حذّرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (UNSMIL) من أن الهجمات المستمرة على المدنيين والبنية التحتية المدنية في العاصمة الليبية طرابلس قد ترقى إلى جرائم حرب، مشيرة إلى تصاعد الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني مع تدهور الوضع الأمني في البلاد.

تطورات ميدانية خطيرة في طرابلس

يأتي هذا التحذير الأممي في أعقاب اندلاع اشتباكات عنيفة بين الميليشيات المسلحة في طرابلس، على خلفية مقتل عبدالغني الككلي، المعروف بلقب "غنيوة"، وهو قائد جهاز دعم الاستقرار التابع للمجلس الرئاسي الليبي.

إعلان حالة الاستنفار في ليبيا عقب مقل قائد ميليشيا بعد مقتل قائده.. ماذا تعرف عن جهاز دعم الاستقرار في ليبيا؟

وقد شهدت العاصمة الليبية توترًا أمنيًا غير مسبوق، حيث اندلعت مواجهات مسلحة في عدد من المناطق الحيوية مثل تاجوراء وأبوسليم، مما أدى إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى، بالإضافة إلى نزوح أعداد كبيرة من السكان خوفًا من استمرار المواجهات المسلحة.

شلل في حركة الطيران وحالة طوارئ طبية

وبحسب ما نقلته قناة القاهرة الإخبارية عن مصادر محلية ليبية، فقد تم توقّف حركة الطيران بالكامل في مطار طرابلس الدولي عقب مقتل الككلي، في ظل تصاعد التوترات الأمنية التي شلّت الحركة في المدينة.

كما أعلنت وزارة الداخلية الليبية عن فرض حظر تجوال غير رسمي في بعض المناطق، وطالبت المواطنين في العاصمة بـ "الالتزام بالبقاء في منازلهم" حفاظًا على سلامتهم، في ظل توقعات بتجدّد الاشتباكات في أي لحظة.

من جانبها، أعلن مركز طب الطوارئ في طرابلس حالة طوارئ طبية شاملة، لتقديم الإسعافات للمصابين جراء المواجهات، وسط تحذيرات من انهيار المنظومة الصحية في حال استمرار العنف.

مخاوف من انهيار أمني شامل

وبحسب تقارير محلية، فإن مقتل الككلي أدى إلى تصدع خطير في توازن القوى بين الفصائل المسلحة المتمركزة في طرابلس، مما أثار مخاوف من انزلاق الأوضاع إلى حرب شوارع مفتوحة بين الميليشيات، وهو ما قد يُفاقم من معاناة المدنيين، ويزيد من هشاشة الوضع الإنساني في المدينة.

وتأتي هذه التطورات في وقت تعاني فيه ليبيا من انقسام سياسي وأمني حاد، وسط غياب سلطة موحدة قادرة على فرض الأمن، في ظل تفشي السلاح وغياب المساءلة القانونية بحق مرتكبي الانتهاكات.

الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر

وفي بيانها الرسمي، أكدت بعثة UNSMIL أن الاستهداف المتعمّد للمدنيين والمنشآت الحيوية مثل المستشفيات والمطارات يُعد خرقًا واضحًا للقانون الدولي الإنساني، داعيةً جميع الأطراف الليبية إلى وقف فوري للأعمال القتالية واحترام حقوق الإنسان والقانون الدولي.

وشدّدت البعثة الأممية على ضرورة محاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات، والعمل على تهدئة الأوضاع والعودة إلى المسار السياسي الذي ترعاه الأمم المتحدة، بهدف تحقيق الاستقرار في ليبيا وإنهاء دوامة العنف.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: عاجل طرابلس ليبيا عبدالغني الككلي جهاز دعم الاستقرار جرائم حرب الأمم المتحدة اشتباكات طرابلس حظر تجوال نزوح مدنيين مطار طرابلس الأمم المتحدة فی طرابلس فی لیبیا

إقرأ أيضاً:

التوتر الإيراني الخليجي.. تصعيد يهدد أمن المنطقة والقانون الدولي يدخل على الخط

تشهد المنطقة العربية والخليجية في الأيام الأخيرة حالة من القلق المتصاعد على وقع التصريحات والتهديدات الإيرانية التي أعادت فتح واحد من أكثر الملفات حساسية في الإقليم، وهو ملف الأمن الإقليمي وحدود الالتزام بالقانون الدولي.

