أبوظبي - وام


أكد الدكتور محمود محيي الدين، المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل أجندة 2030، أن دولة الإمارات تواصل ترسيخ مكانتها نموذجاً رائداً في المنطقة في مجالات تنويع الاقتصاد، والاستثمار في القطاعات المستقبلية، وتوظيف التكنولوجيا المتقدمة لتحقيق التنمية المستدامة.

وأوضح محيي الدين في تصريحات لوكالة أنباء الإمارات «وام» أن الإمارات نجحت في تحقيق معدلات نمو قوية، مدفوعة بزيادة مساهمة القطاعات غير النفطية، وارتفاع الاستثمارات في قطاعات التكنولوجيا والطاقة المتجددة، وذلك رغم التحديات التي يشهدها الاقتصاد العالمي والتقلبات في الأسواق الناشئة.

وأشار أن السياسات الاقتصادية الإماراتية ركّزت على تعزيز مشاركة القطاع الخاص، وتوسيع مجالات الاستثمار في الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والهيدروجين الأخضر، إلى جانب الاستخدام السلمي للطاقة النووية.

ونوّه إلى أن الإمارات تعتمد بشكل متسارع على التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، ليس فقط كوسيلة لرفع كفاءة الأداء، بل كركيزة أساسية لتعزيز التنافسية الاقتصادية وخلق فرص جديدة للنمو، مشيداً بجهود الدولة في تطوير البنية التحتية الرقمية، ودعم المشاريع الابتكارية وريادة الأعمال.

وعلى الصعيد الإقليمي، قال محيي الدين إن التقديرات الخاصة بمعدلات النمو الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط شهدت مراجعات طفيفة نحو الانخفاض، نتيجة التوترات التجارية وتباطؤ حركة الاستثمارات العالمية.

وأشار إلى أن مؤسسات مالية دولية توقعت أن تتراوح معدلات النمو في المنطقة بين 2.5% و2.7% خلال العام الجاري، وهي أقل بنحو نقطة مئوية مقارنة بمتوسط النمو في الأسواق الناشئة والدول النامية.

ولفت إلى أن هذا التباطؤ يعكس الحاجة الملحّة لتعزيز الاستثمار في رأس المال البشري، والبنية التحتية، والاقتصاد الأخضر، إلى جانب دعم جهود التنويع الاقتصادي الإقليمي، مؤكداً أن تجربة الإمارات تشكّل مرجعاً مهماً في هذا المجال لما تتضمنه من توازن بين القطاعات التقليدية والمستقبلية.

وبصفته المبعوث الخاص للأمم المتحدة المعني بتمويل خطة التنمية المستدامة 2030، أشار الدكتور محمود محيي الدين إلى مستجدات الخطة المتمثلة في الاستعدادات لعقد مؤتمر الأمم المتحدة الدولي الرابع لتمويل التنمية، المقرر تنظيمه في مدينة إشبيلية الإسبانية، من 30 يونيو إلى 3 يوليو، بمشاركة رفيعة المستوى من صناع القرار، والمؤسسات المالية، والمنظمات الدولية.

وقال إن المؤتمر ينعقد في توقيت دقيق يشهد تحولات عميقة في أنماط التمويل التنموي العالمي، خاصة فيما يتعلق بالاعتماد على المساعدات الخارجية المباشرة، وزيادة التركيز على تعبئة الموارد المحلية، وتعزيز الشراكات مع القطاع الخاص، والاستفادة من حلول التكنولوجيا والتمويل المبتكر لتسريع تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

وتوقع أن يشهد المؤتمر الإعلان عن مجموعة من المبادرات النوعية، من بينها مبادرات لمبادلة الديون باستثمارات تنموية أو بيئية، وإنشاء صندوق تمويلي يستند إلى حقوق السحب الخاصة لمساعدة الدول المتعثرة في سداد ديونها، إلى جانب إطلاق آليات جديدة لدعم الدول التي تعاني من أعباء مالية مفرطة، بما يتيح لها إعادة توجيه مواردها نحو القطاعات الحيوية كالصحة والتعليم.

وأوضح أن المؤتمر سيتناول أيضاً سبل تحسين إدارة المالية العامة في الدول النامية، من خلال تطوير السياسات الضريبية، وتعزيز الشفافية والكفاءة في إدارة الموارد، ودعم الأطر المؤسسية التي تمكّن من استقطاب الاستثمارات وتحقيق الاستدامة المالية على المدى الطويل.

