خلال الفترة الصيفية من كل عام، نرى على شواطئ جنوب فرنسا وأيضًا حول البحر المتوسط، بائعين ودودين يعرضون حقائب مقلدة من ماركة لوى فيتون Louis Vuitton وغيرها من العلامات التجارية المرموقة وتحدثت مؤخرا مع محقق خاص فضل عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية.
وفى الواقع، تجلب هذه الصناعة السرية المليارات من العائدات للمجموعات المنظمة التى أسست هذا العمل الذى يعد أكثر من مربح والذى يتسبب فى خسارة تقدر بمليارات اليورو للدول وكذلك للعلامات التجارية الأصلية.


ويعد موسم الصيف الوقت المناسب والأكثر رواجا للشراء والتسوق وليس من الغريب أن نرى أن الشخص فى استطاعته شراء بسعر منخفض حقيبة أحلامه من العلامات التجارية الكبيرة والتى كانت يتم عرضها فى كبرى المحال والمعارض التجارية.
نسخة مقلدة تتحدى بصورة واضحة النسخة الأصلية ولهذا السبب الوجيه، شاهدنا فى السنوات الأخيرة ارتفاعًا وإقبالا على تجارة التزييف. ولكن إذا كان العرض مغريًا، فيجب أن يكون المكان الذى تتم فيه عملية البيع وسعر البضاعة سببين كافيين لدق جرس الإنذار لأن بالتأكيد، نحن نتحدث عن عملية تزييف وجريمة والمشترى يعد شريكًا فيها بموجب القانون.
وعلى الرغم من أن العقوبة أقل فى حالة الرقابة الجمركية إلا أنه يتم تغريم الشخص ثلاثة أضعاف القيمة الحقيقية للمنتج. أما البائع فيحكم عليه بحسب النصوص القانونية، بغرامة تصل إلى ٣٠٠ ألف يورو وعقوبة بالسجن كما هو منصوص عليه فى المادة L.٧١٦-١٠ من قانون الملكية الفكرية. يشرح h C وهو محقق خاص يتتبع عمليات التزوير منذ أكثر من عشرين عامًا ويتعاون مع الجمارك الفرنسية، قائلا: "هذا ما لا يفعلوه مطلقًا".
سوق مغرية ستستمر
بالرغم من هذه الإجراءات التى تبدو رادعة، إلا أنه من غير الممكن ولا المرجح أن تتوقف هذه الظاهرة لأن الكثير من الأشخاص يعتمدون فى معيشتهم على هذه العمليات من التزييف، بحيث "أصبحت عملًا تجاريًا قائما بذاته”، فنشهد الاختفاء التدريجى للشكاوى لأن هذا النشاط أصبح منظما للغاية ومتدفقا ومتزايدا ومربحا بصورة كبيرة مما يجعل مهمة المحقق أكثر صعوبة.
وعمل Ph C لأكثر من عشرين عامًا على علامة تجارية عالمية فاخرة، وهو قطاع يعاني، مثله مثل جميع القطاعات الأخرى تقريبًا، من صعوبات أكثر من مجرد المنافسة غير العادلة. يقدر هذا بـ١٥٪ من الاقتصاد العالمى فالتزييف مسئول عن إلغاء ٣٨٠٠٠ وظيفة وإفلاس الشركات التى استثمرت فى البحث والتطوير للمنتج والتى تضطر إلى الإغلاق.
وليست صناعة الماركات والعلامات التجارية الكبيرة هى الوحيدة المتأثرة بهذه الظاهرة التى تفاقمت بسبب العولمة، فهناك أيضا الأجهزة المنزلية وصناعة الأدوية والعطور وقطع غيار السيارات وما زالت القائمة طويلة ومتنوعة حسب الطلب.
وهناك مجموعات منظمة وراء هذا التزييف ورواج هذه التجارة غير الشرعية التى تقوض إقتصاد الدول وتتسبب فى إفلاس الشركات وتعرض حياة المستخدمين للخطر فى كثير من الأحيان.
ويوضح Ph C أنه لا يمكننا التحدث عن المافيا بالمعنى الدقيق للكلمة لأن هذا النوع من الاقتصاد السرى يقوم بتمويل بصورة جزئية وهذا ما تم الكشف عنه أثناء عمليات التحقيق فى قضية هجمات شارلى إبدو.


