إلى ضفاف النيل بمحافظة أسوان جنوبي مصر، يشد سياح أجانب من مختلف الجنسيات رحالهم لقرية "غرب سهيل" التي شقت طريقها للعالمية بفضل عادات أهلها وتقاليدهم النوبية الشهيرة، وحفاظهم على تاريخ مصر الذين يستعرضون تفاصيله بالألوان على جدران منازلهم وفي شوارعهم.

المراكب الشراعية تعد وسيلة المواصلات الأبرز في تلك القرية التي يزيد عمرها على 100 عام.

بين أحضان الطبيعة

ترتبط القرية بتاريخ سكان النوبة إحدى أقدم الحضارات في تاريخ مصر القديم قبل آلاف السنين، والذين جاوروا النيل وأخذوا منه سخاءه كما يقول سكانها ونالوا من الطبيعة لون سمائها الأزرق.

وبمجرد الوصول إلى القرية، يستطيع من يزورها أن يستنشق نسمات هوائها الصافي، والتمتع بالرسومات الجدارية التي تزين منازلها ومبانيها البسيطة التقليدية، حيث رسمت بمهارة وألوان بهية تحاكي مشاهد من الحياة اليومية للنوبيين.

كما تخطف الأنظار رسومات أخرى عن النيل والمراكب الشرعية التي تعد روح تلك القرية، بالإضافة إلى الجداريات التي تحتفي بمحمد صلاح، لاعب كرة القدم المصري المحترف في نادي ليفربول الإنجليزي.

وبجانب الواجهات الخارجية لمباني القرية، لا يُترك جانب من أركان المنازل دون رسومات تراثية لتاريخ النوبة، لا سيما للنيل والمراكب الشراعية أحد أبزر وسائل التنقل لساكني ضفاف النهر.

المراكب الشراعية تعد وسيلة المواصلات الأبرز في قرية "غرب سهيل" الواقعة في محافظة أسوان جنوبي مصر (الأناضول) عادات مبهجة

وداخل أحد منازل "غرب سهيل" يجلس نصر الدين عبد الستار، الشهير بالحاج ناصر، وهو أحد وجهاء القرية، حيث رسمت تجاعيد وجه الستيني بعضا من ملامح وتاريخ قريته النوبية.

إعلان

يقول ولسانه يذوب عشقا في قريته، إن غرب سهيل "تستحوذ على النصيب الأكبر في السياحة بين قرى النوبة في جنوب مصر"، بفضل ما تتمتع به من جمال، إضافة إلى تناسق ألوان منازلها وزينتها، سواء بالمنتجات اليدوية أو المأكولات أو التماسيح.

ويشير ناصر إلى ذلك الحوض المبني بالطوب داخل منزله والذي يحتوي عددا من التماسيح، موضحا أن قريته تشتهر بتربية التماسيح الصغيرة في النيل منذ فترات طويلة، لافتا إلى أنه بدأ هذه العادة منذ العام 1995.

ويخرج ناصر أحد تلك التماسيح الصغيرة ممسكا به بمهارة من خلف فكه بيد، وبيد أخرى بذيله، بينما التمساح يفتح فمه ويعلو صوته أحيانا.

وعن تربية هذه الزواحف، أوضح الرجل الستيني أن "التمساح يأكل نحو مرتين أو 3 في الأسبوع، ويتم تنظيف حوضه الذي يمتد بعرض متر في مترين باستمرار".

وأوضح أنه مع حلول فصل الشتاء يبدأ التمساح بياتا شتويا، فلا يأكل من منتصف ديسمبر/كانون الأول وحتى مطلع مارس/آذار، إذ يعيش على الماء فقط.

ووفقا للحاج ناصر، يمكن أن تعيش التماسيح معه لفترات زمنية طويلة، ويتذكر أنه أعاد تمساحا عمره 20 عاما للنيل مرة أخرى بعد أن كبر حجمه.

صور وتماثيل اللاعب المصري محمد صلاح حاضرة بقوة في قرية "غرب سهيل" (الأناضول) قرية عالمية

وكان تمسك أهل "غرب سهيل" بحياتهم التقليدية البسيطة، حيث تنعكس بيئتهم على تفاصيل حياتهم اليومية بدءا من ملابسهم، وشكل ومعمار منازلهم، وطريقة تنقلهم، وراء اختيار منظمة السياحة لعالمية التابعة للأمم المتحدة لقريتهم كـ"أحد أفضل القرى الريفية السياحية لعام 2024″.

وجاءت "غرب سهيل" ضمن قائمة مكونة من 55 قرية وصلت إلى المرحلة النهائية على مستوى العالم من بين 260 قرية تقدمت للحصول على لقب "أفضل القرى الريفية السياحية" في العالم.

وأُنشئت القرية منذ أكثر من 100 عام، عند بناء خزان أسوان القديم عام 1902، وتعليته الأولى عام 1912، وترجع تسمية القرية إلى وقوعها غرب جزيرة سهيل، بحسب إعلام مصري محلي.

إعلان

وتقع جزيرة سهيل على بُعد 4 كيلومترات جنوب غرب مدينة أسوان، على ضفاف النيل، ولها بعد تاريخي إذ كانت منذ آلاف السنين، مستقرا للمصري القديم، وتضم صخورها نقوشا تاريخية.

وسبق أن أكد محافظ أسوان إسماعيل كمال عقب الفوز بالجائزة، أن "قرية غرب سهيل النوبية استطاعت أن تصل إلى العالمية، بفضل الجهود التي حولت زيارتها إلى تجربة فريدة في مجال السياحة البيئية".

وتحدث عن تحويل منازل القرية إلى "مواقع سياحية تستقبل آلاف السائحين الأجانب سنويا، وبالتالي تحولت المحافظة إلى قبلة للسياحة العالمية".

يزيد عمر بعض المراكب الشراعية في قرية "غرب سهيل" الواقعة بمحافظة أسوان جنوبي مصر عن 100 عام (الأناضول) تجربة بيئية فريدة

وآنذاك، أبرز خيري محمد علي رئيس غرفة شركات السياحة ووكلاء السفر بأسوان، مزايا القرية، قائلين إنها "نجحت في إيجاد مفهوم جديد للسياحة بمصر من خلال تحويل منازل القرية النوبية إلى أماكن وفنادق بيئية لاستقبال السائحين الأجانب الباحثين عن السياحية البيئية الفريدة".

واعتبروا أن أهم ما يميز القرية هو منحها الهدوء لزائريها والقدرة على معايشة أهالي النوبة داخل منازلهم، وهي من الأنواع السياحية الجديدة التي تختلف عن السياحة التقليدية الصاخبة داخل الفنادق الكبرى والقرى السياحية"، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء المصرية.

وتمكنت قرية غرب سهيل بمفهومها الجديد بحسب علي من "خلق تنوع سياحي فريد بابتكارها نمط السياحة البيئية، بعد أن تحولت معظم مبانيها ومنازلها إلى لوحة فنية مبهجة من حيث الألوان والرسومات ذات الطابع والطراز النوبي الفريد".

وفي السياق، أكد عبد الناصر صابر نقيب المرشدين السياحيين السابق بأسوان، أن القرية باتت كأنها "ستوديو (موقع تصوير) طبيعي مفتوح، حيث كسرت جمود السياحة التقليدية التي تبحث فقط عن الترفيه وزيارة المعالم الأثرية".

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات غرب سهیل

إقرأ أيضاً:

سيناء تنتعش على وقع حرب إيران وإسرائيل .. قفزة سياحية بـ300% رغم النيران

في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية بين إسرائيل وإيران، بدأت تداعيات هذه الأزمة تنعكس بشكل مباشر على قطاع السياحة المصري، لاسيما في مناطق سيناء القريبة من الحدود مع إسرائيل. 

إذ تسببت الهجمات المتبادلة بين الجانبين في اضطرابات لحركة الطيران من وإلى عدد من العواصم الإقليمية، بينما شهدت مناطق مثل طابا ونويبع طفرة غير مسبوقة في نسب الإشغال الفندقي بفعل موجات النزوح المؤقتة من داخل إسرائيل.

إلغاء رحلات جوية وتعليق وجهات

وكانت شركة "مصر للطيران" قد أعلنت، في بيان رسمي صدر خلال الأيام الماضية، عن إلغاء عدد من رحلاتها المتجهة إلى عواصم عربية مثل عمّان وبيروت وأربيل وبغداد، كإجراء احترازي على خلفية التصعيد العسكري المتسارع بين طهران وتل أبيب.

كما علّقت بعض شركات الطيران الإقليمية والخاصة رحلاتها إلى مطارات في نطاق الصراع، في وقت تتجه فيه شركات أخرى إلى إعادة تقييم جدول رحلاتها وفقًا للتطورات الميدانية في المنطقة.

قفزة مفاجئة في الإشغالات السياحية بسيناء

في المقابل، شهدت مناطق نويبع وطابا المطلة على خليج العقبة شمال شرق مصر، ارتفاعًا قياسيًا في نسب الإشغال الفندقي بنسبة 300%، إذ قفزت من 15% إلى 60% خلال الأيام الأخيرة، وفقًا لمصادر سياحية أكدت أن السبب الرئيسي في هذا التغير الحاد هو تدفق جنسيات أجنبية مقيمة في إسرائيل، معظمهم من الأوروبيين، فرّوا من تصاعد وتيرة المواجهات العسكرية.

وأفادت المصادر أن معبر طابا يشهد تكدسًا مروريًا كبيرًا خلال الأسبوع الجاري، بسبب عبور مئات الأجانب والإسرائيليين إلى مصر، تمهيدًا للسفر منها إلى أوروبا وأمريكا.

