لجريدة عمان:
2025-07-30@06:25:24 GMT

أوروبا بحاجة ماسة إلى قيادة وألمانيا مستعدة

تاريخ النشر: 23rd, March 2025 GMT

ترجمة - أحمد شافعي -

قليلون للغاية من خارج الفقاعة السياسية البرلينية هم الذين سمعوا بلارس كلينجبيل، ولكنهم عما قريب سوف يسمعون به إذ يوشك أن يصبح أحد اللاعبين المحوريين في الحكومة الألمانية الجديدة. وقد عبّر الزعيم المشارك للحزب الاشتراكي الديمقراطي عن هذه اللحظة في مناظرة هذا الأسبوع في البوندشتاج، وهي من أهم المناظرات في تاريخ ألمانيا الحديث.

لقد قال إن «الكثيرين قبل بضعة أسابيع، كانوا ليظنوا أننا لن نتوصل إلى اتفاق. فقد كانت الخلافات كبيرة جدا. ولكن ما يميز هذا البلد عن غيره هو أننا مستعدون، بوصفنا أحزاب الوسط الديمقراطي، لإيجاد حلول وعدم إفساح المجال لازدهار التطرف الشعبوي».

دونالد ترامب هو الذي سمح بتحقيق ذلك. فبعد أربع سنوات من التشتت في عهد أولاف شولتز التعيس، استيقظت ألمانيا من سباتها. وبتصويتها على ضخ خمسمائة مليار يورو في البنية الأساسية والبيئة، وعلى زيادة الإنفاق الدفاعي مهما كلف الأمر، تخلت ألمانيا عن قناعتين متطرفتين في يوم واحد. فلم تعد ألمانيا بلد التقشف العبثي، ولم تعد الدولة التي تعهد بدفاعها إلى قوة عظمى تحسبها صديقة، وتخشى الآن من أن تكون عدوة.

ثمة إحباطات ومفارقات ومخاوف كثيرة ناجمة عن الأحداث المأساوية. فالرجل الذي عما قريب سوف يصبح مستشارا، أي فريدريش ميرتس، قد قضى معظم حياته السياسية يعارض الاقتراض. ولقد كان كبح الديون، الذي قيد الاستثمار العام بشكل كبير باسم القواعد المالية «السليمة»، هو المبدأ الراسخ لديه، ولدي السابقة عليه أنجيلا ميركل، ولدى حزبهما الديمقراطي المسيحي المحافظ، وحتى لدى الحزب الاشتراكي الديمقراطي.

ثم جاء الهجوم على ألمانيا والغرب في مؤتمر ميونيخ للأمن من مساعدي ترامب، قبل أسبوع من توجه الألمان إلى صناديق الاقتراع. وحسبما ينسب إلى جون ماينارد كينز فإنه «عندما تتغير الحقائق، أغير رأيي - فماذا تفعل أنت يا سيدي؟».

كان رد ميرتس هو الاعتراف بأنه، نعم، غيَّر موقفه تمامًا، ولكن في سبيل قضية نبيلة هي أن تتمكن ألمانيا من تحديث اقتصادها والقيام بدورها في تعزيز أوروبا في مواجهة التهديدين المزدوجين المتمثلين في ترامب وفلاديمير بوتين.

يحق للخضر تماما أن يشعروا بالظلم. فقد دعوا بشدة، على مدار سنوات، إلى مزيد من المساعدات العسكرية لأوكرانيا وإلى زيادة الإنفاق على القضايا البيئية وغيرها من القضايا الأساسية.

وطوال تلك الفترة، أدانهم المحافظون واصفي إياهم بالإسراف، وأدانهم اليساريون واصفين إياهم بالتسرع في اللجوء إلى القوة. ونتيجة لذلك، خسروا أصواتا وسيقوا سوقا إلى المعارضة ثم أعادهم ميرتس من عزلتهم لفترة وجيزة، إذ احتاج إلى أصواتهم لضمان أغلبية الثلثين اللازمة لتغيير الدستور للالتفاف على نظام كبح الديون. وبرغم شعورهم بالاستغلال، فقد فعلوا ما يجب ويصح فعله.

