بأقلام قطرية.. كاتبات صغيرات يرسمن أحلامهن بالكلمات
تاريخ النشر: 13th, May 2025 GMT
تُعدّ القصص القصيرة من أبرز أشكال الأدب التي تعكس التجارب الإنسانية المتنوعة في قالب مختصر ومؤثر، وفي سياق العناية بهذا الفن تأتي الكاتبات الصغيرات اللواتي قدمن رؤية فريدة ومختلفة عن العالم من حولهن. إن قصصهن تُعتبر نافذة على عالم مليء بالتحديات والأحلام، حيث تطرح مسائل الهوية والقدرة على التعبير عن الذات ضمن إطار مجتمعي يتسم أحيانا بالقيود.
تتسم أعمال الكاتبات بالجرأة والإبداع، حيث يسعَين للتعبير عن مشاعرهن وتجاربهن الحياتية بطرق جديدة ومبتكرة. إن سنّهن الصغيرة لا تعني قلة الخبرة، بل غالبا ما تمنحهن منظورا فريدا يمكّنهن من إيصال أفكارهن بوضوح وعمق قادر على لمس قلوب القُرّاء. في هذه القصص، يتم تسليط الضوء على تجارب الفتيات في مجتمعاتهن، ما يجعل أعمالهن تتسم بالصدق والحيوية.
في هذا التقرير، سنستعرض مجموعة من أعمال الكاتبات الواعدات المشاركة في الدورة الرابعة والثلاثين من معرض الدوحة الدولي للكتاب، مع التركيز على أسلوبهن الفريد في السرد ومعالجة القضايا الاجتماعية والنفسية المختلفة التي تواجه الفتيات في مجتمعهن. كما سنتناول أيضا تأثير هذه الكتابات على القُرّاء وكيف تمكنت من فتح حوار حول قضايا لم تكن تُناقش بشكل كاف في الأدب التقليدي.
نبدأ مع الكاتبة دلال سلطان الرميحي (10 سنوات)، كتبت قصة "دبدوب الوسادة"، التي تدور أحداثها حول فتاة كانت ترغب في شراء دمية ولكن والدتها لم تمتلك القدرة على شرائها، فاقترحت على والدتها صناعة دمية من الوسائد القديمة والاستفادة منها بدلا من رميها.
وفي حديث للجزيرة نت قالت دلال إن بدايتها في الكتابة كانت من خلال مشاركتها المدرسية في كتابة القصة القصيرة، وساعدها شغفها وحبها لجمع وقراءة القصص القصيرة على تبلور فكرة كتابة قصة خاصة بها تنشر على نطاق أوسع من المدرسة.
وأكدت دلال على أنها تميل لكتابة القصص الحقيقية وبها عبرة، كما أنها تحب رسم شخصيات طفوليه في قصصها، وأوضحت أنها تواجه أثناء الكتابة تحديات في صياغة الكلمات، ولكن وجود والدتها ودعمها المستمر لها يجعلها تتغلب عليها.
إعلانوقالت إن "هدفي من القصة هو الحرص على الاستفادة من الأشياء حولنا وتحويلها من لا مفيد إلى شيء نستفيد منه". و شكرت دلال والديها على دعمهم المستمر لها، وعبرت عن شعورها بالفخر والإنجاز، كما دعت كل من تجد في نفسها الرغبة في الكتابة أن تنطلق ولا تفكر في العقبات والفشل.
الكاتبة مريم علي النملان (13عاما)، كتبت قصة "الغزالات ودولة قطر"، تتحدث فيها عن غزالتين تتحدثان عن التطور الذي ستصل له قطر بحلول عام 2030 بأسلوب شيق وقريب من الطفل. وجاءت فكرة القصة من رغبة الأطفال في فهم جهود الدولة للوصول إلى القمة، وأضافت: أحببت أن أجعل موضوع مؤلفاتي مختصا بدولتي الحبيبة فقصتي الأولى كانت عن إكسبو قطر وتمكين التكنولوجيا والاستدامة وقصتي الثانية عن رؤية قطر.
