«واشنطن بوست»: مسؤولون إيرانيون قللوا من تضرر منشآتهم النووية بالضربات الأمريكية
تاريخ النشر: 29th, June 2025 GMT
قالت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية إن اتصالات تم اعتراضها بين كبار المسؤولين الإيرانيين يناقشون فيها أثر الضربات العسكرية التي وجهت هذا الشهر للبرنامج النووي الإيراني، كشفت أن الهجوم الأمريكي كان أقل تدميرا مما توقعوه.
ونقلت الصحيفة عن من وصفتهم بـ«أربعة أشخاص مُطلعين على المعلومات الاستخباراتية السرية المتداولة داخل الإدارة الأمريكية»، قولهم إن الاتصالات، تضمنت تكهنات من مسؤولين حكوميين إيرانيين حول سبب عدم كون الضربات التي أمر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتوجيها «مدمرة» بشكل كبير كما كانوا يتوقعونها أن تكون.
وقالت "واشنطن بوست" إن هؤلاء المسؤولين تحدثوا لها بشرط عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة معلومات استخباراتية حساسة.
وأضافت أن معلومات الاستخبارات التي تم اعتراضها تعد أحدث المعلومات الأولية التي تقدم صورة أكثر تعقيدًا من تلك التي نقلها الرئيس ترامب الذي قال إن العملية قضت تمامًا وبشكل كامل على البرنامج النووي الإيراني.
ولم تُشكك إدارة ترامب في وجود الاتصالات التي تم اعتراضها، والتي لم يتم الإبلاغ عنها سابقًا، لكنها اختلفت بشدة مع استنتاجات الإيرانيين، وألقت بظلال من الشك على قدرتهم على تقييم الأضرار التي لحقت بالمنشآت النووية الثلاث المستهدفة في العملية الأمريكية.
وقالت كارولين ليفيت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض "من المُخزي أن تُساعد صحيفة واشنطن بوست الناس على ارتكاب جرائم جنائية بنشر تسريبات خارج السياق"، مضيفة: "أن فكرة أن مسؤولين إيرانيين مجهولين يعرفون ما حدث تحت مئات الأقدام من الأنقاض هي فكرة هراء، لقد انتهى برنامجهم النووي".
ويتفق المحللون على نطاق واسع على أن الضربات تضمنت قوة نيران أمريكية هائلة، بما في ذلك قنابل خارقة للتحصينات زنة 30 ألف رطل وصواريخ توماهوك كروز، والتي ألحقت أضرارًا بالغة بالمنشآت النووية في فوردو ونطنز وأصفهان، لكن مدى الدمار والوقت الذي قد تستغرقه إيران لإعادة البناء كان محل نقاش حاد وسط تقارير تفيد بأن إيران نقلت مخزوناتها من اليورانيوم عالي التخصيب قبل الضربة، وأن الانفجارات أغلقت مدخل اثنتين من المنشآت لكنها لم تُسفر عن انهيار مبانيها تحت الأرض.
وعندما سُئل مسؤول في إدارة ترامب عن الاتصالات التي تم اعتراضها، قال إن الإيرانيين "مخطئون لأننا دمّرنا منشأة تحويل المعادن الخاصة بهم، نعلم أن أسلحتنا وصلت بالضبط إلى المكان الذي أردناها أن تصل إليه، وقد حقّقت التأثير الذي أردناه".
وخلال جلسات إحاطة سرية في الكونجرس الأسبوع الماضي، قال مسؤول أمريكي إن مدير وكالة الاستخبارات المركزية جون راتكليف أخبر المشرّعين أن العديد من المواقع النووية الرئيسية قد دُمّر بالكامل، بما في ذلك عمليات تحويل المعادن الإيرانية.
وأضاف المسؤول أن إعادة بناء المنشأة، التي تُعدّ أساسية لبناء النواة المتفجرة للقنبلة، سيستغرق سنوات، كما قال راتكليف إن أجهزة الاستخبارات الأمريكية تُقدّر أن "الغالبية العظمى" من اليورانيوم الإيراني المُخصّب "مدفونة على الأرجح في أصفهان وفوردو".
