جريدة الرؤية العمانية:
2025-07-31@01:49:31 GMT

لا ترفعوا من سقف السعادة

تاريخ النشر: 22nd, April 2025 GMT

لا ترفعوا من سقف السعادة

 

 

د. خالد بن علي الخوالدي

 

السعادة هي القيمة التي يبحث عنها كل إنسان، فليس هناك من لا يبحث عن السعادة، حتى أولئك الذين يطلق عليهم البعض "نكديين"؛ حيث إنهم رغم هذا النكد، يبحثون عن سعادة في داخلهم.

والسعادة نسبية بين البشر، فما يُسعدني قد لا يُسعد الكثيرين، لأنها ليست مجرد شعور عابر؛ بل حالة ذهنية وروحية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالرضا عن الحياة والشعور بالإنجاز.

ما دفعني للحديث عن هذا الموضوع، عبارة لفتت انتباهي استمعت إليها في أحد البرامج الحوارية؛ حيث قال الضيف "لقد رفعنا من قيمة السعادة"، وحقيقة أنني أتفق معه بشدة؛ حيث كُنَّا سابقًا نشعر بالسعادة الغامرة ونحن نتناول الشكولاتة بالحليب ذات رسمة البقرة الشهيرة، وجيل الثمانينات والتسعينات يعرفونها عز المعرفة، فيما اليوم أبناؤنا يقتنون أغلى أنواع الشكولاتة ولا يشعرون بالسعادة. بالأمس القريب كانت أي نزهة خارج حدود القرية وبالسيارة تجعلنا في قمة السعادة، واليوم ربما ندفع مئات الريالات في الملاهي والحدائق والمنتزهات والألعاب ويرجع الأطفال وكأن على رؤوسهم الطير، حزنًا وكآبةً، ويقولون "شو هالطلعة..."!

لكنه واقع الحال للأسف الشديد، جيل قمة السعادة أصبح يشتري القهوة الفاخرة من أجل تصويرها ثم يرمي؛ لأنه أصلًا لا يطيق شربها، إنه جيل رفع سقف السعادة لأبعد مدى، ولا يكاد يُسعده شيء بسيط "ولا يعجبه العجب ولا الصيام في رجب" كما يقول المثل الشعبي!

ما أريد إيصاله في هذا المقال أن السعادة ليست في اقتناء الأشياء المادية وحسب، وإنما في الرضا بما قسمه الله لنا، والقناعة والاستمتاع بما رزقنا المولى سبحانه. وفي هذا الأمر أذكر أني تعرفت على شخصية متميزة واستثنائية ولا تكاد الابتسامة تفارقه، وعندما سألته عن السر، قالي لي: "السر في أنني راضٍ بما قسمه الله لي، ولا أنظر إلى ما في أيدي الناس، وإنما سعادتي بما أملك حتى لو القليل". علمًا بأن هذا الشخص لا يملك أكثر من بياض قلبه وصفاء ونقاء سريرته وراتبه 325 ريالًا، ودائمًا ما يؤكد لي أن "الرضا بما نملك يجعلنا نعيش في سعادة، وهذا الأمر أُعلِّمه لأولادي"، وهذا أوضح مثال على أن السعادة ليست بالأموال الطائلة. والسعادة المادية هي واقع ولا نستطيع تجاوزه بأي حال من الأحوال، لكنها نوع واحد من أنواع السعادة، فهناك السعادة اللحظية وهي السعادة التي نشعر بها في لحظات معينة، مثل الاحتفال بمناسبة خاصة أو قضاء وقت ممتع مع الأصدقاء. والسعادة الدائمة وهي حالة من الرضا المستمر التي تتواصل لفترات طويلة، وتكون مرتبطة بتحقيق الأهداف الكبرى في الحياة. وكذلك السعادة المعنوية وهي السعادة التي تأتي من القيم الروحية والمعنوية، مثل مساعدة الآخرين أو الانخراط في عمل تطوعي.

