“يا بلادي كلُ جرحٍ فيك جرحي.. كلُ قرحٍ مس شبراً منك يا أماه قرحي”.. حين تعاتب السودان متجسداً في “الأم” وتحكي عن حزنها مما عانته وأهلها من الحرب في السودان، هكذا تسرد الشاعرة السودانية روضة الحاج قصيدتها الوليدة من رحم الحرب ، لبرنامج للسودان سلام على إذاعة بي بي سي العربية.

وتقول روضة في قصيدتها وتكمل العتاب والشجن لوالدتها في رمزية واضحة للسودان، ” كل ثكلى نزفت من دمع قلبي واليتامى افترشوا روحي وناموا، وأنا سهرانة أتلو على الليل تراتيلي وأستجديه إشراقة صبحي، والدم القاني الذي خضب هذه الأرض يا أمي دمي.

. فلم استحللت يا أماه ذبحي؟ يا بلادي ربما كنا قساة في هوانا ، فامنحينا شرف العيش قليلاً مثلما تمنحينا كل يوم هبة الموت.. حزانى و عطاشى وبجنبينا من الأهلين ويحي الفُرحي”.

فالحرب بما أفرزته من مواجع ومآسي وألم أصبحت للشاعرة السودانية روضة الحاج الملهم الأكبر، ومادة دسمة لإلهامها بالقصص وإن كانت ترى أن ثمن القصائد والإبداع أمام ما يحدث في السودان ثمن بسيط.

وترى روضة أن الحكي لدى أي مبدع تلك وسيلته في التفاهم مع العالم ولابد أن المسرحيين والمبدعين والشعراء قد قدحت في أذهانهم ماذا سيكتبون عن الحرب بعد مرور أكثر من أربعة أشهر على القتال في السودان وما بعد الأزمة ستحلق الإبداعات بعيداً لتوثق الحرب بطرق إبداعية مختلفة ، كما حدث معها.

 

“حين تتوقف الحرب وينكشف القناع سيذهل الناس مما حدث.. نحن أسرى تفاصيل الحدث”، بشجن أكبر يروي سيف الدين الحسن المخرج وصاحب منصة الزرقاء السينمائية السودانية لبرنامج للسودان سلام على إذاعة بي بي سي العربية، كيف دخلت الحرب كل بيت وكيف يمكنه بالسينما تصوير الأزمة ما بعد الحرب خاصة في المهجر.

سيف نزح وأسرته إلى مصر بعد القتال الذي اندلع في السودان في منتصف أبريل نيسان هذا العام ، وهو مشغول بما بعد الحرب ويقول إن عدد الأسر السودانية في مصر تجاوز خمسة آلاف وكل أسرة لديها خمسة آلاف حكاية تحمل شجناً وألماً.

“لكن السودانيين الذين اكتووا بنار الحرب ولا تزال تنهب منازلهم ويتم الاستيلاء على حلي نسائهم وما هو أبعد يحملون الكثير من الحكايات”، يقول سيف موضحا صعوبة توثيق الأحداث سينمائياً ومشاعر الصدمة لا تزال تؤثر على سودانيين جراء الحرب والنزوح والفقد وربما يمتد أثرها لما هو أبعد من الوقت الحالي.

ويحذر سيف الدين من أن الصراعات المسلحة لا تهدد فقط السكان المدنيين بل الممتلكات الثقافية والتراثية بشكل عام ، بينما السودان ينهض على إرث وحضارة ثقافية على آلاف السنين والتحولات في السودان نتيجة الصراع على الثقافة والتنوع العرقي والقبلي سيلقي بظلاله على الإبداع.

ويرى المخرج السينمائي أن ما يروي في الإعلام عما يحدث في السودان لا يتجاوز عشرة في المائة مما يحدث في الواقع ، نتيجة لصعوبة التصوير في كثير من مناطق الاشتباكات، وربما حين يتوقف القتال بات التحدي أمام المنصات الإعلامية السودانية والسينما هو كيف سنروي للناس هذه الحرب بحسبه.

وتشارك الدكتورة سهام شريف عبد الله الناشرة السودانية ، سيف الدين المخرج السوداني فكرة أن توثيق الأحداث في السودان لابد أن تتجاوز رواية الأحداث الحالية إلى التوثيق لما بعد الأحداث وتجسيد القصص والحكايات وتلك الأحداث في أعمال فنية وسينمائية وكتابية على غرار توثيق الأحداث والحروب في أي منطقة فنياً.