إن الحكومات لا تستفيد من هذه التجارة غير الشرعية، بل على العكس تمامًا، حيث يظل التقليد نشاطًا يتبع القنوات غير المشروعة لغسيل الأموال: “ويمر تحت رادار سلطات الجمارك التى غالبًا ما تقوم بإستدعاء محققين خاصين مثل Ph C.
تحقيقات فى الأغلب طويلة وصعبة
بالنسبة لـPh C، ثبت أن هذه التحقيقات تزداد صعوبة: "فمن الضرورى استهداف البائع المتجول ومن خلاله، يتم الوصول إلى الحلقات الأخرى فى هذه العمليات، مرورًا بمكان الإقامة الذى غالبًا ما يستخدم كمخزن للبظائع المقلدة.
ويجب هنا التحلى بالصبر لمراقبة المكان ومعرفة ما إذا كان يتم تغذيته بالبضائع أم لا. ثم تأتى بعد ذلك مرحلة متابعة من يقوم بجلب البضائع. ولكن عملية تزييف العلامات والتقليد قد تم تحديثها بشكل كبير مع تطور التقنيات الحديثة".
ومنذ ظهور الهواتف المحمولة والإنترنت، أصبحت مهمة المحقق أكثر تعقيدًا: "فيجب أن تعلم أن البائع يستطيع عرض البضائع على المشترى عبر هاتفه المحمول مما يقلل من خطر القبض عليه متلبسًا.. وعندما يتم تسليم البضائع، نجد أن هناك دائمًا من يقوم بالمراقبة وهناك من يجمع المال".
ولكن، حتى لو تم القبض عليهم، فلا يقوم هؤلاء بالمقاومة ولا يلجأون إلى العنف لأنهم يعرفون أنهم لا يخاطرون بشيء كثير ولن ينالوا أية عقوبة بل لن يتم احتجازهم. إن تجارة تقليد العلامات التجارية تجلب مكاسبا توازى تلك التى تحققها تجارة المخدرات ولكن بمخاطر أقل حيث لا يتم حبس أوسجن من يقومون بها.
أما بالنسبة للتجار، فهم فى أغلب الأحيان يأتون من بلدان مثل السنغال ويتم إرسال أرباحهم إلى بلدانهم الأصلية ولكن بطريقة خاصة بما أن إعادة البيع هى فى يد "جماعة الصوفية من المريدين والتى تأسست على وجه الخصوص فى السنغال وجامبيا ويتم تخصيص جزء من أرباحها فى تمويل المدارس القرآنية أوالكتاتيب".
عمليات شهيرة
يُظهر Ph C بفخر مستندًا من Guardia di Finanza يشيد بمواهبه البوليسية: "أقوم بإحضار النقاط الأساسية لهم فى هذا العمل المفتاح حيث لهم الحرية الكاملة فى مصادرة البضائع". ولكن Ph C يأسف لأن سلطات الجمارك تفضل المعاملات بدلًا من إحالة الأمر للقضاء.
ويذكر هنا قضية كانت قد أثارت ضجة كبيرة فى عام ٢٠١١ فى شبه الجزيرة الإيطالية والتى قادها بالتعاون الوثيق مع Carabinieri.. لقد كانت قضية شمبانيا مقلدة فى سردينيا. بدأ كل شيء ببيع خيرى فى الولايات المتحدة. زجاجة سعرها ٥٠٠٠ يورو وصلت إلى ٣٠ ألف يورو.
ولم تستغرق فكرة التقليد وقتًا طويلًا حتى أثارت دانييل فريسكاتا وهو رجل أعمال من سردينيا يبلغ من العمر ٥٢ عامًا. كان لدى المزور فكرة بارعة عن تعتيق الزجاجات، فقد اشترى ملصقات قديمة من هواة جمع العملات ليغلق الزجاجات وليجعلها تبدو أكثر أصالة.
ونجح Ph C فى وضع حد لهذا العمل المربح بعد شهور من التحقيقات. ولكن النجاح فى مكافحة التقليد لا يقتصر على "الشركات الكبرى". وبالفعل نجح المحقق الخاص فى منع التجار المتجولين من بيع المنتجات المقلدة التى كان يتم عرضها كل صيف على شواطئ كوت دازور (حقائب وسلع جلدية أخرى) على المصطافين: "يجب أن نمنعهم من الظهور وللقيام بذلك، لا يتم فقط ملاحقتهم بل يجب ملاحقة المصدر وهو مركز التزييف الموجود فى براتو فى توسكانا، حيث تكثر ورش التزييف والتقليد التى يديرها فى الغالب مواطنون من آسيا يعملون جنبًا إلى جنب مع المجموعات الإجرامية المنظمة.
معلومات عن الكاتبة: 
ليا رازو ديلا فولتا.. حاصلة على درجة الدكتوراه فى علوم وتقنيات اللغة والقانون العام. لها العديد من الكتب عن المافيا فى العالم. وعضو مركز الأبحاث بجامعة كوت دازور (CERDACFF) والمؤسس المشارك لمؤسسة Think Tank Status Quo Media المتخصصة فى الجغرافيا السياسية وعلم الجريمة.. تتناول موضوعًا لا يخطر على بال المنغمسين فى السياسة، ألا وهو ظاهرة تقليد الماركات العالمية وبيع المنتجات المزورة على شواطىء فرنسا طوال الصيف.

