كيف تسهم الثقافة المجتمعية في تشكيل هوية الشباب وتعزيز انتمائهم؟
تاريخ النشر: 1st, July 2025 GMT
أكد مختصون على ضرورة الاستمرار في تطوير برامج تعزيز قيم التسامح والاعتدال لمواجهة التحديات المتزايدة وتأثيرات العولمة ووسائل التواصل الاجتماعي عبر تعزيز التعليم والتربية والاستثمار في المحتوى الرقمي الهادف ودعم المبادرات الشبابية.. مشيرين إلى أن سلطنة عمان بتوجهاتها الثقافية والاجتماعية تمثل نموذجا يحتذى به في ترسيخ قيم التسامح والانفتاح، مستندة إلى إرث حضاري يعزز من استقرار الأجيال القادمة.
وفي هذا الاتجاه، قالت أبرار بنت ناصر الحضرمية باحثة اجتماعية في القضايا المجتمعية: يعد التطرف والغلو الديني من القضايا التي ظهرت بشكل واضح ومؤثر في الآونة الأخيرة في المجتمعات العربية حيث انعكست في تنظيمات سياسية ودينية لها تأثيرات عميقة على استقرار المجتمعات وتوجهاتها، والتي جاءت لتفاعل عوامل بنيوية وثقافية،وأدت الفجوات الاقتصادية والحرمان الاجتماعي في تعزيز النزعة الانغلاقية، مما دفع الأفراد إلى البحث عن هويات بديلة تعكس رفضهم للواقع، كما أسهم ضعف الاندماج الاجتماعي بسبب تراجع دور المؤسسات التقليدية مثل الأسرة والمدرسة والمؤسسات الدينية في خلق فراغ فكري جعل الشباب عرضة للاستقطاب من قبل الجماعات المتشددة، إضافة إلى أن النزاعات السياسية والصراعات الدولية، أفسحت المجال لانتشار الخطاب المتطرف الذي يصور العالم وكأنه قائم على صراع مستمر بين أطراف متناقضة، مما رسخ في أذهان الشباب فكرة الحاجة إلى تبني توجهات أكثر تشددًا.
وأضافت: يمثل التطرف والغلو خطرًا على الشباب حيث يؤدي إلى الانعزال الاجتماعي ورفض القيم السائدة، مما يخلق فجوة بين الشباب ومحيطهم، كما يعزز من استخدام أسلوب العنف كوسيلة للتغيير، حيث يرى البعض القوة هي السبيل الوحيد لتحقيق العدالة في المجتمعات،ويؤثر التطرف في الهوية الثقافية للأفراد؛ إذ تستبدل القيم التقليدية بأنماط متشددة مما يقوض التنوّع الثقافي داخل المجتمعات، ومن جانب سوسيولوجي يمكن القول أن تأثير التطرف والغلو على الشباب يتمثل في خلق شعور بالاغتراب والانفصال عن المجتمع، حيث يجد الشباب أنفسهم محاصرين داخل أيديولوجيات ضيقة تعزلهم عن الواقع وتحدّ من قدرتهم على بناء علاقات اجتماعية صحية ومتوازنة، مما يؤدي إلى تراجع الحس النقدي لديهم، ويجعلهم أكثر عرضة للتأثر بالأفكار المتشددة دون مساءلتها أو إعادة تقييمها.
وأكدت على أهمية دور الأسرة التي تسهم في تحصين الأبناء ضد التأثيرات السلبية، وتعزيز الاستقرار الفكري والنفسي للأبناء، مما يحد من انجرافهم نحو التطرف الناتج عن الشعور بالتهميش أو الإقصاء.
بيئة فكرية رصينة
وعن دور المجتمع، أشارت الحضرمية إلى ضرورة تعزيز بيئة فكرية قائمة على الحوار والتسامح، و نشر الوعي الصحيح بمخاطر التطرف عبر المؤسسات التعليمية والثقافية، مما يوفر فرصًا حقيقية للمشاركة المجتمعية الفاعلة، ويمنح الشباب إحساسًا بالانتماء والهدف، ويحولهم إلى قوة إيجابية تسهم في بناء مجتمع آمن ومستقر.
