عربي21:
2025-05-16@19:52:54 GMT

الأمة.. إشكالية هوية ما بعد التاريخ (2)

تاريخ النشر: 16th, May 2025 GMT

توقفنا في الجزء الأول من هذا السلسلة التي حملت عنوان "الأمة.. إشكالية هوية ما بعد التاريخ" عند السؤال: الآن هل المسلمون أمة؟ وهل تنطبق عليهم هذه التعريفات، ومن ثم هل تغيرت المعطيات، من ثم تغيرت التوصيفات لهذه الشعوب؟ لا سيما بعد اعتراض أحد كبار المستشاري رئيس إحدى حكومات الدول الإسلامية على المصطلح، مؤكدا أن المصطلح ما عاد يصلح لهذا الزمان.

واستقينا من آيات القرآن، الذي هو محور التفاف هذه المجموعة البشرية التي تسكن الجغرافية المعروفة وما وراءها في بلاد الاغتراب، أو البلاد التي دخلها الإسلام ويمثل أهل أقلية، فالقرآن هو العامل الجامع الأول لهذه المجموعة البشرية.. استقينا معنى الأمة ومفهومه عند الشارع الحكيم، من دون اختلاف لا في التفسير ولا التأويل.

لقد عاشت الأمة الإسلامية حالة الترابط والتماسك، لا تناقش فكرة إن كانت أمة أم لا، ولم تفكر في فكرة القومية أو الوطنية، حتى مع تفسخها واستئثار بعض الحكام ببعض الأراضي، وحتى ولو لم يكن لهم خليفة واحد. فقد تنشأ عدة دول في بعض البقاع في زمن واحد، إلا أن ذلك لم يغيّب فكرة الأمة عن العقل الجمعي الإسلامي، وظلت هذه الفكرة راسخة في أذهان الشعوب العربية والإسلامية حتى إعلان سقوط الخلافة العثمانية في بدايات القرن الماضي، كان لعبد الناصر الدور الأكبر في حمل مشعل القومية العربية، وقدم فكرة الشعب العربي، وهي بمثابة عقيدة تحملها وحدة اللغة والثقافة والتاريخ، لذا فإن حرية الأديان مقدمة، ولعله في ذلك أراد أو أرادت الفكرة سحب فكرة التدين من الضمير الجمعي للعربوالتي شكلت صدمة لهذه الشعوب، رغم التمهيد لهذا السقوط بحركات تمرد شهدتها العديد من الدول العربية، في تراجع غير مفهوم لفكرة شمولية الدين والمصير لصالح فكرة الوطنية أو القومية، لتظهر فكرة رفض الحكم من غير أبناء الوطن أو العِرق، لتظهر في هذه اللحظة الدولة القومية، على حساب الخلافة الإسلامية، ومثّل ذلك السقوط جرح عميق في الأمة.

كان لسقوط الخلافة العثمانية الدور الكبير في بزوغ نجم القومية العربية، التي كانت في الحقيقة أحد أسباب سقوطها، حيث مثلت القومية بديلا للدولة الكبرى، وحلما للاستقلال، على الرغم من أن الدول العربية التي حملت راية القومية العربية كانت محتلة من الغرب، لكن الترويج لأن الأتراك ما هم إلا محتلون يجب الخلاص منهم، كانت تحمله سردية العصبية القومية، حتى في ظل التنوع العرقي والمذهبي في تلك البلدان التي شهدت التمرد على الحكم العثماني، فطارت الفكرة حتى بلغت عنان سماء مخيلة العامة، لا سيما بعد أن صُنعت نخب دورها كان الترويج للفكرة، وصناعة أحلام الازدهار بعد الانعتاق من الحكم العثماني، وقد ساعد على ذلك تزايد المظالم بفعل التعامل العنيف من العثمانيين.

عُرفت فكرة القومية في التاريخ الأوروبي، لا سيما بعد الثورة الفرنسية، وهي حركة يقوم بها أشخاص، غالبا من نفس المجموعة العرقية، لتحديد الحدود السياسية وبالتالي الحكم لبقعة جغرافية، وكان رائد الفكرة والتيار ومفكرها ميشيل عفلق، ورافع رايتها والداعم لها والمستفيد منها جمال عبد الناصر.

