فوجئت إسرائيل بإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مساء الثلاثاء، وقفا متبادلا للهجمات بين بلاده والحوثيين، بعد محادثات مع الجماعة اليمنية بوساطة عمانية.

وقال مسؤولون إسرائيليون إن تل أبيب "لم تبلغ مسبقا بإعلان ترامب ولا تعلم حتى الآن ما إذا كان يشملها"، وفق إعلام عبري.

أما الحوثيون فأعلنوا أن هجماتهم على إسرائيل "ستتواصل ما دامت حرب الإبادة على غزة مستمرة".

والثلاثاء، قال ترامب، في تصريحات صحفية، إن جماعة الحوثي أبلغت واشنطن بأنها لن تنفذ أي هجمات إضافية على السفن التجارية، مضيفا أن واشنطن ستوقف بدورها الهجمات على اليمن.

عقب ذلك، أعلنت وزارة الخارجية العمانية، عبر بيان، أن اتصالات أجرتها مسقط مع الولايات المتحدة وجماعة الحوثي أسفرت عن "اتفاق على وقف إطلاق النار بين الجانبين".

وأضافت: "في المستقبل، لن يستهدف أي منهما الآخر، بما في ذلك السفن الأمريكية في البحر الأحمر وباب المندب، وبما يؤدي لضمان حرية الملاحة وانسيابية حركة الشحن التجاري الدولي".

وعقب الإعلان عن الاتفاق، قال متحدث الحوثيين محمد عبد السلام لقناة "المسيرة" التابعة للجماعة: "نعتقد أن الإسناد لغزة سيتطور الآن بشكل أفضل؛ لأن العدوان الأمريكي جاء محاولة لإفشال هذا الإسناد".

وتابع: "موقفنا لم يتغير، ولا علاقة لهذا الاتفاق أو هذا التفاهم المبدئي مع الأمريكيين بالموقف من إسرائيل على الإطلاق".

عبد السلام أكد أن موقف الجماعة "ثابت في إسناد الشعب الفلسطيني باستهداف الكيان الإسرائيلي المجرم، وكذلك بالعمليات التي تستهدف السفن الإسرائيلية" في البحر الأحمر.

وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، جرائم إبادة جماعية في غزة، خلّفت أكثر من 171 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.

وتحاصر إسرائيل غزة منذ 18 عاما، وبات نحو 1.5 مليون فلسطيني من أصل حوالي 2.4 مليون بالقطاع، بلا مأوى بعد أن دمرت حرب الإبادة مساكنهم، ويعاني القطاع المجاعة؛ جراء إغلاق تل أبيب المعابر بوجه المساعدات الإنسانية.

 بيان مفاجئ

المحلل الإسرائيلي في صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية إيتمار إيخنر قال الأربعاء: "فوجئ المسؤولون الإسرائيليون بتصريحات ترامب".

وأردف: "وفق مسؤولين إسرائيليين، لم يتم إطلاع إسرائيل مسبقا على بيان ترامب، الذي بدا وكأنه يُلمّح إلى تهدئة أوسع نطاقا من جانب الحوثيين".

إيخنر نقل عن مسؤولين إسرائيليين لم يسمهم إن "إسرائيل تسعى للحصول على توضيح بشأن ما إذا كانت الجماعة تنوي تعليق إطلاق الصواريخ عليها، بالإضافة إلى السفن الأمريكية العاملة في البحر الأحمر".

كما نقل عن مصدر إسرائيلي مطلع لم يسمه: "إذا أوقف الحوثيون إطلاق النار (على اسرائيل)، فسترد إسرائيل بالمثل".

وقال إيخنر: "رغم احتمال التوقف، تُقدّر الاستخبارات الإسرائيلية أن الحوثيين لا يزالون يمتلكون القدرة العملياتية على إطلاق صواريخ إضافية".

"أمريكا أولا"

أما صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية فقالت الأربعاء: "في إسرائيل، صُدم المسؤولون بإعلان ترامب من المكتب البيضاوي مساء الثلاثاء".

ونقلت عن مسؤول إسرائيلي لم تسمه قوله: "صُدمنا تماما، إسرائيل لم تُبلّغ قبل تصريح ترامب".

ومشيرة إلى عدم استغرابها من إعلان الرئيس الأمريكي دون إبلاغ إسرائيل، قالت الصحيفة: "وعد ترامب الانتخابي كان أمريكا أولا".

وأضافت: "ويبدو أن هذا المبدأ مطبّق في اتفاق الحوثيين، فلم يكن قلق الإدارة (الأمريكية) الذي دفع إلى شنّ غارات على آلاف الأهداف الحوثية، بسبب هجماتهم على إسرائيل، بل حصارهم للبحر الأحمر، الذي عطّل الاقتصاد الأمريكي".

وتابعت: "وبمجرد استتباب الهدوء البحري، اعتبر ترامب أن المسألة حُلّت".

الصحيفة رأت أنه "ينبغي أن يكون استثناء إسرائيل من الإخطار المسبق وشروط الاتفاق بمثابة جرس إنذار، لا سيما مع انخراط الولايات المتحدة في (تفاوض مع طهران بشأن) برنامج إيران النووي".

وأردفت: "يبدو واضحًا أن المصالح الإسرائيلية والأمريكية لا تتوافق دائمًا. فمن يضمن أن يكون أي اتفاق يتوصل إليه ترامب مع إيران مناسبًا أيضا لإسرائيل؟".

وتابعت: "يُصرّ (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو على أن إسرائيل تُنسق باستمرار مع الولايات المتحدة، وأن واشنطن تُبقي إسرائيل على اطلاع دائم بالمستجدات".

الصحيفة استدركت: "واشنطن أبقت إسرائيل هذه المرة في الظلام، ما أثار الشكوك بأن هذه قد لا تكون المرة الأولى أو الأخيرة التي تُخفي فيها إدارة ترامب معلومات عن إسرائيل".

 إسرائيل "وحيدة"

ونقلت القناة "12" الإسرائيلية عن الباحثة في شؤون اليمن بمركز "ديان" للدراسات إينبال نسيم لوفتون ، وجود "فجوة حقيقية" بين تصريحات ترامب والحوثيين.

وقالت: "توجد فجوة بين ما قدمه ترامب وما قاله الحوثيون. ويجب فهم الاتفاق في سياقه الأوسع، الذي يتعلق بالمحادثات النووية مع إيران".

وأضافت: "إنه مثل أي اتفاقات وقف إطلاق نار أخرى أمر هش للغاية، وهذا ما يجب أن نضعه في اعتبارنا".

وحذرت من أن الاستراتيجية الأمريكية بهذا الشأن قد تؤدي إلى "ترك إسرائيل وحيدة" في هذه الحملة.

و "الأمريكيون سيقولون: لقد حصلنا على ما نريده، ولتواجه إسرائيل اليمن"، حسب لوفتون.

المصدر: مأرب برس

إقرأ أيضاً:

هآرتس: ترامب لن ينقذ الفلسطينيين ولا الأسرى ولا إسرائيل من نفسها

بينما يحصد الجوع أرواح الفلسطينيين في قطاع غزة كل يوم، وتستخدم الحكومة الإسرائيلية المساعدات الإنسانية إلى أداة ضغط "قاسية وخاطئة"، يترقب المراقبون بلهفة كيف سيتعامل الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع هذا الواقع، بحسب مقال في صحيفة هآرتس اليسارية.

ويتساءل مراسل الصحيفة في واشنطن، بن صامويلز، ما إذا كان ترامب سيستخدم نفوذه الهائل على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ويضغط عليه ليسمح بتدفق المساعدات إلى قطاع غزة، وما إذا كان سيطالب إسرائيل صراحة -سواء بشكل غير رسمي عبر الصحافة، أو منصة "تروث سوشيال" التي يملكها، أو في إطار رسمي يليق برئيس أميركي- بالتوقف عن إعادة احتلال غزة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2كاتبة إسرائيلية: هكذا تغذي المساعدات الإنسانية الحروبlist 2 of 2لوتان: الذكاء الاصطناعي الجديد لدى ترامب يطرح مشكلتين كبيرتينend of listفشل ترامب

ومع تفاقم الوضع الإنساني كل ثانية بالنسبة للمدنيين في غزة، ولما لا يقل عن 20 أسيرا إسرائيليا ما زالوا على قيد الحياة في قبضة حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، "والذين استُخدمت قضيتهم مرارا وتكرارا كأداة للمساومة"، يرى كاتب المقال أن ترامب فشل في استخدام منصته الرئاسية لإحداث أي تغيير حقيقي على الأرض، سواء في تسريع تدفق المساعدات إلى غزة أو في منع إعادة احتلالها.

