أعرب رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي الأميركي) جيروم باول عن قلق بالغ إزاء التداعيات الاقتصادية للتصعيد الجمركي الذي أطلقته إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب. من جهته طالب الرئيس الأميركي باول "بالكف عن التلاعب السياسي" والعمل على خفض أسعار الفائدة.

وفي مؤتمر صحفي عقده اليوم الجمعة، وصف باول الرسوم الجديدة بأنها "أكبر مما كان متوقعا"، محذرا من أنها قد تزيد من الضغوط التضخمية وتبطئ وتيرة النمو الاقتصادي.

وأكد باول أن الاحتياطي الفدرالي ملتزم بمراقبة الوضع عن كثب للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي، مشيرا إلى أن البنك المركزي "لن يتردد في التدخل إذا لزم الأمر".

ترامب يطالب بتخفيض فوري لأسعار الفائدة

وقبل مؤتمر باول الصحفي كان ترامب قد دعا مجلس الاحتياطي الفدرالي إلى خفض فوري لأسعار الفائدة، واصفا اللحظة الحالية بأنها "الوقت المثالي" لمثل هذا الإجراء. وكتب ترامب عبر منصته تروث سوشيال: "اخفض أسعار الفائدة يا جيروم، وتوقف عن ممارسة السياسة!.. لقد تأخرت دائما، لكن لا يزال أمامك فرصة لتغيير صورتك!".

وقالت رويترز إن تصريحات ترامب زادت من حدة التوتر بين البيت الأبيض والاحتياطي الفدرالي بشأن التوجه المستقبلي للسياسة النقدية، خاصة في ظل الاضطرابات الاقتصادية المتصاعدة.

إعلان الأسواق ترد بتقلبات حادة

وتفاعلت الأسواق المالية مع هذه التصريحات المتضاربة بتقلبات شديدة، حيث شهدت المؤشرات الرئيسية في وول ستريت تراجعات حادة.

وتعرض القطاع المصرفي لضغوط ملحوظة، حيث سجلت أسهم مؤسسات كبرى مثل جي بي مورغان تشيس وغولدمان ساكس خسائر كبيرة، وسط مخاوف من أن تؤدي الرسوم الجمركية وردود الفعل العالمية إلى كبح النمو وتقليص إنفاق المستهلكين.

الأسواق المالية تفاعلت مع هذه التصريحات المتضاربة بتقلبات شديدة حيث شهدت المؤشرات الرئيسية تراجع حاد (الفرنسية) تحذيرات من ركود عالمي

ورفع كبار المحللين الاقتصاديين تحذيرات قوية من دخول الاقتصاد الأميركي والعالمي في حالة ركود. وأشارت جي بي مورغان إلى أن احتمال حدوث ركود عالمي ارتفع إلى 60%، بعد أن كان التقدير السابق 40%. وعزت ذلك إلى تصعيد الحرب التجارية، واضطرابات سلاسل الإمداد، وتراجع الثقة في بيئة الأعمال.

وأوضحت أن الرسوم الجمركية الجديدة تمثل أكبر زيادة ضريبية في الولايات المتحدة منذ عام 1968، مما يزيد من احتمالية تباطؤ الاستثمار والنمو على المدى القريب.

تداعيات دولية واسعة النطاق

ولم تقتصر التداعيات على الاقتصاد الأميركي، إذ أعلنت الصين بالفعل عن رسوم انتقامية، مما قد يؤذن باندلاع حرب تجارية شاملة. كما تأثرت الأسواق الأوروبية بشكل مباشر، حيث سجلت مؤشرات كبرى تراجعات حادة وسط قلق تزايد من دخول الاقتصاد العالمي في دوامة تباطؤ.

وبينما تطالب الإدارة الأميركية باتخاذ إجراءات نقدية فورية، يتعين على الاحتياطي الفدرالي موازنة الضغوط التضخمية مع ضرورة دعم النمو الاقتصادي. وسيظل المستثمرون والمراقبون يترقبون الخطوات التالية للبنك المركزي في الأسابيع المقبلة، وسط مشهد اقتصادي بالغ التعقيد.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان الاحتیاطی الفدرالی

إقرأ أيضاً:

توقعات بارتفاع النفط وزيادة الإقبال على ملاذات آمنة بعد الهجوم على إيران

توقع مستثمرون أن يؤدي الهجوم الأمريكي على المواقع النووية الإيرانية إلى رد فعل فوري في الأسواق العالمية عند إعادة فتحها، الاثنين، لترتفع معه أسعار النفط ويندفع المستثمرون إلى أصول الملاذ الآمن.

وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن الهجوم عبر منصة تروث سوشيال للتواصل الاجتماعي، وتزيد الضربات من تورط الولايات المتحدة في صراع الشرق الأوسط. وكان التدخل الأمريكي احتمالا وضعه المستثمرون في الحسبان عند تقييم مجموعة من السيناريوهات المختلفة المحتملة في الأسواق.

وفي أعقاب الإعلان عن الهجوم مباشرة، توقع المستثمرون أن يحفز التدخل الأمريكي عمليات بيع في الأسهم وربما إقبالا على الدولار وأصول الملاذ الآمن الأخرى عند بدء التداول، لكنهم قالوا أيضا إن مسار الصراع لا يزال يكتنفه الكثير من الغموض.

وقال مارك سبيندل كبير مسؤولي الاستثمار في شركة بوتوماك ريفر كابيتال "أعتقد أن الأسواق ستشعر بالقلق في البداية، وأن النفط سيبدأ التداول على ارتفاع".


وأضاف سبيندل لرويترز: "ليس لدينا أي تقييم للأضرار وسيستغرق ذلك بعض الوقت. على الرغم من أنه قال إن الأمر ’انتهى‘، فإننا مرتبطون به. ما الذي سيحدث بعد ذلك؟".

ويعتقد سيبندل أن "حالة عدم اليقين ستخيم على الأسواق حيث سيتأثر الأمريكيون في كل مكان الآن. سيزيد ذلك الضبابية والتقلبات، لا سيما في قطاع النفط".

ومع ذلك، قال سبيندل إن هناك وقتا لاستيعاب التطورات قبل فتح الأسواق، مضيفا أنه يقوم بترتيبات للتحدث مع المشاركين الآخرين في الأسواق.

 أسعار النفط والتضخم
سيتمحور القلق الرئيسي للأسواق حول التأثير المحتمل لتطورات الشرق الأوسط على أسعار النفط وبالتالي على التضخم. وقد يضعف ارتفاع التضخم ثقة المستهلكين ويقلل فرصة خفض أسعار الفائدة على المدى القريب.

وقال جاك أبلين كبير مسؤولي الاستثمار لدى كريسيت كابيتال "يضيف هذا الأمر مستوى جديدا معقدا من المخاطر التي سيتعين علينا أخذها في الاعتبار والانتباه إليها، وسيكون لهذا الأمر بالتأكيد تأثير على أسعار الطاقة وربما على التضخم أيضا".

وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت بما يصل إلى 18 بالمئة منذ 10 حزيران/ يونيو حزيران لتبلغ أعلى مستوى لها في خمسة أشهر تقريبا عند 79.04 دولار يوم الخميس، إلا أن المؤشر ستاندرد آند بورز 500 لم يشهد تغيرا يذكر بعد انخفاضه في بداية الهجمات الإسرائيلية على إيران في 13 يونيو حزيران.

قبل الهجوم الأمريكي على إيران، وضع محللون في أوكسفورد إيكونوميكس ثلاثة سيناريوهات تتراوح بين خفض التصعيد في الصراع، والتعليق الكامل للإنتاج الإيراني، وإغلاق مضيق هرمز، وقالت المؤسسة في مذكرة إن "لكل منها تأثيرات كبيرة متزايدة على أسعار النفط العالمية".

وأضافت أنه في أسوأ الحالات، ستقفز أسعار النفط العالمية إلى نحو 130 دولارا للبرميل لتدفع التضخم في الولايات المتحدة إلى ما يقرب من ستة بالمئة بحلول نهاية هذا العام.


وقالت أوكسفورد إيكونوميكس في المذكرة التي صدرت قبل الضربات الأمريكية "على الرغم من أن صدمة الأسعار ستؤدي حتما إلى إضعاف الإنفاق الاستهلاكي بسبب تضرر الدخل الحقيقي، فإن أي فرصة لخفض أسعار الفائدة الأمريكية هذا العام ستتدمر بسبب مدى زيادة التضخم والمخاوف من تداعيات لاحقة من التضخم".

وفي تعليقاته بعد إعلان التدخل الأمريكي، رجح جيمي كوكس الشريك الإداري في مجموعة هاريس المالية أيضا صعود أسعار النفط بسبب الأنباء الأولية. لكن كوكس يتوقع استقرار الأسعار على الأرجح في غضون أيام قليلة لأن الهجمات قد تدفع إيران إلى إبرام اتفاق سلام مع إسرائيل والولايات المتحدة.

وقال كوكس لرويترز: "مع هذا الاستعراض للقوة والإبادة الكاملة لقدراتها النووية، فقدوا كل نفوذهم ومن المحتمل أن يستسلموا ويوافقوا على اتفاق للسلام".

ويحذر الاقتصاديون من أن ارتفاعا كبيرا في أسعار النفط قد يضر بالاقتصاد العالمي الذي يعاني بالفعل من ضغوط بسبب رسوم ترامب الجمركية.

ومع ذلك، يشير التاريخ إلى أن أي تراجع في الأسهم قد يكون عابرا. فخلال الأحداث البارزة السابقة التي أدت إلىأوضاع ملتهبة في الشرق الأوسط، مثل غزو العراق عام 2003 والهجمات على منشآت النفط السعودية في عام 2019، تراجعت الأسهم في البداية لكنها سرعان ما تعافت لترتفع في الأشهر التالية.

وأظهرت بيانات ويدبوش سيكوريتيز وكاب آي.كيو برو أن المؤشر ستاندرد اند بورز 500 تراجع في المتوسط 0.3 بالمئة في الأسابيع الثلاثة التي أعقبت بدء صراع، لكنه عاود الصعود 2.3 بالمئة في المتوسط بعد شهرين من اندلاع الصراع.

محنة الدولار
يمكن أن يكون للتصعيد في الصراع آثار متباينة على الدولار، الذي تراجع هذا العام وسط مخاوف من تضاؤل التفوق الأمريكي.

وقال محللون إن انخراط الولايات المتحدة بشكل مباشر في الحرب الإيرانية الإسرائيلية قد يفيد الدولار في البداية بفضل الطلب على الملاذ الآمن.

وقال ستيف سوسنيك كبير محللي السوق في آي.بي.كيه.آر في جرينتش بولاية كونيتيكت "هل نشهد توجها نحو الملاذ الآمن؟ هذا سيعني انخفاض عوائد السندات وارتفاع الدولار".

وأضاف "من الصعب تصور عدم تأثر الأسهم سلبا، والسؤال هو إلى أي مدى؟ سيعتمد الأمر على رد الفعل الإيراني وما إذا كانت أسعار النفط سترتفع".

مقالات مشابهة

  • الضبابية الاقتصادية تتفاقم عقب الهجوم الأمريكي على إيران
  • الداخلية: ضبط 8 أطنان دقيق مدعم خلال 24 ساعة
  • الهجوم الأميركي على إيران يفاقم الضبابية الاقتصادية
  • ترامب يقول إنه قد يغير رأيه بشأن إقالة رئيس الفيدرالي
  • توقعات بارتفاع النفط وزيادة الإقبال على ملاذات آمنة بعد الهجوم على إيران
  • ترامب يهاجم رئيس الاحتياطي الفدرالي ويهدد بإقالته
  • فوربس تحذر من انهيار وشيك في الأسواق بسبب ترامب
  • ترامب يعود لانتقاد رئيس الاحتياطي الفدرالي ويهدد بإقالته
  • ترامب يقول إنه قد يعود عن قراره إقالة رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي
  • في حملات تموينية.. الداخلية تضبط 5 أطنان دقيق مدعم خلال 24 ساعة