من يقتل الحقيقة لا يستطيع أن يكتب التاريخ
تاريخ النشر: 7th, April 2025 GMT
لا يمكن أن تغادر صورة الصحفي الفلسطيني أحمد منصور، مراسل وكالة «فلسطين اليوم» وهو يحترق صباح اليوم، بعد أن استهدفت إسرائيل الخيمة التي كان يستخدمها وبقية الإعلاميين في غزة مكانا لتغطية الحرب، مخيلة أي صحفي حر يؤمن بمهنة الصحافة ودورها في نقل الحقيقة.. ورغم أن أحمد منصور نجا من الموت، ولو إلى حين، إلا أن صورته وهو يحترق ستبقى إحدى أهم أيقونات هذه الحرب الظالمة التي تستهدف فيها إسرائيل وأد الحقيقة في محاولة لاستبقاء سرديتها ونشرها أمام العالم.
قتل في نفس الخيمة التي كان يحترق فيها أحمد منصور الصحفي حلمي الفقعاوي ليرتفع عدد ضحايا الحقيقة في هذه الحرب إلى 210 صحفيين وهو عدد ضخم جدا في حرب واحدة لم تكمل بعد العامين. ولكل صحفي من هؤلاء حكايته التي لا نعرفها وهو منشغل بنقل حكايات الآخرين من ضحايا الحرب، وله حلمه الذي ينتظر لحظة أن تضع الحرب أوزارها ليذهب نحو تحقيقه.. وكل جرائم هؤلاء أنهم اختاروا أن يكونوا شهودا على الحقيقة، لا صامتين على الجريمة.
لم تكن الرواية يوما كما يدعي الإسرائيليون، لكن الأمر كان، منذ الصحفي الأول الذي سقط ضحية للحقيقة، ممنهجا في سبيل احتكار الاحتلال للرواية، ليكتب الحرب وحده دون صور تُوثق أو أقلام تسائل ما يحدث أمام سطوة التاريخ التي لن ترحم في يوم من الأيام.. ويريد أن يحرق الحقيقة كما حرق أجساد الصحفيين، وأن يُطفئ العدسات كما يُُطفئ الحياة في عيون الأطفال.. تماما كما يستهدف المسعفين، ويدمر المستشفيات، ويقصف المدارس والجامعات.. إنه يستهدف، وفي كل مرة، شهود الجريمة أنفسهم.
وهذا ليس صداما لمن يفهم الاحتلال الإسرائيلي فهو ينطلق دائما من مبدأ نزع الإنسانية عن الفلسطينيين، وعقدة الاستثناء التاريخي من القوانين والأخلاقيات والمبادئ، وفصل جرائمه ضد الفلسطينيين والعرب عموما عن التقييم الأخلاقي والقانوني؛ لذلك لا غرابة أن يعمد الاحتلال الصهيوني على اغتيال الحقيقة وإطفاء الأضواء في زمن الظلام؛ فالصحفي في نظره مقاوم، والحقيقة باتت خطرا.
رغم ذلك ورغم كل المحاولات الإسرائيلية لإسكات الحقيقة عبر اغتيال أبطالها وحرقهم بالنار تبقى «الحقيقة» آخر جدار للصمود، ويبقى الصحفيون في غزة هم حراس هذا الجدار، يكتبون بالدم ويصورون بالألم وصراخهم صدى لآلاف الضحايا الذين قضوا دون أن نسمع لهم صوتا أو أنينا. ولن تستطيع إسرائيل أن تصدّر سردياتها للعالم، ومن يقتل الحقيقة لا يحق له أن يكتب التاريخ.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
د. هشام فريد يكتب: هل اتفقت أمريكا مع إيران على نتنياهو بعد أن أصبح عبئًا عليها !؟
كتبت في وقت سابق.. "طيب ايه رأيكم !؟ أن أمريكا متفقة مع إيران على السيناريو ده ولفترةمحدودة !! درس للنتن ياهو والكيان الصهيونى ! عشان يرضخ لرغبه أمريكا فى التفاوض والإبقاء على النظام الإيرانى لأسباب عسكريه واستراتيجيه ومصالح أميركيه فى الشرق الأوسط !! "
وقد يكون كلامى هذا مستغربا خاصة من قبل المتخصصين ربما لاننا تعودنا لعقود على نمط معين فى السياسه وخاصه التحالفات السياسيه والعسكريه ،. ولكننا شاهدنا بأنفسنا ان ترامب بنفسه يشارك فى عمليات خداع ورفع سقف المطالب لكى يصل لأهدافه الأقل بكثير ،.