الانكفاء على الوطنية، وهي فكرة لطالما حاول الاستعمار ترسيخها، ووجدت لها صدى كبيرا مع التحولات السياسية في المنطقة مع ترسيخ فكرة أن 99 في المئة من مفاتيح اللعبة بيد أمريكا، وهي الفكرة التي أصابت هذه الأمة وأصابت معها، للأسف، بشكل غير مباشر وتحت الضغط؛ القوى الإسلامية المعارضة والمنظرة لفساد فكرة الانكفاء والتغريب
كان لعبد الناصر الدور الأكبر في حمل مشعل القومية العربية، وقدم فكرة الشعب العربي، وهي بمثابة عقيدة تحملها وحدة اللغة والثقافة والتاريخ، لذا فإن حرية الأديان مقدمة، ولعله في ذلك أراد أو أرادت الفكرة سحب فكرة التدين من الضمير الجمعي للعرب، بعد سقوط الخلاف القائم على فكرة الوحدة على أساس الدين، وهي أول صدمة تلقتها القومية العربية بعد هزيمة 1967، وفي مخيلتي أن الهزيمة الثانية كانت باحتلال صدام حسين للكويت، ما جعل الشعوب تكفر بالقومية، ورسّخ لذلك سياسيا بعض الحكام المتضررين من الفكرة بالأساس، والحالمين بريادة المنظومة العربية بوجه جديد.

بدأت هذه القوى في نشر فكرها بصناعة تيار، بدأ تخليقه في محاضن الهجرة بحثا عن الرزق في فترة السبعينات، بعد استقبالها للعمالة العربية والإسلامية، مستفيدة من الثروة النفطية التي منَّ الله عليها بها، وهي في ذلك مستفيدة من حالة التحول الذي ضرب الشعوب العربية بقيادات سياسية وفكرية بدأت تتماهى مع فكرة الانكفاء على الوطنية، وهي فكرة لطالما حاول الاستعمار ترسيخها، ووجدت لها صدى كبيرا مع التحولات السياسية في المنطقة مع ترسيخ فكرة أن 99 في المئة من مفاتيح اللعبة بيد أمريكا، وهي الفكرة التي أصابت هذه الأمة وأصابت معها، للأسف، بشكل غير مباشر وتحت الضغط؛ القوى الإسلامية المعارضة والمنظرة لفساد فكرة الانكفاء والتغريب.

فلو كان النظام الساداتي صاحب الفكرة، والذي ذهب إلى ما هو أبعد من اتفاقية السلام مع الاحتلال الإسرائيلي، قد ذهب إلى هذا المذهب كرد فعل على القطيعة العربية، فإن هذا المذهب وجد له من يتلقفه ويغذيه لصالح تياره الجديد من خلال العاملة الوافدة له، والكل يخدم مشروعا أكبر سواء بحسن أو سوء نية، هو مشروع تفتيت هذه الأمة التي قال عنها سبحانه: "إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون"، لكن هناك من وجد له مشروعا يخالف هذه الفكرة، على الرغم من أنها لا تخدم مشروعه في نهاية المطاف، لكنه وجد فيها خلاصا من آثار القومية التي حكمت المنطقة لعقود.

ولضيق المساحة، أرجو أن تتحملني عزيزي القارئ في جزء آخر لهذا المقال، لنستكمل في الأسبوع القادم إن شاء الله.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء الأمة هوية العربية مفهوم اسلام عرب هوية أمة مفهوم قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القومیة العربیة ما بعد

إقرأ أيضاً:

الأُمِّيُّونَ في القرآن: إشكالية المصطلح ووضوح الدلالة

الأُمِّيُّونَ في #القرآن: إشكالية المصطلح ووضوح الدلالة

أ.د. #خليل_الرفوع

الجامعة القاسمية / الإمارات العربية المتحدة

       #الأميون #مصطلح_قرآني محض، وقد ذُكِرَ في ست آيات بيّنات، وأقصد بهذا أنه لم يذكر في الشعر الذي قيل قبل الإسلام وهو الشعر الجاهلي، وهذا ملحظ تاريخي لغوي مهم، والسياق القرآني الذي قيل فيه هو الحديث عن اليهود خاصة، وليس أهل الكتاب عامة، وقد ذهب ناصر الدين الأسد إلى أنه أطلق على العرب الذين لم يتنزل عليهم كتابٌ سماوي، فهو يقابل مصطلح أهل الكتاب، “إن الوصف بالأمية لا يعني الأمية الكتابية ولا العلمية وإنما يعني الأمية الدينية، أي أنهم لم يكن لهم قبل القرآن الكريم كتاب ديني، ومن هنا كانوا أميين دينيًّا، ولم يكونوا مثل أهل الكتاب من اليهود والنصارى، الذين كان لهم التوراة والإنجيل”.(مصادر الشعر الجاهلي وقيمتها التاريخية، ص54).