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: فيديوهات الأمم المتحدة الإمارات الذكاء الاصطناعي محیی الدین

إقرأ أيضاً:

مونيكا وليم تكتب: تحليل النهج السياسي الخارجي في ضوء النظرية السياسية.. مقاربة مصر ما بعد 30 يونيو نموذجًا

حتى لو اختلف البعض أو أبدى عدم رضا إزاء بعض الملفات الداخلية، فلا جدال في حقيقة متفق عليها تقريبًا بين قطاع واسع من المصريين، لولا 30 يونيو، لكان وضع مصر اليوم مختلفًا تمامًا، بل وربما كارثيًا بالنظر إلى الانهيارات والصراعات التي اجتاحت الإقليم، وإلى مشروعات إعادة تشكيل خريطة الشرق الأوسط التي بدأت خططها بالفعل تحت إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، واستُكملت لاحقًا بأدوات متعددة وبآليات تنفيذ في الفترة الثانية من إدارة الرئيس دونالد ترامب.

وبالتالي حين نتأمل السياسة الخارجية المصرية بعد 30 يونيو 2013 في ضوء مدارس الفكر السياسي والنظريات المفسرة للعلاقات الدولية، نجد أنفسنا أمام حالة ثرية لتحليل كيف تقاطع الإدراك الوطني لمفهوم الأمن القومي مع ضرورات تكييف السياسات الخارجية وفق بيئة دولية وإقليمية متغيرة بشكل متسارع وتفرض موائمات وتفاعلات متباينة .
إن النظريات الكبرى للعلاقات الدولية  الواقعية، والليبرالية، والبنائية تقدم أطرًا لفهم نهج ومقاربة الدول في سياستها الخارجية، وفي حالة مصر، يمكننا أن نرصد مزيجًا دقيقًا بين منطق الواقعية السياسية (Realpolitik)، حيث الأولوية القصوى لحماية الدولة وبنيتها، وبين توظيف أدوات الانفتاح والتعاون الاقتصادي المتنوع على نحو أقرب إلى الطروحات الليبرالية التي ترى أن تشابك المصالح الاقتصادية يُقلّل من فرص النزاعات.

وعليه ، برزت عدة مسارات للتحرك مثلت أولويات الدولة المصررية، منها  أولوية بقاء الدولة (State Survival)فوفق المنظور الواقعي، تعتبر الدولة الوحدة المركزية للنظام الدولي، وتتمثل غايتها العليا في ضمان بقائها وصيانة سيادتها؛ وهو ما انعكس جليًا في مقاربة مصر بعد 30 يونيو، حيث أعادت ترتيب أولوياتها الخارجية لتجعل من دعم استقرار الدولة الوطنية في الإقليم حجر الزاوية في سياستها. فتدخلت دبلوماسيًا، بل أحيانًا أمنيًا غير مباشر، لدعم الجيوش الوطنية في ليبيا، والسودان، واليمن، مع إصرارها على رفض سيناريوهات التقسيم أو الانهيار التي تهدد وحدة تلك الدول، إدراكًا لما يمثله ذلك من امتداد مباشر لمخاطر أمنية على الداخل المصري.
إلي جانب نهج تنويع الشراكات كأداة لموازنة القوة (Balancing) فمن منظور الواقعية الكلاسيكية الجديدة (Neoclassical Realism)، تلجأ الدول متوسطة القوة إلى تنويع شراكاتها الدولية لتفادي التبعية وللحد من ضغوط القوى الكبرى، وهو ما فعلته مصر عبر الانفتاح على روسيا والصين وعقد صفقات عسكرية وتنموية واسعة، إلى جانب المحافظة على مواطن التعاون التقليدية مع الولايات المتحدة وأوروبا، وقد منحت هذه السياسة قدرة مناورة أكبر واتخاذ موقف حاسم وحازم  في ملفات حيوية مثل القضية الفلسطينية وفلسفة التهجير ، سد النهضة، وصفقات التسليح، وتوازنات شرق المتوسط، وعلي الجانب الأخر بناء الهوية والمكانة في النظام الإقليمي.  