وقبل ان اذكر الأسباب والأحداث التى دفعتنى لكتابه كلامى هذا فلنعود قليلا للوراء ليضعه اسابيع ماضيه عندما تدخلت أميركا لمحاوله تهدئه التوتر الدائر بين إيران والكيان الصهيونى ومحاوله ترامب إقناع النتن ياهو بأن ليس لأميركا رغبه فى اسقاط النظام الإيرانى فى الوقت الحالى ولعده اسباب مختلفه وترى ان الحل السلمى هو الأفضل للجميع ! ولكن النتن ياهو يعلم أنه إذا توقفت الحرب سوف يتم تقديمه للمحاكمه وممكن التضحيه به وتسليمه لمحكمه العدل الدوليه كبش فداء وعربون محبه لإعاده المصداقيه للنظام العالمى الذى تستفيد منه أميركا اكثر من اى دوله فى العالم وجزء من استراتيجيتها ،.
وهنا بدأ الخلاف بين النتن ياهو وترامب الذى اعلن ان على الكيان الصهيونى ان يعتمد على نفسه إذا اراد الهجوم على ايران ،.
وعجز الكيان الصهيونى على ضرب مفاعل فوردو بمفرده عن طريق الجو ولذلك الكيان يعد خطه بريه بديله عن طريق الكوماندوز والتفجير من اسفل !! وكما فعل ذلك من قبل فى سوريا ولكنها ستكون عمليه اكثر تعقيدا واكثر خطرا لعمق المفاعل الذى يصل ل80 متر تحت الأرض ،.
وبعد ذلك فاجأ ترامب الجميع بعقد مفاوضات مباشره مع الإيرانيين وقبلها مع حماس ايضا ولا أحد يعلم فحوى وما دار فى هذه الأجتماعات ولكن رد الفعل الأميركى لم يكن متشائما او مستاء بل ذهب ترامب فى مبالغه انه اكتشف ان حماس ناس طيبين !!
وانا لن اتطرق فى مقالى هذا إلى النواحى العسكريه وتفاصيلها لأنى اترك ذلك المتخصصين ولكن اناقش الأمور السياسيه وهى التى تحسم الخيار العسكرى من عدمه ،.
دعونا نرى الموقف الأميركى وأسباب رفض فكره الهجوم على ايران واحتمالاته وسلبياته :
هناك عده احتمالات اولها ان اميركا ترى الحل فى رحيل المرشد او اختفاءه ومعه التركيبه الحاليه بشكل سلمى او بطريقه أخرى واستبدال الحكم بأى رئيس موالى لأميركا وبجانب ذلك عمل انتفاضه شعبيه وثوره وهميه وينتهى الأمر وتظل ايران شرطى أميركا فى الشرق الأوسط الى جانب الكيان الصهيونى وهو ما لا يرضى طمع الكيان وغرور النتن ياهو وكذلك انتهاء حاله الحرب ويتم تقديمه للمحاكمه فمن مصلحته الشخصيه الإبقاء على حاله الحرب او فتح جبهات جديده لمد مده بقائه فى الحكم ،.
