الشيخ يحيى محمد أبو هادي *
ربما سعى العدو إلى تفكيك القبيلة وإضعاف دورها وتشويهها لتصبح غير فاعلة ولا تقوم بدورها المعهود في الجوانب المختلفة بما يمكن العدو من التغلغل وتنفيذ أجنداته الماكرة بحق الوطن، ولأن العدو يعلم جيداً حجم وأهمية دور القبيلة فقد سعى لتفكيكها وهذا ما لاحظته القبيلة في العقود الماضية حيث عمل النظام السابق على تدمير بنية القبيلة اليمنية وتشويهها وإلصاق كل عيب وتخلف بها متناسياً ما تحمله من منظومة متكاملة من الأخلاق الحميد والقيم الرفيعة، كما عمد النظام إلى إضعاف العلاقة بين الشيخ و قبيلته بخلق مشائخ موازين للمشائخ الأصيلين للقبيلة ما أدى إلى نشوء علاقة هشة بين الشيخ المفروض على القبيلة وأفرادها الذين لم يتقبلوا هذا الفرض عليهم، كما عملت الحزبية على تشويه دور القبيلة والسخرية بعاداتها الحميدة و تلقين الفرد القبلي مفاهيم تتعالى على مفردات القيم والعادات القبلية وتنظر إليها كنوع من التخلف والرجعية.
كل ما قام به العدو من تفكيك للقبيلة عبر أدواته في الداخل لم يمنع القبيلة من ممارسة دورها الوطني في الحفاظ على الوطن والدفاع عنه في أزماته المهددة لأمنه واستقراره بل ومصيره، فعند اندلاع ثورة 2011 ضد النظام السابق وما تلى ذلك من أحداث أفضت إلى غياب الدولة تماماً بفراغ رئاسي واستقالة الحكومة وهيكلة الجيش وتقاسمه بين الأطراف المتصارعة توقع العالم أن ينحدر اليمن إلى مستنقع أسوأ من المستنقع الصومالي وأن ينهار بشكل مأساوي، بلد لا رئيس له وحكومة ولا جيش وبعد سنوات من الحروب والصراع الداخلي، ولكن الدهشة أصابت كل المراقبين عندما استمرت الحياة بشكلها الطبيعي واستمرت المؤسسات في عملها ولم يشهد المجتمع حركة نهب أو انفلات أمني أو انتشار للجريمة، وكان ذلك بسبب حفاظ القبيلة على دورها في ضبط الأمن في مناطقها وتشبع المواطن اليمني بالأخلاق والقيم التي تحرم عليه الاعتداء على حياة أو ممتلكات الغير، وهذه يد بيضاء للقبيلة اليمنية في أحلك مراحل اليمني سواداً وأشدها قتامة.
كما كان للقبيلة اليمنية دوراً مهماً في وأد فتنة الثاني من ديسمبر حيث وقفت على وجه الخصوص قبائل طوق صنعاء موقفاً تاريخياً إلى جانب الوطن وأثبتت وعيها العالي والكبير للانحياز للوطن ومصلحته وأمنه واستقراره غير منجرة وراء العصبية أو الاغراءات أو تهديدات العدوان.
وفي ظل العدوان كان للقبيلة الدور الأبرز في مواجهة العدوان بما تقوم به من الرفد الجبهات بالرجال وقوافل الغذاء التي لم تنفك عن إرسالها إلى الجبهات، كما أن القبيلة لم تتوقف عند هذا الحد بل تواصل دورها في مواساة الجرحى ورعاية أسر الشهداء والأسرى، ومتابعة ملف المفقودين والأسرى وقد نجحت القبيلة بالتعاون مع الجهات الخاصة بالوصول إلى عدد كبير من صفقات التبادل بين الأسرى بعيداً عن تحالف العدوان الهمجي.
