ذكرى ميلاد أمينة رزق.. “راهبة الفن” التي كتبت تاريخ الأمومة على المسرح والسينما (بروفايل)
تاريخ النشر: 16th, April 2025 GMT
في مثل هذا اليوم، تحل ذكرى ميلاد الفنانة القديرة أمينة رزق، إحدى أيقونات الفن المصري، التي امتدت مسيرتها لأكثر من 75 عامًا، تركت خلالها إرثًا استثنائيًا تجاوز 280 عملًا، لتتربع بجدارة على عرش الريادة النسائية في التمثيل العربي، وتُتوَّج بلقبها الأشهر: راهبة الفن.
البداية.. من طنطا إلى مسرح رمسيس
وُلدت أمينة رزق عام 1910 في مدينة طنطا، وانتقلت إلى القاهرة مع والدتها وخالتها الفنانة أمينة محمد، لتبدأ رحلتها مع الفن مبكرًا، انضمت إلى فرقة رمسيس بقيادة يوسف وهبي، الذي كان له دور كبير في تشكيل واحتضان موهبتها.
في سن الرابعة عشرة، وقفت لأول مرة على خشبة المسرح في مسرحية “راسبوتين” أمام يوسف وهبي، لتدهش الجمهور بأدائها وتثبت أنها أمام مستقبل مسرحي واعد.
وجه السينما المصرية وملامح “الأم الأولى”
ظهورها السينمائي الأول كان في فيلم “قبلة في الصحراء” عام 1928، وهو ثاني فيلم في تاريخ السينما المصرية، وكانت حينها لا تزال شابة تخطو بثبات نحو النجومية. لكنها ستُعرف لاحقًا كواحدة من أشهر من جسدن دور الأم المصرية على الشاشة، رغم أنها كثيرًا ما أدّت هذه الأدوار في شبابها.
قدّمت في السينما ما يزيد عن 150 عملًا، من بينها:
• “بداية ونهاية”
• “دعاء الكروان”
• “أريد حلًا”
• “بائعة الخبز”
• “العار”
• “الإنس والجن”
• “الكيت كات”
• “المولد”
• “صراع الأحفاد”
• “التلميذة”
• “التوت والنبوت”
وبرزت بأدائها الحزين العميق، فكانت دائمًا تُجسد الأم الصابرة، الحنون، المتألمة بصمت، لتصبح رمزًا إنسانيًا دراميًا في وجدان المشاهد المصري.
حضور درامي لا يُنسى
امتدّ عطاؤها إلى الدراما التلفزيونية، فشاركت في عدد من أبرز المسلسلات التي جمعت بين القيمة الدينية والاجتماعية والفكرية، ومنها:
• “محمد رسول الله”
• “السيرة الهلالية”
• “هارون الرشيد”
• “الإمام البخاري”
• “ليلة القبض على فاطمة”
• “وقال البحر”
• “أوبرا عايدة”
• “للعدالة وجوه كثيرة”
• “البشاير”
وفي المسرح، تألقت في أعمال خالدة مثل: “إنها حقًا عائلة محترمة” و“السنيورة”، واستمرت واقفة على الخشبة حتى سنواتها الأخيرة، بروح شابة وعينين تتكلمان أكثر من الكلمات.
وفاء للفن حتى آخر لحظة
لم تتزوج أمينة رزق أبدًا، وكرّست حياتها بالكامل للفن، حتى لقّبها النقاد بـ راهبة المسرح، لا لتقشفها الشخصي فحسب، بل لإخلاصها النادر وتفرّغها المطلق لفنها. رحلت عن عالمنا في عام 2003، لكنها لم تغب أبدًا عن الشاشة، ولا عن قلوب المحبين.
بصوتها الهادئ، ونظراتها المليئة بالمشاعر، وأدائها الصادق، تركت أمينة رزق ما يكفي لجعلها خالدة في تاريخ الفن، لا كنجمة عابرة، بل كركيزة أصيلة من ركائز الدراما المصرية.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: ذكرى ميلاد أمينة رزق الفنانة أمينة رزق
إقرأ أيضاً:
سلاحُ المقاومةِ.. بينَ بقاءِ الأمّةِ وفنائِها
“السلاحُ إن ضاعَ، ضاعَتْ معهُ الكرامة، وإن خُلع، خُلعَتْ هيبةُ الأمة من جذورها، فما كانت الأممُ لتنهضَ إلا بصليلِ السيوفِ ورائحةِ البارود.”
ففي زمنٍ تعالتْ فيه الأصواتُ المناديةُ بنزعِ سلاحِ المقاومة، وانبرى فيه بعضُ من أبناءِ الأمّةِ للعبِ دورِ المحامي عن “السلام الموهوم”، كان لزامًا علينا، نحن أبناءَ الضاد، أن نصدعَ بالحقيقة كما هي، ناصعةً لا يشوبها التزييف، نقيّةً لا يعتريها التمويه، جهرًا لا همسًا، وبلاغةً لا تلعثمًا.
فالسلاحُ ليس قطعةَ حديدٍ تحملها الأيدي، بل هو عنوانُ كرامةٍ، ورمزُ عزةٍ، وحصنٌ منيعٌ تتكسر عليه سهامُ الطغيان. هو، وإن طال صمتُ العربِ، ما زال الناطقَ الوحيدَ باسمِ الأرضِ والعرضِ، وهو وحدهُ من صانَ فلسطينَ حين تخلى عنها الملوكُ والرؤساءُ، وغابتْ عنها المؤتمراتُ والبياناتُ.
إن نظرةً في مرآةِ التاريخِ تكشفُ لنا أن كلَّ أمةٍ نالت حريتها، لم تنلها بالمفاوضات، ولا بالاستجداء، بل بنارِ البندقيةِ، وزئيرِ الثوار.
الجزائر، تلك الأرضُ الطاهرةُ التي خضبتها دماءُ مليون ونصف المليون شهيد، لم تتحرر من نيرِ الاستعمار الفرنسي إلا بعد أن استلّ أبناؤها السلاح، وجعلوا من الجبالِ معاقلَ ومن الصحارى ميدانًا.
الفيتناميون، دكّوا جحافلَ أمريكا تحت نيرانهم، ولم يُمهلوا الاحتلالَ أن يستوطنَ أرضهم.
كوبا تحت رايةِ “تشي غيفارا” و”فيدل كاسترو”، لقّنت الاستعمار درسًا لا يُنسى في المقاومةِ المسلحة.
بل حتى أوروبا ذاتها، ما نالت الخلاص من النازية إلا بالمقاومة المسلحة.
فمن ذا الذي يجرؤ، بعد هذا، أن يقول إن السلاحَ خطرٌ؟ بل الخطرُ كلُّ الخطرِ أن يُنزعَ من يدِ المقاوم، فيصيرَ الوطنُ لقمةً سائغةً في أفواهِ المحتلين، وأرضًا بلا حرّاس.
إنّ ما نشهده اليومَ من دعواتٍ خبيثةٍ لنزعِ سلاحِ المقاومةِ في فلسطين، وفي لبنان – لا سيّما من حزب الله – ليس إلّا حلقةً من حلقات المشروعِ الصهيونيّ الممتد، والذي عجز عن النيلِ من المقاومةِ في الميدان، فأرادها الآن أعزلَ، وحيدًا، محاصرًا لا بسلاحِ العدو، بل بخذلانِ القريب.
السلاح، كما يرى السيد القائد، هو صمّامُ أمانٍ، وهو الحصنُ الأخيرُ بعد انهيارِ جدرانِ الأمة. وإننا إذ نتأملُ في دعوته لتسليحِ فلسطين، لا نملك إلا أن نقفَ مذهولين من واقعٍ فيه تُخذلُ فلسطين من العربِ، وتُدعم من الأحرارِ حيثُ وُجدوا.
فإن التعايشُ مع الصهيونيّ محال، لأن عقيدته تجرّمه. ففي تلمودهم ما يُجيزُ لهم قتلَ غير اليهود، واحتقارَهم، ويصفُ أبناءَ هذه الأمة بأبشعِ الصفات. فكيف يُعقلُ التعايشُ مع من يرى فيك أقلَّ من الحيوان؟!
أليس هذا ما قاله حاخاماتهم؟ بل ألم تُترجم تلك العقيدةُ في المجازرِ المتلاحقةِ: صبرا، شاتيلا، جنين، غزة، وكل بقعةٍ من أرض فلسطين الطاهرة؟
فيا أبناء الأمة، لا تكونوا شهودَ زورٍ على خيانةِ قرنٍ بأسره. إنَّ نزعَ سلاحِ المقاومةِ هو نزعٌ لقلوبِ الرجال، ونزعٌ لراياتِ الكرامة، بل هو خيانةٌ لأشرفِ قضيةٍ في التاريخ.
افتحوا أعينكم، فإنّ المشروعَ الصهيونيّ لم ييأس، بل غيّر التكتيك، وإنّ أصواتَ “الحياد” ليست إلا سهامًا في ظهر المقاومة، وإن صيغت بلغة “العقلانية”.
فالسلاحُ لا يُنزع من المقاوم إلا ويُمنح للعدو، والأمةُ التي تُجرَّدُ من بندقيتها، كالشاةِ التي تنتظرُ الذبحَ، لا تملكُ إلا أن تُذبح.”
لا تخذلوا أنفسكم قبل أن تخذلوا فلسطين. اجعلوا سلاحَ المقاومة مقدّسًا لا يُمسّ، فذلك وحدهُ الكفيلُ بأن تظلَّ الرايةُ مرفوعة والأرضُ مصانة والكرامةُ محفوظة.