وذكرت الحضرمية أنه يمكن تحصين الشباب من عبر منصات تفاعلية تشجع النقاش المفتوح القائم على التسامح والاعتدال، وإطلاق حملات على وسائل التواصل الاجتماعي تنشر محتوى إعلامي ملهم يعزز قيم التسامح واحترام الاختلاف، والعمل على إدراج برامج تربوية تغرس التفكير النقدي في المناهج الدراسية، وإنشاء مراكز مجتمعية تقدم جلسات إرشادية ودورات تدريبية في التفكير النقدي والوعي الديني المعتدل، بإشراف مختصين في العلوم الاجتماعية والدينية، لمساعدة الشباب على تفكيك الخطاب المتطرف وتعزيز قدرتهم على التمييز بين الفكر الصحيح والمنحرف.
مساهمة البرامج الثقافية
وحول البرامج الثقافية والفنية ترى آية بنت حمد السالمية أخصائية اجتماعية أن هذه البرامج تساهم بشكل فعّال في تقدم رسائل توعوية بشكل مباشر وغير مباشر بأساليب جذابة وقريبة من وجدان الشباب، من خلال المسرح، الأفلام، والموسيقى التي تروج لثقافة الحوار وقبول الآخر. كما تسهم الفنون في إعادة تشكيل الصور النمطية وتصحيح المفاهيم المغلوطة.وتساهم البرامج في تعزيز روح الانتماء والوطنية، وفتح آفاق التفكير النقدي والحوار البناء، وهو ما يحمي الشباب من محاولات الاستقطاب التي يمارسها المتطرفون؛ فعندما يجد الشاب مساحة وفرصة يعبر فيها عن رأيه، ويشارك في أنشطة ثقافية وفنية هادفة، تقل احتمالية انجرافه نحو الأفكار المتطرفة.
وأوضحت السالمية أن البرامج الثقافية والفنية ليست مجرد وسيلة للترفيه، بل هي أدوات قوية لنشر الوعي، وبناء العقول وتفتحها، وحماية الشباب من مخاطر الغلو والتطرف، ومن الضروري دعم هذه البرامج وتوسيع نطاق تأثيرها، لتظل حصنًا منيعًا في وجه كل فكر متشدد يهدد سلامة الفرد والمجتمع.
وأشارت إلى أهمية التعاون بين المؤسسات الثقافية والاجتماعية عبر إعداد برامج توعوية متكاملة وتنظيم فعاليات مشتركة تسلط الضوء على قيم التسامح والاعتدال، وتشجع على الحوار والانفتاح، بالإضافة إلى تبادل الخبرات عبر بناء شراكات بين المؤسسات لتبادل الكوادر، والخبراء، والمحتوى الإعلامي ودعم المبادرات الشبابية بالإضافة إلى استخدام وسائل الإعلام والتقنية في إنتاج محتوى رقمي مشترك يعزز القيم الإيجابية، ويكشف أساليب الجماعات المتطرفة في التضليل والتجنيد.
تشكيل وعي الشباب
وأكدت حليمة بنت عوض المعنية باحثة اجتماعية أن محاربة التطرف تتطلب جهدا جماعيا من جميع المؤسسات وليس حكرا على مؤسسة معينة، وتلعب الأسرة دورًا محوريًا كخط الدافع الأول لحماية الأفراد والمجتمع من أشكال الانحراف والجريمة، يتبع ذلك دور تكاملي للجهات الأخرى مثل الأجهزة الأمنية ووسائل الإعلام.