  فمع كل خطاب متوتر أو رد فعل حاد، يتجدد الجدل حول طبيعة التوازنات الاستراتيجية في المنطقة، وقدرة الأطراف الإقليمية والدولية على منع انزلاق الأوضاع إلى دوائر صراع جديدة قد يصعب احتواؤها لاحقًا.

وفي ظل هذا المشهد المشحون، تنتقل الأنظار من متابعة التصريحات السياسية إلى محاولة فهم الإطار القانوني والدبلوماسي الذي يمكن أن يشكل صمام أمان أمام أي تصعيد محتمل. 

وبينما تتعدد قراءات المراقبين حول دوافع التصريحات الإيرانية وتوقيتها، تتوسع في المقابل مساحة التحذيرات الدولية التي تدعو إلى احترام قواعد السيادة وعدم تهديد استقرار الدول.

وفي خضم ارتفاع وتيرة الخطاب، تتقدم إلى الواجهة تساؤلات جوهرية حول قدرة المجتمع الدولي على فرض قواعد الردع والضبط، ودور المؤسسات الإقليمية في إدارة التوتر بآليات سياسية وقانونية واضحة. 

ومع تزايد هذه التساؤلات، ترتفع الأصوات المطالبة بضرورة العودة إلى مسارات الحوار, وتعزيز قنوات الاتصال، والالتزام بضبط النفس، باعتبارها المدخل الوحيد للحفاظ على أمن المنطقة ومنع نشوء أي فراغ يمكن أن يتحول إلى شرارة صراع واسع.

أستاذ قانون دولي: إيران تتجاوز الخطوط الحمراء في الخليج.. والقانون الدولي لن يصمت

قال الدكتور محمد محمود مهران أستاذ القانون الدولي العام وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي ان التهديدات الإيرانية الأخيرة للدول الخليجية تشكل انتهاكا واضحا لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي وتستدعي تهدئة عاجلة لحماية أمن واستقرار المنطقة.

وأكد الدكتور مهران في حديث خاص لـ صدى البلد، أن التهديدات الإيرانية تتعارض مع المبادئ الأساسية للقانون الدولي، موضحا أن المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة تنص صراحة على امتناع أعضاء الهيئة جميعا في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة وأن التهديدات الإيرانية تنتهك هذا المبدأ الجوهري،

ولفت إلى أن سياق التهديدات يعكس توترات إقليمية متصاعدة، مشيرا إلى أن التصريحات الإيرانية جاءت في سياق تطورات إقليمية معقدة تشمل العلاقات الخليجية الدولية والملف النووي الإيراني والتوازنات الإقليمية المتغيرة وأن هذه التهديدات تزيد من حدة التوترات بشكل خطير.

وأشار مهران إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي تتمتع بسيادة كاملة محمية دوليا، مؤكدا أن القانون الدولي يكفل لجميع الدول بغض النظر عن حجمها المساواة في السيادة والحق في الأمن والاستقرار وعدم التعرض للتهديد أو الإكراه من أي دولة أخرى.

ونوه إلى أن التهديدات قد تشكل تهديدا للسلم والأمن الدوليين، موضحا أن منطقة الخليج ذات أهمية استراتيجية عالمية كونها تضم نسبة كبيرة من احتياطيات النفط والغاز العالمية وممرات ملاحية حيوية وأن أي تهديد لأمنها يشكل تهديدا للسلم والأمن الدوليين.

وأكد الدكتور مهران أنه من منظور القانون الدولي، فان مجلس الأمن يملك صلاحية التدخل، موضحا أن الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة يمنح المجلس صلاحية التدخل في المنازعات التي قد تعرض السلم والأمن الدوليين للخطر وأن الموقف الحالي يستدعي تدخلا دبلوماسيا عاجلا.

كما بين أن القانون الدولي يوفر آليات متعددة لحل النزاعات سلميا، مؤكدا أن المادة 33 من ميثاق الأمم المتحدة تنص على وسائل متعددة لحل النزاعات تشمل المفاوضة والوساطة والتوفيق والتحكيم والتسوية القضائية واللجوء للمنظمات الإقليمية.

ورأى أن الحوار الإقليمي ضرورة استراتيجية، موضحا أن المصالح المشتركة بين إيران ودول الخليج في الأمن والاستقرار والتنمية الاقتصادية تستدعي إيجاد آليات حوار دائمة لمعالجة الخلافات بالطرق الدبلوماسية بدلا من التصعيد اللفظي أو العسكري.