لم تكن هذه حيلة ميرتس الوحيدة. فقد كان عليه ضمان عرض الإجراء على البرلمان المنتهية ولايته، لا أمام البرلمان القادم حيث يكون بوسع حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف وحزب اليسار اليساري أن يعرقلا التغيير. كان أمر قبيحا، وغير مبدئي. أو أن ميرتس بالأحرى قد أظهر افتقاره إلى المبادئ من أجل تحقيق إصلاحات ليست مبدئية فحسب، ولكنها ضرورية وحيوية أيضا.

وبغض النظر عن مدى تصميم رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وبغض النظر عن حجم تنسيقهما للجهود، فإن أي استراتيجية أمنية أوروبية تفقد مصداقيتها بدون ألمانيا. كما أنه لا تكون لألمانيا مصداقية تذكر ما لم تتراجع عن عزوفها المستمر منذ عقود عن تسليح نفسها التسليح المناسب، والتأهب لاستخدام القوة الصارمة لتحقيق غايات نبيلة.

وها قد حدث هذا الآن. وألمانيا الآن تسير في مسار جديد. فالثقافة السياسية، التي غالبًا ما تعتبر صارمة وتدريجية، تعرف أيضا في بعض الأحيان كيف تُحدث الدراما. ففي عام 1999، وبقيادة وزير خارجية حزب الخضر يوشكا فيشر، صوّت البوندشتاج على المشاركة في عمل عسكري لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية للدفاع عن كوسوفو.

وفي عام 2015، اتخذت ميركل القرار المثير للجدل بالسماح بدخول أكثر من مليون لاجئ، من سوريا وأماكن أخرى في الشرق الأوسط. وفي عام 2022، ردّ شولتز على غزو بوتين لأوكرانيا بخطاب زيتن فيندي - أي نقطة التحول - وصندوق خاص بقيمة مائة مليار يورو للإنفاق العسكري. بدا ذلك حاسما في وقته، ولكن المستشار المنتهية ولايته قضى بقية ولايته يتحاشى النظر إلى الأمور. ويتضح الآن أن تلك اللحظة كانت محض بداية.

إن ألمانيا بلد طالما أشدت به لسياساته المتأنية والجادة، ودستوره المتين، وعمليته الناضجة في بناء واختبار التحالفات على المستوى الإقليمي وعلى المستوى الوطني. بلد لم يستسلم للهزل الذي اعترى المملكة المتحدة في عهد بوريس جونسون. بلد يتحمل مسؤولياته بجدية. ومع ذلك، فهو بلد عرقله أيضا الحذر المفرط، وانعدام الثقة بالنفس، وعرقله أيضا ـ فيما يتعلق بقضايا الخطر - افتراض متهاون بأن الآخرين سيهبون لمساعدته. وبفضل ترامب، لم يعد هذا هو الحال، ومعظم الألمان يدركون ذلك.

وهم على وشك الشروع في رحلة وعرة، بقيادة الاتحاد الديمقراطي المسيحي، وبجانبه الحزب الاشتراكي الديمقراطي المتشدد. فها هما حزبان شديدا الاختلاف يتحدان من أجل تشكيل ائتلاف قوي ودائم لإبعاد الشعبويين. وميرتس، الذي لا يمكن التنبؤ بتصرفاته والميال إلى المواجهة، متلهف على إنجاز الأمور. وسوف يكون إلى جانبه كلينجبيل وبوريس بيستوريوس (الذي قد يحتفظ بحقيبة الدفاع) ليمثلا جناحا من الحزب الاشتراكي الديمقراطي تخلى عن سذاجته تجاه روسيا. وهذا ما تحتاج إليه ألمانيا وأوروبا والغرب على نطاق أوسع في أحلك أوقاتهم.

جون كامبفنر مؤلف كتاب «البحث عن برلين» و«حروب بلير» و«لماذا الألمان يفعلون ذلك بشكل أفضل».

عن الجارديان البريطانية

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الاشتراکی الدیمقراطی

إقرأ أيضاً:

عاجل. المستشار الألماني فريدريش ميرتس: برلين وباريس ولندن تنوي إرسال وزراء خارجيتها إلى إسرائيل

المستشار الألماني فريدريش ميرتس: برلين وباريس ولندن تنوي إرسال وزراء خارجيتها إلى إسرائيل اعلان

المستشار الألماني فريدريش ميرتس: برلين وباريس ولندن تنوي إرسال وزراء خارجيتها إلى إسرائيل

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة أخبار اعلان اعلان اخترنا لك عشرات القتلى في غزة.. وتصنيف أممي: "أسوأ سيناريو مجاعة يحدث الآن" في القطاع "يد على الزناد وأخرى على الكاميرا".. تحقيق يكشف أسلوب تنفيذ "الإعدامات" في جنوب سوريا "تصور مفصّل".. خطة بريطانية للاعتراف بدولة فلسطينية إيران تُحذّر: سنردّ بحزم أكبر في حال تكرار الهجمات الأميركية أو الإسرائيلية نيويورك: مقتل خمسة أشخاص بينهم شرطي في إطلاق نار بمانهاتن اعلان اعلان الاكثر قراءة 1 واشنطن وتل أبيب تقاطعان المؤتمر الأممي الخاص بفلسطين والخارجية الأمريكية تقول إنه هدية لحماس (وكالة) 2 ترامب: لا أعتقد أن هناك مجاعة في غزة ولا أعلم ما الذي قد يحدث هناك 3 فيديو يوثق كيف أقدم مشتبه به على تعمّد إشعال حريق بإحدى الغابات شمال بلغاريا 4 إسبانيا.. اكتشاف كنيس قديم يعيد كتابة التاريخ اليهودي المبكر في شبه الجزيرة الإيبيرية 5 تصعيد حوثي جديد ضد إسرائيل: الجماعة تعلن استهداف كل السفن المتعاملة مع تل أبيب اعلان اعلان

Loader Search

ابحث مفاتيح اليوم

إسرائيل غزة دونالد ترامب روسيا حركة حماس إيران أوكرانيا قطاع غزة الصين فنانون الصراع الإسرائيلي الفلسطيني موسكو الموضوعات أوروبا العالم الأعمال Green Next الصحة السفر الثقافة فيديو برامج خدمات مباشر نشرة الأخبار الطقس آخر الأخبار تابعونا تطبيقات تطبيقات التواصل الأدوات والخدمات Africanews عرض المزيد حول يورونيوز الخدمات التجارية الشروط والأحكام سياسة الكوكيز سياسة الخصوصية اتصل العمل في يورونيوز صحفيونا لولوجية الويب: غير متوافق تعديل خيارات ملفات الارتباط تابعونا النشرة الإخبارية حقوق الطبع والنشر © يورونيوز 2025

مقالات مشابهة

  • جيمي لي كورتيس تتحدث عن الضرر الذي لحق بالنساء بسبب صناعة التجميل
  • من المحيط الهندي إلى باريس وروما… فيروس «شيكونغونيا» يتجاوز الحدود ويهدد المليارات
  • عاجل. المستشار الألماني فريدريش ميرتس: برلين وباريس ولندن تنوي إرسال وزراء خارجيتها إلى إسرائيل
  • منظمات أممية: السودان بحاجة ماسة للدعم مع عودة 1.3 مليون نازح
  • الحزب الاشتراكي يبارك إعلان القوات المسلحة المرحلة الرابعة من إسناد غزة
  • الرئيس السيسي: لدينا حجم ضخم من شاحنات المساعدات مستعدة لدخول قطاع غزة
  • عاجل | الملك يلتقي المستشار الألماني ميرتس في برلين
  • ألمانيا.. ميرتس يرحب بالاتفاق مع واشنطن والقطاع الصناعي ينتقده
  • الاشتراكي الموحد يعقد مؤتمره الجهوي الثالث بقصبة تادلة بحضور منيب والعسري
  • «الداخلية» تكشف ملابسات قيادة طفل لسيارة ملاكي بالقاهرة | فيديو