من جهة أخرى عملت القبيلة على توقيع وثيقة الشرف القبلي الداعمة لصمود الشعب اليمني والتيهي بحاجة فقط إلى آلية لتنفيذها بما يضمن الاستفادة منها.
كما كان للقبيلة دورها الفاعل في دعم وتأييد ثورة 21 سبتمبر 2014م بما قامت به من اعتصامات ورفد ساحات الاعتصام بالرجال والمال خاصة طوق صنعاء والقبائل المحيطة.
لذلك ولكل ما سبق فإن الحديث عن تفعيل دور القبيلة من نظرة واقعية يعتبره البعض ظلماً لها وانكاراً لدورها الذي قامت به خلال تاريخها وما ينبغي فعله اليوم هو العمل على تفعيلها بشكل أكبر تأثيراً وأوسع نشاطاً.
*عضو مجلس التلاحم القبلي شيخ غزلة قبيلة ابو هادي أفلح الشام.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: دور القبیلة
إقرأ أيضاً:
إعلام العدو الصهيوني يعترف: لا مخرج من ضربات اليمن إلا بوقف العدوان على غزة
يمانيون../
في اعتراف جديد يعكس حجم المأزق الذي يواجهه كيان العدو الصهيوني أمام تصاعد الردع اليمني، أكدت صحيفة “غلوبس” العبرية أن الطريق الوحيد لوقف هجمات القوات المسلحة اليمنية على عمق الأراضي المحتلة يكمن في إنهاء العدوان على قطاع غزة، مشيرة إلى فشل الاستهدافات الصهيونية المتكررة لليمن في كبح تأثير صنعاء أو تقويض حضورها المتصاعد.
ونقلت الصحيفة عن العميد المتقاعد في جيش الاحتلال “شموئيل إلماس” قوله إن الغارات الجوية الإسرائيلية، وآخرها الضربة الواسعة على ميناءي الحديدة والصليف، لم تُحدث أي أثر استراتيجي على القدرات العسكرية للقوات المسلحة اليمنية، بل ساهمت – على العكس – في تعزيز حضورها السياسي والشعبي ورفع حالة التماسك الداخلي.
وأشار إلماس إلى أن الضربة التي نفذتها 15 طائرة صهيونية وأسقطت خلالها 35 قذيفة بعد اجتياز أكثر من 2000 كيلومتر، رُوّج لها كإنجاز عسكري، لكنها في الحقيقة تفتقر إلى البصيرة الاستراتيجية. وأضاف: “صانعو القرار في تل أبيب يكررون الخطأ ذاته الذي وقعت فيه الرياض وأبو ظبي، حين ظنوا أن كثافة القصف الجوي ستُسقط صنعاء، غير أن الواقع أثبت العكس تماماً”.
وأكد أن الهجمات الصهيونية على اليمن تُسهم في زيادة شعبية قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، وتعزز من موقعه في بيئة يمنية مفككة في ظاهرها، لكنها تتوحد عند مواجهة العدوان والاستكبار، لافتاً إلى أن خيار التصعيد ضد صنعاء أصبح خياراً عبثياً يخدم معنويات اليمنيين أكثر مما يُحقق أهداف الاحتلال.
وتابع: “الحكومة الصهيونية باتت أمام مفترق طرق حرج: فإما أن توقف العدوان على غزة لتُهدئ الجبهات المتعددة وفي مقدمتها الجبهة اليمنية؛ وإما أن تستمر في نهج التصعيد الذي لم يجلب لها سوى المزيد من الخسائر والتآكل في هيبة الردع”.
يُذكر أن هذا الاعتراف ليس الأول من نوعه، فقد سبق لأوساط أمنية وعسكرية في كيان الاحتلال أن أقرت بعجز القوة العسكرية عن وقف الضربات اليمنية، مؤكدة أن إنهاء العدوان على غزة هو المخرج الوحيد من سطوة صواريخ ومسيرات صنعاء التي باتت تعصف بعمق “تل أبيب” وتربك حسابات قادتها.