خدعة مذكرات هتلر المزيفة.. السبق الصحفي على حساب الحقيقة
تاريخ النشر: 28th, April 2025 GMT
كانت قضية مذكرات هتلر المزيفة واحدة من أكبر الخدع الصحفية، حيث كشفت عن ضعف التحقق الصحفي في مواجهة السبق الإعلامي، ما أدى إلى فضيحة عالمية أضرت بمصداقية المؤسسات الإعلامية والمؤرخين المشاركين.
فضيحة المذكرات المزيفة لهتلر هزت عالم الصحافة الغربية، في ثمانينات القرن الماضي، بعد أن تورطت صحف مرموقة في نشرها، ليتبين لاحقا أنها خدعة محكمة تسببت في تشويه سمعة أفراد ومؤسسات صحفية عريقة.
ونشرت مجلة "شتيرن" الألمانية وصحيفة "صنداي تايمز" البريطانية ما زُعم أنها مذكرات شخصية لأدولف هتلر. سرعان ما تبين أن هذه "المذكرات" كانت خدعة مُحكمة تسببت في خسائر مالية فادحة وتشويه سمعة العديد من الأفراد والمؤسسات الإعلامية.
وضللت هذه المذكرات الخبراء والصحفيون بوثائق مزيفة دفعتهم للتصديق على صحتها قبل أن يكشف تحقيق جنائي زيفها، ما أدى إلى تداعيات مهنية وشخصية لحقت بالمتورطين في هذه الفضيحة، بما في ذلك اعتراف قطب الصحافة،ومالك صحيفة صنداي تايمز، روبرت مردوخ بالخطأ لاحقًا.
في نيسان/ أبريل 1983، أعلنت مجلة "شتيرن" الألمانية وصحيفة "صنداي تايمز" البريطانية عن اكتشاف مذكرات أدولف هتلر التي ادُعي أنها أصلية، لتتحول لاحقاً إلى إحدى أكبر الخدع في القرن العشرين.
زُعم أن المذكرات تغطي فترة حكم هتلر (1932-1945) وتكشف جانباً شخصياً من حياته، مثل معاناته الصحية وعلاقته بمستشارته، وعشيقته، بإيفا براون.
وادّعت المذكرات التي اكتشفها الصحفي الألماني جيرد هايدمان، أن الطائرة التي كانت تنقل المذكرات تحطمت، ثم خُبّئت المذكرات في ألمانيا الشرقية، مشيرة إلى أن هتلر لم يكن على علم بالمحرقة.
استعانت "شتيرن" بخبراء ومؤرخين مثل هيو تريفور روبر، الذين أقروا بصحة المذكرات بناءً على معلومات مضللة، لكن اتضح أن المذكرات كتبها كونراد كوياو، مزور ألماني استخدم أساليب بدائية مثل سكب الشاي على الورق لتقليده القديم.
"السبق الصحفي على حساب الحقيقة"
ومن نتائج هذه الفضيحة، أنها كشفت عن تحيزات كبيرة في المؤسسات الإعلامية ومعاييرها التحريرية في ذلك الوقت، حيث أظهرت كيف يمكن للرغبة في تحقيق سبق صحفي عالمي أن تطغى على المبادئ الأساسية للتحقق والتدقيق.
وتجلت هذه التحيزات والمعايير المتساهلة في عدة جوانب، منها التركيز المفرط على السبق الصحفي الحصري، حيث كانت مجلة "شتيرن" الألمانية وصحيفة "صنداي تايمز" البريطانية مدفوعتين بشدة للحصول على سبق صحفي "استثنائي" و"حصري عالمياً".
هذا الدافع القوي دفعهما إلى التسريع في عملية النشر والتغاضي عن إجراءات التحقق الدقيقة. فقد كانت "شتيرن" مصرة على "إبقاء قبضتها على السبق الصحفي"، مما أثر على كيفية تعاملها مع عملية التحقق.
وعلى الرغم من ادعاء "شتيرن" بالاستعانة بخبراء في علم الخطوط والورق ومؤرخين مثل البروفيسور تريفور روبر الذي "أكدوا لهم أنها أصلية"، إلا أنهم لم يقدموا لهم سوى "بضع صفحات مختارة من الدفاتر للاطلاع عليها"، وهذا يشير إلى تحيز نحو تصديق الرواية المثيرة دون توفير الظروف المناسبة لتدقيق شامل.
وأثيرت شكوك داخل صحيفة "صنداي تايمز"، حول صحة المذكرات، خاصة بالنظر إلى تجربة سابقة مع مذكرات موسوليني المزيفة. ومع ذلك، فإن إصرار مالك الصحيفة روبرت مردوخ على النشر، يكشف عن تحيز نحو نشر قصة ذات صدى واسع بغض النظر عن المخاطر المحتملة.