 

 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: جنوب فرنسا البحر المتوسط العلامات التجاریة أکثر من

إقرأ أيضاً:

920 مليون ريال تكلفة مشروعات الطّرق منذ بداية 2021.. وبدء تنفيذ طرق مزدوجة في الولايات

 

 

 

◄ العمل على تنفيذ ازدواجية المرحلة الأولى من طريق الربع الخالي

◄ إسناد مشاريع طريق بأكثر من 450 مليون ريال في 2024

تنفيذ مشاريع طرق في 2025 بأكثر من 600 مليون ريال

مسقط- العُمانية

أكّد سعادةُ المهندس خميس بن محمد الشماخي وكيل وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات للنقل، أن الوزارة أسندت في عام 2024م عددًا من مشروعات الطرق بقيمة إجمالية بلغت أكثر من 450 مليون ريال عُماني، وفي العام الجاري ستتجاوز قيمة المشروعات 600 مليون ريال عُماني، لافتا إلى أن إجمالي تكلفة مشروعات الطرق التي أسندتها الوزارة منذ بداية الخطة الخمسية العاشرة وحتى الآن تتجاوز 920 مليون ريال عُماني.

وأضاف أن الوزارة تعمل خلال الفترة القادمة على تنفيذ عدد من مشروعات الطرق المزدوجة بمختلف ولايات سلطنة عُمان، بعد اكتمال مشروعات الطرق الوطنية والرئيسة المزدوجة التي تربط المحافظات بعضها ببعض، وكان آخرها استكمال ازدواجية طريق السُّلطان سعيد بن تيمور بطول 400 كيلومتر ليكون بذلك أطول طريق مزدوج في سلطنة عُمان.

وقال سعادته إن الوزارة تركز خلال الفترة القادمة على استكمال تنفيذ المشروعات القائمة والجديدة المعتمدة والتي بعضها في مراحل استكمال إجراءات المناقصات والبعض في الإعداد للإسناد وأبرزها مشروع الازدواجية في مركز ولاية إبراء بمحافظة شمال الشرقية، ويجري العمل على الانتهاء من تصميم الازدواجية التي تربط طريق السُّلطان تركي بن سعيد مرورًا بولاية المضيبي وانتهاءً بولاية سناو.

