأشكال والأوصاف، والجناة وحدهم لا يتغيرون بل يغيرون أقنعتهم، تارة هم فاشيون، وتارة أخرى هم نازيون، والوصف واحد؛ إنهم مجرمون.

الجناة طلقاء وجرائمهم بازدياد واتساع، وقرارات اعتقالهم وتقديمهم للمحاكمة مع وقف التنفيذ، والمشرعون وقادة العدالة عاجزون.

والعالم الفقير ينتحب، وآخر يستنكر ويندد، لكن مسرح الجريمة يتسع أكثر فأكثر؛ تملؤه مشاهد الجثث المحترقة في الخيام، وأشلاء الضحايا الملقاة على قارعة الطريق..

وصور الهياكل العظمية للأطفال والعيون الغائرة والبطون المنتفخة، وأنين وبكاء الرضع، ونظرات الأمهات التي تنذر بالموت المرتقب لأطفالهن، وصور الجموع الغفيرة الزاحفة نحو الظفر بكيس من الدقيق، ومشهد ذلك الطفل الساعي لالتقاط حفنة من الطحين ملقاة على الأرض هنا وهناك، وصور تدافع حاملي الأواني الفارغة أمام "التكية الخيرية" من أطفال ونساء وشِيب وشباب؛ لإسكات الأفواه الجائعة من أسرهم التي تنتظر رمق الحياة، وصور الأطباء والصحفيين الشهداء، وصوت قرع الطناجر والملاعق في داوننج ستريت أمام مقر الحكومة البريطانية، وصور محاكاة ما يجري من جرائم بحق الإنسانية في غزة، والتي غصت بها الشوارع الغربية والعالمية؛ وصلت أخيرا كل هذه الصور والمشاهد والأصوات والأنات.. وأنفاس الموت الأخيرة التي أدمت القلوب، وأبكت العيون، وأصمّت الآذان؛ وصلت للضمير العالمي، وأيقظته من سباته العميق وقد تأخر كثيرا كثيرا؛ فتأثّر حكام وزعماء العالم، عربا وغربا، وتصدروا شاشات التلفزة والمنصات الإعلامية دفاعا عن صورهم المهزوزة أمام شعوبهم وعن مواقفهم المخزية، التي لا ترتقي لصرخة طفل "أنا جوعان".

إنه الموت الأخلاقي والإنساني والديني للبشرية، وموت كل الشرائع؛ إلا شريعة الغاب، وسحق القوي للضعيف، وشريعة "سلام القوة" الأمريكي الصنع والتصدير، وشريعة الإذلال والاستسلام، وشريعة العنجهية والاستعلاء
وقف هؤلاء أمام الكاميرات، واستنكروا مجددا حصار التجويع والتعطيش والمقتلة الإنسانية بحق أطفال غزة بعدما أرعبتهم، بل أخجلتهم، تلك المشاهد من الأكفان البيضاء التي ضمت في ثناياها الأجساد الهزيلة الصغيرة، وبعضها الآخر تلطخ بدماء أجساد من كانوا ينتظرون حصولهم على لقمة عيش يسدون بها رمق أحبتهم الصغار. استنكر القادة وأدانوا بكلماتٍ خجولة ما يحدث، وبعضهم تأثر وذرف دموع التماسيح، ولكن الأهم أن الرئيس ترامب "سمع" أن هناك مشاهد مأساوية في غزة، و"قيل" له أن هناك معاناة، والأكثر أهمية أن زوجته ميلانيا شاهدت تلك الصور وتأثرت جدا، ولربما تبللت وجنتاها بالدموع.

أي نفاقٍ هذا؟ أي استخفافٍ بعقول البشر هذا؟ أي تجاهل للحقيقة هذا؟ ورُبَّ سائل يسأل: كيف يشعر هؤلاء؟ هل هم بشر مثلنا؛ لهم مشاعر وأحاسيس، ودم يجري في عروقهم؟ إن هذا التجاهل والاستخفاف لا يحدث حتى في الأساطير، وحكايا زمان الخرافية.

في الحقيقة، إنه الموت الأخلاقي والإنساني والديني للبشرية، وموت كل الشرائع؛ إلا شريعة الغاب، وسحق القوي للضعيف، وشريعة "سلام القوة" الأمريكي الصنع والتصدير، وشريعة الإذلال والاستسلام، وشريعة العنجهية والاستعلاء على مخلوقات الله، وكأن هؤلاء خُلقوا من نار، ومن عارضهم اتّهِمَ بأنه معادٍ للسامية، وكأن السامية تبيح لهم هذا الإجرام، وهذه الإبادة الممنهجة والمهندسة لتهجير أهل غزة، ودفن القضية.

أرادوه موتا سريعا لغزة وأهلها، لكن ترسانتهم المتعددة الجنسيات فشلت؛ فتحولوا إلى الموت البطيء، فشلت معهم "السيوف الحديدية" و"خطة الجنرالات" و"عربات جدعون"، فتحولوا إلى التجويع والقتل تجويعا برفقة "خطط جديدة تُغيّر مسار الحرب" كما زعموا. وأصغوا إلى كلمات المجرم الفاشي بن غفير الذي قال مؤخرا "لا وجود لفلسطين ولا للشعب الفلسطيني، بل هناك إسرائيل وشعب إسرائيل"، وقال أيضا: "امنعوا دخول المساعدات لتحقيق الانتصار وإطلاق سراح الرهائن"، فتحوّلوا إلى منع الحليب والدواء والمكملات الغذائية للأطفال، وقطعوا الأوكسجين عن المرضى من الأطفال الخدج، فسمعوا لسموتريتش قائلا: "على الفلسطينيين أن يخضعوا لنا أو يرحلوا أو يموتوا"، فكان خيار الفلسطيني "نموت جائعين ولن نرحل".

وهل يرحل الليمون والزيتون؟

لقد راع قادة الكيان تلك الصحوة العالمية المتأخرة، والعزلة التي مني بها الكيان، إلى حد أن صحافتهم اعتبرت الاعترافات الأخيرة من قبل بعض الدول الأوروبية بالدولة الفلسطينية بمثابة "تسونامي سياسي"، خاصة عندما أعلنت كل من بريطانيا وفرنسا والعديد من الدول وآخرها وليس أخيرها استراليا، استعدادها للاعتراف بالدولة الفلسطينية، فاعتبروا ذلك "مكافأة للإرهاب"، وأن هذا يقلص من فرص إطلاق سراح الرهائن. وهذا ليس بجديد، إذ ما انفك القادة الصهاينة عن اتهام أية جهة (سواء كان عضو برلمان أوروبي أو عضوا في محكمة الجنايات، أو منظمة أممية، أو جهة غير رسمية حتى منظمة إسرائيلية) بالعداء لهم، طالما لا يؤيد هؤلاء جرائم الإبادة والتجويع لأطفال غزة بعد مرور أكثر من 675 يوما على الحرب الفاشية الوحشية.

إن المزاج السياسي العام للدول الغربية شَهد تغييرا وتطورا حقيقيا، كالتلويح بالعقوبات على دولة الكيان لضرورة الإنهاء الفوري للحرب، وإدخال المساعدات بكثرة، وذلك من خلال إصدار 26 دولة ذاك البيان. التغيير جاء نتيجة عوامل عديدة؛ أبرزها المطالبات الشعبية المتصاعدة، والمظاهرات الحاشدة التي شهدتها شوارع العواصم، وخاصة الغربية منها، إضافة إلى اشتداد حصار التجويع والتعطيش، وانكشاف هذا القتل البطيء المتعمد والممنهج؛ بعد وصول الصور المؤلمة والمشاهد التي تدمي القلوب قبل العيون، وسقوط المزيد من الضحايا بين الأطفال واستهداف المدنيين العزل والطواقم الطبية والإغاثية، والصحفيين وآخرهم الطاقم الصحفي للجزيرة.

ومن هذه العوامل الفاعلة والمؤثرة، ما قامت به هولندا داخل الاتحاد الأوروبي من تعليق العمل باتفاقية مشروع "آفاق" الذي يُعتبر من أكبر المشاريع العالمية، التي استفادت منها عشرات الشركات الإسرائيلية لإنتاج أسلحتها ومعداتها العسكرية، وتحديدا صناعة المُسيّرات، وكذلك إيقاف العمل في مشروع الابتكار العلمي الذي ضم أكثر من 35 شركة إسرائيلية، وكذلك قرار ألمانيا وقف تصدير السلاح والمعدات المستخدمة ضد غزة.

وكان لصدى التقرير الكارثي حول الأمن الغذائي في غزة الذي قدمته العديد من المنظمات الأممية، مثل اليونيسيف ومنظمة الغذاء العالمي وغيرهما، الأثر الأبلغ في تحريك الضمير العالمي؛ حيث أشار بالأرقام إلى حجم المأساة الإنسانية في غزة، التي تستهدف بالموت قرابة 100 ألف طفل ما لم يكن هناك تدخل عاجل وكافٍ.

من ناحية أخرى، وعلى الجبهة الداخلية الإسرائيلية، هناك عامل حاسم دفع الحكومة الإسرائيلية إلى إعلان هدنة مؤقتة يومية وإفساح المجال أمام المساعدات، ولكن بالإنزال الجوي الدعائي المميت، هذا العامل تمثّل بالرسالة التي أرسلها نحو 40 أكاديميا وأديبا وصحفيا، وشخصيات مؤثرة أخرى بينهم خمسة من رؤساء الجامعات الإسرائيلية، والتي طالبوا فيها دولة الكيان بالوقف الفوري للحرب، وإنهاء المأساة في غزة؛ وإلا فإن البحث العلمي والأكاديمي التنموي سينهار في الكيان، نتيجة للتلويح بفرض العقوبات الأوروبية على برامجهم؛ لأن التطور العلمي والبحثي يقوم أساسا على العلاقة مع الاتحاد الأوروبي. هذا التحرك الداخلي يُعبر عن خشية هؤلاء من دخول "دولتهم" مرحلة السقوط والانهيار، ما لم تُوقف الكارثة الإنسانية واللاأخلاقية في غزة.

وفي هذا الصدد صرح عاموس يدلين، رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق، بأن "إسرائيل تقترب من هزيمة استراتيجية عميقة، وأنها تواجه استنزافا وعزلة".

وما يؤكد خطورة الانقسام الداخلي الإسرائيلي، هو اجتماع نحو 600 مسؤول سياسي وعسكري وأمني سابق، ومطالبتهم الرئيس ترامب للضغط على نتنياهو لإنهاء الحرب. وفي السياق ذاته، وقع نحو 1000 فنان إسرائيلي على عريضة، طالبوا فيها بوقف فوري للحرب في غزة، وإعادة الرهائن.

ولعل ما ذكره في مقال كتبه رئيس شعبة العمليات السابق في الجيش الإسرائيلي، الجنرال يسرائيل زيف من أن "الحكومة الإسرائيلية فقدت بوصلتها، وأن حرب التجويع غباء شديد، وقد حولت هذه الحرب الملعونة الجيش الإسرائيلي إلى جيش لا أخلاقي، ومنحت حماس انتصارا حاسما.. ولا يمكن تبرير قتل الأطفال جوعا"؛ يؤكد تهور وحماقة حكومة نتنياهو التي لا تملك رؤية سياسية واضحة وأهدافا للحرب، الأمر الذي زاد من عزلتها الدولية والانقسامات الداخلية، وكذب سرديتها، مقابل تصديق الرواية الفلسطينية.

وفي هذا السياق، يمكننا القول أيضا، إن هناك تظاهرات وحراكا داخليا كبيرا على جميع الصعد، وتحديدا تلك المظاهرات الحاشدة التي جرت في تل أبيب، وما رافقها من اعتقالات واشتباكات مع الأمن الإسرائيلي، ودعوات لشل الاقتصاد، ووقف قرار احتلال غزة وإنهاء الحرب، والدعوة للإضراب العام؛ ما يعزز الانقسام والتصدع الداخلي وينذر بحدوث ما هو غير متوقع.

