(معهد أمركي).. جولة ترامب في الخليج تعيد رسم ملامح النفوذ الأمريكي وتحد من تمدد الصين
تاريخ النشر: 15th, May 2025 GMT
يمن مونيتور/ من معهد هيدسون الاميركي
وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الرياض في مستهل جولته الخليجية يشير إلى محاولة محسوبة لإعادة فرض القوة الأمريكية في منطقة تراجع فيها النفوذ الأمريكي لصالح الصين خلال العقد الماضي.
استغلت بكين خلال هذه الفترة، الفراغ السياسي والاستراتيجي لتوسيع وجودها في الشرق الأوسط، متوغلة في مشاريع البنية التحتية والمالية والتكنولوجية في الخليج، مما مكنها من تعديل التوازن الإقليمي لصالحها.
تعد زيارة ترامب أول محاولة مباشرة لوقف هذا الزخم الصيني وإعادة الولايات المتحدة كقوة رئيسية تشكل مستقبل الخليج.
رهانات كبيرة
في الوقت الذي قلصت فيه واشنطن وجودها العسكري وخفضت أولويات المنطقة في استراتيجيتها الدبلوماسية، عززت بكين علاقاتها الخليجية.
توسطت الصين في مارس 2023 في اتفاق لتطبيع العلاقات بين إيران والسعودية، وترى بكين في الشرق الأوسط مسرحاً أساسياً – وليس ثانوياً – في استراتيجيتها لإزاحة النفوذ الأمريكي وإعادة تشكيل التوازنات العالمية.
وترتكز استراتيجية الصين على خمس عوامل رئيسية:
الطاقة: الخليج يمكن أن يوفر الطاقة اللازمة للصين لدعم اقتصادها الصناعي، وتزود دول الخليج الصين بنحو نصف وارداتها من النفط الخام، وتعتبر بكين أمن الطاقة ضرورياً لاستقرار النظام.
الممرات الجيوسياسية: يشكل الشرق الأوسط ممراً استراتيجياً يربط شرق آسيا بأوروبا وإفريقيا، ومن خلال مبادرة الحزام والطريق، أولت الصين أهمية للموانئ والممرات اللوجستية والنقاط التجارية في الخليج، مما يمنحها نفوذاً على طرق التجارة البحرية والبرية.
رأس المال والتكنولوجيا: يوفر الخليج فرصاً استثمارية ضخمة للصين فصناديق الثروة السيادية في السعودية والإمارات تمثل مصادر استثمارية مستقرة للشركات الصينية، بينما تسعى دول الخليج لتسريع التحول الرقمي، مما يمنح الصين فرصة لتصدير تكنولوجياتها.
تجاوز العقوبات: يمكن للصين استخدام المنطقة لتقويض العقوبات الأمريكية، فقد طورت الصين آلية لاستيراد النفط الإيراني عبر ناقلات أسطول الظل، مع تجنب الشبكات المالية الغربية، وتدفع بكين بالرنمينبي من خلال بنوك صينية صغيرة، بينما يتم تكرير النفط في مصافٍ مستقلة.
إضعاف التحالفات الأمريكية: من خلال الانخراط مع حلفاء واشنطن مثل السعودية والإمارات وأعدائها مثل إيران، تطرح الصين نفسها كبديل استراتيجي غير مقيد بالشروط السياسية الأمريكية، وتستخدم بكين وسائل الإعلام والدبلوماسية لانتقاد السياسات الأمريكية وتصويرها على أنها مزعزعة للاستقرار.
التداعيات على العلاقات الدفاعية الأمريكية
بدأت حملة النفوذ الصيني تظهر آثارها على علاقات واشنطن الدفاعية في المنطقة، فقد انهارت صفقة بيع مقاتلات F-35 للإمارات بقيمة 23 مليار دولار بعد رفض أبوظبي إزالة شبكة معدات الاتصالات من شركة هواوي الصينية، التي اعتبرت واشنطن أنها تشكل تهديداً أمنياً.
هذا التباين بين الحلفاء يظهر استراتيجية بكين طويلة الأمد، والتي تعتمد على التغلغل في الأنظمة الأساسية بطريقة يصعب على الدول المضيفة التخلص منها، ويصعب على واشنطن مواجهتها.
الإستراتيجية الأمريكية الجديدة
ترامب اختار الرياض لتكون محطته الأولى، وليس بروكسل أو لندن أو طوكيو، في إشارة إلى أن الولايات المتحدة ترى الشرق الأوسط مسرحاً محورياً للتنافس الاستراتيجي مع الصين.