وتقول سهام إن دور النشر الإعلامية يقع عليها العبء الأكبر في عكس كل ما يحدث في السودان ، لا سيما وأن المواطن السوداني لا يزال في ذهول من أمره وأن القتال في السودان تجاوز الانتهاكات إلى حد بعيد بحسبها.

وتشبه روضة الحاج الشاعرة السودانية رواية ما بعد الحدث في السودان بروايات مثل الحرب والسلام لتولستوي والمعلقات واللوحة الشهيرة لبيكاسو التي لخص فيها الحرب فإنها ستظل راسخة في الأذهان لأنها تصور ما وراء الأحداث والأوجه الإنسانية فيها وتلخص الحرب في زاوية ثقتفية وإبداعية لن ينساها الناس تماماً كما لن ينسى الناس المآسي في السودان.

تقرير: بي بي سي عربي

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: فی السودان ما یحدث فی ما بعد

إقرأ أيضاً:

ثمن الفوضى.. عندما تصبح السياسة الخارجية رهينة المزاج

ترجمة - نهى مصطفى 

لعقود، قامت السياسة الخارجية الأمريكية على مفهوم المصداقية: أي الإيمان بأن واشنطن تفي بالتزاماتها، وأن سلوكها السابق مؤشر على سلوكها المستقبلي. فعلى سبيل المثال، نجحت الولايات المتحدة في بناء شبكة واسعة من الحلفاء لأن شركاءها كانوا واثقين من أنها ستدافع عنهم إذا تعرضوا لهجوم. كما تمكنت من إبرام اتفاقيات تجارة حرة مع دول عدة حول العالم، والتفاوض على اتفاقيات سلام، لأنها كانت تُعتبر، في المجمل، وسيطًا نزيهًا. ولا يعني ذلك أن الولايات المتحدة لم تُفاجئ أحدًا يومًا، أو أنها لم تتراجع عن وعودها مطلقًا، لكنها، على مدار معظم تاريخها الحديث، كانت طرفًا فاعلًا يُعتد بثقته.

على النقيض من ذلك، تخلى دونالد ترامب، بخلاف أي رئيس أمريكي قبله، عن كل الجهود التي سعت إلى ترسيخ موثوقية واشنطن واتساق مواقفها. صحيح أن أسلافه اتخذوا أحيانًا قرارات أضعفت مصداقية أمريكا، لكن افتقار ترامب للاتساق اتخذ بُعدًا مختلفًا تمامًا، إذ بدا جزءًا من استراتيجية مقصودة: فهو يقترح الصفقات ثم يتراجع عنها، ويَعِد بإنهاء الحروب قبل أن يوسع نطاقها، ويوبخ حلفاء بلاده بينما يقرب خصومها.

ومع ترامب، بات النمط الوحيد هو غياب النمط ذاته.

تقوم نظرية ترامب في هذه القضية على منطق بسيط: فبإبقاء الأصدقاء والخصوم في حالة من عدم التوازن، يعتقد الرئيس أنه قادر على تحقيق مكاسب سريعة، مثل الزيادات المحدودة في الإنفاق الدفاعي الأوروبي. كما يرى أن عنصر المفاجأة يمنحه هامشًا أوسع للمناورة في الشؤون الدولية، لأنه يجعل الحلفاء والخصوم على حد سواء في حالة دائمة من الشك تجاه خطوته التالية.

وأخيرًا، يؤمن ترامب بأنه يستطيع ردع أعدائه عبر تخويفهم من خلال الظهور بمظهر غير متزن - وهي الفكرة التي يصفها علماء السياسة بـ«نظرية الرجل المجنون». وكما تفاخر هو نفسه ذات مرة، فإن الرئيس الصيني شي جين بينج «لن يُخاطر أبدًا بحصار تايوان أثناء ولايتي، لأنه يعلم أنني مجنون تمامًا».

صحيح أن نهج ترامب هذا حقق بعض المكاسب الدولية المؤقتة، كما يشير بعض المحللين، لكنه على المدى الطويل يبدو غير مرشح لتعزيز موقع بلاده في النظام العالمي. فالدول الأخرى قد تسعى في البداية إلى استرضاء واشنطن لتجنب العقوبات الأمريكية، لكنها ستعمل في نهاية المطاف على حماية مصالحها عبر التحالف مع قوى أخرى.

