في وقت يستعد فيه الجيش الإسرائيلي لتوسيع عملياته العسكرية بقطاع غزة، تتكشف أزمة جديدة داخل المؤسسة العسكرية: الجنود لا يرغبون في العودة. فبينما أعلنت القيادة العسكرية عن استدعاء عشرات الآلاف من جنود الاحتياط، تتصاعد في الخلفية مؤشرات تفيد برفض متزايد في صفوف أولئك المطلوبين للخدمة. اعلان

أعلن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، رسميًا بدء إرسال عشرات آلاف أوامر التجنيد، ضمن خطة تهدف إلى تعويض انسحاب القوات النظامية من الجبهات الأخرى وتوجيهها نحو قطاع غزة.

وتشمل هذه الخطة توزيع وحدات الاحتياط على حدود لبنان، وفي الضفة الغربية، وعلى الجبهة السورية. وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، من المرتقب تجنيد نحو 60 ألف جندي احتياط خلال الأيام المقبلة.

لكن هذه التحركات العسكرية، التي تترافق مع خطط لتكثيف الضغط على حركة حماس، تُقابل بتراجع في الزخم المعهود من جنود الاحتياط. فقد أشارت تقارير إعلامية إسرائيلية إلى أن عددًا كبيرًا من الجنود والضباط أعلنوا مسبقًا رفضهم تلبية نداءات التجنيد الجديدة، وامتناعهم عن المشاركة في أي تصعيد مرتقب بغزة.

Relatedمعاناة الصحافيين في غزة: بين نيران الحرب وواجب نقل الحقيقةإسرائيل تقرر توسيع العملية العسكرية في غزة وتستدعي عشرات الآلاف من جنود الاحتياط إلى الخدمةبسبب الحصار الإسرائيلي.. الجوع يقتل 57 فلسطينيًا في غزة

بعضهم عبّر علنًا عن موقفه، والبعض الآخر انخرط في حركات احتجاجية تتسع يومًا بعد يوم داخل إسرائيل. وهذا التراجع الحاد في الاستجابة يُعد تحولًا لافتًا، إذا ما قورن بالمشهد الذي أعقب هجوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، حين هرع نحو 360 ألفًا من جنود الاحتياط إلى قواعدهم في استجابة وُصفت بالأضخم منذ حرب 6 أكتوبر 1973. 

في المقابل، تكشف صحيفة "هآرتس" أن حجم أزمة الاحتياط اليوم أكبر بكثير مما تُظهره التصريحات الرسمية. فالإحجام المتزايد عن الخدمة لا يقتصر على الأفراد فحسب، بل وصل إلى مستويات تنظيمية تضم عسكريين سابقين ومتقاعدين وناشطين في أجهزة أمنية ومخابراتية.

وإزاء هذه المعطيات نتساءل: ما الذي جعل جنود الاحتياط الإسرائيليين يرفضون العودة كما فعلوا قبل أشهر؟

1. أزمة ثقة بالحكومة وبأهداف الحرب

تتنامى داخل صفوف جنود الاحتياط قناعة بأن استمرار الحرب لم يعد مدفوعًا باعتبارات أمنية أو عسكرية، بل يخدم مصالح سياسية ضيقة. كثيرون باتوا يرون أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يُطيل أمد القتال لا لهزيمة حركة حماس أو استعادة الرهائن، بل للحفاظ على موقعه السياسي وسط أزمة داخلية عاصفة.

ومع ترسخ هذا الانطباع، بدأ جنود كثيرون يتساءلون عن جدوى تضحياتهم، خصوصًا أولئك الذين خدموا سابقًا في غزة وعادوا الآن ليُطلب منهم تنفيذ المهام نفسها.

عبارة تتردد كثيرًا في أوساطهم: "لماذا نُطلب للقيام بالشيء نفسه مجددًا؟ ألم يكن من المفترض إنجاز المهمة؟" هذا الشعور بالإحباط يتفاقم مع غياب رؤية عسكرية واضحة.

