لماذا يفقد جنود الاحتياط الإسرائيليون الرغبة في العودة إلى القتال بقطاع غزة؟
تاريخ النشر: 5th, May 2025 GMT
في وقت يستعد فيه الجيش الإسرائيلي لتوسيع عملياته العسكرية بقطاع غزة، تتكشف أزمة جديدة داخل المؤسسة العسكرية: الجنود لا يرغبون في العودة. فبينما أعلنت القيادة العسكرية عن استدعاء عشرات الآلاف من جنود الاحتياط، تتصاعد في الخلفية مؤشرات تفيد برفض متزايد في صفوف أولئك المطلوبين للخدمة. اعلان
أعلن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، رسميًا بدء إرسال عشرات آلاف أوامر التجنيد، ضمن خطة تهدف إلى تعويض انسحاب القوات النظامية من الجبهات الأخرى وتوجيهها نحو قطاع غزة.
وتشمل هذه الخطة توزيع وحدات الاحتياط على حدود لبنان، وفي الضفة الغربية، وعلى الجبهة السورية. وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، من المرتقب تجنيد نحو 60 ألف جندي احتياط خلال الأيام المقبلة.
لكن هذه التحركات العسكرية، التي تترافق مع خطط لتكثيف الضغط على حركة حماس، تُقابل بتراجع في الزخم المعهود من جنود الاحتياط. فقد أشارت تقارير إعلامية إسرائيلية إلى أن عددًا كبيرًا من الجنود والضباط أعلنوا مسبقًا رفضهم تلبية نداءات التجنيد الجديدة، وامتناعهم عن المشاركة في أي تصعيد مرتقب بغزة.
Relatedمعاناة الصحافيين في غزة: بين نيران الحرب وواجب نقل الحقيقةإسرائيل تقرر توسيع العملية العسكرية في غزة وتستدعي عشرات الآلاف من جنود الاحتياط إلى الخدمةبسبب الحصار الإسرائيلي.. الجوع يقتل 57 فلسطينيًا في غزةبعضهم عبّر علنًا عن موقفه، والبعض الآخر انخرط في حركات احتجاجية تتسع يومًا بعد يوم داخل إسرائيل. وهذا التراجع الحاد في الاستجابة يُعد تحولًا لافتًا، إذا ما قورن بالمشهد الذي أعقب هجوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، حين هرع نحو 360 ألفًا من جنود الاحتياط إلى قواعدهم في استجابة وُصفت بالأضخم منذ حرب 6 أكتوبر 1973.
في المقابل، تكشف صحيفة "هآرتس" أن حجم أزمة الاحتياط اليوم أكبر بكثير مما تُظهره التصريحات الرسمية. فالإحجام المتزايد عن الخدمة لا يقتصر على الأفراد فحسب، بل وصل إلى مستويات تنظيمية تضم عسكريين سابقين ومتقاعدين وناشطين في أجهزة أمنية ومخابراتية.
وإزاء هذه المعطيات نتساءل: ما الذي جعل جنود الاحتياط الإسرائيليين يرفضون العودة كما فعلوا قبل أشهر؟
1. أزمة ثقة بالحكومة وبأهداف الحربتتنامى داخل صفوف جنود الاحتياط قناعة بأن استمرار الحرب لم يعد مدفوعًا باعتبارات أمنية أو عسكرية، بل يخدم مصالح سياسية ضيقة. كثيرون باتوا يرون أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يُطيل أمد القتال لا لهزيمة حركة حماس أو استعادة الرهائن، بل للحفاظ على موقعه السياسي وسط أزمة داخلية عاصفة.
ومع ترسخ هذا الانطباع، بدأ جنود كثيرون يتساءلون عن جدوى تضحياتهم، خصوصًا أولئك الذين خدموا سابقًا في غزة وعادوا الآن ليُطلب منهم تنفيذ المهام نفسها.
عبارة تتردد كثيرًا في أوساطهم: "لماذا نُطلب للقيام بالشيء نفسه مجددًا؟ ألم يكن من المفترض إنجاز المهمة؟" هذا الشعور بالإحباط يتفاقم مع غياب رؤية عسكرية واضحة.
منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، تم استدعاء العديد من جنود الاحتياط ثلاث أو أربع أو حتى ست مرات، وقضى بعضهم أكثر من 275 يومًا في الخدمة الفعلية. هذا الاستنزاف تجاوز البعد البدني، ليُثقل حياتهم الشخصية والأسرية والمهنية.
الطلاب الجامعيون فقدوا فصولًا دراسية كاملة، والموظفون خسروا وظائفهم أو استقرارهم المالي، فيما وجد كثيرون أنفسهم محبطين، مثقلين بالشعور باللاجدوى، في ظل غياب أي أفق زمني لإنهاء الحرب.
وقد دفع هذا الإنهاك، المتراكم على مدى شهور، حتى أولئك الذين أبدوا التزامًا كبيرًا في السابق إلى إعادة النظر في مشاركتهم، والتفكير جديًا في عدم العودة.
3. استثناء الحريديم: شعور بالتمييز والتهميشيشعر الكثير من جنود الاحتياط بأنهم يتحملون وحدهم عبء الحرب، فيما يتم إعفاء اليهود الأرثوذكس المتشددين (الحريديم) من الخدمة العسكرية. ويصف بعض الجنود هذا الواقع بأنه "استغلال منظّم"، حيث يُستدعون مرارًا وتكرارًا بينما فئة كاملة من المجتمع تُعفى بالكامل من الخدمة.