وقالت: تلعب الثقافة المجتمعية التي تغرس في نفوس الشباب منذ نعومة أظفارهم من خلال عمليات التنشئة الاجتماعية والتربية الأسرية، بشكل كبير وفعال في تشكيل شخصيتهم وهويتهم، وتعزيز انتمائهم؛ فهي بمثابة الإطار الذي يحدد قيمهم ومبادئهم وسلوكياتهم ومعتقداتهم.
وللثقافة المجتمعية أن تكون حائط صد يحميهم من التأثيرات السلبية للثقافات الأخرى، والتي أفرزتها ظاهرة العولمة والانفتاح الثقافي، وبالتالي يستطيعون من خلالها التمييز بين ما يتوافق مع اتجاهاتهم ومبادئهم وما يتعارض مع ثقافة مجتمعهم.
وبينت المعنية أن الثقافة المجتمعية ليست مجرد مجموعة من العادات والتقاليد، بل هي الأساس الذي يبنى عليه الشباب فهمهم لأنفسهم وللعالم من حولهم، وتمنحهم الشعور بالانتماء والتقدير لمجتمعهم.
صمام أمان
عائشة بنت عبدالله الكلبانية باحثة اجتماعية أشارت إلى أن سلطنة عُمان تعد نموذجًا فريدًا في صون قيمها وتعزيز تماسكها المجتمعي، وتساهم في تشكيل وعي الشباب وحمايتهم من آفات الغلو والتطرف.
وفي ظل التحديات العالمية المتزايدة، لم تدخر سلطنة عمان جهدًا في ترسيخ قيم التسامح والاعتدال والانفتاح، مستندة إلى إرث حضاري عريق يُمثل صمام أمان للأجيال القادمة، فقد عملت الثقافة المجتمعية العمانية، بمكوناتها المتعددة من عادات وتقاليد وأعراف ومؤسسات، على تمكين الشباب ليكونوا فاعلين إيجابيين في مجتمعاتهم، كما ستتناول الآليات التي تُسهم من خلالها هذه الثقافة في تحصين الشباب ضد الأفكار المتطرفة، من خلال غرس قيم الانتماء الوطني، واحترام التنوع، وتعزيز الحوار البناء، والتشجيع على التفكير النقدي، وكلها ركائز أساسية لبناء مجتمع مزدهر ومستقر.
وحول التحديات التي تواجه المجتمعات في نشر ثقافة الاعتدال بين الشباب، أشارت الباحثة الاجتماعية: تُواجه المجتمعات عمومًا، والمجتمع العُماني بشكل خاص، تحديات جمة في ترسيخ ثقافة الاعتدال بين الشباب، أبرزها تأثير العولمة ووسائل التواصل الاجتماعي، وضعف التفكير النقدي لدى البعض، بالإضافة إلى مخاطر التهميش والإحباط والتفسيرات المغلوطة للدين التي تستغل هؤلاء الشباب، وتحدي الحفاظ على الهوية الأصيلة في ظل الانفتاح الثقافي.
و للتغلب على هذه التحديات، لابد من التركيز على التعليم والتربية لغرس قيم التسامح والتفكير النقدي، الاستثمار في المحتوى الرقمي الهادف الذي يلامس اهتمامات الشباب، دعم المبادرات الشبابية التي تُعزز الحوار والانتماء، تفعيل دور الأسرة والمؤسسات الدينية وتوفير الفرص الاقتصادية والاجتماعية التي تُمكن الشباب وتُعزز شعورهم بالمواطنة الفاعلة.
تأثير التعليم والثقافة
وبدورها أفادت فهيمة بنت حمد السعدية باحثة دكتوراه في علم النفس أن التعليم والثقافة هما من الأدوات الأساسية في تشكيل سلوكيات ووعي الشباب في مواجهة الأفكار المتطرفة. ويعتبر التعليم وسيلة للتحصين الفكري من خلال مساهمة المناهج الدراسية والمعلمين والأنشطة في تطوير مهارات تحليل الأفكار، والتفكير الناقد، مما يعزز الوعي القيمي لدى الشباب، ويحميهم من الانقياد العاطفي خلف الشعارات المتطرفة.