وكان ترامب قد اعترف مؤخرا بوجود مجاعة، وسمح لمبعوثه الخاص ستيفن ويتكوف والسفير الأميركي لدى إسرائيل مايك هاكابي، بزيارة مواقع توزيع المساعدات التابعة لمؤسسة غزة الإنسانية المدعومة من الولايات المتحدة داخل غزة.

بن صامويلز: التسريبات الاستراتيجية والتقارير الإعلامية المبالغ فيها حول استياء واشنطن من الأفعال الإسرائيلية وضغوط وشيكة لا تتحقق أبدا، نمط مألوف نمط مألوف

بيد أن صامويلز يرى أن هذه الخطوات تعكس نمطا مألوفا منذ بدء الحرب، قائما على تسريبات إستراتيجية وتقارير إعلامية مبالغ فيها حول استياء واشنطن من الأفعال الإسرائيلية وضغوط وشيكة لا تتحقق أبدا، رغم أن المسؤولين الأميركيين يبدون غضبهم فقط حين تُخفى هوياتهم عندما يدلون بتصريحاتهم.

ويستعرض المقال سجل ترامب في القضايا المتعلقة بغزة، بدءا من مفاوضات وقف إطلاق النار في يناير/كانون الثاني قبل توليه المنصب، مرورا بصفقة إطلاق سراح الجندي الأميركي الإسرائيلي إيدان ألكسندر، وصولا إلى تصريحاته الهجومية على إسرائيل بشأن اتفاق وقف إطلاق النار مع إيران.

إعلان

ويعتقد كاتب المقال أن ترامب يسعى لإثبات أنه قادر على إحداث تغيير ملموس إذا أراد ذلك، "لكن في الحقيقة، هو انتهازي ينسب النجاح لنفسه، ويلقي اللوم على الآخرين إذا فشل".

وفي ظل تعثر مفاوضات وقف إطلاق النار، تُحمّل إدارة ترامب حركة حماس المسؤولية، متجاهلة تغيّر أهداف نتنياهو باستمرار، كما يقول صامويلز، مضيفا أن ترامب وصف مؤخرا الأزمة في غزة بأنها "مشكلة إسرائيلية"، مؤكدا أن قرار إعادة احتلال القطاع يعود بالكامل إلى نتنياهو، رغم الانتقادات المحلية والدولية الواسعة.

لا ثقة في جديته

كما يواصل الرئيس الأميركي الترويج لمؤسسة غزة الإنسانية وإقامة مواقع توزيع جديدة للمساعدات، رغم تحذيرات من أن هذه الآلية تعرّض حياة الفلسطينيين لمزيد من المخاطر.

وفي الوقت ذاته، ينقل عبء تحسين إيصال المساعدات إلى الدول العربية، ويعيد طرح فكرة الترحيل الجماعي للفلسطينيين إلى مناطق مثل أرض الصومال.

ويشدد صامويلز في ختام مقاله إلى ضرورة التعامل مع التقارير حول قلق ترامب أو التحرك الأميركي المرتقب بكثير من الشك والريبة إلى أن تتخذ إدارة ترامب خطوات حقيقية وملموسة لمعالجة الأزمة الإنسانية في غزة، وإنهاء الحرب، وإعادة جميع الأسرى.

مقالات مشابهة

  • جنرال إسرائيلي: لماذا لم تُهزم حماس بعد كل الضربات التي تلقتها؟
  • نشر الحرس الوطني.. قرار مفاجئ من ترامب بشأن العاصمة واشنطن
  • أمريكا.. ترامب يهدد بنقل «المشردين» وإجراءات سريعة لمكافحة الجريمة في العاصمة
  • هآرتس: ترامب لن ينقذ الفلسطينيين ولا الأسرى ولا إسرائيل من نفسها
  • مجلة بريطانية: لماذا ينقلب اليمين الأميركي على إسرائيل؟
  • السلام بين أرمينيا وأذربيجان.. غوتيريش يصف الاتفاق بـ«اللحظة التاريخية»
  • ترامب يرشح المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية نائبة لمندوب واشنطن بالأمم المتحدة
  • لماذا فشل ترامب في إخضاع بوتين؟
  • واشنطن بوست: 6 محطات محورية في حرب إسرائيل على غزة
  • اتفاق تاريخي يهز القوقاز بين أذربيجان وأرمينيا.. تفاصيل