قال أحد جنود الاحتياط غاضبًا: "للمرة الخامسة أترك زوجتي وابنتي الرضيعة لأقاتل، بينما الحريديم يرفضون حتى الخدمة. هذا ببساطة غير عادل". ومع استمرار هذا الشعور بالتمييز، تتآكل الدوافع وتخبو الرغبة في التضحية.
كشفت شهادات متزايدة من جنود خدموا في غزة عن مشاهد وصفت بأنها مقلقة من الناحية الأخلاقية. تحدّث جنود عن ممارسات لم يستطيعوا تبريرها عسكريًا، مثل أوامر بحرق منازل المدنيين، أو تنفيذ تفجيرات واسعة دون أهداف واضحة، أو حتى كتابة شعارات مسيئة داخل البيوت المهجورة.
يوفال غرين، طبيب عسكري في العشرينيات من عمره، أشار إلى تصاعد النزعة المتطرفة والرغبة بالانتقام داخل صفوف بعض الجنود في الوحدات القتالية. وقال: "سألنا قادتنا لماذا نُحرق البيوت، فقيل لنا لحرمان العدو من استخدامها، لكن معظم المنازل لا تضم أي تجهيزات عسكرية." أما جندي آخر فقد أوضح أنه أحرق أكثر من 20 منزلًا بأوامر مباشرة، فقط لأن على جدرانها صورًا لقادة من حركة حماس.
هذه الشهادات وغيرها دفعت البعض إلى رفض العودة لرفضهم أخلاقيًا أن يكونوا طرفًا في ممارسات لا يرون لها مبررًا أو هدفًا عسكريًا مشروعًا.
5. الحرب تهدد حياة الرهائن الإسرائيليينمن العوامل التي تدفع جنودًا كثيرين إلى التردد، شعورهم بأن استمرار القتال بات يشكل خطرًا مباشرًا على حياة الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة. يعتقد هؤلاء أن الضغط العسكري لم يعد وسيلة فعالة لتحريرهم، بل ربما صار جزءًا من المشكلة.
هذا الاعتقاد يتقاطع مع موجة العرائض المفتوحة التي وقعها أكثر من 150 ألف إسرائيلي، بينهم جنود سابقون وقياديون أمنيون، تطالب بوقف القتال مقابل استعادة الرهائن. ومع ارتفاع الأصوات المنادية بذلك، أصبح سؤال "من نُنقذ فعلًا؟" أكثر إلحاحًا داخل الجيش وخارجه.
المصدر: euronews
كلمات دلالية: إسرائيل دونالد ترامب قطاع غزة إيران أوكرانيا الشعبوية اليمينية إسرائيل دونالد ترامب قطاع غزة إيران أوكرانيا الشعبوية اليمينية قطاع غزة حركة حماس إسرائيل بنيامين نتنياهو جندي جنود فلسطين إسرائيل دونالد ترامب قطاع غزة إيران أوكرانيا حركة حماس سوريا الشعبوية اليمينية باكستان روسيا الإمارات العربية المتحدة الاتحاد الأوروبي من جنود الاحتیاط فی غزة
إقرأ أيضاً:
قادة سرايا يوجهون نداء لقيادة الاحتلال:طريقة القتال الحالية لن تحقق النصر
نشرت صحيفة إسرائيل اليوم، العبرية في تقرير للصحفية حنان غرينوود، رسالة لافتة وجهها 71 من قادة سرايا الاحتياط في جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى كل من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الحرب يوآف غالانت، ورئيس هيئة الأركان هرتسي هليفي، أعربوا فيها عن استيائهم من الاستراتيجية العسكرية المتبعة في الحرب على قطاع غزة، مؤكدين أن "طريقة القتال الحالية لن تؤدي إلى النصر".
وطالب الموقعون بأن تُستثمر قدراتهم في مناورة حاسمة تنهي القتال، لا أن يُزج بهم مجددًا في جولات قتالية لا نهاية لها. وكتب القادة: "نحن قادة سرايا من مختلف وحدات الجيش الإسرائيلي، نتوجه إليكم بسؤال واحد واضح: إلى أين تتجه هذه الحرب؟".
وأوضح الضباط في رسالتهم أنهم شاركوا في المعارك منذ اندلاع الحرب، "مدفوعين بالشعور بالواجب الوطني وبإيمان عميق بعدالة المهمة"، دون أن يطرحوا تساؤلات حول جدوى القتال. إلا أنهم، وبناءً على تقييم واقعي للموقف، توصلوا إلى قناعة بأن النهج القتالي الحالي لا يمكن أن يفضي إلى نصر حاسم.
وأشاروا إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يتقف اليوم عند مفترق طرق مصيري، في ظل ما وصفوه بـ"فرصة سياسية وعسكرية نادرة"، قابلها في الوقت ذاته استنزاف متواصل للمقاتلين نتيجة "استراتيجية قتالية فاشلة وطويلة الأمد". وأضافوا أن استمرار غياب الحسم يضعف من دعم عائلات الجنود، ويمنح العدو شعورًا بالأمان والثقة بأن الزمن يعمل لصالحه.
ورغم تأكيدهم الاستعداد الدائم للدفاع عن دولتهم في جميع الظروف، شدد الضباط على ضرورة اتخاذ قرار واضح، وتحديد هدف صريح، وموعد نهائي لحسم المعركة. ودعوا القيادة إلى منحهم الضوء الأخضر لاستخدام القوة الكاملة المتاحة من أجل تحقيق نصر واضح.
وختموا رسالتهم بالقول: "بهذه الطريقة فقط يمكن القضاء على حكم حماس، استعادة المخطوفين، وإعادة الأمن لدولة إسرائيل. لا تبددوا طاقات هذا الجيل المقاتل في جولات جديدة بلا جدوى".