وهكذا ستزداد قائمة خصوم الولايات المتحدة، وتضعف تحالفاتها، وقد تجد واشنطن نفسها أكثر عزلة من أي وقت مضى.

دائمًا ما رأى رؤساء الولايات المتحدة أن حماية قوتها تستلزم التزامات موثوقة. فقد تدخل ترومان في كوريا لردع التوسع السوفييتي، بينما صعد جونسون حرب فيتنام خشية أن يُفهم التراجع كضعف. وبرر جورج بوش الابن زيادة القوات في العراق عام 2007 بأن الانسحاب سيقوض مصداقية بلاده، وأبقى أوباما على القوات للسبب ذاته. لكنه تعرض لاحقًا لانتقادات حادة حين تراجع عن تنفيذ «الخط الأحمر» في سوريا، مؤكدًا أن «إلقاء القنابل لإثبات الاستعداد لإلقائها ليس سببًا وجيهًا لاستخدام القوة». بينما توصي الدراسات بترسيخ المصداقية عبر الثبات والالتزام، يفعل ترامب العكس تمامًا. فقد شكك علنًا في أهم ضمانات الدفاع الأمريكية -التزام حلف الناتو بالدفاع الجماعي وفق المادة الخامسة- معلنًا أن الحلفاء الذين لا «يدفعون ما عليهم» لا يمكنهم توقع الحماية. كما انسحبت الولايات المتحدة في عهده من اتفاقيات متعددة الأطراف، مثل اتفاق باريس للمناخ والاتفاق النووي الإيراني، من دون اكتراث بتأثير ذلك على سمعتها، بل تراجعت حتى عن اتفاقية التجارة مع المكسيك وكندا التي تفاوض عليها ترامب ووقعها بنفسه.

وفي علاقاته مع الخصوم، تذبذب ترامب بين انتقاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين - والإشادة به بلا مبرر واضح. وكان لقاؤهما الأخير في ألاسكا مثالًا صارخًا على ذلك؛ إذ عُقد على عجل لتحسين صورة ترامب كـ«صانع صفقات»، لكنه خرج منه بلا أي مكاسب ملموسة، فيما رأى معظم المراقبين أنه كان الطرف الأضعف في اللقاء.

قد يكون ترامب مدركًا لتأثير سلوكه أو غافلًا عنه، لكن الواضح أن مصداقية بلاده لا تهمه. فهو لا يسعى إلى أن يُوثق به بقدر ما يريد انتصارات سريعة تعزز إحساسه بالتفوق، حتى لو تطلب ذلك التنصل من التزامات أمريكا الثابتة.

يبدو أن عدم قابلية ترامب للتنبؤ متعمدة، فهو يستمتع بالفوضى ويستغلها لتحقيق مكاسب، خصوصًا في الصفقات التجارية. لكن هذا لا يعني أن سلوكه محسوب دائمًا؛ فكثيرًا ما يصدر عن تقلبات مزاجية، في ما يسميه الباحث تود هول «الدبلوماسية العاطفية»، حيث باتت الانفعالات -كالخوف والغضب والرغبة في الانتقام- من أبرز سمات سياسة ترامب الخارجية. فمثلًا، امتدح ترامب رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو خلال ولايته الأولى وأبرم اتفاقًا تجاريًا مع أوتاوا، ثم عاد لاحقًا ليتهم كندا بالتقاعس عن مكافحة تهريب المخدرات وفرض عليها رسومًا جديدة. وبالطريقة نفسها، تباهى بعلاقته القوية مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، ثم انقلب على نيودلهي بعد أن نفت دور واشنطن في تهدئة صراعها مع باكستان.

وفي المقابل، شهدت علاقته بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي تطورًا معاكسًا. ففي البداية أغضبه زيلينسكي بتصحيحه خلال اجتماع في البيت الأبيض، مما دفع واشنطن إلى تعليق مساعداتها لكييف مؤقتًا. لكن زيلينسكي سرعان ما اتخذ موقفًا أكثر ودًا، ليعلن ترامب الشهر الماضي دعمه الكامل لمساعي أوكرانيا لاستعادة جميع أراضيها من روسيا، وهو الموقف الذي سبق أن وصفه بنفسه بالمستحيل.