مقالات ذات صلة ألفيتنا الأردنية 2025/05/15

        ومنطلق فهم الآيات أن المصطلح عِبري الدلالة، وقد أطلقه اليهود على الأغيار أو الغرباء، وأصل اللفظ عبري: غُوي، أمة، وجمعها غوييم، أمم، وهي في العربية: “جُوي”، ثم أضيف إليها صيغة الجمع لتصبح “جوييم”: أمم، وهو مصطلح ديني تطلقه التوراة على غير اليهود، فالناس مقسمون عندهم إلى يهود وأغيار أو أمم أخرى، وأما اليهود فتطلق عليهم التوراة: عفريم، كما قُسِّم الناس عند العرب إلى عرب وعجم، لكنَّ العُجمة لا تحمل أية أوصاف سيئة، بل تحمل معنى الحبُسة في اللسان، وهذا ليس مثلبة بل هو وصف لمن لا يتقن العربية نطقًا، لكن مصطلح جوييم يتضمن كراهية الآخر غير اليهودي أو غير المؤمن بالتوراة عقيدةً وقراءة وكتابة، ومن معانيها الوثنية والكفر…. وليس هذا اللفظ الوحيد الذي عُرَّب في القرآن الكريم من العبرية، فهناك ألفاظ عبرية غير أمّيّ، ومنها: أسْباط، لِينة، رَاعِنَا، حِطَّة، سِجِّين، وقد وردت في سياقات أحاديث اليهود كما هو لفظ أمي، فالاسم الشائع الذي كان اليهود الناطقون بالعربية يسمون به العرب هو: أُمِّيُّون والواحد أُمِّي.

         فالتسمية ليس لها أصل اشتقاقي لغوي مستمد من العربية، إنما هو مصطلح توراتي عَرَّبَه القرآن كما عرب ألفاظًا غيره من لغات أخرى، ولا رابط اشتقاقي صرفي أو لغوي بينه وبين: أُمٍّ أو اُمَّة أو أَمَة أو أُمَم أو أُمية. ولم يكن مفهوم أمةٍ موجودًا قبل الإسلام لينسب العرب أو الرسول عليه الصلاة والسلام إليه، وكذلك تنتفي النسبة إلى أُم، فكيف ينسب العربي إلى أمه التي ولدته، بل كيف ينسب الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أمه آمنة، أو أُمته الإسلامية أو غيرها.

إن مفتاح فهم المصطلح ثلاث آيات:

 الأولى: ما ورد في قوله تعالى:” ﴿وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَّا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ۗ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾، (آل عمران، 75)، إن سياق الآية الحديثُ عن طائفتين من أهل الكتاب: النصارى الذين يؤدون ما عندهم من أمانات إن استؤمنوا عليها، ويردونها إلى أصحابها غير منقوصة، وطائفة أخرى هم اليهود الذين يستحلونَ بالباطل أموالَ العرب ومنهم الرسول صلى الله عليه وسلم، ويقولون: ليس علينا في أكل أموالهم إثم ولا حرج؛ لأن الله أحلَّها لنا، وهذا كذب على الله، يقولونه بألسنتهم، وهم يعلمون أنهم كاذبون. ومضمون خطابهم أنهم غير ملتزمين بمراعاة أية شريعة أو دين أو أية ضوابط أخلاقية أو اجتماعية. فالأمّيون في الآية هم العرب جميعا، وليس لها علاقة بالأمية الكتابية.

الثانية: ما ورد في قوله تعالى: ﴿ فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ ۗ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ ۚ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوا ۖ وَّإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ ۗ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ﴾،(آل عمران، 20)، إن سياق الآية يصف اليهود ويخيّرهم كما يخير الأميين العرب المشركين بين الإسلام والهداية أو الضلال والتولي عن الحق، فالدلالة واضحة على أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بتخيير اليهود ومشركي العرب، فالخطاب لليهود الذين أوتوا الكتاب والعرب الذين وُصِفُوا بالأميين، فتقديم اليهود على العرب المشركين في الآية يوحي بذلك المصطلح الذي كان يطلقه اليهود على العرب، وهو الأغيار، وليس ثمة استدعاء في الآية لمعنى الأمية الكتابية.

الثالثة: نص الآية ﴿ وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ* فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَٰذَا مِنْ عِندِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ۖ فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا يَكْسِبُونَ﴾، (البقرة، 78 ، 79)، فالأمية في هذه الآية ليست أمية كتابية، بل هي وصف للأحبار الذين يكتبون الكتاب بأيديهم، وما كان علمهم إلا أباطيل وضلالات هي أمانيهم، فهم حينئذٍ أميون، بالمعنى المعجمي الدلالي للفظة وهو: الأغراب الكفرة حتى لو تَعَبْرَنُوا أو تصهينوا، فقد خرجوا من دائرة المؤمنين بالتوراة إلى الكافرين بها، بما بدَّلوا وحرَّفوا، فالحديث في الآية هو عن الأحبار الأميين الذين يكتبون الباطل بأيديهم، وقد فعلوا ذلك بعلمهم؛ لذا توعدهم الله بالويل لافترائهم عليه ما ليس بحق، ولِمَا يكسبون من المال وعرض الدنيا.