وتابعت في حديثها: كما تشكل الثقافة الإطار المرجعي، والحاضنة للهوية والانتماء، ويظهر ذلك من خلال تشجيع الشباب على تبني ثقافة وطنية متوازنة تجمع بين الاعتزاز بالتراث والثقافة العمانية بمكوناتها المتعددة، والانفتاح على الثقافات الأخرى. والتشجيع على الحوار والتعايش مع الآخر والتنوع الثقافي من خلال قبول الاختلاف بما لا يتعارض من قيم المجتمع وثقافته. وفتح المجال للشباب للتعبير عن أفكارهم من خلال الفنون والإعلام الثقافي مثل القصص، والمسرحيات، والأفلام، والأشعار وغيرها، للتعبير -عن الذات والآخر- عن الآراء والمشاعر والانفعالات بطرق صحيحة، كما يمكن من خلالها تقديم نماذج إنسانية تظهر تأثير الأفكار المتطرفة على الفرد والأسرة والمجتمع.
وأضافت: المؤسسات التعليمية والثقافية تشكل شبكات وقائية ودرع حماية، فمن خلال التفاعل بين التعليم والثقافة، والأدوار الإيجابية التي يؤديها كل من المعلم والمثقف، يمكن الوصول لمستوى من المناعة النفسية والقيمية التي تحمي الشباب من تبني هويات بديلة تجعلهم عرضة للأفكار المتطرفة.
وسائل التواصل الاجتماعي
وحول دور وسائل التواصل الاجتماعي في نشر الفكر المتطرف أو التوعية الإيجابية، أوضحت: خلال العقدين الماضيين زاد انتشار استخدام وسائل التواصل الاجتماعي التي وفرت فضاءات تفاعلية افتراضية بين الأفراد من مختلف الأعراق والجنسيات، وأسهمت في إيجاد مساحات لتبادل الآراء والأفكار، وتشكيل القيم والمواقف والاتجاهات بين مختلف الفئات بمن فيهم الشباب. وكنتيجة لهذا الانتشار السريع والواسع، ظهر لوسائل التواصل الاجتماعي تأثيرات مزدوجة على أفكار الشباب؛ حيث تعدُّ سلاحًا ذا حدين؛ فمن جهة قد يُستخدم وسائل التواصل الاجتماعي لبث الأخبار والأفكار التي تحتوي على أفكار متطرفة تأخذ الدين، أو المذهب، أو النوع الاجتماعي، أو القومية كمحتوى لها، كما أن طبيعة وسائل التواصل الاجتماعي التي تعتمد على الخوارزميات من الممكن أن تسهم في تكرار تعرض بعض الشباب لمحتوى يؤثر في معتقداتهم الفكرية، ويدفعهم لتبني بعض تلك الأفكار المتطرفة.