تحليل بيانات الحجز الفندقي

ووفقًا لبيانات موقع AirROI المتخصص في تحليل الإيجارات قصيرة الأجل، فإن منطقة جنوب سيناء كانت تعاني من تراجع كبير في الإشغالات منذ أحداث 7 أكتوبر 2023، مع استثناءات طفيفة مرتبطة بالأعياد المصرية.

وبحسب التحليل الموسمي، فإن شهر مارس عادةً ما يسجل أعلى معدلات الحجز، بينما يُعد شهر يونيو موسم الركود السنوي. إلا أن التصعيد الإقليمي غيّر هذه القاعدة، ليرتفع الإشغال الفندقي بشكل غير تقليدي خلال هذا الشهر.

تتبع الفنادق في مثل هذه الفترات استراتيجيات مرنة، كخفض الحد الأدنى للإقامة وتقديم عروض ترويجية، لتحفيز الطلب، لكن هذه المرة جاء الارتفاع مدفوعًا بالمتغيرات السياسية.

المعابر الحدودية.. من مهجورة إلى مزدحمة

نقل موقع "واللا" الإسرائيلي بيانًا صادرًا عن السفارة الصينية في تل أبيب، أكدت فيه بدء خطة إجلاء لرعاياها من إسرائيل عبر معبر طابا الحدودي، مرورًا بالأراضي المصرية، وذلك بعد سقوط ضحايا جراء المواجهات المتواصلة.

ومن جهتها، أشارت صحيفة "هاآرتس" إلى أن معبر "مناحيم بيجن" الإسرائيلي المقابل لمعبر طابا المصري يشهد ازدحامًا غير مسبوق، في وقت فرّ فيه مئات الإسرائيليين من التصعيد باتجاه الأراضي المصرية، على الرغم من تحذيرات السفر إلى مصر التي أصدرتها الحكومة الإسرائيلية.

ووصفت الصحيفة المعبر، الذي كان شبه مهجور منذ اندلاع الحرب في غزة، بأنه "عاد إلى الحياة كبوابة رئيسية للإسرائيليين الراغبين في الهروب أو الدخول إلى البلاد عبر الطرق البرية".

كما كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن هروب مئات الإسرائيليين إلى أوروبا عبر سيناء، رغم التحذيرات الرسمية من السفر إلى مصر.

الجنسية البريطانية في الصدارة

وفي تحليل لجنسيات السائحين المقيمين حاليًا في منطقة شرم الشيخ، أظهرت البيانات أن السياح البريطانيين يتصدرون نسبة الإشغالات بنسبة 16.2%، يليهم الأمريكيون بنسبة 11%، فيما جاءت كل من الجنسيتين الإيطالية والفرنسية في المرتبة الثالثة بنسبة 7.5%، بينما بلغت نسبة الإشغالات للمصريين 6.9%.

ورغم العوامل الإقليمية المعقدة، تواصل السياحة المصرية تحقيق مكاسب ملحوظة. فقد ارتفعت الإيرادات السياحية بنسبة 9% على أساس سنوي خلال 2024 لتصل إلى 15.3 مليار دولار، مقارنة بـ 14.1 مليار دولار في 2023، بحسب بيانات البنك المركزي.

كما ارتفع عدد السائحين الوافدين إلى البلاد بنسبة 5% ليبلغ 15.7 مليون سائح، رغم استمرار الحرب في غزة على حدود مصر الشرقية الشمالية، وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية التي أثرت على السياحة من هذين البلدين.

ورغم التأجيل المستمر لافتتاح المتحف المصري الكبير إلى نهاية العام، لا تزال الآمال معقودة على أن يشكل هذا الحدث دفعة قوية لقطاع السياحة الوافدة في الأشهر المقبلة.

طباعة شارك إسرائيل إيران طهران تل أبيب طهران وتل أبيب نويبع طابا

مقالات مشابهة

  • انتهاء تطوير المنطقة السياحية بكورنيش النيل والمراسى بمعبدكوم أمبو أكتوبر القادم
  • سناء سهيل: نعمل على تطوير استراتيجية وطنية لنمو الأسرة الإماراتية
  • أمير المنطقة الشرقية يرعى حفل إطلاق وجهة “لازورد” في الخُبر التي تضم أكثر من 8 آلاف وحدة سكنية
  • أمير الشرقية يرعى حفل إطلاق وجهة “لازورد” في الخُبر التي تضم أكثر من 8 آلاف وحدة سكنية
  • شهداء لقمة العيش.. الحزن يخيم على قرية الترامسة بقنا عقب غرق شابين بأسوان
  • مدبولي: سيكون لدينا مراكز عالمية سياحية واقتصادية وتعليمية وصحية في العلمين الجديدة
  • «غاف يام نيغيف».. القرية الذكية في بئر السبع تتحول إلى ساحة نيران
  • ميديابارت: مكتب المدعي العام في مرسيليا فقد الأدلة بمقتل سهيل الخلفاوي
  • مقتل مهندس مغربي في رحلة سياحية بكندا
  • سيناء تنتعش على وقع حرب إيران وإسرائيل .. قفزة سياحية بـ300% رغم النيران