وفي الآية السابقة تصريح واضح أن الأمية ليست أمية كتابية، والحق أن الآيات الست التي تناولت مصطلح الأميِّ لا تتضمن معنى الأمية الكتابية أي عدم معرفة القراءة والكتابة، لسببين اثنين: أن دلالة الأمي: مصطلح توراتي أطلق على العرب أكانوا مشركين، أم مسلمين والنبي محمد صلى الله عليه وسلم سيد العرب وأشرفهم، فالجميع أغيار غرباء، والدليل على ذلك أنه ورد في سياق الحديث عن اليهود في كل الآيات القرآنية، والأمر الآخر أن المصطلح لم يستخدم قبل القرآن الكريم في الشعر الجاهلي، ولم يكن من دلالاته في الآيات: عدم معرفة القراءة والكتابة، والمعلوم أن الكتابة كانت منتشرة في الحواضر العربية مثل: يثرب ومكة والطائف والحِيرة وغيرها، والشواهد كثيرة في القرآن والشعر الجاهلي، ويكفي الإشارة إلى أن أربعين كاتبًا للوحي كانوا يُدوِّنون في حضرة الرسول صلى الله عليه وسلم ما يتنزل عليه من سور وآيات، والسؤال الذي يفهم من نفي دلالة الأمي على عدم معرفة القراءة والكتابة هو: هل ألفاظ الكتابة وأدواتها التي ذكرت في القرآن والشعر الجاهلي كتبت عبثًا بحيث أن العرب لم يفهموها ولم يستخدموها في شؤون حياتهم؟ ويكفي الإشارة إلى أن أطول آية في القرآن الكريم هي آية المُداينة، وفيها تفصيل لكتابة الدَّين ثم أعقبت بآية تؤكد اللجوء إلى الرهان المقبوضة في حالة السفر إن لم يوجد الكاتب، فالأصل في الدَّين كتابته، وقد أقسم الله بحرف النون والقلم وما يسطرون، فماذا كانون يسطِّرون غير الكتابة؟ حتى عُرِفَ بعض شعراء الجاهلية بجودة الخط والاحتراف بتنميقه كعدي بن زيد العبادي والمرقش الأكبر، وأخلصُ إلى أن مصطلح الأمي تعاورته تأويلات كثيرة أكثرها لم يربط بين دلالته اللسانية التاريخية ومواطن سياقاته التي وردت فيه في القرآن الكريم، فدلالة المصطلح تطلق على غير اليهود من العرب مشركين ومسلمين وليس من دلالتها الأمية الكتابية؛ فقد كان العرب قبل الإسلام أهل حضارة وبلاغة، وأن أكثرهم قد أتقن القراءة والكتابة معًا، ثم من يأتي ويقرر وصفهم بالأمية الكتابية، ولعل أي وصف لهم بالأمية التي يقصد بها الجهل المعرفي قراءةً وكتابة هو تحريف تأويلي لنصوص واضحة الدلالة، وإساءة لأمة كان أعظم منجز حضاري لها قبل الإسلام الشعرَ بما فيه من فكر وتأمل وجودي وتشبيهات كثيرة للحرف والخط والقصيدة، وخلاصة الرأي: أن الأمي مصطلح قرآني معرب عن جوييم العبرية التي تعني الشعوب الأغيار الوثنيين، وأطلقت قبيل الإسلام على العرب خاصة، وليس كما هو شائع عدم القراءة والكتابة أو الذين لم يتنزل عليهم كتاب سماوي.

مقالات مشابهة

  • مصر التي خرجت من التاريخ والسياسة وزيارة ترامب
  • الأُمِّيُّونَ في القرآن: إشكالية المصطلح ووضوح الدلالة
  • إنعام محمد علي.. رائدة الدراما المصرية التي أنصفت المرأة وكتبت التاريخ بالصورة
  • معرض الدوحة الدولي للكتاب يناقش "إشكالية الرواية العربية"
  • الرئيس أحمد الشرع: سوريا لكل السوريين بكل طوائفها وأعراقها ولكل من يعيش على هذه الأرض المباركة، التعايش هو إرثنا عبر التاريخ وإن الانقسامات التي مزقتنا كانت دائماً بفعل التدخلات الخارجية، واليوم نرفضها جميعاً.
  • وزير الإنتاج الحربي: شركاتنا تساهم في تنفيذ العديد من المشروعات القومية التي تخدم المواطن
  • الوزير "محمد صلاح": شركة الإنتاج الحربي للمشروعات تساهم في تنفيذ العديد من المشروعات القومية التي تخدم المواطن
  • هل ساهمت فكرة برج ترامب في رفع العقوبات على سوريا؟
  • القومية تحتفي بفيروز وتتغنى بروائع الموسيقى العربية فى الأوبرا