وأعلنت السعودية عن تعهدات استثمارية أمريكية بقيمة 600 مليار دولار، منها أكثر من 100 مليار دولار لشراء أسلحة أمريكية متقدمة. وفي الوقت نفسه، تستعد واشنطن لتزويد المملكة بتقنيات أشباه الموصلات المتقدمة، في خطوة تهدف لإبعاد الصين عن مشاريع الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية السحابية في الخليج.
كما أن قرار ترامب برفع العقوبات عن دمشق ليس مجرد تنازل للنظام السوري بعد الأسد، بل هو محاولة لإعادة الدخول إلى ساحة استراتيجية تركها أوباما لصالح الصين وروسيا وإيران.
في حال نجاح جولة ترامب الخليجية، سيحقق تقدماً كبيراً في كبح النفوذ الصيني وإعادة تأكيد الهيمنة الأمريكية وطمأنة الحلفاء في المنطقة، وفي ظل تحولات التحالفات وعدم اليقين الاستراتيجي، تشكل هذه الزيارة إشارة إلى التزام واشنطن بتشكيل موازين القوى، وليس مجرد ردود أفعال.
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: أمريكا الخليج الصين ترامب الشرق الأوسط فی الخلیج
إقرأ أيضاً:
قائد القوات الأمريكية بالمحيط الهادئ: الصين تعزز قدراتها العسكرية بسرعة
أكد قائد الجيش الأمريكي في المحيط الهادئ الجنرال رونالد كلارك، اليوم السبت أن الصين تُطوّر تقنيات وقدرات وإجراءات عسكرية بوتيرة ونطاق غير مسبوقين.
وقال قائد الجيش الأمريكي في المحيط الهادئ خلال حديثه اليوم خلال منتدى استراتيجي للقوة البرية في مقر مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن، إن الصين تتعلم دروسًا من الصراعات الدائرة، وتُحسّن بسرعة قدرتها على العمل في إطار مشترك.
وأضاف كلارك أن تركيز الصين ينصب على منع الوصول ومنع دخول المناطق في المجالين الجوي والبحري ضد الولايات المتحدة وحلفائها.
أوضح أن ما لم تأخذه الصين في الحسبان هو قدرة الجيش الأمريكي على توفير الوصول من خلال عمليات برية متعددة النطاقات"، في إشارة إلى مفهوم الردع متعدد النطاقات التابع للجيش الأمريكي، والذي يُقدّر العمل في الفضاء، والفضاء الإلكتروني، والحرب الإلكترونية، وعمليات المعلومات، واستخدام النيران بعيدة المدى.
وأشار القائد العسكري الأمريكي إلى أن الصين زادت من عدوانها وعنفها وأساليبها القسرية ضد حلفائها وشركائها في المنطقة، مشيرًا إلى أن "قدرتنا على التواجد، ومنحهم بديلًا، لا سيما في المجال الأمني، أمر بالغ الأهمية. لذا، فإن التواجد مهم".
ولفت إلى العدد الكبير من التدريبات التي تُجرى في جميع أنحاء المنطقة، والتي تشارك فيها الولايات المتحدة ودول أخرى، موضحا أن الجيش الأمريكي يزيد من المخزونات المُجهزة مسبقًا في المنطقة، والمعروفة بمراكز التوزيع المشتركة في مسرح العمليات، لتقليل الاعتماد على نقل الإمدادات من أماكن بعيدة جوًا وبحرًا، وتقليل المخاطر المرتبطة بذلك.
قال كلارك: "قدرتنا على تحقيق أفضلية موقعية مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بجهودنا في شنّ حملات داخل سلسلتي الجزر الأولى والثانية، وبناء أفضلية موقعية من خلال اشتباكاتنا وعملياتنا وأنشطتنا واستثماراتنا في منطقة المحيطين الهندي والهادئ".
وتابع "لقد ضاعفنا جهودنا في مجال الصحة واللياقة البدنية الشاملة لضمان قدرة الجنود وعائلاتهم على الصمود في وجه أي تحديات مستقبلية".
وأكد كلارك أن القيادة الأمريكية لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ مستعدة للمساعدة في حالات الكوارث الطبيعية، التي يقع الكثير منها في المنطقة، وأن الجنود يُساعدون في تجربة وتطوير قدرات فعالة.