ومن جهة أخرى، ينظر إلى وسائل التواصل الاجتماعي باعتبارها منصات رقمية تمتلك إمكانيات توعوية واسعة، إذا وظّفت بصورة إيجابية صحيحة، من خلال نشر حملات التوعية الرقمية حول قيم الانفتاح الإيجابي والتسامح والاعتدال، ونشر المعرفة حول القيم الفكرية الإيجابية التي تؤثر في وعي وقيم وسلوك الشباب. ومن خلال محاولة الوصول لجمهور الشباب باستخدام أساليب واستراتيجيات تتناسب مع اهتماماتهم مثل استخدام المؤثرين الرقمين، والمبادرات الرقمية التي تسهم في تعزيز المناعة الفكرية ضد الأفكار المتطرفة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: وسائل التواصل الاجتماعی الثقافة المجتمعیة التسامح والاعتدال الأفکار المتطرفة التفکیر النقدی قیم التسامح الشباب من ت الشباب فی تشکیل من خلال تسهم فی التی ت
إقرأ أيضاً:
أحد مؤسسي تمرد في حور لـ صدى البلد: الحركة هي «عصا موسى» التي ابتلعت الإخوان.. ومدير مكتب «البلتاجى» هددني بالاغتيال
حسن شاهين:30 يونيو.. ثورة الإنقاذ التي أنقذت الدولة من التفككتمرد كانت ناقوس السقوط الذي دوّى من كل مئذنة وكنيسة22 مليون مصري وقّعوا استمارة تمرد.. والإخوان لا يعرفون إلا الإنكارالجيش والرئيس السيسي أنقذا الثورة من الاندثار.. والشعب لم ينسَ30 يونيو نقطة التحول نحو الجمهورية الجديدةالشباب الآن في قلب السلطة.. وتمكينهم أصبح سياسة دولةرسالتي للرئيس: “إنك اليوم لدينا مكين أمين”
في ذكرى مرور أكثر من عقد على 30 يونيو، يعود الحديث مجددًا عن أحد أبرز الوجوه التي ارتبطت بالحراك في تلك المرحلة، حسن شاهين، أحد مؤسسي حملة "تمرد" والمتحدث الرسمي السابق باسمها، والذي كان شاهدًا وشريكًا في لحظة فارقة من تاريخ مصر الحديث.
في هذا الحوار الخاص، يكشف شاهين تفاصيل ما قبل 30 يونيو، وكواليس إطلاق "تمرد" وتحدياتها، ويتحدث عن التهديدات التي تلقاها بسبب موقفه من جماعة الإخوان، مؤكدا أن ما بعد 30 يونيو لم يكن فقط مرحلة انتقال سياسي، بل بداية لتأسيس دور جديد للدولة والمجتمع.
وإلى نص الحوار:
بعد مرور أكثر من عقد.. كيف تُقيّم اليوم ما حققته 30 يونيو من أهداف؟
كفي بـ 30 يونيو "ثورة الإنقاذ" إنها أطاحت بالجماعة الإرهابية وأنقذت الدولة من مخاطر التفكك في ظل سياسة استقطاب نفذتها جماعة الإخوان الإرهابية خلال فترة حكمهم، فضلا عن محاولاتهم لمحو الهوية الثقافية والحضارية لمصر.
30 يونيو كانت البداية لتدشين مرحلة مفصلية في تاريخ مصر، نقلت مصر من مرحلة الضياع والتفكك، إلى مرحلة البناء والتنمية، كما رفعت تلك الثورة شعار العمل للحفاظ على الدولة الوطنية وتثبيت أركانها ومؤسساتها المختلفة، فضلا عن أنها كانت السبيل لاستعادة مصر مكانتها الإقليمية والدولية.
ثورة 30 يونيو نقطة التحول التي دونها المصريون في سجلات الكرامة والعزة والشرف، سطروا بأحرف من نور في كتب التاريخ أنهم شعب لا يعرف المستحيل، انتفاضه المصريون فى 30 يونيو 2013 كانت لإعادة البلاد إلى المسار الصحيح.
30 يونيو رسمت مسارا جديدا للعمل الوطني المصري الخالص، لتنطلق مسيرة البناء والتنمية الحديثة على كافة الأصعدة والمستويات، استنادا إلى دعائم قوية وأسس متينة تتمثل في حالة التلاحم الشعبي والاصطفاف الوطني خلف القيادة المصرية لمجابهة كافة التحديات.
استطاع المصريون من خلالها أن يحفظوا وحدة وأمن بلادهم من مخططات خارجية كانت تستهدف بالأساس تقسيم مصر والتفريط في أراضيها.
علاوة على أن ثورة 30 يونيو كانت بداية الطريق نحو الجمهورية الجديدة، حيث شهدت فترة ما بعد الثورة تطهيرا لأرض مصر من الإرهابيين، إلى جانب خوض معركة التنمية والتعمير في كافة ربوع الوطن.
