حفاوة استثنائية رافقت زيارة ترامب إلى الخليج: مكاسب شخصية أم مصالح أميركية؟
تاريخ النشر: 18th, May 2025 GMT
غادر ترامب المنطقة دون التوصل إلى وقف إطلاق نار في غزة أو التوصل إلى اتفاق بشأن استئناف دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع. اعلان
استُقبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال جولته التي استمرت أربعة أيام في منطقة الخليج بعروض فخمة من الفخامة والولاء، شملت مواكب من الجِمال والخيول العربية، وطائرة فاخرة عُرضت كهدية، ومئات الرجال يرقصون على وقع الطبول والسيوف أمام قصور من الرخام.
شملت زيارة ترامب كلًّا من السعودية وقطر والإمارات، وقد بدا أن برنامج الرحلة صُمّم خصيصًا ليتماشى مع شخصية رجل الأعمال الذي تحوّل إلى رئيس، والمعروف بإعجابه بالثراء الفاحش، واستجابته للمديح، ونهجه المعتمد على المعاملات المباشرة في السياسة الخارجية.
ويبدو أن هذه العروض اللافتة كانت تهدف إلى كسب ودّ ترامب، وقد تكون نجحت في ذلك. إذ أعلنت دول الخليج، خلال زيارته، عن استثمارات محتملة بمليارات الدولارات في الولايات المتحدة، مقابل حصولها على مكاسب مهمة.
ففي يوم الخميس، وافقت الولايات المتحدة على التعاون مع الإمارات لإنشاء حرم جامعي ضخم لتقنيات الذكاء الاصطناعي في الدولة الخليجية. كما وافق ترامب، بشكل مفاجئ يوم الثلاثاء، على رفع العقوبات عن سوريا بطلب من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، رغم توصيات عدد من مستشاريه بعدم التقارب مع حكومة يُقال إن رئيسها الجديد كان في السابق قياديًا في تنظيم القاعدة.
وفي منتدى استثماري بالرياض، أعلن ترامب القرار قائلاً ممازحًا الحضور: "أوه، ما الذي أفعله من أجل ولي العهد!".
يرى محللون أن جولة ترامب قد تشكل نموذجًا لدول أخرى تسعى إلى استمالته، خصوصًا وأن أسلوب الإشادة المبالغ فيه ليس غريبًا على محيطه في واشنطن، حيث لا يتردد وزراء إدارته في الثناء على رؤيته وقدراته، ويستعرضون إنجازاته بأوصاف فائقة.
وقالت لورا بلومنفيلد، خبيرة شؤون الشرق الأوسط في جامعة جونز هوبكنز بواشنطن: "لقد لعب قادة الخليج أوراقهم بذكاء. كانت جولة ترامب الملكية منظمة بشكل مبهر".
لا تقدم في الملفات الإنسانيةورغم الحفاوة، غادر ترامب المنطقة دون التوصل إلى وقف إطلاق نار في غزة أو التوصل إلى اتفاق بشأن استئناف دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، وهو ما أثار انتقادات من الديمقراطيين ومنظمات رقابية تتهمه بالتأثر بالمظاهر الاحتفالية على حساب القرارات الموضوعية.
وقال بريت بروين، المستشار السابق في السياسة الخارجية للرئيس الديمقراطي الأسبق باراك أوباما ورئيس شركة "غلوبال سيتويشن روم" للاستشارات: "يبدو أن بعض القادة ينجحون في استمالة ترامب من خلال هذا البذخ الاحتفالي"، مضيفًا: "هذا يثير تساؤلات حول ما إذا كان ترامب يسعى لمكاسب شخصية أو يخدم فعليًا المصالح الأميركية في المنطقة".
Relatedهدايا واستثمارات وصفقات بتريليونات الدولارات: هكذا عاد ترامب من جولته الخليجيةترامب يدعم إنشاء أضخم مركز للذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط لمواجهة الصينترامب يزور البيت الإبراهيمي في أبوظبي ويشيد بوحدة الأديانمن جهتها، تؤكد إدارة ترامب أنها ملتزمة بالشفافية وبجميع القوانين الأخلاقية لتجنب تضارب المصالح.
وقال تايلور روجرز، المتحدث باسم البيت الأبيض: "دول الشرق الأوسط تبذل كل ما بوسعها لأن أميركا عادت قوية. القادة الأجانب يدركون أن الرئيس ترامب هو سيد الصفقات، وسياساته القائمة على السلام من خلال القوة أعادت لأميركا هيمنتها".
استقبال ملكي في كل محطةبدأت المظاهر الاحتفالية قبل هبوط طائرة "إير فورس وان" في السعودية يوم الثلاثاء، حيث رافقتها مقاتلات "F-15" تابعة لسلاح الجو السعودي حتى وصولها إلى الرياض. وبعد أن نزل ترامب من على بساط أرجواني، رافق موكبه موكب من الخيول العربية حتى الديوان الملكي.