وبالنظر إلي أن مصالح الدول لا تحدد فقط عبر التوازنات المادية، بل كذلك عبر الهويات والادراك. وقد سعت مصر في العقد الأخير إلى استعادة مكانتها بوصفها الدولة المركز عربياً وإفريقياً، بدا ذلك في تصدّرها جهود الوساطة في النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، وفي قيادة مبادرات داخل الاتحاد الإفريقي، أذ أعادت مصر بعد 30 يونيو دائرة الاتصال مع إفريقيا بقوة، بعد غياب طويل انعكس في خسارة مصالح استراتيجية، فقد قام السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي بسلسلة زيارات مكثفة تجاوزت 35 زيارة ولقاء مع قادة الدول الإفريقية منذ عام 2014، مما أعاد مصر لاعبًا مهمًا في ملفات القارة، خاصة في مجالات الأمن المائي ومشروعات البنية التحتية والطاقة، خاصة ان هذه السياسات لم تخدم مصالح مادية آنية فقط ، بل تعزز صورة مصر كفاعل إقليمي لا غنى عنه.

فضلا عن ذلك، اتسم النهج المصري بعد 30 يونيو بقدر عالي من البراغماتية قائم على تنوع الدوائر ، وعدم الامتثال  لتحالفات تقليدية فقط مع القوى الغربية متجنبًا الانخراط في محاور صدامية قد تستنزف قدرات الدولة، فحتى مع تطوير علاقات وثيقة مع الشرق كتحالف روسيا والصين، فلم يتم انتهاج ساسة صدامية فيما يخص علاقاتها المؤسسية بالولايات المتحدة أو بالاتحاد الأوروبي، بل استمرت في شراكات اقتصادية وأمنية واسعة وانخرطت مصر في تكتلات إقليمية ودولية جديدة مثل “بريكس+”، في سياق عالم متعدد الأقطاب،  في الحقيقة تعكس هذه السياسة فهمًا دقيقًا لديناميات القوة في النظام الدولي، حيث تجنب الانحياز الأحادي يمنح الدول متوسطة الحجم هامشًا أوسع لحماية مصالحها.

ختاما ما بين النظرية والتطبيق ،فإن تحليل النهج السياسي الخارجي المصري بعد 30 يونيو يكشف عن مقاربة متوازنة تمزج بين هاجس حماية الدولة ، وبين توظيف الأدوات الاقتصادية والتحالفات المتعددة مع بُعد هوياتي ودورٍ إقليمي تسعى الدولة المصرية إلى إعادة ترسيخه 
ويمكن القول ، إن السياسة الخارجية المصرية بعد 30 يونيو تقدم نموذجًا لكيفية تكييف الاستراتيجيات الوطنية مع التحولات الكبرى في بنية النظام الدولي، بما يضمن استقرار الدولة ومصالحها في بيئة إقليمية شديدة السيولة وقد ظهر انعكاس هذه السياسة الجديدة في عدد من الأزمات الخارجية الأخيرة، حيث حاولت بعض الأطراف فرض أوراق ضغط على مصر أو ابتزازها سياسيًا،  إلا أن هذه السياسة الخارجية التي حرصت على تنويع الشراكات والاعتماد على منطلقات مصرية خالصة، ساعدت الدولة على امتلاك أوراق مناورة مهمة، جعلت قرارها وتحركها السياسي الخارجي نابعًا من معتقداتها ومصالحها القومية، لا مجرد استجابة لضغوط أو إملاءات.

طباعة شارك 30 يونيو خريطة الشرق الأوسط دونالد ترامب

مقالات مشابهة

  • سلوك نماذج الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الخبراء
  • المنفي يشارك في افتتاح المؤتمر الرابع لتمويل التنمية بإسبانيا
  • في مؤتمر “أممي”.. رؤية سودانية لإعمار ما دمرته الحرب
  • برلماني: شراكة الدولة مع القطاع الخاص في مطار الغردقة نموذج لتحسين كفاءة الإدارة
  • رئيس جامعة بورسعيد: شراكتنا مع المحافظة نموذج ناجح للتكامل بين التعليم و التنمية
  • مونيكا وليم تكتب: تحليل النهج السياسي الخارجي في ضوء النظرية السياسية.. مقاربة مصر ما بعد 30 يونيو نموذجًا
  • هيئة الرعاية الأسرية.. نموذج رائد في تقديم الدعم المجتمعي واستدامة التعافي
  • العراق رابعاً في نمو الاقتصاد بين الدول النفطية العربية لعام 2025
  • تشمل تخصصات الضيافة والأمن السياحي.. بحضور محافظ جدة.. توقيع اتفاقية لتدريب وتوظيف 1000 شاب وشابة
  • ثورة 30 يونيو.. أبرز الشركات التنموية بين وزارة التعاون الدولي وشركاء التنمية