منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي في 2011، لم تهدأ نيران الفوضى في ليبيا، بل ازدادت اشتعالًا مع كل محطة انتقالية لم تكتمل، وكل محاولة فاشلة لبناء دولة مؤسسات، وانقسام سياسي وعسكري مزمن.

واليوم، تعود العاصمة طرابلس إلى واجهة العنف من جديد، بعد مقتل عبد الغني الككلي، المعروف بـ"غنيوة"، قائد "جهاز دعم الاستقرار"، في ظروف غامضة فجّرت اشتباكات عنيفة في قلب العاصمة.

مقتل الككلي.. رصاصة في قلب المليشيات.. .؟

عبد الغني الككلي لم يكن مجرد قائد ميليشيا محلية، بل أحد أبرز رموز مرحلة ما بعد القذافي، ومن اللاعبين الرئيسيين في غرب ليبيا، خاصة في طرابلس. كان رأس حربة في شبكة التحالفات التي نسجتها حكومات متعاقبة مع الجماعات المسلحة، بحثًا عن السيطرة مقابل الشرعية. وفاته لم تكن مجرد خسارة لرجل، بل اهتزاز لتوازن هشّ يقوم على توزيع الغنائم لا على بناء الوطن.

الاشتباكات التي اندلعت فور إعلان مقتله، وامتدت إلى مناطق متفرقة، أبرزها صلاح الدين والهضبة، تشير إلى أن الانقسام لم يعد سياسيًا فقط، بل بات اجتماعيًا وقبليًا وأمنيًا متشابكًا، مع غياب الدولة المركزية وانهيار الثقة الشعبية.

داعش يطل برأسه من جديد..

وسط هذه الفوضى، تؤكد مصادر أمنية محلية ودولية تصاعد مؤشرات وجود عناصر تابعة لتنظيم "داعش"، سواء في جنوب ليبيا أو عبر تسربهم إلى الفراغات الأمنية في الغرب.

فشل الحكومة في توحيد الأجهزة الأمنية، وتضارب المصالح الإقليمية، سمح للتنظيمات المتطرفة بإعادة التموضع، مستفيدة من انشغال الفرقاء بصراعات النفوذ.

في الأيام الأخيرة، تم رصد تحركات مريبة لعناصر تحمل فكر التنظيم في مناطق جبلية جنوب غرب البلاد، وسط تحذيرات من عودة الهجمات الانتحارية، لا سيما في ظل تساهل بعض المجموعات المسلحة في تمرير عناصر إرهابية مقابل المال أو التحالفات المؤقتة.

(من هو عبد الغني الككلي.. ؟ ولماذا يشكل مقتله نقطة تحول.. ؟

وُلد الككلي في أحد أحياء طرابلس، وبزغ نجمه مع بداية الانتفاضة ضد القذافي، حيث أصبح لاحقًا من أبرز القادة الميدانيين الذين حجزوا لأنفسهم موقعًا في الخارطة العسكرية الجديدة. قاد "كتيبة الأمن المركزي" التي تطورت إلى "جهاز دعم الاستقرار"، وهو جهاز أمني بمسميات رسمية لكنّه في الواقع ظل أداة من أدوات التوازن الميليشياوي.

امتاز الككلي بأسلوب مزدوج: خليط من الشراسة الميدانية والمرونة السياسية، حيث لعب دور الوسيط أحيانًا، والمهيمن في أحيان أخرى. ارتبط اسمه بتهم تعذيب واعتقالات خارج القانون، لكنّه ظل محصنًا تحت مظلة الدولة الضعيفة التي احتاجت إليه أكثر مما خافت منه. اغتياله، إن ثبتت فرضية الاغتيال، قد يُفهم كرسالة لتصفية مراكز القوى القديمة في سبيل إعادة تشكيل سلطة جديدة، أو على الأقل إعادة ترتيب أوراق الغرب الليبي.

البعد الإقليمي: ساحة لتصفية الحسابات، ،

ليبيا لم تكن يومًا شأنًا داخليًا صرفًا منذ 2011، بل تحولت إلى رقعة شطرنج إقليمية ودولية. إذ دعمت تركيا حكومة طرابلس ومليشياتها في الغرب، فيما وقفت الإمارات ومصر إلى جانب قوات حفتر في الشرق، وتورّطت فرنسا وروسيا في اللعب خلف الستار. ومع توغل النفوذ القطري سابقًا، وعودة السعودية إلى التأثير مؤخرًا عبر القنوات الدبلوماسية، بات لكل طرف إقليمي "أوراق ضغط" داخل ليبيا.

أما مقتل الككلي، فيأتي في لحظة حساسة إقليميًا، إذ تشهد علاقات أنقرة وأبوظبي تقاربًا هشًا، ومحاولة لإعادة رسم النفوذ في الساحل الشمالي الأفريقي. من هنا، فإن غياب الككلي قد يخدم ترتيبات جديدة لتوزيع أدوار الميليشيات، أو إعادة دمجها ضمن رؤية دولية لتفكيكها تدريجيًا، خاصة بعد فشل مسارات الحوار السابقة.