الأحتمال الثانى هو ان اميركا سوف تتدخل لقصف أجهزه الطرد المركزى فى مفاعل فوردو والموجوده على عمق اكثر من 80 متر تحت جبل حجرى شديد الصلابه والمحصن اسفله بتحصينات خرسانيه وترابيه مختلفه وشديده ومحكومه البناء !!
واعلنت اميركا انها الوحيده القادره على تدمير ذلك وحسب زعمهم عن طريق قنبله ثقيله بوزن ١٣.٦ طن وتحملها الطائره B2 الشبحيه فى رحله شبه انتحاريه !!
وهى القنبله الوحيده التى تستطيع ان تخترق الخرسانه المسلحه إلى عمق ٦٠ متر !! والخوف هنا من عدم نجاح القنبله فى الوصول للهدف او عدم كفايتها وربما تحتاج لتكرار القصف اكثر من مره لضمان اصابه الهدف ودى عمليه ليست باليسيره !؟ واذا لم تنجح فى ذلك سوف تسقط معها هيبه أميركا العسكريه !!
وهناك الاحتمال الثالث وهو ان أميركا تتصرف بذكاء وتنتظر لتستنزف مخزون ايران من السلاح والصواريخ ثم تنقض عليها !؟ وفى المقابل ايران ايضا تضرب بذكاء ومش بكثافه مثل الأيام الأولى من الحرب وقد تكون المسيرات الأولى التى اطلقتها فى البدايه اغلبها خاويه وكذلك استهلكت الصواريخ التقليديه فى الهجمات الأولى ايضا لإستنزاف القدره الدفاعيه للكيان الصهيونى ،. وقد تفاجىء ايران الجميع بإمتلاكها للصواريخ الفرط صوتيه وغيرها مما لا ترى ولا تقاوم وتسبب الدمار الشديد وتصلها من الصين عن طريق باكستان ( لتنفرد بتايوان ) وروسيا ( لتنفرد بأوكرانيا ) ،.
وقد رأينا كيف ان ايران أطلقت يوم الجمعه ٢٠ يونيو صاروخ باليستى الدقيق التوجيه ودخل وسقط وانفجر بدون اى محاوله اعتراضيه من دفاعات الكيان الصهيونى وسبب خسائر جسيمه فى مبانى هامه وإصابه اكثر من ٣٠ مستوطن ،.
والأحتمال الرابع هو ان اميركا تشن هجمات بقنابل نوويه تكتيكيه محدوده وهناك مخاطر كبيره ومحاذير فى ذلك
مثل عدم الوصول للهدف او تسرب إشعاعات نوويه مما يعرض اميركا إلى حرج ومسائله دوليه وفقد لمصداقيتها الإنسانيه والسياسيه الدوليه !!
ونرى ان كل هذه الاحتمالات لدخول أميركا بنفسها الحرب إلى جانب الكيان الصهيونى !! وأميركا هى التى لا تريد هذه الحرب للأحتمالات والمخاطر السابق ذكرها هنا ،.
ومع الأخذ فى الأعتبار ان كتآئب القسام ابتدت الأشتباك مع قوات الكيان الصهيونى فى خان يونس لتخفيف الضغط على ايران ،.
واعلنت إيران انه منذ بدء الحرب قوات الكيان الصهيونى هاجمت 3 مستشفيات و6 عربات إسعاف وسقط اكثر من ٣٥٠ قتيل وإصابه حوالى 3500 شخص منهم العشرات من النساء والأطفال ،.
واعلن الكيان انه منذ بدايه الحرب فان ايران أطلقت اكثر من 1000 مسيره وانها تصدت ل90% من المسيرات والصواريخ الإيرانيه وأنها إغتالت اكثر من ١٧ عالم نووى وشخصيات عسكريه إيرانيه هامه وايضا تم تدمير منشأتين نوويتين فى أصفهان واليوم دمرت منشأه نوويه أخرى بالأحواز فى الجنوب الغربى إلى جانب هجمات سربانيه على شبكات النت داخل ايران ،.