وبعد أن طلبت صحيفة "واشنطن بوست" تعليقًا من مكتب مدير الاستخبارات الوطنية، صرّح مسؤول استخباراتي أمريكي كبير بأن مكالمة هاتفية واحدة بين إيرانيين مجهولين لا تُعدّ تقييمًا استخباراتيًا يأخذ في الاعتبار مجموعة من الأدلة، من مصادر وأساليب متعددة".
وتُعدّ المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني وغيرها من الاتصالات الإلكترونية التي يتم اعتراضها، والمعروفة باسم استخبارات الإشارات، من بين أقوى الأدوات في ترسانة وكالات التجسس الأمريكية، وغالبًا ما تُشكّل غالبية المعلومات الاستخباراتية في إحاطة ترامب الاستخباراتية اليومية. لكن لاستخبارات الإشارات حدودا أيضًا، حيث تفتقر المقاطع المسموعة من المحادثات أحيانًا إلى السياق، ويجب إقرانها بمعلومات أخرى للحصول على صورة أوضح للأحداث.
كان ترامب غاضبًا من التغطية الإخبارية التي شككت في نجاح مهمة القصف، التي سبقت وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل والذي أنهى 12 يومًا من الأعمال العدائية. وكتب على موقع "تروث سوشيال": "الديمقراطيون هم من سربوا المعلومات"، في إشارة إلى تقييم أولي من وكالة استخبارات الدفاع التابعة للبنتاجون يفيد بأن تدخل ترامب من المرجح أن يؤخر البرنامج النووي الإيراني لأشهر، وليس سنوات. وأضاف: "يجب محاكمتهم!".
كما شكك ترامب في التقارير التي تفيد بنقل مخزون اليورانيوم، قائلاً خلال مقابلة مسجلة مسبقًا مع قناة فوكس نيوز من المقرر بثها يوم الأحد: "لا أعتقد أنهم فعلوا ذلك، لا. إنه أمر صعب للغاية، إنه أمر خطير للغاية.. .لم يكونوا يعلمون أننا قادمون حتى تلك اللحظة".
وانتقدت إدارة ترامب بعض وسائل الإعلام لفشلها في ملاحظة أن تقرير وكالة استخبارات الدفاع، الذي تعتبره "منخفض الثقة"، يحذر من أن تقييم الأضرار الكاملة للمعركة يتطلب "أيامًا إلى أسابيع لتجميع البيانات اللازمة لتقييم التأثيرات على النظام المستهدف".
وفي مبنى الكابيتول، استمرت الخلافات حول فعالية الضربات بعد الإحاطات السرية التي قدمتها إدارة ترامب للمشرعين الأسبوع الماضي.
وصرح السيناتور كريس مورفي (الديمقراطي من ولاية كونيتيكت) للصحفيين: "أغادر تلك الإحاطة وأنا ما أزال على قناعة بأننا لم ندمر البرنامج". وأضاف: "كان الرئيس يتعمد تضليل الرأي العام عندما قال إن البرنامج قد مُحي. من المؤكد أن هناك قدرات ومعدات مهمة لا تزال قائمة".
وأضاف مورفي: "لا يمكنك قصف المعرفة - مهما قتلت من علماء". "لا يزال هناك أشخاص في إيران يعرفون كيفية تشغيل أجهزة الطرد المركزي. وإذا كان لا يزال لديهم اليورانيوم المخصب والقدرة على استخدام أجهزة الطرد المركزي، فإنك لا تُؤخر البرنامج سنوات، بل تُؤخره أشهرًا".
وقال السيناتور ليندسي جراهام (الجمهوري من ولاية كارولينا الجنوبية)، وهو حليف مقرب من ترامب، إن "التدمير" كلمة جيدة لوصف الضربات، التي قال إنها أعادت البرنامج لسنوات. ولكنه أقر بإمكانية استعادة قدرات إيران.