بالنسبة للقادة الأجانب، من شبه المستحيل التنبؤ بتقلبات ترامب، لكنهم تعلموا استخدام بعض الأساليب لكسب رضاه أو تجنب غضبه. أبرزها الإطراء، إذ أصبح وسيلة مفضلة لدى حلفاء واشنطن. فإلى جانب زيلينسكي، وصف الأمين العام لحلف الناتو مارك روته ترامب بأنه «صانع سلام براجماتي» بعد لقائه في البيت الأبيض، في محاولة للحفاظ على علاقة التحالف. وبالمثل، لم يتردد نتنياهو في الإشادة بـ«قيادة ترامب الحاسمة» بينما يحثه سرًا على دعم الغارات الإسرائيلية على إيران. حتى من حاولوا البقاء على الحياد لجأوا إلى النهج نفسه.

لكن الإطراء يفقد تأثيره سريعًا حين يبالغ الجميع في استخدامه، إذ لا يعود يمنح أي نفوذ. أما من ضاقوا ذرعًا بتنمر ترامب، فاختار بعضهم المواجهة بدل التملق. فقد رد الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا بتحدٍ على الرسوم الجمركية والعقوبات الأمريكية، بينما تبنى مودي لهجة أكثر صدامًا معه. غير أن هذه المواقف، رغم شعبيتها داخليًا، نادرًا ما تجبر ترامب على التراجع وقد ترتد سياسيًا على أصحابها، كما حدث مع الرئيسة السويسرية كارين كيلر سوتر التي واجهته هاتفيًا ثم تعرضت لانتقادات حادة في بلادها بعد فشلها في ثنيه عن فرض التعريفات.

الخيار الثالث هو التحوط، أي الموازنة بين القوى الكبرى بدل الانحياز التام لأي طرف. فبعد فوز ترامب، وسعت دول في أمريكا اللاتينية تعاونها مع آسيا وأوروبا مع الحفاظ على علاقاتها بواشنطن، فيما أبدت دول الخليج دعمها العلني له، لكنها عمقت شراكاتها مع الصين سرًا. أما ماكرون فدعا إلى «استقلال استراتيجي» أوروبي يقلل الاعتماد على واشنطن وبكين. هذه الأساليب ليست متناقضة، بل محاولات للتكيف مع واقع مضطرب؛ إذ تتأرجح الدول بين التملق والتحدي وفق تقلبات ترامب، الذي لا تحكم قراراته اعتبارات استراتيجية بقدر ما تمليها تقلبات مزاجه.

ومع ذلك، لا يمكن إنكار أن هذا التقلب حقق له أحيانًا نتائج ملموسة. فحين قصف إيران، أبطأ بالفعل مسار برنامجها النووي. وعندما سُئل إن كان سيواصل الضربات بعد بدء إسرائيل عملياتها الجوية، أجاب ببرود متعمد: «قد أفعل، وقد لا أفعل. لا أحد يعلم ما سأفعله». خلق هذا الغموض ارتباكًا في كلٍ من طهران وتل أبيب، قبل أن يتخذ قراره بالتدخل العسكري في نهاية المطاف. لم يكن القرار نابعًا من حسابات دقيقة بقدر ما كان رد فعل على شعورٍ بالضعف ورغبةٍ في استعراض القوة.

بهذا السلوك، عزز ترامب صورة الردع الأمريكية من خلال إظهار استعداده للانقلاب على الحلفاء والخصوم على حدٍ سواء. ويمكن اعتبار تعامله مع إنفاق الحلفاء الدفاعي مثالًا آخر على نجاح تكتيكه. فبعد عقود من المحاولات الأمريكية الفاترة لإقناع دول الناتو بزيادة موازناتها العسكرية، جاء ترامب ليكسر المحظور: شكك علنًا في مبدأ الدفاع الجماعي المنصوص عليه في المادة الخامسة. وبدافع الخوف من فقدان المظلة الأمريكية، تعهد الحلفاء في قمة لاهاي عام 2025 بزيادة إنفاقهم الدفاعي إلى 5٪ من الناتج المحلي الإجمالي - وهو رقم لم يكن مطروحًا من قبل.

وسارت المواجهة الجمركية بين واشنطن وبروكسل على المنوال ذاته. فبعد تهديدات متكررة من ترامب بتصعيد الرسوم، رضخت أوروبا وقدمت تنازلات تجارية غير مسبوقة، منها اتفاقية لشراء طاقة أمريكية بقيمة 750 مليار دولار. وكعادته، أعلن ترامب النصر، بينما لم تجد رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين غضاضة في الثناء على «قيادته الحاسمة».

لكن من غير المؤكد أن هذه الانتصارات ستصمد طويلًا. فصحيح أن ترامب نجح في دفع أوروبا إلى زيادة إنفاقها الدفاعي، لكن ذلك جاء على حساب تماسك حلف الناتو نفسه. فالقوة الحقيقية للتحالف لا تُقاس بحجم ميزانياته العسكرية، بل بصلابة التزامه بالدفاع الجماعي، وهو التزام أضعفه ترامب بتصريحاته المتكررة المشككة فيه. فإذا ما تعرض أحد أعضاء الناتو لهجوم ولم تتحرك الولايات المتحدة للدفاع عنه، فسيصبح التحالف أضعف، مهما ارتفعت أرقامه الدفاعية على الورق.

والأمر نفسه ينطبق على الرسوم الجمركية. فقد نجحت واشنطن في انتزاع تنازلات اقتصادية من أوروبا، لكنها دفعت القارة في المقابل إلى السعي نحو استقلال اقتصادي وسياسي أكبر. ومع مرور الوقت، سيتراجع النفوذ الأمريكي في أوروبا، وربما في العالم بأسره. فمع كل خطوة تُقوض مصداقية الولايات المتحدة، تصبح قدرتها على التوسط في اتفاقيات سلام أو الحفاظ على الاستقرار الدولي أقل، ما ينذر بنظام عالمي أكثر اضطرابًا.

حذر سياسيون أمريكيون، بينهم جمهوريون، من الآثار البعيدة لسياسة ترامب الخارجية المضطربة. فحتى إن جاء رئيس أكثر اتزانًا، فلن يكون ترميم المصداقية الأمريكية أمرًا يسيرًا؛ إذ تبنى السمعة على مدى طويل وتعتمد على المؤسسات بقدر ما تعتمد على القادة. وعندما ينقض ترامب وعوده أو يبدل مواقفه، لا تتضرر صورته وحده بل صورة الولايات المتحدة نفسها. واستعادة الثقة بعد فقدانها صعبة، فالرئيس المقبل سيواجه حلفاء حذرين وخصومًا مترقبين وعالمًا لم تعد كلمة واشنطن فيه بالثقل السابق نفسه.

بساطة، ستخسر واشنطن أصدقاءها وتواجه مزيدًا من الأعداء. فمع تراجع تأثير الإطراء وارتفاع كلفة المواجهة، ستلجأ دول كثيرة إلى التحوط أو إلى التحالف مع خصوم أمريكا. وسيتطلب الحفاظ على الردع وطمأنة الحلفاء موارد أكبر، في وقتٍ يتجه فيه النظام الدولي نحو تعدد الأقطاب. وربما يرى ترامب أن عدم توقعه منحه قوة وحرية، لكن التاريخ سيحكم بأنه استبدل الثقة بالتقلب، ترك وراءه أمريكا أقل مصداقية.

كيرين يارحي- ميلو عميدة كلية الشؤون الدولية والعامة، وأستاذة كرسي أرنولد أ. سالتزمان لدراسات الحرب والسلام في جامعة كولومبيا.

عن فورين أفيرز «خدمة تربيون»

مقالات مشابهة

  • ثمن الفوضى.. عندما تصبح السياسة الخارجية رهينة المزاج
  • مصر تدين الهجوم على مركز إيواء النازحين بمدينة الفاشر السودانية
  • مصر تدين الهجوم على مركز لإيواء النازحين بمدينة الفاشر السودانية
  • أصابع البطاطس المقرمشة بالجبنة
  • غرف الطوارئ السودانية شبكة شبابية رُشحت مرتين لجائزة نوبل للسلام
  • ترامب يتوعد للصين | سلوك مريب وخطط شريرة تشعل الحرب التجارية.. ماذا يحدث؟
  • 30 قتيل في هجوم بمُسيّرة بالفاشر السودانية
  • مرتزقة أوكرانيون في دارفور.. السودان يدخل مرحلة الحرب بالوكالة
  • تعلن نيابة ومحكمة شمال الأمانة أن على المتهمين روضة الحرازي وآخرين الحضور إلى المحكمة
  • تعلن نيابة ومحكمة شمال الأمانة بأن على المتهمين/ روضة الحرازي وأخرين الحضور إلى المحكمة