وشدد الدكتور مهران علي أن دول الخليج تتمتع بحق الدفاع الشرعي المشروع، مؤكدا أن المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة تكفل لكل دولة الحق الطبيعي في الدفاع الشرعي الفردي أو الجماعي في حالة التعرض لعدوان مسلح وأن التهديدات المتكررة تمنح دول الخليج حق اتخاذ تدابير دفاعية مناسبة، لكنه أكد علي أن الأمر يستدعى التهدئة.

كما أشار إلى أن التحالفات الدفاعية الخليجية مشروعة قانونا، موضحا أن القانون الدولي يسمح للدول بعقد اتفاقيات دفاعية مشتركة وأن مجلس التعاون الخليجي والاتفاقيات الدفاعية الثنائية والمتعددة الأطراف تشكل إطارا قانونيا سليما للدفاع المشترك.

وتابع مهران: ان المجتمع الدولي مطالب بموقف واضح، مؤكدا أن الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والدول الكبرى يجب أن تتخذ موقفا واضحا يدعو لضبط النفس واحترام السيادة والعودة للحوار ورفض استخدام لغة التهديد في العلاقات الدولية.

ودعا أستاذ القانون الدولي لتفعيل الدبلوماسية الوقائية، موضحا أن تجنب التصعيد يتطلب جهودا دبلوماسية مكثفة من الأمم المتحدة والدول المعنية لفتح قنوات اتصال بين إيران ودول الخليج ومعالجة المخاوف الأمنية المتبادلة بشكل موضوعي.

هذا وأشار أيضا إلى دور مصر المحوري في استقرار المنطقة، مؤكدا أن مصر بثقلها الإقليمي وعلاقاتها المتوازنة مع جميع أطراف المنطقة يمكنها أن تلعب دورا وسيطا فعالا في تهدئة التوترات وتسهيل الحوار بين الأطراف المعنية.

واعتبر أن الحلول الأمنية الشاملة هي السبيل الأمثل، موضحا أن المنطقة تحتاج لإطار أمني إقليمي شامل يعالج المخاوف الأمنية لجميع الأطراف ويضمن الاستقرار طويل المدى بدلا من الاعتماد على التوازنات العسكرية الهشة.

ودعا مهران لتعزيز التعاون الاقتصادي كعامل استقرار، مشيرا إلى أن المصالح الاقتصادية المشتركة والترابط التجاري يمكن أن يشكلا حافزا قويا للاستقرار والحوار ويقللا من احتمالات التصعيد العسكري، مشددا على أن احترام القانون الدولي والحوار البناء هما السبيل الوحيد لأمن المنطقة، ومؤكد أن التهديدات والتصعيد لن يحققا أمنا لأي طرف وأن المصلحة المشتركة لجميع دول المنطقة تكمن في الاستقرار والتعاون والتنمية المشتركة ومحذرا من أن استمرار التوترات سيضر بمصالح الجميع دون استثناء.


 

طباعة شارك التهديدات الإيرانية التصريحات الإيرانية العلاقات الخليجية الملف النووي الإيراني إيران

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة تشيد بجهود ليبيا في توحيد المؤسسات وتعزيز الرقابة
  • لازاريني: استبدال علم الأمم المتحدة بـ"إسرائيل" في مقر أونروا بشرقي القدس تحدّ للقانون الدولي
  • التوتر الإيراني الخليجي.. تصعيد يهدد أمن المنطقة والقانون الدولي يدخل على الخط
  • لازاريني: استبدال علم الأمم المتحدة بعلم "إسرائيل" في مقر الأونروا بالقدس الشرقية تحدّ للقانون الدولي
  • لازاريني: إنزال علم الأمم المتحدة عن مقر "الأونروا" بالقدس تحد للقانون الدولي
  • الأمم المتحدة تؤكد أهمية استقلالية «مصرف ليبيا المركزي»
  • عاجل- السيسي يؤكد دعم مصر الكامل للجيش والمؤسسات الوطنية الليبية ويشدد على وحدة ليبيا
  • العاصمة الليبية طرابلس تستضيف منتدى الحوار الإعلامي العربي الدولي
  • بعد مقتل 10 أطفال.. اليونيسف تندد بالهجوم على المدارس والمستشفيات جنوب كردفان
  • بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ترحب بمشاركة المؤسسات ومئات الليبيين في الحوار المهيكل