في هذه الأيام، يركز الكثير منا على أن السعادة تعني امتلاك المال، ويتناسون بأن السعادة الروحية هي العنصر الأهم والأساسي في تحقيق السعادة الكاملة. وترتبط هذه السعادة الروحية بالاتصال الصادق بالخالق سبحانه وتعالى وبتحقيق التعاليم الدينية، والارتباط الحقيقي بالذات وبالعالم الخارجي، وتأتي من التأمل والإيمان والتواصل مع الطبيعة، ويساعد البحث عن المعنى والقيم الروحية في تحقيق الرضا الداخلي، مما يسهم في تعزيز السعادة بشكل عام.

وأخيرًا أقول.. إنَّ السعادة قيمة جوهرية يسعى لبلوغها كل إنسان في حياته، لكن يتعين على كل فرد منا أن يفهم أنواع السعادة ومقاييسها، وأن يُدرك تأثير العوامل الاقتصادية والروحية على تحقيقها، وعلينا جميعًا أن نتخذ خطوات فعَّالة نحو تعزيز سعادتنا الشخصية والمجتمعية في عالم مليء بالتحديات، وينبغي أن نُعلي من قيمة السعادة، وليس من سقف السعادة، وأن نجعلها محور حياتنا على أسسٍ من الرضا والقناعة لا على البذخ والإسراف، لكي نعيش حياة مليئة بالرضا والفرح.

ودُمتم ودامت عُمان بخيرٍ.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

انتبه .. حالة واحدة لا يكون الابتلاء سببا في رفع درجات العبد

الابتلاء دائما ما يكون سببا في رفع الدرجات وزيادة حسناته وهذا صحيح في أغلب الأحوال، لكن الشريعة بيّنت أن هناك حالة واحدة يأتي الابتلاء على الإنسان دون أن يُكتب له أجر أو تُرفع له درجة.. وفي هذا التقرير نوضح هذه الحالة، ونتأمل كيف يمكن أن يكون البلاء سببًا في البُعد عن الله.

حالة واحدة لا يكون الابتلاء سببا في رفع درجات العبد

وفي هذا السياق، أكد الدكتور محمد مهنا، الأستاذ بجامعة الأزهر، أن الابتلاء ليس دائمًا سببًا للترقي، بل يعتمد على كيفية استقبال الإنسان له.

وأوضح الأستاذ بجامعة الأزهر، في تصريحات تلفزيونية: "يقال أن العبد يترقى بالابتلاء، ولكن فى الواقع ليس كل ابتلاء يؤدى إلى الترقى، بل قد يؤدى إلى السقوط أو الضياع إذا لم يتم التعامل معه بالشكل الصحيح".

وأوضح الأستاذ بجامعة الأزهر، أنه من المهم أن نفهم أن الابتلاء قد يرفع الإنسان أو يخفضه، حسب رد فعله تجاهه، كما ورد فى الحديث الشريف، فإن أشد الناس ابتلاء هم الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، لكن ليس المهم فى الابتلاء ذاته، بل فى كيفية تعامل الإنسان معه، فالإيمان بالابتلاء يتطلب الصبر والرضا، وإذا استسلم العبد لله فى حال الابتلاء، فإنه يرتقى روحيًا.

وأضاف: "الله أعلم بما هو خير لنا، وإذا نظرنا إلى الابتلاء كفرصة للتقرب إلى الله، فإننا نرتقى ونحقق التوازن الروحى الذى يرضى الله سبحانه وتعالى".

أمينة الإفتاء: مستحضرات التجميل ليست عذرًا شرعيًا يبيح التيممهل ملامسة عورة الطفل أثناء تغيير ملابسه ينقض الوضوء؟.. الإفتاء تجيبهل يجوز إلقاء بقايا الطعام في القمامة؟.. الإفتاء تجيبالمفتي يبحث مع رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة الارتقاء بخدمات دار الافتاءكيفية الأذان والإقامة عند الجمع بين الصلاتين.. دار الإفتاء تجيبهل الحر الشديد من علامات غضب الله؟.. الإفتاء تحسم الجدل

كيفية تعامل المسلم مع الابتلاء 

وأضاف: "الابتلاء لا يغيّر القدر، لكن الرضا والصبر يغيرانك أنت.. والجزاء على حسب الموقف"، مشيرًا إلى أن من رضي فله الرضا ومن سخط فعليه السخط، محذرًا من التذمر المستمر والجزع، فالصبر وإن كان مرًّا في طعمه إلا أن عاقبته أحلى من العسل.

وأكد أن الرضا هو السبيل الأصيل للتعامل مع الأقدار، داعيًا كل من يمر بابتلاء أن يتذكر أن "القدر واقع لا محالة، فاختر طريق الرضا وابشر بالفرج"، مستشهدا بقول الله تعالى: "وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون"، موضحًا أن الجزاء الإلهي للصابرين ثلاثي الأبعاد: "صلوات من ربهم، ورحمة، وهدى".

هل الابتلاء يدل على محبة الله؟

من جانبه، قال الدكتور أسامة قابيل، من علماء الأزهر الشريف، إن الابتلاء في حياة الإنسان ليس نقمة، بل هو أول دليل على محبة الله لعبده، مستشهدًا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله إذا أحب عبدًا ابتلاه"، مؤكدًا أن هذه اللحظات من البلاء تكشف للإنسان معادن نفسه، وتجعله يعيد النظر في علاقته بالله واحتياجاته الحقيقية.

وأوضح خلال تصريحات تلفزيونية، أن الابتلاء يفتح للعبد بابًا من الفهم والتسليم، ويكشف له من يحبونه بصدق، كما يبرز له جوانب من قوته الداخلية لم يكن يدركها، مبينًا أن "الابتلاء حب كبير من ربنا، لا يشعر به إلا من تعلقت روحه بالله وكان له رصيد إيماني قوي".

وأضاف: "الابتلاء لا يغيّر القدر، لكن الرضا والصبر يغيرانك أنت.. والجزاء على حسب الموقف"، مشيرًا إلى أن من رضي فله الرضا ومن سخط فعليه السخط، محذرًا من التذمر المستمر والجزع، فالصبر وإن كان مرًّا في طعمه إلا أن عاقبته أحلى من العسل.

وأكد الدكتور أسامة أن الرضا هو السبيل الأصيل للتعامل مع الأقدار، داعيًا كل من يمر بابتلاء أن يتذكر أن "القدر واقع لا محالة، فاختر طريق الرضا وابشر بالفرج"، مستشهدا بقول الله تعالى: "وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون"، موضحًا أن الجزاء الإلهي للصابرين ثلاثي الأبعاد: "صلوات من ربهم، ورحمة، وهدى".

وتابع: "كل من مر بابتلاء سيكتشف لاحقًا أن في قلب كل محنة منحة عظيمة، وأن بعد الصبر فرجًا كبيرًا، لأن الله لا يبتلي إلا من أحب، ولا يترك قلبًا لجأ إليه دون أن يهديه ويواسيه".

طباعة شارك الابتلاء حالة واحدة لا يكون الابتلاء سببا في رفع درجات العبد الأزهر رفع درجات العبد كيفية تعامل المسلم مع الابتلاء محبة الله

مقالات مشابهة

  • عشان تعالجه صح.. اعرف أنواع تساقط الشعر
  • علي جمعة: الكذب عارض بشري والسكوت لا يعني دائما الرضا
  • علي جمعة: الرضا والتسليم والتوكل مفاتيح النجاة في عالم يملكه الله
  • برج الجدي... حظك اليوم الأربعاء 30 يوليو 2025 .. استغل كل فرصة
  • انتبه .. حالة واحدة لا يكون الابتلاء سببا في رفع درجات العبد
  • لا تنسوا الدعاء فهو عبادة يحبها الله
  • أسامة قابيل: الابتلاء أول دليل على محبة الله لعبده
  • هدى المفتي تفجر تصريحات جريئة عن الحب والإشاعات وعلاقتها بويجز في صاحبة السعادة
  • الواحدة بـ50 ألف جنيه.. حكاية أغلى مانجو فى العالم
  • من هو فتى أحلام هدى المفتي؟ تصريحات جريئة مع «صاحبة السعادة»