جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-10@14:43:59 GMT

على طاولة الثقافة

تاريخ النشر: 23rd, August 2023 GMT

على طاولة الثقافة

 

فاطمة الحارثية

 

لنتفق على أن لكل أمر مسمى، ولكل سلوك صفة، ومؤخرا تكرر على مسمعي مسمى "صدمة الثقافة"، وهو يختلف عن الاحتراق الوظيفي، وغيرها من الحالات الفكرية والنفسية والمرضية في بيئات العمل الحديثة، وهذا الاستحداث والحالات التي تقرر تسليط الضوء عليها، أوجدت كما هائلاً من المصروفات والتكاليف، ولا ننكر أنها أيضا صنعت واستحدثت وظائف وأعمال كثيرة، وهذه المتناقضات صاغت تساؤلات وأسئلة كثيرة لدي.

حاليًا، نحن نتوجه نحو توثيق مفاهيم الترشيد وحُسن الاستثمار، وأيضًا مضاعفة القيمة، في كل ما لدينا من عوائد عينية ونقدية وأعمال وموارد وكوادر، بينما في المقابل، نرى من سبقنا في هذا الصرح قد تخلى عن كينونة البيئة التقليدية، وانتهت حال الدول المتقدمة بوقف التركيز والصرف على مثل هذه الحالات، واستبدال التحديات البشرية بحلول التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، وبعض حججهم: "بالرغم من أنه أعلى تكلفة وأكثر إهلاكًا للطاقة، لكنه أقل إزعاجًا وإرباكًا، وأكثر وضوحًا واستقرارًا في مسائل الأولويات، وثمة فاصل بين الرغبات والحاجات العملية، ودقة وسرعة في الأداء، والتلبية دون جدال".

لكن هذه الحجج لا تستند على الاستدامة، والعناصر الأساسية في منظومة التجارة التي هي في تغير مستمر، حسب الطلب والعرض والقبول، ولنتفق أنه حتى أقوى وأفضل الصناعات يحدد الطلب والقبول إنسان، ليبقى أهم عناصر النجاح في السمعة، التي يحكمها الناس، وليست التكنولوجيا التي بذاتها من صنع البشر.  

عندما نرغب في التقدم، نتجه إلى الأمام، وهنا أعيد الذاكرة نحو أصل المشكلة، وفكر تقليص المصروفات عن طريق إيقاف بعض البدلات والعلاوات، والمثير للسخرية، أن قابل هذه الإجراءات إهلاك أكبر، تحت بنود بيئة العمل وثقافة الأداء، لأن القرارات لم ترتبط بالاستحداث الإجرائي؛ بل بقيت عند وطأة أنظمة وسياسات عمل قديمة معقدة، إذا هل مازلنا نعالج الأعراض دون أصل المشكلة؟ فلا يخفى على أحد ما تتكبده المؤسسات والشركات، بسبب الحلول التجريبية غير المدروسة، مما يؤدي إلى الإقرار بالطفرات ووضع حلول لا تؤتي أي ثمار، مثل صدمة الثقافة، والاحتراق الوظيفي، والتغيير المستمر في الهياكل الوظيفية، وسوء آلية حقن الدماء الجديدة، وسوء إدارة الضوابط والأنظمة واللوائح في بعض المؤسسات والشركات أو عدم تحديثها.

إذن.. الحوار على طاولة ثقافة العمل قد يطول، لكننا نتفق أن خير الكلام ما قل ودل؛ إذا توافق الرأي أن التغيير والحلول غير الحقيقية، قد تقود إلى أثر سلبي طويل الأمد على منظومة التشغيل، وهي سبب التكاليف العالية، وخلل في الإنتاجية، ومن ثم نحتاج إلى أن ننظر مرة أخرى إلى نوع التغيير الذي وجب تطبيقه، فكلنا نريد التغيير للأفضل، وبتعلم الدروس السابقة، نستطيع أن نحدد نوع التغيير ومدته وإدارة أثره، وهذا يحقق ماهية التغيير المثمر والتغير المُهلك، ولا أتطرق هنا لمخاطر التغيير؛ بل لنوعه ومتغيراته، وإلى مفهوم ممارسة المحاكاة التي قد تُطلعنا على أفضل التصورات، والسيناريوهات والخيارات المختلفة.

إن مهارة القدرة على قراءة البيانات والمعطيات بالطرق الصحيحة، وبناء الخطط التقريبية عليها تُعد من المهارات المهمة على طاولة الثقافة، وعلينا صناعة تعريف مناسب لثقافة وبيئة العمل، ولا يناسب هذا المجال المؤهل العاطفي أو متقمص العاطفة، أو حتى الحقوقي، لأن المنطق والتوازن هو حكم الموقف؛ ناهيك أن للشركات حقوق، ورضا الموظف الحقيقي قائم على بقاء وازدهار الشركة والمؤسسة، فإن أخفقت الشركة أو تدهورت فذلك يؤثر أيضا على استقرار الموظف والعاملين في تلك الشركة. أما الرعوية واعتقاد أن الشركة دائمة ببذل وجدية الموظف أو كسله (المهم رضاه)، فذلك ليس إلا دليل على ضعف الفهم التجاري والاقتصادي، فالبقاء بكل تأكيد مرهون بالسعي والوعي الصحيح بمنظومة التجارة وعقد الصفقات والمعادلة بين البذل ومقابله؛ ومن الحماقة أن يعتقد المسؤول أنه العالم بكل شيء، وأن الشركة تستطيع أن تستمر باستبدال الموظفين المستمر؛ لأنه نسي انه بذاته موظف، أو حتى أن يُصنف الموظفين على هواه بالأكثر أهمية إلى الزينة، فيكفي أن يكون الفرد واقفا أمامه ويتدبر أن الخالق لم يخلقه عبثًا، وأنه ليس كمالة عدد، وثمة مهارات وقدرات لا تعوض ولا تُستبدل.