المشهد الختامي للرياء والنفاق الدولي الشاهد على استمرار الحصار والتجويع والتعطيش، وتزايد مجازر الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، واغتيال رسل نقل الحقيقة والواقع المرير والمأساوي.. إنه أيضا الصرخة ما قبل الأخيرة للإسراع بتفعيل القانون الدولي الإنساني وإدخال المساعدات إلى المجوَّعين فورا
بقي أن نقول، إن على الدول العربية القيام بما قامت به الدول والمنظمات الغربية، بالمبادرة إلى فرض عقوبات تجارية، ووقف التطبيع، وقطع العلاقات، وطرد السفراء، وممارسة الضغط اللازم على الولايات المتحدة لدفعها للضغط على الكيان؛ والكف عن سياسة المراوغة والتسويف والخداع الدبلوماسي والأكاذيب التي ينشرها دائما سيد البيت الأبيض؛ والتي لا تعبّر إلا عن شراكة حقيقية مع دولة الكيان فيما يحدث في غزة من كوارث إنسانية لم يسبق أن شهدتها البشرية على الإطلاق، كما تعبر عن تجاهل كامل لحقيقة وجود تجويع وتعطيش حقيقي في غزة، لا كما زعم مبعوثه ويتكوف مؤخرا لدى زيارته "مؤسسة غزة اللاإنسانية".

وكذلك على الدول العربية -إذا لم تكن قادرة على اتخاذ ما يلزم من تفعيلٍ لأدوات الضغط اللازمة بحكم تبعيتها- إتاحة المجال للشعوب العربية لتقول كلمتها والقيام بدورها، وعدم الاكتفاء بالتعاطف والتأييد والخُطب الرنّانة، والتصاريح المنددة والمستنكرة لعمليات الإبادة الجماعية ولحصار التجويع والتعطيش الذي حصد حتى الآن نحو 223 بينهم 100 طفل، بل العمل على كسر هذا الحصار بشكل حقيقي، أسوة بما حاولت القيام به سفينتا مادلين وحنظلة، لا بالإنزالات الجوية المشبوهة الدعائية التي تتماهى مع الخطة الإسرائيلية الأمريكية لتجميل صورة الكيان أمام العالم، وإظهاره بالمظهر الإنساني الأخلاقي الذي لا يستهدف الأطفال والنساء، بل "الإرهابيين" على حد زعم قادته، وكأن الصحفيين الشهداء أنس الشريف ومحمد قريقع ورفاقهما يهددون الأمن "القومي الاسرائيلي".

إنه المشهد الختامي للرياء والنفاق الدولي الشاهد على استمرار الحصار والتجويع والتعطيش، وتزايد مجازر الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، واغتيال رسل نقل الحقيقة والواقع المرير والمأساوي.. إنه أيضا الصرخة ما قبل الأخيرة للإسراع بتفعيل القانون الدولي الإنساني وإدخال المساعدات إلى المجوَّعين فورا، وهل ينتظر العالم سقوط أكثر من 62 ألف شهيد ونحو 153 ألف جريح حتى يتحرك ويتخذ إجراءات عملية فعّالة لوقف هذا الإجرام وهذه الإبادة؟ إن الوقت ينفد، وغزة على وشك الموت، إنه النداء الأخير للضمير الإنساني.

[email protected]

مقالات مشابهة

  • باريس سان جيرمان يخطف التعادل أمام توتنهام في اللحظات الأخيرة
  • شرطة عسير تضبط عددًا من المتسولين .. فيديو
  • غزة والنداء الأخير
  • فضيحة.. كشف جنسية مسؤول بارز بـ حكومة عدن وامتلاكه لعقار فاخر في الإمارات
  • السلحفاة المعمّرة بروتوس رافقت المشاهير.. وتعيش في منتجع فاخر بالسيشل
  • عبدالرحمن الدوسري يقترب من الانتقال إلى نادي الخلود
  • الاتحاد يفكر في التعاقد مع عبدالرحمن غريب
  • تقدم الى محكمة غرب إب المجعى عليه عبدالرحمن سعيد بطلب تصحيح اسم
  • مكرونة بالدجاج والمشروم بصوص كريمي خفيف .. وجبة سريعة بطعم فاخر