ثورة 30 يونيو نجحت في عودة الوحدة الوطنية بين المصريين بعد محاولات يائسة من قبل جماعة الإخوان الارهابية في خلق مجتمع قائم على أساس الاستقطاب والفرقة، و وقفت حائط صد أمام مخططات تستهدف التفريط في أرض مصر، حيث أجهضت تلك الثورة مخطط الجماعة الإرهابية في منح أجزاء من الأراضي المصرية لأطراف أخرى، وبقيت أرض مصر متماسكة وحرة أبية مستعصية على أي خائن.
ما ذكرياتك عن تأسيس تمرد.. وصف لنا ما وراءها؟تمرد.. هى عصا موسي، إذا هي تلقف ما يأفكون، تمرد ابتلعت الجماعة الارهابية.
أردد دائماً مقولتي .. لم أغيرها، تمرد كانت ناقوس السقوط الذى دوَّى من كل مئذنة وكنيسة وساحة، فوقع الحق و بطل ما كانوا يعملون.
حملة "تمرد" كان هدفها الأساسى سحب الثقة من الرئيس الطائفى والدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة، جاءتنى فكرة جمع التوقيعات ضد الجماعة الإرهابية، لإثبات أن الأغلبية فى الشارع المصرى ضد إسقاط الهوية المصرية، وضد الإرهاب بكل صوره، وقررت أن تكون الحملة تحت شعار "تمرد".. اعترض، صوت المصريين حر ومستجاب وقتما أرادوا.. فعلوا.
وبالفعل لاقت فكرتى استحسان عدد من الزملاء، وعليه ألقيت البيان التأسيسى لتمرد عام ٢٠١٣ فى ٢٨ من أبريل، وكنت المتحدث باسمها حتى نهاية الحكم الطائفى فى مصر، تمكنت الحملة من جمع ٢٢ مليون و ١٣٤ ألف و ٥٤ توقيع مقابل 13 مليوناً و347 ألفاً و380 صوتاً جاءت بالإرهابى مرسى على كرسى أكبر منه ومن جماعته، و عندما دعونا المصريين إلى النزول و المشاركة فى ثورة 30 يونيو لحماية بلدهم، شارك 30 مليون مصري فى الثورة المصرية الضرورية لإنقاذ مصر من مخطط الفوضى فى الشرق الأوسط.
كانت "تمرد" وقتها صوت الشعب المصرى والتف حولها كل القوى السياسية ونصرها الله لصدق غرضها، وحفظها من الاندثار الرئيس عبدالفتاح السيسى والجيش المصرى كله عندما أيدوا مُراد الشباب الثورى الحر و رغبةً المصريين فى الحفاظ على بلدهم الغالية مصر.
الإخوان حاولوا الترويج أن حركة تمرد كانت مجرد أداة مرحلية.. كيف ترد على من يشككون في استقلاليتها ويقولون إنها صُنعت لخدمة قوى معينة؟
زوراً و بهتاناً.. تمرد بريئة براءة الذئب من دم ابن يعقوب.. كلام الإخوان لا يعول عليه.
وقع على استمارة تمرد ٢٢ مليون و١٣٤ ألف و٥٤ مصري، ونزل ٣٠ مليون مصري الشارع يحملون لافتات عليها "ارحل يا مرسي انت و جماعتك" هل يعقل القوى المعينة اللي بيدعوا وجودها تكون دفعت ليا و لزملائي اللي شاركوني فى تمرد و لـ ٣٠ مليون مصري !!! من اجل التظاهر السلمي و المطالبة بحقنا في بلدنا.. "اغبياء حتي فى تأليف السيناريوهات اللي المفروض تخدمهم"
مسألة التهديد بالاغتيال يتحدث عنها مؤسسي تمرد جميعا.. هل حدث ذلك معك بشكل مباشر؟.. وما الآلية؟
جماعة الاخوان.. هى الجذر الفكرى للإرهاب، جماعة دموية لها تاريخ كبير من الاغتيالات لكل من عارضهم و تصدي لهم على مر التاريخ.