اقرأ أيضاًالكشف عن عدد ضحايا الهلال الأحمر الإيراني بسبب العدوان الإسرائيلي
إيران: مقتل 71 شخصا جراء العدوان الإسرائيلي على سجن «إيفين» بطهران
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: ترامب إيران الضربات الأمريكية ضد إيران الضربات الأمريكية على إيران إدارة ترامب واشنطن بوست تقییم ا التی ت قال إن
إقرأ أيضاً:
العراق يرفض الضغوط الأميركية ويدافع عن اتفاقه الأمني مع إيران
بغداد- رفضت الحكومة العراقية انتقادات الولايات المتحدة لاتفاقية أمنية أبرمتها مؤخرا مع إيران، مؤكدة على سيادتها الكاملة وحقها في عقد الاتفاقيات التي تخدم مصالحها الوطنية.
وكانت بغداد وطهران قد وقعتا، الاثنين الماضي، مذكرة تفاهم للتعاون الأمني وتنسيق الحدود المشتركة، وعبّرت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية تامي بروس عن رفض بلادها لأي تشريع قد يتعارض مع أهدافها أو جهودها في تعزيز المؤسسات الأمنية العراقية، محذرة من أن مثل هذه الاتفاقيات قد تحوّل العراق إلى "دولة تابعة لإيران".
وفي بيان توضيحي صدر عن السفارة العراقية في واشنطن، أكدت بغداد أن قرارها نابع من إرادتها الوطنية ولا يخضع لأي تبعية خارجية، مشددة على أن العراق دولة ذات سيادة كاملة.
بيان توضيحي
تعقيباً على ما ورد في تصريحات المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية خلال مؤتمرها الصحافي الأخير، تؤكد @IraqinUSA أن #العراق دولة ذات سيادة كاملة، وله الحق في إبرام الاتفاقيات ومذكرات التفاهم وفقاً لأحكام دستوره وقوانينه الوطنية، وبما ينسجم مع مصالحه العليا. pic.twitter.com/hKSFUCl6ou
— سفارة العراق – واشنطن| Iraqi Embassy in Washington (@IraqinUSA) August 12, 2025
توضيح رسميفي هذا السياق، أكد فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس مجلس الوزراء، أن العراق "يستمع بتقدير إلى ملاحظات شركائه الدوليين ويتعامل معها بما يخدم المصالح العليا للبلاد، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة، حيث يقدّر عاليا علاقته الإستراتيجية معها ويسعى لزيادة فرص هذه الشراكة".
وقال الشمري للجزيرة نت إن العراق دولة ذات سيادة تتمتع بعلاقات مميزة وجيدة مع محيطها الإقليمي والدولي، مشيرا إلى أن الحكومة تتبنى نهجا قائما على التوازن وعدم الانحياز، مع الحرص على تعميق علاقاتها الدولية وفق أسس قانونية لتعزيز المصالح الوطنية ومصالح شعبه.
إعلانوأوضح أن التوقيع الأخير امتداد لمذكرة سابقة مع إيران تتعلق بالتنسيق الأمني على الحدود المشتركة التي يبلغ طولها أكثر من 1300 كيلومتر، تهدف إلى تعزيز الاستقرار ومنع التهديدات الإرهابية أو الجنائية، والتعامل مع ملفات مثل تجارة المخدرات والاتجار بالبشر التي تمس أمن البلدين.
وأكد الشمري أن نهج الحكومة العراقية يقوم على الحوار والشفافية مع جميع الشركاء والحلفاء، معتبرا أن أي موقف هو فرصة لتبادل وجهات النظر، بما يخدم الاستقرار والنمو في المنطقة ويحقق مصالح الشعب العراقي وشعوب المنطقة.