على الموظف أن يُدرك أنه يتكامل مع الشركة ويزدهر وضعه الاجتماعي ودخله بازدهار الشركة، فمثلما الشركة تعتمد على حُسن  الأداء من أجل الإنتاج والأرباح، الموظف أيضا يحتاج الشركة كمصدر للدخل والمركز الاجتماعي، إذا لا يوجد موظفين سعداء بدون شركة منتجة تحقق الأرباح، ومن يُنتج ويصنع الأرباح هو الموظف الجاد الدؤوب في أدائه.

صحيحٌ أن التعامل مع الثقافة وبيئة العمل يرتكز على رغبات الناس، لكن دعونا ننظر أيضا على الرغبات التي لا يُدركها الناس عن أنفسهم، ونتعلم الفرق بين الرغبة والحاجة. وعلينا أن نرفض التغيير من أجل التغيير؛ بل وجب أن يكون التغيير من أجل الارتقاء وتحقيق أهداف حقيقية وليست تجريبية، فحياة المؤسسات والشركات ليست ضربة حظ، والأذكياء ومثلهم القادة الأكفاء، لا يعبثون في التجارة والاقتصاد ولا العاملين لديهم، بل يُدركون ما عليهم فعله بتقدير وكفاءة وتمكن، وليس بالنرد والحظ.

*****

سمو...

الدعاء حوار وحديث مقدس، ومن حُسن الحوار إدراك روح الإصغاء، وفهم الإجابة. ليس ثمة مزيد لم يكن لك، الإرهاق التجاري أو الاقتصادي أو الإداري، دليل على أنه بين يدي من لا علم له به.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

القانون يحدد مصير الموظف حال الإدانة فى جريمة مخلة بالشرف.. تفاصيل

تثير عبارة “جريمة مخلة بالشرف” تساؤلات عديدة، خاصة حينما تُستخدم كسبب لإنهاء خدمة موظف في جهة حكومية أو حرمانه من تولي بعض الوظائف العامة، فرغم شيوع استخدامها، فإن القانون المصري لم يضع تعريفًا دقيقًا لهذه الجريمة، ما فتح الباب لاجتهادات متعددة في تفسيرها.

بحسب قانون العقوبات، لا يوجد نص صريح يحدد ماهية الجرائم المخلة بالشرف أو يحصرها، إلا أن هذه الجريمة تُستخدم كأداة قانونية لمنع المدانين بها من الترشح لوظائف عامة أو الاستمرار فيها، بموجب النص الذي يشترط “ألا يكون المتقدم أو المرشح قد حُكم عليه في جناية أو جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة”.

وفي ظل غياب تعريف واضح، تتمتع الجهات الإدارية بسلطة تقديرية واسعة في تصنيف الجرائم التي تُعد مخلة بالشرف، وفقًا لطبيعة الفعل المرتكب والظروف المحيطة به.

المحكمة الإدارية العليا، أكدت في أحكامها أن المادة 69 من قانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016، نصت صراحة على إنهاء خدمة الموظف في حال صدور حكم قضائي نهائي ضده بعقوبة جناية أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة، أو تخل بثقة المجتمع واعتباره له.

حالات إنهاء خدمة الموظف

وفقًا لنفس المادة، تنتهي خدمة الموظف في عدة حالات، منها:
1. بلوغ سن الستين.
2. الاستقالة.
3. الإحالة إلى المعاش أو الفصل.
4. فقد الجنسية أو شرط المعاملة بالمثل.
5. الانقطاع عن العمل دون إذن لفترات محددة.
6. عدم اللياقة الصحية.
7. الالتحاق بجهة أجنبية بدون ترخيص.
8. صدور حكم في جريمة مخلة بالشرف.
9. الوفاة، حيث يُصرف للورثة أجر شهرين لمصاريف الجنازة.

فتوى قسمي الفتوى والتشريع

الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة، أوضحت في فتوى رسمية أن معيار “الجرائم المخلة بالشرف” يعتمد على نظرة المجتمع للجريمة ومرتكبها، معتبرة أن الجريمة تُعد مخلة بالشرف إذا ارتكبت بدافع من الانحراف الأخلاقي أو انعدام الضمير، وتجعل صاحبها محل ازدراء اجتماعي. أما إذا لم تتوفر هذه العناصر، فلا تُعتبر الجريمة مخلة بالشرف، بغض النظر عن توصيفها القانوني.







مشاركة

مقالات مشابهة

  • الرئيس العراقي قلق من الحدود السورية: ملفات ساخنة على طاولة قمة بغداد
  • قانون العمل الجديد يحظر تشغيل الموظف أكثر من 8 ساعات يوميا
  • ناطق حكومة التغيير يوضح جانبا من الإنجازات والجهود التي بذلت في التصدي للعدوان الأمريكي
  • الحضور والانصراف في المدارس عبر بصمة الصوت والوجه والإصبع
  • المالية تُحدد السن التقاعدي للموظف (وثيقة)
  • برنامج توعوي حول الثقافة المؤسسية بـزراعية الظاهرة
  • تبدأ بالإنذار وتصل للفصل من العمل.. جزاءات تأديبية على الموظف المقصر
  • أبرزها السفر للعمل بالخارج.. إجازة بدون أجر للموظف بهذه الحالات
  • القانون يحدد مصير الموظف حال الإدانة فى جريمة مخلة بالشرف.. تفاصيل
  • دعاء لعلاج الهم والحزن.. ردده قبل الفجر بيقين واستشعر التغيير