موسكو- مع انتظار حسم موضوع المفاوضات الروسية الأوكرانية المفترضة في تركيا، والغموض الذي ما زال يلف حظوظ نجاحها بوقف الحرب التي دخلت عامها الرابع بين البلدين، تعود إلى الأذهان سلسلة المفاوضات السابقة لتسوية الخلافات بين الجانبين والتي انعقدت في أكثر من بلد وعلى مستويات تمثيلية مختلفة لكنها باءت جميعها بالفشل.

بعد 3 أيام فقط من اندلاع الحرب بينهما، بدأت روسيا وأوكرانيا رسميا مفاوضاتهما الأولى في 28 فبراير/شباط 2022، وذلك بمبادرة من الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو.

انعقدت الجولة الأولى بين وفدي البلدين بمدينة غوميل البيلاروسية، ومثّل الجانب الروسي رئيس لجنة الشؤون الدولية بمجلس الدوما ليونيد سلوتسكي، ونائب وزير الدفاع ألكسندر فومين، ونائب وزير الخارجية أندريه رودينكو، والسفير الروسي في مينسك بوريس غريزلوف.

فشل المفاوضات

بينما ضم الوفد الأوكراني وزير الدفاع أوليكسي ريزنيكوف، ونائب وزير الخارجية ميكولا توتشيتسكي، ومستشار رئيس مكتب رئيس أوكرانيا ميخايلو بودولياك.

انعقدت الجولة الثانية من المفاوضات في الثالث من مارس/آذار 2022 بمقاطعة بريست في بيلاروسيا. وفي نهاية الاجتماع، أشار ممثلو البلدين إلى أن النتائج المتوقعة لم تتحقق، ومع ذلك، تمكنت الأطراف من التوصل إلى بعض الاتفاقات بشأن القضايا المتعلقة بالمجال الإنساني.

إعلان

أما الجولة الثالثة فعُقدت في السابع من الشهر نفسه، ولكن لم يتم تحقيق أي تقدم يذكر. وبعد مرور بعض الوقت، تم نقل المفاوضات إلى تركيا. وفي العاشر مارس/آذار 2022، احتضنت أنطاليا مفاوضات بين وزيري خارجية روسيا سيرغي لافروف وأوكرانيا ديمتري كوليبا، بمشاركة وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو كوسيط.

في أعقاب الاجتماع، صرح كوليبا أن الأطراف لم تتمكن من التوصل إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار، بينما أكد لافروف استعداد موسكو لمواصلة عملية التفاوض. ورغم أن وزير الخارجية التركي صرح في حينه بأنه ليس من المتوقع التوصل إلى حل كامل لجميع القضايا في هذا الاجتماع، لكنه وصفه بأنه خطوة أولى مهمة.

في 29 مارس/آذار 2022، جرت الجولة التالية من المفاوضات بين ممثلي موسكو وكييف في إسطنبول. وفي ختام اللقاء، اقترح الجانب الأوكراني تجميد قضية وضع شبه جزيرة القرم لمدة 15 عاما، فضلا عن إبرام اتفاقية دولية بشأن الضمانات الأمنية، التي ينبغي أن توقّع وتصدق عليها جميع الدول التي تضمن أمن أوكرانيا.

في المقابل، أعلن الوفد الروسي عن نيته تقليص أنشطته العسكرية بشكل كبير في شمال أوكرانيا.

بيان إسطنبول

بحلول نهاية مارس/آذار 2022، أسفرت المحادثات التي بدأت في الأسابيع الأولى للحرب عن ما يُسمى بيان إسطنبول، وهو إطار عمل للتسوية.

كان من شأن الصفقة الأساسية في هذا الإطار أن تتضمن التزام أوكرانيا بالحياد الدائم، واستبعاد عضويتها المحتملة في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، مقابل ضمانات أمنية صارمة من موسكو، لكن الجانبين فشلا في إبرام الاتفاق واستمرت الحرب حتى الآن ودخلت عامها الرابع.

واتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في 17 مايو/ أيار، كلا من بريطانيا والولايات المتحدة بممارسة الضغوط على الوفد الأوكراني "لإطالة أمد الصراع وزيادة الخسائر في صفوف الجيش الروسي".

إعلان

وفي أعقاب المحادثات التي عقدت في 29 مارس/آذار في إسطنبول، توقف الحوار بين الطرفين فعليا. وحتى الآن، لا يزال كلا الطرفين يعطيان الأولوية لمخاوف الأمن القومي وقضايا أخرى، كوضع المناطق المتنازع عليها، وتخفيف العقوبات عن روسيا، وتمويل إعادة الإعمار الاقتصادي في أوكرانيا بعد الحرب.

في إسطنبول، أعطى كلا البلدين الأولوية لمعالجة أمن ما بعد الحرب على كل شيء آخر. على هذا الأساس، أصرت موسكو على تخلي كييف عن عضوية حلف الناتو، وعدم استضافة أي قوات أجنبية أو إجراء مناورات عسكرية تشمل قوات أجنبية على أراضيها، وقبول بعض القيود على حجم وهيكل جيشها.

وساطة تركية

من جانبها، رفضت كييف فرض قيود على قواتها، وأصرت على حقها في الحصول على ضمانات أمنية من شركائها الغربيين، وقبول موسكو الضمني بأن هذه القوى ستهب للدفاع عن أوكرانيا في حال شنت روسيا هجوما جديدا.

في سبتمبر/أيلول 2022، وقّع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قانونا يستبعد إمكانية التفاوض مع روسيا.

في مقابل ذلك، أعلنت موسكو أنها لن تتخلى عن الأساليب الدبلوماسية لحل النزاع، وستبقي شروطها المقترحة دون تغيير.

