أزمة المرور في مسقط: دعوة إلى حلول عاجلة
تاريخ النشر: 15th, May 2025 GMT
عبدالله بن زهران بن عبدالله البلوشي
azalbalushi@gmail.com
تحوَّلت الرحلة اليومية في مسقط، من مجرد تنقُّل روتيني إلى معاناة مرهقة تستنزف الجسد والعقل، ما كان ينبغي أن يكون طريقًا بسيطًا إلى العمل أو الدراسة، أصبح عبئًا يوميًا يؤثر على جودة حياة السكان في العاصمة. ومع وصول الازدحام المروري إلى مستويات غير مسبوقة، آن الأوان لفهم جذور الأزمة والمطالبة بحلول جريئة ومستدامة.
الحاضر غير المستدام
شهدت السنوات الأخيرة ارتفاعًا هائلًا في أعداد المركبات على طرق مسقط؛ مما يتطلب تدخلًا فوريًا ومنسقًا؛ إذ لم تعد المسألة تقتصر على الإزعاج فقط؛ حيث إن العائلات باتت تضطر للاستيقاظ مبكرًا ومغادرة منازلها قبل شروق الشمس لتجنب الازدحام!! وتلاشت بذلك مظاهر الحياة الأُسرية اليومية، مثل: وجبة الإفطار المشتركة. وفي الوقت ذاته، يقف رجال المرور عند التقاطعات الكبرى في محاولة لفك اختناقات مرورية باتت جزءًا من المشهد اليومي.
غياب النقل العام
في صميم هذه الأزمة، تكمن فجوة واضحة، ألا وهي: غياب منظومة نقل عام فعّالة ومعقولة التكلفة. هذا الغياب لا ينعكس فقط على راحة المواطن؛ بل يفرض أعباءً مالية إضافية على الأُسر التي تضطر لشراء مركبات متعددة لنقل الأبناء إلى المدارس والجامعات. والأسوأ من ذلك هو حال المواطنين من ذوي الدخل المحدود، الذين يُجبرون على امتلاك وصيانة مركبات خاصة فقط للوصول إلى أماكن عملهم.
ونعتقد أن بعض عيوب التخطيط العمراني تسببت في تفاقم الأزمة؛ إذ تركَّزت معظم الوزارات والمؤسسات الحكومية داخل نطاق جغرافي صغير في وسط مسقط؛ مما يجعل أي إجراء رسمي يتطلب تنقُّلًا فعليًا إلى هذه المنطقة، ويضيف آلاف المركبات يوميًا إلى بنية أساسية مُرهقة أصلًا.
واتبع القطاع الخاص النهج ذاته؛ حيث تمركزت مقار الشركات الكبرى أيضًا في قلب المدينة، وغالبًا دون توفير مواقف كافية. ونتيجة لذلك، يتنافس الموظفون والزوار على أماكن الوقوف؛ مما يؤدي إلى اختناقات مرورية إضافية بسبب دوران المركبات بحثًا عن موقف.
مقاومة التحول إلى العمل عن بُعد
ورغم الدعوات الرسمية من وزارة العمل لتبنّي نماذج العمل المرن والعمل عن بُعد، لا تزال معظم الجهات الحكومية والخاصة بطيئة في الاستجابة. في حين أن هذه السياسات أثبتت فعاليتها عالميًا في تخفيف الازدحام وتعزيز الإنتاجية، إلّا أن تطبيقها في مسقط لا يزال محدودًا؛ مما يزيد الضغط غير الضروري على شبكة الطرق.
وتتطلب أزمة مرور مسقط أكثر من حلول تجميلية.. إنها تستدعي رؤية مُتكاملة تشمل تطوير منظومة نقل عام شاملة تشمل: الحافلات، والحافلات الصغيرة، وخيارات تنقُّل مُستقبلية ذكية. وحل المركزية في توفير الخدمات الحكومية والمقار التجارية، ونقلها إلى مناطق متعددة في مختلف المحافظات. إضافة إلى تطبيق فعّال لسياسات العمل عن بُعد لتقليل عدد الرحلات اليومية.
وأخيرًا.. تستحق مسقط منظومة نقل تُعزِّز جودة الحياة، لا تُعيقها، ولا ريب أن ازدهار مدينتنا وصحة سكانها ورفاههم الاجتماعي، أهداف مشروعة تتطلب التعامل مع هذه الأزمة بالجدية والعزيمة التي تستحقها.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الثلاثاء المقبل.. مسقط تستضيف ملتقى سفراء المحافظات الأول
العُمانية: تستضيف محافظة مسقط بالتعاون مع الأمانة العامة لمجلس المناقصات ملتقى سفراء المحافظات الأول خلال الفترة من 20 إلى 22 مايو الجاري، وذلك في إطار الجهود الرامية إلى تعزيز التكامل المؤسسي وتبادل الخبرات بين مختلف الجهات الحكومية.
يشارك في الملتقى عدد من المختصين والعاملين في مجالات إدارة المشاريع وحوكمة الإجراءات الإدارية من مختلف مكاتب أصحاب السعادة المحافظين في سلطنة عُمان.
ويهدف الملتقى إلى بناء قنوات تواصل فاعلة بين الجهات المعنية، وتبادل أفضل الممارسات في مجالات العقود والمناقصات وإدارة المشاريع، بما يسهم في دعم مسارات التنمية المتوازنة، ويحقق التكامل في العمل الحكومي على مستوى المحافظات، بالإضافة إلى الاطلاع على أبرز المشاريع المنفذة بمحافظة مسقط.
ويتضمن برنامج الملتقى افتتاحًا رسميًّا يتبعه مجموعة من الجلسات التخصصية وحلقات العمل، إلى جانب زيارة ميدانية للمشاركين في اليوم الثاني، ليطلع خلالها المشاركون على مجموعة من المشاريع الحيوية بمحافظة مسقط بهدف ربط الجانب النظري بالتطبيق العملي وتعزيز تبادل المعرفة على أرض الواقع.
ويُختتم الملتقى في يومه الثالث بعرض أوراق عمل متخصصة يقدمها مختصون من محافظة مسقط والأمانة العامة لمجلس المناقصات.
ويُعد الملتقى فرصة لتعزيز قدرات الكوادر المحلية، وتطوير أدوات العمل لدى مكاتب المحافظين بما يتماشى مع التوجه نحو تمكين المحافظات من ممارسة صلاحياتها بشكل أوسع في إطار اللامركزية، وبما يسهم في تحقيق تنمية متوازنة ومستدامة في مختلف المحافظات.
يُذكر أن الملتقى يُعد الأول من نوعه الذي تتولى تنظيمه الأمانة العامة للمناقصات بالتعاون مع المحافظات، على أن يُعقد بشكل دوري بالتناوب بين مختلف المحافظات، في خطوة تهدف إلى توحيد الممارسات وتطوير أدوات العمل المؤسسي في مجالات العقود والمناقصات.
ويأتي هذا الملتقى تجسيدًا لنهج الحوكمة، وترسيخًا لمبادئ الشفافية وتكامل الجهود الوطنية، بما يسهم في تعزيز كفاءة الأداء الحكومي على مستوى سلطنة عُمان.