تعرضت لمحاولات اغتيال اكثر من مره علي يد الإخوان، علاوة عن مؤامرات فاشلة من صبيان الجماعة و ملاحقتهم ليا وقتها عند بيتي و مكان الشغل و مقررات تمرد.
لكن ابرز محاولتين للأغتيال.. كان من مدير مكتب الارهابي محمد البلتاجي، بعد مؤتمر لحملة تمرد في احدي المحافظات، وقتها كنت أعلنت ان عدد التوقيعات التي وصلت لها الحملة تجاوزت الـ 15 مليون توقيع و عليه يكون عدد مؤيدين و داعمين تمرد و عزل مرسي تجاوزت الـ 13مليون صوت الذي حصل عليهم الرئيس الاخواني مرسي خلال الانتخابات الرئاسية و بعد هذا المؤتمر، تواصل معي مدير مكتب محمد البلتاجي و ابلغني رسالة مضمونها "اخاف علي نفسي و أسرتي إذا استمرّت حركة تمرد" وحصل مشادة بينا و بلغته اني مكمل حتي رحيل الجماعة من الحكم و إلقائهم في السجون، ردد وقتها "انت اللي طلبت الموت" و بالفعل في نفس اليوم وانا في احدي مقرات تمرد، تم احراق المقر وانا فيه و فكره اني أنجو وقتها كانت صعبة، لان الحريق كان كبير و ضخم، لكن إرادة الله تمت و أحبطت محاولتهم.
ووقتها حررت محضر و اتهمت فيه محمد البلتاجي و مكتب الإرشاد بالكامل بمحاولة اغتيالي.
والمرة الاخري .. كان يسبقها ايضاً تهديد و عقبها محاولة صدمي بعربية.
في النهاية العمليات الارهابية جزء لا يتجزء من جماعة الشرور الإخوانية، ليس بجديد عليهم.
كيف تنظرون اليوم إلى المشهد السياسي في مصر؟ وكيف ترون دور الشباب الذي نزل في ٣٠ يونيو اليوم؟
شهدت الدولة المصرية خلال العقد الأخير، طفرة غير مسبوقة في ملف الشباب، فمنذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسي مقاليد الحكم في البلاد، حققت الدولة إنجازات ملموسة وواضحة للشباب، وهو ما تجسد في تقليد الكوادر الشبابية العديد من المناصب القيادية والتنفيذية، ووصول الشباب إلى مراكز صنع القرار، وأن يكون لهم دور محوري في المشاركة في العديد من الأحداث.
بالفعل تم تمكين الشباب وإعداد جيل جديد من القيادات الشابة، وتبلورت إرادة الرئيس السيسي في البرنامج الرئاسي، عبر مجموعة من الدورات ومؤتمرات الشباب الدورية التي توجهت بمنتدى شباب العالم وإنشاء الأكاديمية الوطنية للشباب، بالإضافة إلى إصداره قرارا بتعيين 4 مساعدين و4 معاونين لكل وزير من الشباب.
الدولة المصرية تسير وفقاً لسياسة التأهيل قبل التمكين بإطلاقها البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة عام 2015، واعلانها عن الأكاديمية الوطنية لتأهيل الشباب، وكانت بداية خطة الدولة لتمكين الشباب مع إعلان الرئيس السيسي أن عام 2016 عام للشباب وعلى مستوى الجهاز الإداري كانت خطة التدريب والتمكين في كافة أجهزة الدولة من خلال محور التدريب وبناء القدرات باعتباره المحور الأهم في خطط الإصلاح وبرنامج عمل الحكومة، إلى جانب دعم المشاركة الحزبية للشباب بإطلاق تنسيقية شباب الأحزاب و السياسيين والإعلان عن اتحاد شباب الجمهورية الجديدة.
ومن مكاسب الشباب ايضاً ان قاعدة المشاركة الشبابية فى الأجهزة التنفيذية والتشريعية للدولة قد توسعت، من خلال وجود أسماء من الشباب في حركة نواب المحافظين.
