التكامل بين الذكاء البشري والاصطناعي
تاريخ النشر: 13th, May 2025 GMT
التكامل بين الذكاء البشري والاصطناعي
بانتشار الذكاء الاصطناعي في كل زاوية من زوايا الحياة، وتغلبه في بعض المهام أحيانًا على القدرات البشرية، أُغرق البشر في الخوف من هذه التقنية ربما لتطورها السريع، والوعود بأن بالإمكان تطويرها لتصبح أكثر كفاءة من البشر في معظم المهام البشرية، وبالتالي استبدال الإنسان في وظائف عدة، وتقليل الاعتماد عليه في جوانب قد تبدو معقدة، لكنها عند الذكاء الاصطناعي بسيطة، ويمكن إنجازها في ثوان أو دقائق معدودة.
وما يغفله الذكاء الاصطناعي أن الدماغ البشري هو أحد أكثر الأنظمة تطورًا وكفاءة، وإذا كان بالإمكان للذكاء الاصطناعي معالجة كميات هائلة من البيانات وتحديد الأنماط، فإنه يفتقر إلى الفهم الدقيق الذي يأتي بشكل طبيعي للبشر، وبالفعل يستطيع الذكاء الاصطناعي تحليل المشاعر والتعرف على تعابير الوجه، لكن تنقصه المشاعر، فالإنسان لا يتحرك في قراراته بالعقل والمنطق فقط، والذكاء العاطفي البشري يمكنه إنجاح صفقة معقدة، أو إدارة فريق خلال أزمة، أو تطوير منتجات يتردد صداها لدى المستهلكين.
وليس لدى الذكاء الاصطناعي قدرة على التخيل البشري، وتحويل الخيال إلى واقع، بل إن أقصى ما يمكنه هو توليد اختلافات بناءً على الأنماط المتاحة فقط، وحتى الابتكار في الذكاء الاصطناعي قد يشوبه الخلل، نظرًا لعدم فهم الاحتياجات البشرية والرغبات والفروق المجتمعية بعمق، ولذا يعدُّ الذكاء الاصطناعي أداة تساعد البشر، يمكنه التعامل مع المهام الروتينية ومعالجة المعلومات بسرعة، وفي النهاية يحتاج إلى البشر لتوجيهه. ومن الأشياء المفقودة أيضًا لدى الذكاء الاصطناعي البوصلة الأخلاقية، فمن الصعوبة لغير البشري إصدار الأحكام القيمية لأنها بالأساس تتطلب فهمًا للقيم الإنسانية والمعايير المجتمعية.
وبينما تتزايد التحذيرات من قدرة الذكاء الاصطناعي على استبدال الإنسان في سوق العمل، والتداعيات الاجتماعية والاقتصادية جراء ذلك، فإن الطريق ليس ممهدًا بالكامل، لأن تقنيات الذكاء الاصطناعي مكلفة للغاية من الناحية التجارية، وهناك وظائف جديدة تخلقها هذه التقنيات لم تكن موجودة من قبل، أي أن التغيير هو في طبيعة الوظائف، وليس متعلقًا ببطالة الإنسان مقابل عمل الآلة، ومن المحتمل أن هذا التغيير تدريجًيا للذكاء الاصطناعي، وهذا ما يدفع البشر إلى تطوير مهاراتهم وصقل القدرات التكنولوجية، لأن المعرفة التكنولوجية أضحت ركنًا أساسيًّا في سوق العمل، إضافة إلى المهارات الأساسية للعمل، فالتحول الحقيقي يتعلق بالارتقاء، أي يتولى الذكاء الاصطناعي المهام الروتينية المتكررة، ويصبح البشر أكثر تركيزًا على الأنشطة ذات القيمة الأعلى التي تتطلب قدرات بشرية فريدة، في منظومة عمل يتكامل فيها الإنسان مع الآلة.
وفي ظل التطور المتسارع، على البشر الاستعداد لمرحلة تعميم الذكاء الاصطناعي في أسواق العمل حول العالم، لكن ليس عليهم القلق كثيرًا مما يسمونه الذكاء الاصطناعي العام (AGI)، الذي هو مصطلح يشير إلى إنشاء تطبيقات لديها ذكاء يشبه الإنسان ولديها قابلية التعليم الذاتي، بهدف القدرة على أداء مهام لم يدرب عليها، والتوقعات في الوصول إلى الذكاء الاصطناعي العام في السنوات القادمة، غير أن المشكلة تكمن في أنها فكرة تفترض أن الذكاء البشري هو صنف واحد، إذ تتعامل أبحاث الذكاء الاصطناعي مع الذكاء البشري كما لو كان مقياسًا خطيًّا، وفي الحقيقة أن الذكاء الإنساني يختلف من شخص إلى آخر، وأحيانًا لا يفهم البشر المحتوى ذاتَه إن تغيرت البيئة والمجتمع، حتى وإن كانت اللغة واحدة.
إن التكامل بين الذكاء البشري والاصطناعي بات من ضروريات الحياة على مستوى الدول والأفراد، وعلينا أن نركز على نقاط القوة وتطوير هذه التقنيات بحكمة وبمعايير أخلاقية تضمن تحقيق الاستفادة للجميع، لاسيما أن الذكاء الاصطناعي، بما يوفره من سرعة ودقة في معالجة البيانات والتحليل، يُكمل القدرات البشرية، ويسهم في اتخاذ قرارات أكثر رشادة، غير أن اليد الطولى تبقى للذكاء البشري في توجيه هذه التقنيات الحديثة نحو أهداف إنسانية تخدم البشرية.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی الذکاء البشری
إقرأ أيضاً:
بابا الفاتيكان يحذّر: الذكاء الاصطناعي تحد للبشرية
وصف بابا الفاتيكان ليو الرابع عشر، اليوم السبت، الذكاء الاصطناعي بأنه "تحد رئيسي أمام البشرية".
وفي أول لقاء رسمي له، أوضح البابا ليو الرابع عشر أنه سيتبع الإصلاحات التحديثية لسلفه البابا فرنسيس لجعل الكنيسة الكاثوليكية شاملة، ومهتمة بالمؤمنين، وكنيسة ترعى "الأقل حظا والمرفوضين".
واستشهد البابا مرارا بسلفه الراحل البابا فرنسيس، وقال للكرادلة الذين انتخبوه إنه ملتزم تماما بإصلاحات المجمع الفاتيكاني الثاني، واجتماعات الستينيات التي أدت إلى تحديث الكنيسة.
وأشار ليو الرابع عشر إلى ما قدمه الذكاء الاصطناعي في تفسير اختيار لقبه (ليو الرابع عشر)، مشيرا إلى سميه: "كان البابا ليو الثالث عشر، بابا من عام 1878 إلى عام 1903 ووضع الأساس للفكر الاجتماعي الكاثوليكي الحديث".
وقد فعل ذلك عبر رسالته البابوية الشهيرة "ريروم نوفاروم" عام 1891، التي تناولت حقوق العمال والرأسمالية في فجر عصر الصناعة.
وانتقد البابا الثالث عشر الرأسمالية الاقتصادية الحرة والاشتراكية المتمركزة حول الدولة، مما شكل نهجا كاثوليكيا مميزا في التعاليم الاقتصادية.