ويبقى السؤال معلقًا: هل ما يحدث اليوم هو مخاض لولادة دولة بعد طول غياب.. ؟ أم بداية لمرحلة أكثر تعقيدًا تقود نحو التشظي الكامل.. ؟ ما بين الغياب السياسي وعودة أشباح الإرهاب، تبقى ليبيا تئن تحت صفيح ساخن، واللبن المسكوب بعد القذافي لم يجف بعد.، ، !!محمد سعد عبد اللطيف

كاتب وباحث في الجيوسياسية والصراعات الدولية، !!

[email protected]

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: ليبيا القذافي الاشتباكات الفوضى

إقرأ أيضاً:

قرار جديد بشأن نهائي كأس ليبيا بين أهلي طرابلس وأهلي بنغازي

أعلنت لجنة الحكام الرئيسية بالاتحاد المصري لكرة القدم برئاسة أوسكار رويز أسماء حكام مباراة نهائي كأس ليبيا بين أهلي طرابلس وأهلي بنغازي والتي تقام على ستاد القاهرة الدولي في تمام الخامسة مساء يوم غد (الأربعاء).

الطاقم يتكون من: الدولي محمود ناجي (حكماً للساحة)، الدوليين يوسف البساطي وسمير جمال (مساعدين)، محمد التابعي الغازي (حكماً رابعاً)، الدولي وائل فرحان وخالد الغندور (تقنية الفيديو).

على صعيد أخر أبلغت اللجنة المنظمة لدورة شمال أفريقيا بعثة منتخب مصر للكرة النسائية تحت 20 عاما بتقديم موعد المباراة النهائية بين مصر والمغرب المقرر لها اليوم الثلاثاء 30 دقيقة، لتقام فى الثالثة والنصف عصرا بتوقيت القاهرة بدلا من الرابعة عصرا كما كان مقررا.

جاهزون لنهائي المغرب 

أكدت أميرة يوسف المدير الفني لـ منتخب مصر للناشئات تحت 17 عاما جاهزية الفراعنة لخوض المباراة النهائية فى دورة شمال إفريقيا المقامة حاليا في تونس.

قالت أميرة يوسف فى تصريحات خاص لـ صدى البلد: المفروض إحنا في إنتظار هنلاعب مين في النهائى المغرب هيلاعب الأردن والفائز من المنتخبين سيواجه ناشئات منتخب مصر.

أضافت أميرة يوسف: المباراة النهائية هتكون بعد غد الثلاثاء في تمام الساعة الـ 3 والنصف عصرا بتوقيت القاهرة.

وواصلت أميرة يوسف: لسه حاليا متبلغين إن اللى فات كوم والي جاى كوم تانى وعايزين نعمل حاجة مفيش منتخب قبل كده أخد بطولة شمال إفريقيا ودا لقب جديد تماما على المنتخبات المصرية.

واستطردت أميرة يوسف: هى بطولة ودية بس إحنا بدأنا تدريبات استعداد للمباراة النهائية فى دورة شمال إفريقيا وهي قوية وتركيزها عالى جدا وإحنا واخدينها جد أوي مش بطولة ودية.

وعن لقاء ليبيا الذي انتهي بفوز ساحق لـ منتخب مصر بنتيجة 12 / صفر قالت أميرة يوسف: والله لو اتفرجت على الماتش هتعرف إنى حجمت اللاعبات ومنتخب ليبيا كانوا صغار في السن وكمان أول مرة يلعبوا كرة.

طباعة شارك الكاف كأس ليبيا طاقم حكام مصريين محمود ناجي الاتحاد الليبي لكرة القدم

مقالات مشابهة

  • قرار جديد بشأن نهائي كأس ليبيا بين أهلي طرابلس وأهلي بنغازي
  • طاقم مصري بقيادة ناجي لنهائي كأس ليبيا بين أهلي طرابلس وأهلي بنغازي
  • محمود ناجي حكمًا لنهائي كأس ليبيا بين أهلي طرابلس وأهلي بنغازي
  • أمطار غزيرة بمناطق الغرب ليبيا وتحذير من حدوث فيضانات
  • حضرموت على صفيح ساخن.. ما الذي يحدث حول حقول النفط؟
  • ملعب القاهرة الدولي يستضيف نهائي كأس ليبيا الأربعاء القادم
  • شرق آسيا على صفيح ساخن.. تحركات يابانية تستفز الصين وتثير مخاوف من نزاع عالمي واسع
  • آسيا على صفيح ساخن.. تحركات يابانية تستفز الصين وتثير مخاوف من نزاع عالمي واسع
  • حضرموت على صفيح ساخن.. اقتحام مقرات نفطية بالمسيلة والعسكرية الثانية تتوعد برد حازم
  • أمن طرابلس تتلقى درع جائزة ليبيا الدولية للإبداع والتميّز