وأضاف سعادتُه أن الوزارة تعمل أيضًا على استكمال الإجراءات لمشروع تنفيذ ازدواجية المرحلة الأولى من طريق الربع الخالي بمحافظة الظاهرة، والعمل جارٍ في إجراءات ازدواجية المرحلة الأولى التي تربط الطريق المزدوج من ولاية البريمي إلى ولاية محضة بطول 11 كيلومترًا، واستكمال تنفيذ الأعمال المتبقية على طريق السُّلطان سعيد بن تيمور من ولاية أدم إلى ولاية هيما واستكمال الأعمال في مشروعات عدة بمحافظة ظفار منها ازدواجية الطريق من ريسوت إلى المغسيل وجسر المغسيل ونفق إتين، وازدواجية شارع الفاروق وازدواجية شارع السُّلطان تيمور ومشروع إنشاء شبكة الطرق الإسفلتية بولاية مقشن، إضافة إلى تنفيذ مشروع طريق جبل شمس وازدواجية طريق إزكي / نزوى (قاروت الجنوبية / بركة الموز / فرق) بمحافظة الداخلية.

وفيما يتعلق بمشروع ازدواجية طريق الكامل والوافي/جعلان بني بو حسن/ جعلان بني بو علي بمحافظة جنوب الشرقية، وضّح سعادته أن المشروع في مراحل الإجراءات وتقييم العطاءات بناءً على النطاق النهائي المتوافق عليه مع الجهات ذات العلاقة.

وأشار سعادتُه إلى أن نسبة الإنجاز في طريق الكامل - صور وصلت إلى أكثر من 46 بالمائة، بينما وصلت نسبة الإنجاز بطريق السُّلطان فيصل بن تركي إلى أكثر من 44 بالمائة.

وحول الوصلات الداخلية التي تربط الطرق السريعة، أكد سعادتُه على أن الوزارة تعمل على تنفيذ بعض الوصلات حسب الأولويات السنوية وضمن الخطط المعتمدة من الجهات ذات العلاقة كالوصلة التي تربط دوار المصنعة (الشعيبة) واستكمال أعمال وصلة صحار وربطها بطريق الباطنة السريع التي هي الآن ضمن الإجراءات، ومن المتوقع أن تطرح مناقصتها هذا العام، مشيرًا إلى أنه جارٍ استكمال بعض الوصلات والأعمال التكميلية بطريق السُّلطان تركي بن سعيد وطريق الباطنة السريع.

ووضح سعادتُه أن الوزارة تعمل على العديد من مشروعات صيانة الطرق الإسفلتية في مختلف محافظات سلطنة عُمان وأبرزها صيانة مشروع طريق السُّلطان ثويني بن سعيد من ولاية بدبد إلى ولاية نزوى، مبينًا أن أطوال الطرق الإسفلتية والترابية التي تشرف عليها الوزارة تتجاوز 33 ألف كيلومتر منها 16 ألف كيلومتر طرق إسفلتية ونحو 17 ألف كيلومتر ترابية.

مقالات مشابهة

  • باوليني تكتب التاريخ في روما
  • 920 مليون ريال تكلفة مشروعات الطرق منذ بداية 2021.. وبدء تنفيذ طرق مزدوجة في الولايات
  • 920 مليون ريال تكلفة مشروعات الطّرق منذ بداية 2021.. وبدء تنفيذ طرق مزدوجة في الولايات
  • إلهام أبو الفتح تكتب: الاستباق أهم
  • الاتحاد الدولي لكرة القدم يخطر الزمالك بشأن أزمة الراحل آرون بوبيندزا
  • تكلفة المعيشة في إسطنبول تتجاوز 90 ألف ليرة تركية
  • بعد قصف غير مسبوق على القطاع.. مئات الفلسطينيين يفرّون من جحيم الغارات ولكن إلى أين؟
  • ارتفاع جنوني.. الإعلان عن تكلفة المعيشة لعائلة في إسطنبول
  • الأمم المتحدة تتوقع تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي بسبب التوترات التجارية
  • باوليني تكتب التاريخ وتتأهل إلى نهائي بطولة روما لأول مرة في مسيرتها