عربي21:
2025-12-14@23:06:20 GMT

الأمة.. إشكالية هوية ما بعد التاريخ (2)

تاريخ النشر: 16th, May 2025 GMT

توقفنا في الجزء الأول من هذا السلسلة التي حملت عنوان "الأمة.. إشكالية هوية ما بعد التاريخ" عند السؤال: الآن هل المسلمون أمة؟ وهل تنطبق عليهم هذه التعريفات، ومن ثم هل تغيرت المعطيات، من ثم تغيرت التوصيفات لهذه الشعوب؟ لا سيما بعد اعتراض أحد كبار المستشاري رئيس إحدى حكومات الدول الإسلامية على المصطلح، مؤكدا أن المصطلح ما عاد يصلح لهذا الزمان.

واستقينا من آيات القرآن، الذي هو محور التفاف هذه المجموعة البشرية التي تسكن الجغرافية المعروفة وما وراءها في بلاد الاغتراب، أو البلاد التي دخلها الإسلام ويمثل أهل أقلية، فالقرآن هو العامل الجامع الأول لهذه المجموعة البشرية.. استقينا معنى الأمة ومفهومه عند الشارع الحكيم، من دون اختلاف لا في التفسير ولا التأويل.

لقد عاشت الأمة الإسلامية حالة الترابط والتماسك، لا تناقش فكرة إن كانت أمة أم لا، ولم تفكر في فكرة القومية أو الوطنية، حتى مع تفسخها واستئثار بعض الحكام ببعض الأراضي، وحتى ولو لم يكن لهم خليفة واحد. فقد تنشأ عدة دول في بعض البقاع في زمن واحد، إلا أن ذلك لم يغيّب فكرة الأمة عن العقل الجمعي الإسلامي، وظلت هذه الفكرة راسخة في أذهان الشعوب العربية والإسلامية حتى إعلان سقوط الخلافة العثمانية في بدايات القرن الماضي، كان لعبد الناصر الدور الأكبر في حمل مشعل القومية العربية، وقدم فكرة الشعب العربي، وهي بمثابة عقيدة تحملها وحدة اللغة والثقافة والتاريخ، لذا فإن حرية الأديان مقدمة، ولعله في ذلك أراد أو أرادت الفكرة سحب فكرة التدين من الضمير الجمعي للعربوالتي شكلت صدمة لهذه الشعوب، رغم التمهيد لهذا السقوط بحركات تمرد شهدتها العديد من الدول العربية، في تراجع غير مفهوم لفكرة شمولية الدين والمصير لصالح فكرة الوطنية أو القومية، لتظهر فكرة رفض الحكم من غير أبناء الوطن أو العِرق، لتظهر في هذه اللحظة الدولة القومية، على حساب الخلافة الإسلامية، ومثّل ذلك السقوط جرح عميق في الأمة.

كان لسقوط الخلافة العثمانية الدور الكبير في بزوغ نجم القومية العربية، التي كانت في الحقيقة أحد أسباب سقوطها، حيث مثلت القومية بديلا للدولة الكبرى، وحلما للاستقلال، على الرغم من أن الدول العربية التي حملت راية القومية العربية كانت محتلة من الغرب، لكن الترويج لأن الأتراك ما هم إلا محتلون يجب الخلاص منهم، كانت تحمله سردية العصبية القومية، حتى في ظل التنوع العرقي والمذهبي في تلك البلدان التي شهدت التمرد على الحكم العثماني، فطارت الفكرة حتى بلغت عنان سماء مخيلة العامة، لا سيما بعد أن صُنعت نخب دورها كان الترويج للفكرة، وصناعة أحلام الازدهار بعد الانعتاق من الحكم العثماني، وقد ساعد على ذلك تزايد المظالم بفعل التعامل العنيف من العثمانيين.

عُرفت فكرة القومية في التاريخ الأوروبي، لا سيما بعد الثورة الفرنسية، وهي حركة يقوم بها أشخاص، غالبا من نفس المجموعة العرقية، لتحديد الحدود السياسية وبالتالي الحكم لبقعة جغرافية، وكان رائد الفكرة والتيار ومفكرها ميشيل عفلق، ورافع رايتها والداعم لها والمستفيد منها جمال عبد الناصر.

الانكفاء على الوطنية، وهي فكرة لطالما حاول الاستعمار ترسيخها، ووجدت لها صدى كبيرا مع التحولات السياسية في المنطقة مع ترسيخ فكرة أن 99 في المئة من مفاتيح اللعبة بيد أمريكا، وهي الفكرة التي أصابت هذه الأمة وأصابت معها، للأسف، بشكل غير مباشر وتحت الضغط؛ القوى الإسلامية المعارضة والمنظرة لفساد فكرة الانكفاء والتغريب
كان لعبد الناصر الدور الأكبر في حمل مشعل القومية العربية، وقدم فكرة الشعب العربي، وهي بمثابة عقيدة تحملها وحدة اللغة والثقافة والتاريخ، لذا فإن حرية الأديان مقدمة، ولعله في ذلك أراد أو أرادت الفكرة سحب فكرة التدين من الضمير الجمعي للعرب، بعد سقوط الخلاف القائم على فكرة الوحدة على أساس الدين، وهي أول صدمة تلقتها القومية العربية بعد هزيمة 1967، وفي مخيلتي أن الهزيمة الثانية كانت باحتلال صدام حسين للكويت، ما جعل الشعوب تكفر بالقومية، ورسّخ لذلك سياسيا بعض الحكام المتضررين من الفكرة بالأساس، والحالمين بريادة المنظومة العربية بوجه جديد.

