نجاة عبدالرحمن تكتب: في صمتها العملي .. قالت الكثير
تاريخ النشر: 5th, May 2025 GMT
جامعة القاهرة تمتلك تجربة إنسانية رائدة في دعم طلاب الدمج والحالات الخاصة.
في وقتٍ تتسابق فيه بعض المؤسسات التعليمية نحو الأضواء تحت لافتات براقة عن دعم ذوي الهمم، تتقدّم كلية الآداب بجامعة القاهرة بشكل أعمق بخطى واثقة، هادئة، ولكن ثابتة، في تجربة إنسانية حقيقية تترجم التوجه الوطني إلى واقع ملموس. دعم طلاب الدمج والحالات الخاصة في الكلية لا يُعلن في مؤتمرات، بل يُمارس في القاعات والممرات، في تعامل يومي إنساني، يجعل الطالب يشعر أنه ليس "مختلفًا"، بل "منتميًا".
تتبنى الكلية مفهومًا عميقًا للدمج، يتجاوز ما يُكتب على الورق إلى ما يُحسّ في القلب. فالأساتذة لا يتعاملون مع طلاب الدمج بوصفهم حالة تحتاج إلى "عطف"، بل كعقول لها حقها الكامل في التعلُّم والمشاركة والإبداع.
وتعكس التجربة حرص الكلية على تقديم: مواد علمية مهيّأة لذوي الإعاقة البصرية والسمعية، بتنسيقات مناسبة (برايل، كتب صوتية، شروحات مبسطة).
دعم نفسي وتربوي راقٍ، عبر لقاءات فردية أو مجموعات مساندة يشرف عليها أساتذة متخصصون.
دمج فعلي في الأنشطة الطلابية، الثقافية والفنية، دون تمييز أو استثناء.
بينما بدأت كثير من المؤسسات في استجابة لاحقة لتوجيهات القيادة السياسية نحو الدمج، كانت كلية الآداب بجامعة القاهرة قد سبقت بالفعل، وأرست نموذجًا يُحتذى. تجربة الكلية تأتي متسقة مع توجّه الدولة المصرية نحو ترسيخ مفهوم "الجامعة الدامجة"، لكنها تختلف في كونها نابعة من ثقافة مؤسسية صادقة لا من تعليمات فوقية.
الفرق بين الصورة والجوهر
بالمقارنة، قد تجد في جامعات أخرى مباني مبهرة وتجهيزات تقنية متقدمة، لكنها تفتقر إلى الجوهر الإنساني. بينما في آداب القاهرة، قد تكون الإمكانات محدودة، لكن الدفء الإنساني والتفهم الحقيقي للاختلاف هما ما يصنعان الفارق. من هنا جاء لقب "الحضن الدافئ" للكلية، ليس مجازًا، بل توصيفًا دقيقًا لتجربة يعيشها مئات الطلاب.
نحو نموذج وطني يحتذى
جامعة القاهرة لا تدّعي التفوق، لكنها تقدم نموذجًا وطنيًا ناضجًا في احتواء الطلاب من ذوي القدرات، وتجسيد فلسفة الدمج كحق لا كفضل. ومن هذه الزاوية، تستحق التجربة أن تُعمم، لا لتُقلد شكليًا، بل لتُستوعب روحيًا.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: جامعة القاهرة طلاب الدمج الحالات الخاصة طلاب الدمج
إقرأ أيضاً:
هند عصام تكتب: الملك والذباب
تتوالى الفصول وتتعاقب السنوات تلو الأخرى وما (78زال العقل مشغول والقلب متعلق بقصص وحكايات ملوك وملكات مصر الفرعونية القديمة مثل إنشغال العالم أجمع بقصص وحكايات أكبر وأعظم حضارة فى تاريخ العالم ،حضارة لا حصر لها ولا نهاية وهنا يأمر العقل اليد بسرد قصة ملك جديد في غاية الأهمية وازداد قلبي شغفاً لمعرفة من هو الملك وكان الملك بيبي الثاني الذى اشتهر بطول مدة حكمة حيث ولد الملك بيبي الثاني فى القرن 23 ق.م .
ابن الملك مرن رع الأول والملكة عنخس أن بيبي الثانية عاش الملك بيبي الثاني نفر كا رع حياة طويلة، حكم خلالها المصريين طوال 94 عاماً وفقاً للعديد من المصادر، مما يجعله الحاكمَ الأطول عمراً في تاريخ مصر القديمة والحديثة تزوج خلالها كلا من الملكة عنخس ان بيبى الرابعه والملكة ايبوت الثانية و واجبت نيت ، وأنجب الملك بيبي الثاني الملكة نيت أقرت والملك مرن رع الثانى .
كان بيبي الثاني نفر كا رع أحد الفراعنة المصريين من الأسرة السادسة بالدولة القديمة، إذ بدأت فترة حكمه في نحو 2278 قبل الميلاد. عندما اعتلى نفر كا رع العرش خلفاً لأخيه المتوفى كان في السادسة فقط من عمره، ولعبت والدته في البداية دور الوصي عليه، في حين كان خاله الأمير جاو صاحب اليد العليا في تصريف أمور البلاد.
وفقاً للعديد من المصادر، يعتبر الملك نفر كا رع صاحب أطول فترة حكم لعاهل في تاريخ مصر كله، فقد جلس على العرش طوال 94 عاماً، تميزت بالاضطرابات السياسية وضعف قدرة الملك على السيطرة على حكام أقاليمه، خاصةً أنه كان مستضعفاً منذ اليوم الأول الذي اعتلى فيه العرش في سن صغيرة.