وفي قطر، لم تكن الاستعدادات أقل فخامة. فقد استُقبلت طائرة ترامب بمرافقة مقاتلات قطرية، وأضيف إلى الموكب جمال وشاحنات "تسلا سايبرترك"، التي تحظى بشعبية بين بعض أنصار ترامب بفضل ارتباطها بإيلون ماسك، المستشار المقرب للرئيس. كما لوح شراع مركب شراعي تقليدي (داو) في الخليج، يحمل علم الولايات المتحدة.
داخل الديوان الأميري المزخرف بالرخام، أثنى ترامب على جودة المواد المستخدمة، مشيرًا إلى أنها تشبه تفضيلاته الشخصية التي تظهر بوضوح في منتجع "مار-إيه-لاغو" في فلوريدا، وفي التعديلات التي أجرها على البيت الأبيض.
وكان أمير قطر قد عرض سابقًا على ترامب طائرة فاخرة من طراز "بوينغ 747-8" كهدية بديلة لطائرة الرئاسة، ما أثار تساؤلات قانونية وأخلاقية، حتى من بعض الجمهوريين. وقدّم الأمير خلال الزيارة سلسلة من المجاملات الشخصية للرئيس، مشيدًا بدوره الدبلوماسي، قائلاً: "نحن متحمسون جدًا. أعلم أنك رجل سلام، وأنك تريد جلب السلام إلى هذه المنطقة".
كما وصف ترامب لاحقًا رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بأنه "رجل رائع".
وفي محطته الأخيرة في أبو ظبي يوم الخميس، زار ترامب جامع الشيخ زايد الكبير برفقة ولي عهد الإمارة، وعبّر عن إعجابه بجمال الموقع وما وصفه بـ"الثقافة المذهلة".
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثةالمصدر: euronews
كلمات دلالية: غزة دونالد ترامب فلسطين الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إسرائيل روسيا غزة دونالد ترامب فلسطين الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إسرائيل روسيا تميم بن حمد آل ثاني الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب غزة دونالد ترامب فلسطين الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إسرائيل روسيا سوريا أوروبا مظاهرات اليوروبول عمالة الأطفال التوصل إلى
إقرأ أيضاً:
هل ينأى ترامب بنفسه عن فرض وصفة أميركية لإعادة بناء سوريا؟
واشنطن- مثّل توقيع الرئيس دونالد ترامب على أوامر تنفيذية لإنهاء العقوبات المفروضة على سوريا خطوة تاريخية في سجل علاقة واشنطن ودمشق المضطربة منذ ما يقارب نصف قرن.
وفي الوقت ذاته، عكست بيانات وزارة الخارجية والبيت الأبيض المتعلقة بقرار الرئيس وإنهاء حالة الطوارئ الوطنية بشأن سوريا ابتداء من بداية الشهر الحالي رؤية ترامب للعلاقات الجديدة التي تجمع بلاده بسوريا كدولة مستقرة وموحدة تعيش سلاما داخليا مع جيرانها.
وأبرز كبار مسؤولي الإدارة الأميركية رؤية ترامب الرافضة لنهج المحافظين الجدد في الجمهوريين "والذي فشل في بناء الأمم" كما أكدت فترات التدخل الأميركي في العراق وأفغانستان، قاصدا بهذا التعبير التدخل إلى درجة الاحتلال من أجل تغيير النظام، ومحاولة إحلال نظام بديل يتبع القيم الأميركية ويدور في فلك واشنطن.
فرصة جديدة
القرار التنفيذي الجديد أبقى في يد وزير الخارجية سلطة تقييم واتخاذ قرار التعليق الكامل المحتمل لقانون قيصر، ومراجعة تصنيف هيئة تحرير الشام كجماعة إرهابية، ووضعية الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع على قائمة الإرهابيين الدوليين.
كما أبقى القرار على معضلة تصنيف سوريا دولة راعية للإرهاب، وهو تصنيف تفرضه واشنطن على عدد من الدول التي تراها "داعمة للإرهاب الدولي"، وبمقتضى ذلك يتم فرض عقوبات عليها.
من جهتها، قالت آنيل شيلاين المسؤولة السابقة في وزارة الخارجية والخبيرة حاليا بمعهد كوينسي في واشنطن في حديث للجزيرة نت "إن العقوبات التي رفعها ترامب كانت تلك المفروضة على نظام الأسد، لذلك ليس من المستغرب أن تكون حكومة الولايات المتحدة على استعداد لإعادة النظر في هذه العقوبات الآن".
وأضافت أن سوريا تحتفظ بتصنيفها منذ عام 1979 دولة راعية للإرهاب "على الرغم من أنه من الواضح أن الإدارة تدرس أيضا إلغاء هذا التصنيف"، حسب قولها.
وفي إفادة صحفية عقب إعلان قرارات ترامب، قال توماس باراك السفير الأميركي لدى تركيا والمبعوث الخاص إلى سوريا والصديق المقرب للرئيس الأميركي "إنه ومنذ 6 أشهر لدينا رئيس ابتكر رؤية ووزير خارجية ينفذها بأسرع ما يمكن وجنرال انتقل من زمن الحرب إلى منصب زعيم لبلد جديد يعاد تشكيله، ويحتاج إلى كل شيء، لكن الرؤية والتنفيذ كانا محدودين بسبب العقوبات المفروضة".
إعلانوأوضح باراك "لذلك قرر الرئيس ترامب بذكاء في 14 مايو/أيار بعد أن التقى الشرع في الرياض بالمملكة العربية السعودية إعطاء سوريا فرصة، وقال: أعطوا هؤلاء الرجال فرصة، يجب إعطاء سوريا فرصة، وهذا ما حدث".
وأكد باراك على رفض ترامب وإدارته التدخل بالنهج السابق في العراق أو أفغانستان، ومحاولة فرض نموذج حكم لا يراعي خصوصية الدولتين.
وقال "لكن هناك شيء واحد واضح: لا الرئيس ولا وزير الخارجية يتبنيان مبدأ بناء الأمة، إنهما لا يفرضان طرقا معينة، ولا يتصوران إطار النموذج الديمقراطي الذي يجب تنفيذه وفقا لبنيتهما أو رغبتهما".
وبحسب المتحدث ذاته، فإن ترامب وأعضاء إدارته يقولون إنهم سيمنحون رئيس سوريا فرصة، وإن لديهم مجموعة من المعايير التي يريدون مراقبتها على طول الطريق.
ويستطرد بالإشارة إلى مجموعة من هذه المعايير كاتفاقيات أبراهام، وآلية دمج المقاتلين الأجانب، وحماية الأشخاص الذين قاتلوا إلى جانب الأميركيين وقوات سوريا الديمقراطية ضد تنظيم الدولة الإسلامية، وخطط حماية جميع الطوائف، بمن فيها العلويون والدروز والأكراد.
من جانبه، قال السفير فريدريك هوف -وهو أول مبعوث أميركي لسوريا بعد الثورة السورية عام 2011 والخبير في المجلس الأطلسي والأستاذ بجامعة بارد- للجزيرة نت إن "قرارات الرئيس ترامب المتعلقة بسوريا جاءت لتكمل تعهده الذي أطلقه في مايو/أيار الماضي بإنهاء العقوبات المفروضة على الحكومة السورية الجديدة في نظام ما بعد الرئيس الأسد".
وفي الإفادة الصحفية نفسها، قال وكيل وزارة الخزانة بالإنابة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية براد سميث "إنه منذ أن اتخذ الرئيس ترامب قرارا تاريخيا بوقف جميع العقوبات على سوريا سرعان ما تحركت وزارة الخزانة إلى العمل وأصدرت بسرعة البرق ما نسميه الترخيص العام رقم 25".
ويعني سميث بذلك الرخصة التي أقرتها الحكومة الأميركية جزئيا وبصورة مؤقتة قبل نهاية مايو/أيار الماضي لرفع العقوبات عن سوريا، إذ سمحت ببعض المعاملات المالية والتجارية مع سوريا كأول خطوة رئيسية نحو إزالة هيكل العقوبات المفروضة على البلاد "ومنذ ذلك الحين واصلنا العمل بسرعة من أجل اتخاذ إجراءات أكثر ديمومة لمعالجة الوضع في سوريا".
وتحدث سميث كذلك عن أهمية ومحورية سوريا الجغرافية والتاريخية، وقال "على مر التاريخ كانت سوريا مركزا رئيسيا على طريق الحرير ومركزا للتجارة العالمية والتعددية الثقافية وريادة الأعمال".
وأكد أن إجراءات اليوم ستنهي عزلة البلاد عن النظام المالي الدولي، وتمهد الطريق للتجارة العالمية وحشد الاستثمارات من جيرانها في المنطقة وكذلك من الولايات المتحدة، وقال "نحن في وزارة الخزانة فخورون بالقيام بدورنا في تنفيذ رؤية الرئيس ترامب لسوريا وتعزيز السلام والازدهار بالمنطقة".
تاريخ التدخل الأميركي
وكانت واشنطن قد بدأت التدخل العسكري المباشر في الشأن السوري في سبتمبر/أيلول 2014 بهدف معلن هو محاربة تنظيم الدولة من خلال قيادتها جهدا دوليا سمي عملية "العزم الصلب".
وعلى مدى السنوات العشر التالية حافظت واشنطن على وجودها العسكري رغم إعلان الرئيس ترامب خلال فترة حكمه الأولى القضاء على التنظيم، ودعمت واشنطن الجيش السوري الحر وقوات سوريا الديمقراطية.
إعلانورغم توجيه ترامب أمرا بانسحاب القوات الأميركية التي كان قوامها 2500 جندي في سوريا قبل نهاية عام 2019 أعلنت القيادة الوسطى العسكرية أنه لا يوجد "تاريخ انتهاء" للتدخل الأميركي في سوريا، معلنة أنه بدلا من الانسحاب الكامل ستبقى قوة طوارئ قوامها نحو 400 جندي أميركي متمركزة في سوريا إلى أجل غير مسمى، وأن انسحابهم سيكون تدريجيا وقائما على المستجدات على الأرض.
وعلى مدى السنوات الماضية كرر البنتاغون أن هناك نحو 900 من جنوده يعملون في سوريا، لكنه عاد بعد سقوط نظام الأسد ليؤكد وجود قرابة ألفي جندي أميركي في البلاد.