،في ليلة 11 مايو/ أيار 2025، اقترح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على كييف استئناف المفاوضات المباشرة في إسطنبول يوم 15 من الشهر ذاته، مشيرا إلى أن بلاده مستعدة للمفاوضات دون شروط مسبقة.

وبينما شكر بوتين الرئيس الأميركي دونالد ترامب على جهود الوساطة التي بذلها في التسوية الأوكرانية، لم يستبعد التوصل إلى وقف لإطلاق النار خلال المفاوضات.

من جانبه، وافق الرئيس الأوكراني على الاقتراح، لكنه قال إن المفاوضات لن تبدأ إلا بعد أن تعلن الأطراف عن وقف إطلاق النار لمدة 30 يوما.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات وزیر الخارجیة التوصل إلى فی إسطنبول

إقرأ أيضاً:

قمة ترامب وبوتين في ألاسكا.. لا اتفاق حول أوكرانيا وابتسامة موسكو أوسع

انتهى اللقاء الذي جمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنظيره الروسي فلاديمير بوتين في قاعدة عسكرية بمدينة أنكوراج بولاية ألاسكا، مساء الجمعة، دون التوصل إلى أي اتفاق بشأن الحرب في أوكرانيا، رغم الأجواء الاحتفالية التي صاحبت القمة، والتي أثارت جدلاً واسعًا داخل الولايات المتحدة وخارجها.

اللقاء، الذي وُصف بأنه "تاريخي"، استمر ثلاث ساعات فقط بدلاً من جولتين كان من المقرر أن تمتدا لوقت أطول. وفي المؤتمر الصحفي المقتضب الذي أعقب المحادثات، بادر بوتين إلى الحديث أولاً معلنًا تحقيق "تفاهمات"، قبل أن يقاطعه ترامب بالقول إنه "لا اتفاق حتى الآن"، ليُنهي المؤتمر فجأة دون السماح للصحفيين بطرح أسئلة.

ورغم فشل المحادثات، سعى ترامب في مقابلة لاحقة مع الإعلامي المقرب منه شون هانيتي (فوكس نيوز) إلى تصوير اللقاء باعتباره "مثمراً للغاية"، قائلاً إن محادثاته مع بوتين كانت "10 من 10"، وإن الرئيس الروسي تحدث "بصدق" عن رغبته في إنهاء الحرب. لكنه في الوقت نفسه نصح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بـ"عقد صفقة"، مؤكداً أن "الحروب سيئة جداً، لكن لدي قدرة على إنهائها".


القمة التي قوبلت بانتقادات حادة في كييف، اعتبرها مراقبون وفق صحيفة الغارديان البريطانية، انتصاراً دعائياً لبوتين، إذ ظهر على الأراضي الأمريكية بعد عزلة دولية استمرت لسنوات، وحظي بمعاملة وُصفت بأنها "استقبال الملوك" من ترامب، في مشهد قارنته صحيفة Kyiv Independent بزيارة زيلينسكي السابقة للبيت الأبيض حيث تعرّض لـ"إذلال علني".

جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق، قال لشبكة CNN إن "ترامب لم يحقق شيئاً ملموساً سوى وعد بلقاءات جديدة، بينما خرج بوتين منتصراً باستعادة صورته الدولية وتجنب أي التزامات بوقف إطلاق النار".

في الخارج، تظاهر محتجون في أنكوراج رافعين علماً أوكرانياً ضخماً رفضاً لمصافحة بوتين على الأراضي الأمريكية، في حين خرج مؤيدون لترامب لتحيته على الطريق المؤدي إلى القاعدة العسكرية، ما عكس الانقسام الداخلي العميق حيال سياسته الخارجية.

وفيما أصر ترامب على أن "لا اتفاق حتى يكون هناك اتفاق"، يبدو أن الكرملين حقق هدفه الأساسي: إعادة بوتين إلى صدارة المشهد الدولي كشريك تفاوضي لا يمكن تجاوزه، بينما خرجت أوكرانيا من القمة بقلق متزايد من أن تُترك وحيدة في مواجهة الحرب الطويلة.

وتأتي هذه القمة في وقت تواصل فيه الحرب الروسية الأوكرانية حصد الأرواح، حيث تشير تقديرات أممية إلى سقوط أكثر من 500 ألف قتيل وجريح منذ اندلاع الغزو الروسي في فبراير 2022، فضلًا عن نزوح الملايين وتدمير واسع للبنية التحتية، ما يجعل أي فشل في جهود الوساطة الدولية كلفة مباشرة على المدنيين العالقين في أتون الصراع. 

مقالات مشابهة

  • أردوغان يرحب بقمة ألاسكا لوقف الحرب الروسية الأوكرانية
  • أبرز محطات الحرب الروسية الأوكرانية المستمرة (إنفوغراف)
  • زيلينسكي: سألتقي ترامب في واشنطن ومستعد لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية
  • قمة ترامب وبوتين في ألاسكا.. لا اتفاق حول أوكرانيا وابتسامة موسكو أوسع
  • وزير الدفاع الروسي : المزاج ممتاز عقب المفاوضات في ألاسكا
  • خبير تركي: واشنطن تقترب من اعتماد مقترحات موسكو لوقف إطلاق النار في أوكرانيا
  • الأزمة الأوكرانية تتصدر جدول أعمال القمة الروسية الأمريكية
  • ترامب يكشف سبب جهوده لوقف الحرب الروسية الأوكرانية
  • فورين أفيرز: لهذا فشلت محادثات السلام في أوكرانيا عبر السنوات الماضية
  • وزير الخارجية الروسي: موسكو ستعلن موقفها بوضوح في المحادثات الروسية الأمريكية