مع ذلك يقدر بعض علماء الآثار أن فترة 94 عاماً قد يكون مبالغاً فيها، وأنه في الواقع حكم فترة 64 عاماً فقط، لكن طول فترة حكمه لا يزال موضع خلاف بطبيعة الأحوال.
وأشتهر الملك بيبي الثاني ببعض الأفعال التي تبدو غير طبيعية ولعل من أبرز الغرائب التي نقلت عن فترة حكم الملك بيبي الثاني، أنه كان يكره الذباب كرهاً شديداً فابتكر وسيلة غريبة لإبعاد الذباب عنه. إذ أمر الملك عبيده بأن يغطوا أنفسهم بالعسل؛ كي يتجمع الذباب حولهم وينصرف عنه.
ويعتبر سلوك الملك غريباً في ذلك الوقت ليس فقط لكونه ابتكر طريقة تُخضع عبيده للتعذيب النفسي طوال اليوم، بل لأن المصريون القدماء لم يكونوا ينظرون إلى الذباب على أنه من الحشرات الكريهة.
على العكس فقد كان المصريون ينظرون بعين التقدير إلى تلك الحشرة؛ لكونها رمزاً للمثابرة وسرعة الحركة، وقد مُنح الذباب الذهبي للجنود الذين يظهرون مثل هذه الصفات في ساحات المعارك. كما تم صنع تمائم على شكل ذباب من الذهب والفضة والعظام واللازورد والعقيق والجمشت. ويذكر أنه قد تم العثور على كثير من قلادات الذباب الذهبية في مقبرة الملكة أحوتب.
وبالعودة إلى الملك نفر كا رع فلم يتمثل سلوكه غير العادي فقط في تغطية العبيد بالعسل لإبعاد الذباب، بل تمثل أيضاً بهوسه بالأقزام
و تُظهر الرسالة المحفوظة التي كتبها الملك بيبي الثاني إلى حرخوف حاكم أسوان ورئيس إحدى البعثات التي أرسلها الملك إلى النوبة، أن الملك بيبي الثاني قد أمر بالبحث عن الأقزام وإلقاء القبض عليهم وإحضارهم إلى القصر بهدف التسلية.
وقد كانت رسالة الملك غريبة إلى حد كبير وتنم عن عدم نضج وفقاً لوصف البعض، لذلك يرجح أنه كتبها في سنوات حكمه الأولى عندما كان لا يزال طفلاً، إذ جاء في نص الرسالة: "يجب عليك إحضار القزم الحي وهو سليم وبصحة جيدة؛ لتبهج وتفرح قلب ملك مصر العليا والسفلى".
وأضاف: "عندما ينزل معك إلى السفينة، فقم بتعيين أشخاص موثوق بهم يكونون بجانبه لحراسته، واحرص على ألا يسقط في الماء. وعندما ينام ليلاً فعيّن أحداً من الحرس الموثوقين كي يبقى بجواره، تفحصه عشر مرات في الليلة، لأن جلالتي يرغب في رؤية هذا القزم أكثر من كل منتجات سيناء. إذا وصلت إلى هنا وكان القزم معك، على قيد الحياة وبصحة جيدة، فإن صاحب الجلالة سيمنحك العديد من التكريمات الممتازة لتكون فخراً لك ولأولادك من بعدك".
ورث الملك بيبي الثاني دولة متهاوية، وكان هو نفسه صغيراً في السن عندما استلمها، مما جعل الأمور تسوء أكثر، وعلى الرغم من ارتباط اسمه بكثير من الحملات العسكرية التي اعتاد إرسالها إلى الجنوب بقيادة حكام إلفنتين، الواقعة في أسوان، فإن هذه الحملات لم تستطع إنقاذ حكم الملك من الضياع.
و كانت مصر في تلك الفترة بحاجة إلى ملك قوي ذي نفوذ وسلطان وقادر على كبح أطماع حكام الأقاليم الذين لم يعودوا يكنون الولاء للملك، ولم تتوافر تلك الصفات في الملك نفر كا رع، فعمت الفوضى البلاد وراح حكام الأقاليم يتصرفون على هواهم للحصول على مزيد من السلطة والمال على حساب الرعية، ولم يكن الملك قادراً على ردعهم أو وضع حد لجشعهم، وعلى الرغم من فترة حكمه الطويلة فإنها تميزت بكونها فترة تسودها الاضطرابات السياسية، ولم تستطع الأسرة السادسة التي ينتمي لها الملك أن تصمد طويلاً من بعده، فقد ترك الملك بيبي الثاني نفر كا رع لورثته دولة على حافة الانهيار.
يعتبر نفر كا رع من الملوك القلائل الذين تم تصويرهم بطريقة سلبية في النصوص الأدبية، لا سيما في قصته مع الجنرال ساسينيت.
و كان الجنرال ساسينيت هو القائد المسؤول عن الحملات العسكرية في عهد الملك نفر كا رع، ووفقاً للنصوص الأدبية فقد جمعت علاقة خاصة كلاً من الرجلين.
من المفروغ منه أن القائد كان مقرباً للغاية من الملك، فقد كان ذراعه اليمنى ومستشاره في الشؤون العسكرية وغيرها من أركان حكم الدولة .
وهناك بعض البرديات التى تتحدث عن زيارة غير عادية قام بها الملك بيبي الثاني في وقت متأخر من الليل إلى الجنرال ساسينيت والتي يشير البعض إلى أن هذه الحكاية تتعلق باتجاه مثلي الجنسية محتمل للملك بيبي الثاني، في حين أن آخرين يعتقدون أنها قد تكون مجرد إشاعة أو تفسير خاطئ للأحداث وما هي إلا محاولة لتشويه سمعت الملك بيبي الثاني و فهم تصرفاته خطأ.