وبذلك نرى ان منذ بدء الحرب لا يوجد اى حسم للمعركه من اى جانب حتى الان واستمرار الحرب على هذه الوتيره يكلف الكيان الصهيونى نصف مليار دولار يوميا خساره عسكريه فقط والأخطر هو نفاذ وعدم استطاعه مصانع السلاح إنتاج اللازم للأستهلاك اليومى بهذه الوتيره !! ذلك الى جانب الخسائر المدنيه وتوقف الحياه اليوميه وهروب الآلف من المستوطنين خارج البلاد مما دعى الحكومه إلى منع السفر للخارج !! ومازالوا يهربون عبر الزوارق الخاصه والرحلات البحريه المنظمه إلى أوروبا ،.
كذلك إذا استمرت هذه الحرب وتدخلت أميركا بالفعل وتطورت الأمور إلى أخطر من ذلك وصعدت ايران عملياتها وقفلت الخليج والمضايق البحريه سوف تتأثر التجاره العالميه بأكبر الأضرار والخسائر وسيعود ذلك بالضرر على كل نواحى الطاقه ونقص التوريدات وارتفاع المخاطر والتأمينات وارتفاع الأسعار فى مختلف دول العالم وخاصه أوروبا ،.
واذا نظرنا الى ما حدث منذ اشهر قليله وفشل أميركا عندما اعلنت تصديها بنفسها لهجمات اليمن ( الحوثيين )
وبعد وقت قصير خرجت من هذا المستنقع بإعلان ان أميركا تنهى عملياتها العسكريه فى اليمن مقابل تعهد اليمن بعدم التعرض للسفن الأميركيه ! وكذلك اعلن اليمن ذلك مع الاحتفاظ بحقه فى إطلاق الصواريخ على الكيان الصهيونى ولم تعترض أميركا على ذلك وهو ما تم بالفعل وحتى الأن !!
واذا نظرنا الى تصريح ترامب بالأمس عندما قال "اننا سننتظر مده اسبوعين لعل أحدهما يرجع إلى رشده "
فمن يقصد إيران التى لا تمانع فى التفاوض فورا ومن اول يوم فى الحرب بشرط توقف الأعتداءات والقصف من جانب الكيان الصهيونى !! اذن التعنت ليس من جانب إيران ولكن من جانب النتن ياهو والأسباب ذكرتها سالفا هنا فى المقال ،.
كما ان هناك احتمال لتأخر أميركا فى التدخل ان يكون لديها معلومات بان ايران لا تملك خطوره نوويه كما يروج الكيان الصهيونى !؟
ومن كل ذلك نرى ان النتن ياهو بالغ فى مطالبه وتمرده على ماما اميركا وضرب عرض الحائط بمصالح أميركا ومحاذيرها نفسها !! فما كان من أميركا وللأسباب التى ذكرتها سالفا اللا انها أخبرته واعلنت على الملاء ان على الكيان الصهيونى ان يخوض حربه لوحده !! وممكن تكون قد اعطت الضوء الأخضر لإيران انها لن تتدخل فى الحرب إذا بدأ الكيان الصهيونى بالهجوم ،.
وكان الحديث عن المفاوضات والمباحثات وتحديد ميعاد قبل إندلاع الحرب صحيح ،.ولكن نتنياهو أصر على بدء المعركه قناعه منه ان أميركا لن تسمح بدمار وفناء الكيان الصهيونى وهذا صحيح أيضا !
ولكن مع شخص مثل ترامب فيمكن ان يعطيه درس قاسى وعملى انكم لا تستطيعون وحدكم ونهايه الأمر ستتدخل أميركا لإنهاء الحرب بعد ان يعى النتن ياهو الدرس وانه عليه وعلى الكيان الصهيونى وأفراده ان يلتزموا بعد ذلك بالأوامر الأميركيه ورغبتها فى الحل السلمى إذا رأت ذلك وليس العسكرى.