بدأت هذه القوى في نشر فكرها بصناعة تيار، بدأ تخليقه في محاضن الهجرة بحثا عن الرزق في فترة السبعينات، بعد استقبالها للعمالة العربية والإسلامية، مستفيدة من الثروة النفطية التي منَّ الله عليها بها، وهي في ذلك مستفيدة من حالة التحول الذي ضرب الشعوب العربية بقيادات سياسية وفكرية بدأت تتماهى مع فكرة الانكفاء على الوطنية، وهي فكرة لطالما حاول الاستعمار ترسيخها، ووجدت لها صدى كبيرا مع التحولات السياسية في المنطقة مع ترسيخ فكرة أن 99 في المئة من مفاتيح اللعبة بيد أمريكا، وهي الفكرة التي أصابت هذه الأمة وأصابت معها، للأسف، بشكل غير مباشر وتحت الضغط؛ القوى الإسلامية المعارضة والمنظرة لفساد فكرة الانكفاء والتغريب.

فلو كان النظام الساداتي صاحب الفكرة، والذي ذهب إلى ما هو أبعد من اتفاقية السلام مع الاحتلال الإسرائيلي، قد ذهب إلى هذا المذهب كرد فعل على القطيعة العربية، فإن هذا المذهب وجد له من يتلقفه ويغذيه لصالح تياره الجديد من خلال العاملة الوافدة له، والكل يخدم مشروعا أكبر سواء بحسن أو سوء نية، هو مشروع تفتيت هذه الأمة التي قال عنها سبحانه: "إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون"، لكن هناك من وجد له مشروعا يخالف هذه الفكرة، على الرغم من أنها لا تخدم مشروعه في نهاية المطاف، لكنه وجد فيها خلاصا من آثار القومية التي حكمت المنطقة لعقود.

ولضيق المساحة، أرجو أن تتحملني عزيزي القارئ في جزء آخر لهذا المقال، لنستكمل في الأسبوع القادم إن شاء الله.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء الأمة هوية العربية مفهوم اسلام عرب هوية أمة مفهوم قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القومیة العربیة ما بعد

إقرأ أيضاً:

لأول مرة في التاريخ.. الفضة تتخطى 65 دولار لـ«الأونصة»!

سجّل سعر الفضة رقمًا قياسيًا جديدًا يوم الجمعة، حيث ارتفع فوق 65 دولارًا للأونصة لأول مرة على الإطلاق، وفق بيانات التداول، ما يعكس تصاعد الضغوط على السوق العالمي للمعدن الأبيض.

وارتفعت العقود الآجلة للفضة لشهر مارس بنسبة 0.67% عن سعر الإغلاق السابق، لتصل إلى 65.028 دولارًا للأونصة، في أول مرة يتجاوز فيها السعر حاجز 65 دولارًا.

وخلال الأسبوع نفسه، شهدت أسعار الفضة قفزة غير مسبوقة، إذ تخطّى المعدن يوم الخميس حاجز 60 دولارًا للأونصة في المعاملات الفورية للمرة الأولى في تاريخه، مدفوعًا بشح الإمدادات العالمية وارتفاع الطلب الصناعي على الفضة في القطاعات التكنولوجية والطبية والطاقة المتجددة.

ومنذ بداية عام 2025، ارتفعت أسعار الفضة من نحو 28.9 دولارًا للأونصة في يناير إلى أكثر من 60 دولارًا في ديسمبر الجاري، محققة زيادة تتجاوز 108% خلال أقل من عام، ما يُعد أكبر قفزة سنوية في تاريخ المعدن.

ويؤكد الخبراء أن هذه القفزة القياسية في أسعار الفضة تشير إلى تحول جذري في أسواق المعادن الثمينة، مع زيادة الاستثمار في الأصول الآمنة وسط حالة عدم اليقين الاقتصادي العالمي، فضلًا عن الطلب الصناعي المرتفع على المعدن الأبيض.

مقالات مشابهة

  • في كأس العرب.. «الأبيض» يُغيّر التاريخ!
  • عاجل| مفاجأة بشأن «بطل سيدني».. مسئول الجالية الإسلامية يكشف عن هوية منقذ ضحايا أستراليا
  • عاجل. الخيوط بدأت تتكشَّف.. ماذا نعرف عن هوية أحد منفذي الهجوم الدموي في سيدني؟
  • كشف هوية أول مشتبه به في هجوم سيدني "المروع"
  • ناقد: حماية التراث المصري معركة هوية لا تقبل التفريط
  • لأول مرة في التاريخ.. الفضة تتخطى 65 دولار لـ«الأونصة»!
  • فكرة غير موجودة.. جنش يعنرض على اتهامات التفويت لمصلحة الزمالك
  • لأول مرة في التاريخ.. الفضة تتجاوز 65 دولاراً
  • 6 إجراءات.. "الجوازات" توضح خطوات الإبلاغ عن فقدان هوية مقيم
  • العثور على جثة مجهولة وناقصة الأجزاء بشاطئ المعدية بالبحيرة و تحقيقات مكثفة لكشف هوية صاحبها