فاستحوذ الشباب على 25 حقيبة من بين 39 قيادة تم اختيارهم في حركة المحافظين عام 2019 من بينهم 23 نائبا للمحافظ ومحافظين من الفئة العمرية الشابة ويُعد برلمان 2021 ترجمة حقيقية لتمكين الشباب والمرأة، لأن هناك قفزة ضخمة فى تمثيل المرأة والشباب بما يقارب 50% من تركيبة المجلس الجديد، مقابل 20% فى 2015 وغياب شبه كامل عن كل المجالس السابقة، و مازالت انتظر من الرئيس عبدالفتاح السيسي المزيد و المزيد من الخطوات الواسعة فى ملف الشباب و المرأة و ذوى الهمم.
من حين لآخر تطرح فكرة المصالحة من البعض.. كيف ترى ذلك بصفتك في طليعة الثائرين على حكم الإخوان؟
مستحيل أن يحدث ذلك، من لزوميات اللعبة فى السياسة ان يكون لك عدو ظاهر و عدو خفي، و عادتاً خطر العدو الخفى اشد وطأة من العدو الظاهر، و الأخوان على مر التاريخ لعبوا مع مصر دور العدوين معاً، و حالياً يؤدون دور العدو الخفي، لكن احب أقولهم من على لسان الخال عبدالرحمن الأبنودى.. مصر عارفة وشايفة وبتصبر، لكنها في خطفة زمن تعبر، وتسترد الاسم والعناوين.
جماعة الأخوان الارهابية بالفعل متورطة فى سلسلة من الجرائم و الأنشطة الارهابية التي استهدفت زعزعة استقرار الأمن و نشر الفوضي داخل الدولة المصرية.
بالإضافة إلى أنهم لم يتعظوا من درس 30 يونيو، و مازالت الجماعة إلى الآن تواصل ممارستها الاجرامية و التخريبية ضد الوطن و مؤسساته.
جماعة الاخوان الارهابية هى العدو الأول للأمن القومي المصري، وقد أثبتت الأحداث أنهم لا يؤمنون بالدولة و لا بالمواطنة، يعملون لصالح أجندات خارجية تهدف إلى تفكيك مصر و اضعافها.
ما رسالتك للرئيس السيسي والجيش ؟
الرئيس عبدالفتاح السيسي و الجيش المصري هم من حافظوا على ثورة 30يونيو من الاندثار عندما أيدوا مُراد الشباب الثورى الحر ورغبةً المصريين فى الحفاظ على بلدهم الغالية مصر.
الرئيس عبدالفتاح السيسي لم يسع إلى منصب رئيس الجمهورية، تولى حكم مصر فى وقت عصيب، و مع ذلك لم يتردد فى اتخاذ أصعب القرارات بهدف حماية و تأمين و تنمية الدولة المصرية فى ظروف استثنائية شديدة الخطورة، و لصدق غرضه و شرف و نبل أهدافه تشعر طول الوقت بتأييد الله له فى كل خطواته.
كل ما أود قوله لرئيس عبدالفتاح السيسي، أن أنا حسن شاهين و الشعب المصري مازلنا إلى الآن نردد لك إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ.
ما الرسالة التي تحملها الأحداث الإقليمية والصراعات الحالية لمصر؟
مصر استطاعت بعد ثورة 30 يونيو أن تتبوأ مكانتها الإقليمية والدولية المناسبة والملائمة لها، وهو ما ظهر جلياً في الحرب العدوانية الأخيرة على قطاع غزة، حيث اتجهت كافة الانظار الى مصر باعتبارها قوة لا يمكن الاستغناء عنها لتحقيق السلام والاستقرار بمنطقة الشرق الاوسط، رغم كل التحديات الداخلية و الخارجية مصر تظهر دوراً إقليمياً نشطاً ولا يمكن لجاحد ان ينكر ذلك.