وعن اختياراتها للشخصيات التي تظهر في قصصها، قالت مريم إنها تختارها دائما من البيئة القطرية، حتى يسهل على الأطفال الغوص في أحداث القصة وتخيلها، في قصتها الأخيرة كانت شخصيتها المها العربي. وعبرت عن التحديات التي تواجهها أثناء الكتابة "في السابق كنت أواجه مشكلة تدقيق أحداث القصة نحويا ولغويا، لكن لكون والدتي خريجة بكالوريوس اللغة العربية فقد ساعدتني في تجاوز ذلك".
وأشارت إلى أنها تسعى دائما لتطوير إمكانياتها الكتابية، وذلك من خلال الإكثار من القراءة، فالقراءة أساس كل تطور وإنجاز، "ولذلك أنا عضو في أغلب المكتبات داخل قطر وخارجها، ومنها مكتبة إثراء السعودية أكبر مكتبة بالشرق الأوسط".
ووجهت مريم نصيحة للصغار الذين يرغبون في أن يصبحوا مؤلفين، "تقدموا وخوضوا هذه التجربة فهي ممتعة وليست صعبة". وأضافت أن شعور الفخر والإنجاز في لذة الوصول يستحق التجربة. وأثنت الكاتبة الصغيرة على دور ودعم المقربين لها، قائله: والداي "بجانبي دائما بكل إنجازاتي داخل قطر وخارجها، لهم الفضل في كل ما أنا عليه الآن". وأشارت إلى أفضل نصيحة تلقتها "عندما نبدأ سنصل".
إعلانوالجدير بالذكر أن الكاتبة مريم ألفت قصتها الأولى "ريم والروبوت" التي تدعم تطبيق التكنولوجيا في حياتا، وشاركت في معرض الرياض الدولي في نسخته السابقة، وحصلت على جائزة التميز العلمي بالدوحة عام 2024، كما أنها عضو في لجنة حقوق الطفل العربي.
وفي تجربتها الأولى بالكتابة حاورت شيخة علي النملان (9 سنوات)، جدتها عن الحياة السابقة في قطر وكذلك الإنجازات التي حققتها والبصمة العالمية التي تركتها بلادها على جميع الأصعدة الرياضية والثقافية والتعليمية وغيرها في الوقت الحالي، بالإضافة إلى نظرة مستقبلية لما تسعى قطر لتحقيقيه من خلال رؤيتها 2023.
و في حوار مع "الجزيرة نت" قالت الكاتبة شيخة، "جاءت الفكرة من حكايا جدتي الغالية مريم فهي تحب أن تحكي دائما عن طبيعة الحياة في قطر سابقا فأحببت أن ألخص ذلك في قصتي سوالف جدتي مريم". وأضافت أن "قصتي الحالية تتحدث عن السفر عبر الزمن لرؤية تطور قطر في المستقبل والعودة للماضي لرؤية كيف كانت حياة الأجداد".
ولدى الكاتبة شغف بالقراءة وأشارت إلى أنها تحب القراءة لكتاب مختلفين لذلك شاركت في "برنامج العائلة" التابع لمكتبة قطر الوطنية، حيث يتم ارسال مجموعة قصص للمشتركين شهريا، وأضافت "كما أحب أن اكتب في ذات المكتبة، حتى أجد ما احتاجه من الكتب التي تساعدني موجودة حولي وأحب أن أكتب بعد الانتهاء من واجباتي المدرسية".
ويعتبر اختيار عنوان للقصة من أبرز التحديات التي تواجهها شيخة، "كنت آخذ وقتا طويلا لأختار عناوين لقصصي ولكن أختي مريم أصبحت تساعدني في ذلك".
وعن دعم عائلتها قالت شيخة: والدتي حريصة دائما على جعلنا مواطنين فاعلين في وطننا حتى إن كنا أطفالا لابد أن نساهم في ذلك بما يتناسب مع مرحلتنا العمرية، وأبي يحرص على دعمنا والوقوف بجانبنا لتحقيق أحلامنا دوما وصديقاتي دائما يقرأن ما أكتب ويشجعنني.
إعلانوتأمل شيخة أن يكون إصدارها القادم عن حب الوطن، وكذلك مواضيع تحث على الترابط الأسري، لأن نهضة الأوطان وصلاحها يبدأ من صلاح الأسرة.
ومن جانبها وجهت الكاتبة شيخة رسالة للأطفال الراغبين في الكتابة: لا شيء سهل في البداية ولكن مع الممارسة يصبح الصعب يسيرا ومستطاعا. وهي تصف شعورها بعد الكتابة بالسعادة وأنها فخورة بالإنجاز الذي حققته وهي في السنة الرابعة من المرحلة الابتدائية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الکاتبة مریم
إقرأ أيضاً:
هل ستندلع حرب بين تركيا وإسرائيل؟
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب في وقت مبكر من صباح اليوم التوصل إلى اتفاق لإطلاق النار بين إسرائيل وإيران، على أن يعلن انتهاء الحرب بعد تفعيل هذا الاتفاق لمدة 24 ساعة، واضعًا بذلك نهاية لما أسماه حرب الأيام الاثني عشر.
حسنًا، لا يمنعنا هذا من السؤال: هل تندلع حرب بين تركيا وإسرائيل على غرار ما حصل مع إيران؟
دعوني أبدأ من حيث ينبغي أن أنتهي: ما دامت مراكز القرار في الولايات المتحدة وإسرائيل تضم أشخاصًا يتخذون قراراتهم استنادًا إلى مراجع لاهوتية غير عقلانية، فإن أيًا من دول العالم لن تكون في مأمن.
على جميع الدول التي تظن اليوم أنها على وفاق مع ترامب، أو أنها لا تواجه مشكلات مع إسرائيل، أن تدرك أنها عرضة للخطر بسبب أولئك الذين ينظرون إلى العالم بعقلية لاهوتية غير عقلانية.
هذه بالضبط هي المعضلة التي تعاني منها أوروبا. فمن لا يتحرك وفقًا للمنطق والحقائق الجيوسياسية، وتحكمه الأوهام والهواجس، فلا حدود لما قد يرتكبه من جنون.
ربما كانت إسرائيل من أكثر الدول توقعًا لما تفعل؛ لأنها لم تعد تخفي حلم "أرض الميعاد"، بل حولته من يوتوبيا إلى هدف سياسي معلن. وعلى كل دولة في المنطقة ترى أن علاقاتها جيدة مع أميركا، إن كانت حدودها تمر عبر ما تعتبره إسرائيل "أرض الميعاد"، أن تدرك أنها ستتلقى مستقبلًا صفعة أميركية.
ففي أميركا أيضًا تيار فكري شبيه بالعقل الإسرائيلي غير العقلاني، وله تقارب أيديولوجي معها. والمشكلة الأساسية لدول المنطقة أنها لم تدرك بعد أنها تعيش في عالم تحكمه دول لا تستند في قراراتها إلى العقل ولا إلى الحقائق الجيوسياسية.
نسختان من العلاقات التركية الإسرائيليةمرت علاقات تركيا مع إسرائيل بمرحلتين. في المرحلة الأولى، كانت الحكومات التي أقامت علاقات وثيقة مع إسرائيل تنظر بعيدًا عن الشرق الأوسط نحو أوروبا. وعلى الرغم من أن أوروبا لم تقبل تركيا عضوًا كاملًا قط، فإنها ظلت تتركها على بابها وتعطيها بصيص أمل.
إعلانوخلال غياب تركيا عن الشرق الأوسط وتخليها عن الدول الإسلامية، تصرفت إسرائيل بحرية تامة. وعندما رفعت تركيا صوتها قليلًا، جاءت الضغوط من أميركا، وظهرت اضطرابات داخلية.
أما التحول الثاني فقد بدأ مع وصول رجب طيب أردوغان إلى الحكم. حينها أظهرت تركيا لأول مرة أن إسرائيل لا يمكنها أن تفعل ما تشاء في المنطقة، وأن تركيا لن تقول "نعم" لكل شيء. وقد تجلى ذلك بوضوح في مؤتمر دافوس عام 2009 حين قال أردوغان لرئيس إسرائيل "وان مينيت" (لحظة واحدة).
كنت حينها مستشار أردوغان الإعلامي، ورافقته إلى دافوس. وعندما ركبنا الطائرة عقدنا اجتماعًا مع باقي المستشارين، وقال أردوغان: "مهما حدث، لن نتراجع عن قرارنا"، معلنًا بذلك بداية مرحلة تاريخية جديدة.
منذ ذلك اليوم، تسعى إسرائيل لزعزعة استقرار تركيا. وعندما لم تفلح وحدها، حاولت تنفيذ انقلاب عسكري داخل تركيا عبر زعيم تنظيم غولن الذي كان مقيمًا في أميركا قبل وفاته هناك.
ففي 15 يوليو/ تموز 2016، جرت محاولة انقلاب عسكري عبر منظمة "فيتو" بقيادة فتح الله غولن، لكنها فشلت. استشهد 251 شخصًا، وأُصيب أكثر من ألفي شخص. وتجاوزت تركيا هذه المحاولة التي حظيت بدعم أميركي وإسرائيلي خفي، وخرجت منها أقوى.
هل تهاجم إسرائيل تركيا؟ما لم تدركه دول المنطقة هو أن إسرائيل، والتي لا تحركها عقلانية أو منطق جيوسياسي، يمكنها ارتكاب أي جنون، بمساعدة تيار مماثل في أميركا. فهؤلاء لا يظهرون مواقفهم المتشددة تجاه الدول الإسلامية فحسب، بل حتى تجاه أقرب حلفائهم في أوروبا.
وما دامت هذه الذهنية تتخذ قراراتها انطلاقًا من مشاعر دينية ولاهوتية، وليس من عقلانية سياسية، فإن الخطر جسيم. وعندما نضع في الحسبان ما قالته الإدارة الأميركية بحق حلفائها التقليديين في أوروبا، يمكننا تصور ما الذي قد تفعله تجاه الدول الإسلامية.
لقد كانت إيران حتى وقت قريب "خطًا أحمر" بالنسبة لأميركا، ومع ذلك، ضربتها إسرائيل. واليوم، تتحدث الصحافة الإسرائيلية عن تركيا باعتبارها العدو المقبل الذي ستواجهه إسرائيل في المرحلة الأخيرة. وهذا ليس مفاجئًا لنا، لأننا نؤمن بأن ذهنية إسرائيل اللاهوتية الحالمة قادرة على ارتكاب هذه الحماقة.
تركيا تستشعر التهديد من إسرائيللقد كانت مهاجمة إيران حلمًا إسرائيليًا قديمًا، لكنها لم تتمكن من إقناع واشنطن به. وقد نجحت أخيرًا في جر أميركا إلى ضرب منشآتها النووية عسكريًا.
ومن يظن أن إسرائيل ستتوقف عند هذا الحد فهو واهم. فقد رأت تركيا في سياسة إسرائيل التوسعية والعدوانية تهديدًا مباشرًا، وبدأت تعدل سياساتها الأمنية تبعًا لذلك. وبعد الهجوم على إيران، صرح الرئيس أردوغان بأن بلاده ستعيد صياغة مقارباتها الدفاعية والأمنية.
ففي بيئة تحولت فيها سياسات إسرائيل العدوانية إلى هجمات عسكرية، لم تعد هناك دولة في مأمن. وخصوصًا بعد أن تحولت "أرض الميعاد" من حلم إلى سياسة قابلة للتنفيذ، رفعت تركيا مستوى إدراكها للتهديد إلى أقصاه.
تركيا، التي تمتلك واحدًا من أقوى الجيوش وصناعات الدفاع في العالم، بدأت تعدل سياساتها الأمنية لمواجهة "التهديد التوسعي" الذي تمثله إسرائيل، وسنرى ذلك بشكل أوضح في المستقبل.
إعلانومن اللافت أن 96٪ من الشعب التركي يرى في إسرائيل تهديدًا ويشعر بالغضب تجاهها. والحقيقة أن لا دولة ولا أمة في الشرق الأوسط ستكون آمنة ما دامت إسرائيل متمسكة بحلم "أرض الميعاد". لكن، لماذا لا يعترفون بذلك؟ هذا ما لا أفهمه.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline