بعد 3 أشهر في المحيط.. صياد ينجو من تجربة مروعة
تاريخ النشر: 16th, March 2025 GMT
بايتا-رويترز
يعود صياد من بيرو إلى عائلته بعد أن أمضى 95 يوما تائها في المحيط الهادي اضطر خلالها إلى أكل الصراصير والطيور والسلاحف البحرية للبقاء على قيد الحياة.
انطلق ماكسيمو نابا في رحلة صيد من منطقة ماركونا على الساحل الجنوبي لبيرو في السابع من ديسمبر كانون الأول، وكان معه طعام يكفي لأسبوعين، لكن بعد عشرة أيام تسبب الطقس العاصف في انحراف قاربه عن مساره ليجد نفسه تائها في المحيط الهادي.
باشرت عائلته البحث عنه لكن دوريات البحرية في بيرو لم تتمكن من العثور عليه حتى يوم الأربعاء حين اكتشفته دورية صيد من الإكوادور على بُعد حوالي 1094 كيلومترا من الساحل وهو يعاني من جفاف حاد وحالة صحية حرجة.
قال نابا لرويترز بعد لقائه شقيقه في بايتا قرب الحدود مع الإكوادور "رفضت الاستسلام للموت. أكلت الصراصير والطيور وكان آخر ما تناولته السلاحف".
وأوضح أنه استمد قوته من التفكير في عائلته وخاصة حفيدته التي لا يتجاوز عمرها شهرين، رغم اعتماده على مياه الأمطار التي جمعها في القارب ونفاد طعامه ليقضي في النهاية آخر 15 يوما دون طعام.
ومن المفترض أن يخضع نابا لمزيد من الفحوصات الطبية في بايتا قبل التوجه جنوبا إلى ليما.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الحرب على إيران: «عقيدة المحيط» الإسرائيلية وتحولاتها
كانت لديفيد بن غوريون فكرة. تبدّلت تطبيقاتها في زمانه وبعده. اصطُلح على تسميتها في الذاكرة الإسرائيلية بـ«التحالف مع الأطراف»، أو «عقيدة المحيط»: إيثار المحيط الأبعد على الجوار.
كان يقصد بها، إلى حد كبير، في بدايات سني إسرائيل، التعويل على العلاقات مع الدولتين الشرق أوسطيتين المسلمتين غير العربيتين، تركيا وإيران، في مقابل المواجهة مع بلدان «الطوق العربي».
تدريجياً، شهدت تلك العقيدة الإسرائيلية انزياحاً: من التعويل على دولتين إقليميتين كبيرتين، إلى التعويل على التقاطع مع حيويات إثنية تعاكس المزاج «العربي الإسلامي».
كان هذا قبل أن تتطور العقيدة بعد عقود طويلة على رحيل بن غوريون وانقضاء هيمنة اليسار الصهيوني على إسرائيل، إلى حيث التعويل على التحالف مع العرب الأبعد جغرافياً عن منطقة «الطوق»، وهذا كنه «الاتفاقات الإبراهيمية».
لحظة الافتراق في مجرى هذا التحول الذي شهدته عقيدة «التحالف مع بلدان الطرف»، على حساب «بلدان الطوق»، جاءت مع الثورة الإيرانية أواخر السبعينيات. إذ انتقلت إيران من ثلاثة عقود من العلاقات مع الدولة العبرية، إلى سحب كل اعتراف بها، وتبني شعار تدمير إسرائيل كعنصر أساسي لأيديولوجية «الدولة – الثورة»، الدولة الحرسية، هذا في وقت كانت فيه مصر، الدولة العربية المحورية وصاحبة الباع الأساسي في الحروب النظامية مع إسرائيل، تخرج من دائرة الصراع، وتوقع صلحاً منفرداً وتسترجع على أساسه شبه جزيرة سيناء، وتُنبذ لعقد كامل من جامعة الدول العربية، بالتوافق بين الأنظمة الجمهورية العربية «اليسارية» والملكية «اليمينية» على حد سواء.
في اللحظة نفسها، خرجت إيران، تلك التي عوّلت عليها إسرائيل في زمن الشاه في إطار عقيدة التشبيك مع البلدان «الطرفية» في الشرق الأوسط – أي الطرفية نسبة لمركز الصراع الجغرافي- لتعلن ليس فقط نقضها لسياسات الشاه، بل مضت تزايد وبمفعول رجعي، حيال الأنظمة العربية وتركة حروبها النظامية مع إسرائيل. وحجة إيران في كل هذا أن طبيعة الصراع مع إسرائيل تتطلب استنزافها من قبل أخطبوط من التشكيلات والفصائل، التي لا يمكن أن يكون معيار الربح والخسارة عندها محدوداً كمعياره عند الدول.
المضمر في السردية الخمينية أن دولة غير محاذية جغرافية لإسرائيل، إنما بسعة وقدرات إيران، بإمكانها مدّ العون، مادياً ومعنوياً، لحركات مقاتلة إسرائيل، بما من شأنه «تقزيم» الأخيرة، وإرهاقها، والدفع قدماً بتناقضاتها إلى الواجهة، وبما فيه إلقاء الحجة باستمرار على البلدان العربية التي لم تنفعها كثيراً الرابطة «العروبية» الجاهلية في مواجهة هذا العدو الحضاري للأمة الإسلامية. المضمر أكثر في كل هذا التفكير هو أن المواجهة المباشرة بين إيران وإسرائيل لا يمكن أن تحصل إلا عرضاً، أو لماماً، وستبقى المواجهة بالمراسلة، أو بالوكالة، وفي أبعد تقدير بالمواجهة المباشرة خارج إيران، بين النفوذ الإيراني، المباشر وغير المباشر، في البلدان العربية المحيطة بإسرائيل، وبين الأخيرة.
الحرب الجوية الإسرائيلية الحالية، حرب الظل بمعية العمليات الأمنية الخاصة، على إيران، وقياداتها العسكرية وطواقمها العلمية ومنشآتها النووية ومطاراتها، تعني بشكل قاطع انتهاء ما يقارن النصف قرن إلا قليلاً من سردية «الحروب بالوكالة التي لا تنتهي». إنما مهد لذلك سياق من المواجهة المباشرة – من جانب واحد معظم الوقت – أولا على الأرض السورية، فمنذ 2013 شنت إسرائيل مئات الغارات الجوية على مواقع إيرانية في سوريا، وعلى قوافل أسلحة كانت في طريقها إلى حزب الله.
لذلك، انتقل الصراع إلى الفضاء الرقمي. أواخر 2020: قُتل محسن فخري زاده، أبرز علماء إيران النوويين، و«العقل المدبر» للبرنامج النووي العسكري المزعوم، في كمين محكم، حيث استخدم مدفع رشاش يتم التحكم فيه عن بعد، وبتقنيات تُمكّن من تنفيذ الاغتيال دون وجود مباشر لعنصر بشري في الميدان.
في أبريل 2021 تعرضت منشأة تخصيب اليورانيوم في نطنز لهجوم أدى إلى تعطيل أجهزة الطرد المركزي المتطورة. الحرب الحالية تبني على هذا التراكم الذي حصّلته سنوات عديدة من «حرب الظل» الذي تنامى فيها أكثر فأكثر الاعتماد على الذكاء الاصطناعي والحرب الروبوتية.
فالحرب الإسرائيلية لم تمتد فقط إلى إيران كتتمة للحرب التدميرية في غزة وللحرب على حزب الله وتقويض النفوذ الإيراني في سوريا، إنما أيضا كاستمرارية لسنوات – منذ 2018 تقريبا – من حرب التخريب المتواصلة ضد البرنامج النووي الإيراني بشكل أساسي. بالتوازي، فإن إسرائيل الحالية لم تعد تفتش عن تطبيقات جديدة لنظرية «التحالف مع الأبعد ضد الأقرب جغرافيا» أو بالعكس، في الشرق الأوسط. كما أنها تخوض الحرب من دون أن تمهد لذلك باستجماع توافق غربي لصالحها. غير أنها تراهن أيضا على أن الانحياز اليها، إقليميا، كما غربيا، بأشكال ووتائر متعددة ومتفاوتة، ستفرضه الوقائع الحربية تباعا.
الدول جميعها بدت «متفاجئة» بالحرب الإسرائيلية على إيران، وهي نفسها الدول التي «أفتت» بالأمس بهذه الحرب من خلال قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية. الأخطر هو التعاقب السريع بين صدور قرار الوكالة وبين الترجمة الإسرائيلية الفورية لهذا القرار، في الوقت الذي كان فيه الأمريكيون يؤدون دور «تنويم إيران بالعسل» حتى يوم الأحد، موعد اجتماع مسقط.
ما الذي تريده إسرائيل بالفعل من هذه الحرب؟ تدمير النووي الإيراني فقط؟ الإجهاز على نظام الحرس الثوري؟ هل يمكن أن يبقى هذا النظام على قاعدة تدمير كل مشروعه النووي وتعريضه لهزيمة عسكرية في عقر داره من بعد ضرب زعانفه في الإقليم؟ إنما في الوقت نفسه، أن تقوم دولة بحجم إسرائيل بإحداث زلزال حربي بهذا الزخم يفتح الطريق لضرب النظام الناتج عن الثورة الإيرانية، فهذا لا يعكس، حتى في حقل الإمكان، سوى وصول انعدام التوازن في الشرق الأوسط إلى حالة قصوى. والحال، أن المشهد يزداد توحشاً. انعدام التوازن يحطم أرقاما قياسية.
إنما في كل هذا المشهد ثمة شيء واحد يمكن التقاطه: الشعارات «الخلاصوية» المؤدلجة، لغة «سوف وسوف سوف»، إذ تتهاوى كالهزل في عز المأساة. انتقلت إسرائيل من الرهان على التحالف مع «الطرف» ضد بلدان المواجهة الأقرب، إلى الحرب «المباشرة عن بعد» والشاملة، ضد هذا الطرف. الرهان لم يعد التحالف مع «المحيط» غير العربي ضد البلدان العربية، بل أن ضرب المحيط، الطرف، إيران، سينهي من تلقائه كل أعراض عدم التطبع العربي وغير العربي على حد سواء مع وجود إسرائيل.
يبقى أن مقدار اللاتوازن في الصورة الإجمالية ليس من النوع الذي يسهل حياله ترديد لازمة أن «نهاية من رعب خير من رعب بلا نهاية».
القدس العربي