رئيس مجلس الوزراء السيد محمد شياع السوداني يرعى مراسم توقيع على مذكرة تفاهم، في إطار مبادئ التعاون مع شركة (جي إي فيرنوفا /GE VERNOVA)، تشتمل مشاريع لمحطات إنتاج الطاقة الغازية المركبة بحدود 24 ألف ميكا واط، في خطة هي الأوسع والأحدث في تاريخ العراق، مع إمكانية تأمين توفير التمويل… pic.twitter.com/KBNfzCTfCk
— المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء ???????? (@IraqiPMO) April 9, 2025
عواقبمن جانبه، حذر الخبير بالشأن السياسي مجاشع التميمي من أن العراق قد يواجه عقوبات أميركية قاسية، وربما انهيارا في قطاعاته الحيوية، إذا استمر في سياسة التقارب مع إيران بما يتعارض مع رغبات واشنطن.
وقال التميمي للجزيرة نت إن العراق يمر بظرف صعب للغاية كحليف للولايات المتحدة بموجب الاتفاقية الإستراتيجية بينهما، مشددا على أن هذا التحالف يفرض على بغداد الكثير من الالتزامات المالية والاقتصادية وفق الرؤية الأميركية. وأضاف أن واشنطن تتحدث هذه المرة "بقوة" وأنه إذا لم تكن هناك استجابة لمطالبها وشروطها، فإنها قد تنسحب من العراق، مما يجعله عرضة "لصدمات كثيرة وربما حتى الانهيار".
وفي تحليله للمشهد الإقليمي والدولي بعد أحداث أكتوبر/تشرين الأول 2023، أكد التميمي أن موضوع التوازن انتهى، وأن الولايات المتحدة وحلفاءها، بما في ذلك إسرائيل وبعض الدول العربية "ماضون في مشروع دولي جديد يختلف تماما عما كان قبل تلك الأحداث".
وعلى الرغم من إقراره بوجود "انتهاك" في موقف واشنطن تجاه العراق، لكنه لفت إلى أن "الولايات المتحدة دولة لديها تسلط ودكتاتورية في فرض شروطها، وهي من تدير النظام الدولي الجديد والكل يخضع لها". ويعتقد أن الحكومة العراقية والإطار التنسيقي "يدركان خطورة المشهد" ولذلك لا يتوقع أن يذهبا في مسار يعارضها.
وحذر التميمي بقوله "إذا لم يعجبك هذا الموضوع، فستكون خارج الحماية والدعم الأميركيين، وسنعود إلى ما كنا عليه قبل عام 2003، وسيكون هناك عقوبات وربما حتى تقسيم للعراق" مشيرا إلى أن الجانبين الكردي والسني "قد لا يلتزمان بقرارات حكومة معادية لواشنطن".
علاقة هشةمن جهته، أكد الباحث في الشأن الأمني عمر الناصر أن العلاقة بين العراق والولايات المتحدة لا تزال هشة، على الرغم من وجود الاتفاقية الإطارية الإستراتيجية، مشيرا إلى وجود توتر دائم فيها، مما يتطلب بداية مرحلة جديدة من التفاهم والتعاون والشراكة.
وقال الناصر للجزيرة نت إن بناء هذه المرحلة الجديدة يتطلب "جهودا أكثر من استثنائية" لإبعاد العراق عن التجاذبات الدولية والإقليمية، خاصة فيما يتعلق بعلاقته مع إيران وشراكاته مع دول المنطقة. واعتبر أن مفهوم السيادة العراقية هو أحد أخطر الملفات، داعيا إلى إخراج كل المسائل المتعلقة بتهديد السيادة من جميع الأطراف.
إعلانوبرأي الناصر، لا يتحمل العراق تبعات المشاكل المتجذرة بين طهران وواشنطن، لأن ذلك يؤدي في نهاية الأمر إلى إعطاء خارطة طريق حقيقية لإعادة التوازن في المنطقة.
وشدد على أن العراق يجب أن يلعب دورا محوريا في تمكين سيادته، وأن يكون بمثابة "إسفنجة" تمتص الأزمات الإقليمية والدولية بطريقة احترافية وذكية، لكي يتمكن من تذويب التحديات الخارجية والداخلية.