جنود إسرائيليون يتعانقون أثناء مراسم تشييع رقيب أول قُتل خلال عملية برية في قطاع غزة، 27 أبريل 2025.Ariel Schalit/ AP2. الإرهاق الجسدي والنفسي بعد شهور من القتال

منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، تم استدعاء العديد من جنود الاحتياط ثلاث أو أربع أو حتى ست مرات، وقضى بعضهم أكثر من 275 يومًا في الخدمة الفعلية. هذا الاستنزاف تجاوز البعد البدني، ليُثقل حياتهم الشخصية والأسرية والمهنية.

الطلاب الجامعيون فقدوا فصولًا دراسية كاملة، والموظفون خسروا وظائفهم أو استقرارهم المالي، فيما وجد كثيرون أنفسهم محبطين، مثقلين بالشعور باللاجدوى، في ظل غياب أي أفق زمني لإنهاء الحرب.

وقد دفع هذا الإنهاك، المتراكم على مدى شهور، حتى أولئك الذين أبدوا التزامًا كبيرًا في السابق إلى إعادة النظر في مشاركتهم، والتفكير جديًا في عدم العودة.

3. استثناء الحريديم: شعور بالتمييز والتهميش

يشعر الكثير من جنود الاحتياط بأنهم يتحملون وحدهم عبء الحرب، فيما يتم إعفاء اليهود الأرثوذكس المتشددين (الحريديم) من الخدمة العسكرية. ويصف بعض الجنود هذا الواقع بأنه "استغلال منظّم"، حيث يُستدعون مرارًا وتكرارًا بينما فئة كاملة من المجتمع تُعفى بالكامل من الخدمة.

قال أحد جنود الاحتياط غاضبًا: "للمرة الخامسة أترك زوجتي وابنتي الرضيعة لأقاتل، بينما الحريديم يرفضون حتى الخدمة. هذا ببساطة غير عادل". ومع استمرار هذا الشعور بالتمييز، تتآكل الدوافع وتخبو الرغبة في التضحية.

جنود إسرائيليون ورجل من الحريديم قرب كيبوتس نير عوز، 26 فبراير 2025.Ohad Zwigenberg/ AP4. دوافع أخلاقية: القتال في ظل انتهاكات غير مبررة

كشفت شهادات متزايدة من جنود خدموا في غزة عن مشاهد وصفت بأنها مقلقة من الناحية الأخلاقية. تحدّث جنود عن ممارسات لم يستطيعوا تبريرها عسكريًا، مثل أوامر بحرق منازل المدنيين، أو تنفيذ تفجيرات واسعة دون أهداف واضحة، أو حتى كتابة شعارات مسيئة داخل البيوت المهجورة.

اعلان

يوفال غرين، طبيب عسكري في العشرينيات من عمره، أشار إلى تصاعد النزعة المتطرفة والرغبة بالانتقام داخل صفوف بعض الجنود في الوحدات القتالية. وقال: "سألنا قادتنا لماذا نُحرق البيوت، فقيل لنا لحرمان العدو من استخدامها، لكن معظم المنازل لا تضم أي تجهيزات عسكرية." أما جندي آخر فقد أوضح أنه أحرق أكثر من 20 منزلًا بأوامر مباشرة، فقط لأن على جدرانها صورًا لقادة من حركة حماس.

هذه الشهادات وغيرها دفعت البعض إلى رفض العودة لرفضهم أخلاقيًا أن يكونوا طرفًا في ممارسات لا يرون لها مبررًا أو هدفًا عسكريًا مشروعًا.

5. الحرب تهدد حياة الرهائن الإسرائيليين

من العوامل التي تدفع جنودًا كثيرين إلى التردد، شعورهم بأن استمرار القتال بات يشكل خطرًا مباشرًا على حياة الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة. يعتقد هؤلاء أن الضغط العسكري لم يعد وسيلة فعالة لتحريرهم، بل ربما صار جزءًا من المشكلة.

هذا الاعتقاد يتقاطع مع موجة العرائض المفتوحة التي وقعها أكثر من 150 ألف إسرائيلي، بينهم جنود سابقون وقياديون أمنيون، تطالب بوقف القتال مقابل استعادة الرهائن. ومع ارتفاع الأصوات المنادية بذلك، أصبح سؤال "من نُنقذ فعلًا؟" أكثر إلحاحًا داخل الجيش وخارجه.

اعلانانتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

المصدر: euronews

كلمات دلالية: إسرائيل دونالد ترامب قطاع غزة إيران أوكرانيا الشعبوية اليمينية إسرائيل دونالد ترامب قطاع غزة إيران أوكرانيا الشعبوية اليمينية قطاع غزة حركة حماس إسرائيل بنيامين نتنياهو جندي جنود فلسطين إسرائيل دونالد ترامب قطاع غزة إيران أوكرانيا حركة حماس سوريا الشعبوية اليمينية باكستان روسيا الإمارات العربية المتحدة الاتحاد الأوروبي من جنود الاحتیاط فی غزة

إقرأ أيضاً:

انقطاع للتيار الكهربائي عن معظم ولايات السودان

شركة كهرباء السودان طمأنت بأن المهندسين وفرق الصيانة يعملون لإصلاح الأعطال وإعادة تشغيل وحدات التوليد وعودة الخدمة بشكل تدريجي.

بورتسودان: التغيير

شهدت عدد من ولايات السودان اليوم، انقطاعًا في التيار الكهربائي، وذلك نتيجة عطل فني مفاجئ في محطة سد مروي، مما تسبب في انقطاع للخدمة هو الأكبر من نوعه في الفترة الأخيرة.

وتعرض قطاع الكهرباء في السودان إلى خسائر كبيرة وأعطال متكررة جراء حرب 15 ابريل 2023م بين الجيش وقوات الدعم السريع، والاستهداف المباشر من الدعم السريع للقطاع بالمسيرات وسرقة الآليات والمعدات والنحاس، بجانب الضربات العشوائية لطرفي النزاع.

وبحسب مجلس التنسيق الإعلامي لشركة كهرباء السودان اليوم الاثنين، فإن المهندسين وفرق الصيانة يعملون على قدم وساق من أجل إصلاح الأعطال وإعادة تشغيل وحدات التوليد وعودة الخدمة بشكل تدريجي.

وتقدمت شركة كهرباء السودان للمواطنين بالشكر لتفهم الوضع والتحلي بالصبر، وقالت إنها ستوافيهم بمزيد من المعلومات لاحقا.

ويُعد سد مروي– أحد أكبر مشاريع الطاقة الكهرومائية في السودان– من الأهداف المتكررة لهجمات قوات الدعم السريع خلال الصراع الدائر بالبلاد، لما يمثله من أهمية استراتيجية في تزويد عدة ولايات بالكهرباء.

وفضلاً عن هجمات المسيرات، يتعرض السد من وقت إلى آخر لأعطال متعلقة بالأحمال أو عمليات الصيانة في المحولات المنتشرة بعدة ولايات، مما يؤدي غالباً لخروج أكثر من ولاية من الخدمة، خاصة نهر النيل والشمالية والبحر الأحمر.

وأثار تكرار استهداف منشآت كالسد والمطارات- خلال الحرب- مخاوف من اتساع نطاق الضرر على المدنيين والخدمات الأساسية في المناطق التي لم تكن ساحات مواجهة مباشرة منذ بداية الحرب.

الوسومإظلام تام البحر الاحمر الجيش الحرب الشمالية شركة كهرباء السودان قطاع الكهرباء قوات الدعم السريغ نهر النيل يد مروي

مقالات مشابهة

  • تجدد القتال يشعل الحدود التايلاندية–الكمبودية ويسقط مزيداً من الجنود
  • مفوضية حقوق الإنسان لـ«الاتحاد»: تداعيات كارثية جراء استمرار الحرب في السودان
  • نتنياهو عن قانون الإعفاء من الخدمة العسكرية: هذا تغيير تاريخي وليس تهربا
  • لماذا يظل السلام في أوكرانيا أملا بعيد المنال؟
  • مبارك الفاضل ينتقد قيادة الجيش ويحمّلها مسؤولية الإخفاقات العسكرية في كردفان ودارفور
  • انقطاع للتيار الكهربائي عن معظم ولايات السودان
  • ارتفاع حالات الانتحار في جيش الاحتلال منذ بداية الحرب على غزة
  • على ماذا يعوّل .. لماذا يصر الجيش السوداني على الحسم العسكري
  • جندي بجيش الاحتلال يتخلص من حياته بسبب اضطرابات ما بعد الصدمة
  • السودان وليبيا تتفقان على تنسيق العودة الطوعية للاجئين السودانيين في ليبيا