وتورطت الصحيفتان أيضا في الاعتماد على السمعة بدلاً من التحليل العميق، حيث كان لتأييد شخصية أكاديمية مرموقة مثل اللورد داكر (هيو تريفور روبر) وزناً كبيراً في إقناع المؤسسات الإعلامية بصحة المذكرات.
وحتى عندما أبدى شكوكاً أولية، فإن "الحجم الهائل من المواد" أقنعه، مما يدل على تحيز نحو الثقة في "الخبراء" وإغفال الحاجة إلى تحليل جنائي وتاريخي أكثر تفصيلاً.
وأخيرا فإن الدوافع المالية المحتملة، والربح المتوقع من وراء النشر كان عاملا حاسما أيضا، إذ تشير التقارير إلى أن توزيع صحيفة "صنداي تايمز" قد ازداد بسبب نشر القصة، وأن مردوخ ضمن بنداً يسمح له باستعادة الأموال إذا ثبت التزوير، هذا يثير تساؤلات حول ما إذا كانت الاعتبارات التجارية قد لعبت دوراً في التسرع في النشر دون التأكد الكامل من المصداقية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية هتلر خدعة المانيا هتلر خدعة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة صندای تایمز
إقرأ أيضاً:
نيويورك تايمز ترفع دعوى قضائية ضد البنتاغون بسبب تقييد حرية التعبير والصحافة
اعتبرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن سياسة البنتاغون الجديدة تهدف إلى "إغلاق الأبواب التي كانت وزارة الحرب تفتحها تاريخيًا أمام المؤسسات الإخبارية، ولا سيما تلك التي تُجري تحقيقات وتكشف المعلومات دون خوف أو محاباة".
أعلنت صحيفة نيويورك تايمز رفع دعوى قضائية ضد وزارة الحرب الأمريكية بسبب ما اعتبرته انتهاك حقوق الصحافة من خلال تقييد تواصل وسائل الإعلام مع مصادر عسكرية دون موافقة مسبقة.
وقالت الصحيفة في ملخص الدعوى إن سياسة الوزارة من شأنها أن "تقيّد حرية التعبير والصحافة، والتي أقرت المحكمة العليا ودائرة العاصمة بأنها تنتهك التعديل الأول للدستور".
وفرض البنتاغون قواعد دخلت حيز التنفيذ في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تشترط على الصحفيين التوقيع على لائحة من 21 صفحة تحظر نشر أي معلومات، حتى لو كانت غير سرية، ما لم توافق وزارة الحرب على نشرها، مع تقييد وصول الصحفيين إلى أماكن معينة داخل المجمع العسكري دون مرافقة مسؤول رسمي.
Related من الدفاع إلى الحرب.. البنتاغون على أعتاب تغيير تاريخي بأمر تنفيذي من ترامبكم سيكلف تغيير اسم البنتاغون؟ تقرير جديد يكشف الأرقام الصادمةمن الشاشة إلى البنتاغون.. كيف أشعل تقرير واحد تهديد ترامب بالتدخل في نيجيريا؟واعتبرت نيويورك تايمز أن سياسة البنتاغون الجديدة تسعى إلى "إغلاق أبواب وزارة الحرب التي كانت مفتوحة تاريخيا أمام المؤسسات الإخبارية، خاصة تلك تحقق وتكشف المعلومات دون خوف أو محاباة".
وطالبت الصحيفة من المحكمة الجزئية الأمريكية بواشنطن بمنع البنتاغون من تطبيق السياسات التقييدية الجديدة للصحافة، إلى جانب اعتبار أن الأحكام المتعلقة بممارسة حقوق التعديل الأول غير قانونية.
كما أكدت الصحيفة الأمريكية، التي تصدر منذ عام 1851، أنها تعتزم مقاومة انتهاك حقوق التعبير والصحافة، "كما كانت تفعل في ظل الإدارات التي عارضت الرقابة والمساءلة"، بحسب البيان.
في المقابل، يعتبر البنتاغون، وفق بيان صادر عنه في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أن امتياز الوصول إلى المنشآت العسكرية يخضع للتنظيم، معتبرا أن السياسة الجديدة تهدف إلى "منع التسريبات التي تضر بالأمن العملياتي والقومي".
وفي ذلك الوقت، أعلنت مؤسسات إخبارية كبرى، بما في ذلك قناة فوكس نيوز التي عمل بها وزير الحرب بيت هيغست، عن رفضها التوقيع على القواعد الجديدة.
وقال بيان صادر عن "إيه بي سي نيوز" و"سي بي إس نيوز" و"فوكس نيوز" و"سي إن إن" و"فوكس نيوز" و"إن بي سي نيوز": "هذه السياسة لا سابق لها وتهدد الحماية الأساسية للصحفيين".
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة