AlphaEvolve يفك شيفرات رياضية أعجزت البشر لعقود!
تاريخ النشر: 18th, May 2025 GMT
في خطوة قد تُعيد رسم حدود الابتكار العلمي، كشفت شركة Google DeepMind عن نظام ثوري يُدعى AlphaEvolve، يمثل قفزة نوعية في توظيف الذكاء الاصطناعي لحل مشكلات رياضية وخوارزمية معقدة طالما حيّرت العلماء لعقود.
ما يميز AlphaEvolve ليس فقط قدرته على تسريع الحلول، بل ابتكاره لطرق جديدة بالكامل، عبر الدمج بين إبداع نماذج اللغة الكبيرة (LLMs) وخوارزميات تقييم تفاعلية تُنقّح وتُطوّر الأفكار بشكل ذاتي ومتدرج.
نموذج يُبدع... لا يُقلّد
AlphaEvolve يختلف عن الأدوات السابقة التي اعتمدت على ذكاء اصطناعي مصمّم خصيصًا لمهام محددة. فهو نموذج عام متعدد الاستخدامات، قادر على معالجة قضايا علمية في مجالات متعددة، عبر ما يشبه دورة تطورية للأفكار. تبدأ العملية من إدخال مسألة علمية ومعايير للحل، ثم يقترح النموذج مئات التعديلات، تقوم خوارزمية داخلية بتقييمها وفرز الأنسب منها، لتولد عنها حلول جديدة أكثر تطورًا. هكذا، يتطور النظام بشكل ذاتي، ويُنتج أفكارًا مبتكرة تمامًا دون تدخّل بشري مباشر.
اقرا أيضاً.. في أضخم تجربة طبية عرفها التاريخ.. الذكاء الاصطناعي يشخّص ويتفوق على الأطباء
من المختبر إلى التطبيق
ووفقًا لما نشره موقع Scientific American، لم يبقَ AlphaEvolve مجرد تجربة نظرية في المختبر، بل أثبت فعاليته في أرض الواقع داخل شركة Google نفسها. فقد ساهم في تحسين تصميم الجيل الجديد من معالجات الذكاء الاصطناعي (TPUs)، كما أعاد تنظيم طريقة توزيع المهام الحوسبية في مراكز بيانات جوجل حول العالم، ما أدى إلى توفير 0.7% من إجمالي موارد الشركة — وهي نسبة ضخمة عند الحديث عن بنية تحتية بحجم جوجل.
أخبار ذات صلة
إنجاز رياضي يتفوق على إنسان منذ 1969
واحدة من أبرز مفاجآت AlphaEvolve كانت ابتكار خوارزمية جديدة لضرب المصفوفات تتفوق – في بعض الحالات – على الطريقة الأسرع المعروفة حتى اليوم، والتي ابتكرها الرياضي الألماني فولكر شتراسن عام 1969. مثل هذه العمليات أساسية في تدريب الشبكات العصبية، ما يعكس البعد الاستراتيجي لاكتشاف كهذا.
نقلة على مستوى الحجم والتعقيد
بُني AlphaEvolve على أساس نظام FunSearch الذي أُطلق في 2023، والذي أظهر قدرة على حل مسائل رياضية غير محلولة. إلا أن AlphaEvolve يتميز بقدرته على معالجة شيفرات أكبر وخوارزميات أكثر تعقيدًا، بالإضافة إلى اتساع نطاق تطبيقه في العلوم والهندسة.
حدود الإمكانات
ورغم الإشادات، يقرّ علماء مثل سيمون فريدر من جامعة أوكسفورد أن إمكانات AlphaEvolve قد تظل محدودة بالمهام القابلة للتحويل إلى أكواد قابلة للتقييم. كما دعا باحثون مثل هوان صن إلى الحذر، مطالبين بتجارب مفتوحة ضمن المجتمع العلمي قبل الحكم النهائي على قدرات النظام.
ورغم أن تشغيل AlphaEvolve أقل استهلاكًا للطاقة من AlphaTensor، إلا أن كلفته لا تزال مرتفعة بما يمنع توفيره للجمهور حاليًا. مع ذلك، تأمل Google DeepMind أن يدفع هذا التقدم الباحثين إلى اقتراح مجالات جديدة لتجريب هذا النظام، مؤكدة التزامها بإتاحة أدواته تدريجيًا أمام المجتمع العلمي العالمي.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: تشات جي بي تي الرياضيات الذكاء الاصطناعي جوجل الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي لن يُقصي أطباء الأشعة
صراحة نيوز ـ اعترف جيفري هينتون، الباحث الرائد المُلقب بأبي الذكاء الاصطناعي والحائز على جائزة تورينغ، بأنه كان متسرعًا في تصريحه السابق بأن الذكاء الاصطناعي سوف يحل محل أطباء الأشعة بالكامل.
وفي مقابلة حديثة مع صحيفة نيويورك تايمز، قال هينتون إنه ركّز حينها على تحليل الصور دون أن يأخذ بالحسبان تعقيدات العمل الطبي، مما جعله يبالغ في تقدير سرعة تطور الذكاء الاصطناعي.
وأضاف: “لقد اتجهنا في المسار الصحيح، لكن الواقع أثبت أن الذكاء الاصطناعي لا يستبدل أطباء الأشعة، بل يجعلهم أكثر كفاءة ويساعدهم في تحسين الدقة”.
وكان هينتون قد أثار جدلًا واسعًا عام 2016 حين قال إن تدريب أطباء أشعة جدد بات غير ضروري، مشبّهًا المهنة بشخصية كرتونية تواصل الجري بعد تجاوز الحافة دون أن تدرك أنها في الهواء.
وقال هينتون إن تقنيات التعلّم العميق ستتفوق على البشر خلال خمس سنوات فقط. وفي مقطع الفيديو الشهير لتلك المحاضرة، يظهر الباحث ريتشارد ساتون، وهو أحد أبرز المتخصصين في التعلّم المعزز، وهو يوافقه الرأي.
وجاء الواقع مغايرًا؛ إذ ذكرت نيويورك تايمز أن مؤسسات مثل مؤسسة مايو كلينك الطبية تُظهر كيف يمكن للذكاء الاصطناعي دعم أطباء الأشعة عوضًا عن استبدالهم. فمنذ عام 2016، ارتفع عدد أطباء الأشعة في المستشفى من نحو 260 إلى أكثر من 400 طبيب، أي بزيادة تُقدَّر بنحو 55%.
ومع أن هينتون لم يكن مخطئًا تمامًا، إلا أن الذكاء الاصطناعي أحدث بالفعل تحولًا ملحوظًا في المجال، إذ تستخدم مايو كلينك اليوم أكثر من 250 نموذجًا للذكاء الاصطناعي ضمن قسم الأشعة، بعضها مطوّر داخليًا وبعضها الآخر من شركات خارجية، كما بدأت هذه الأدوات تُستخدم أيضًا في تخصصات أخرى مثل أمراض القلب.
وتساعد هذه الأنظمة في تسريع تحليل الصور، وتحديد مناطق الاشتباه، واكتشاف حالات مثل الجلطات الدموية أو الأورام. كما يوفّر أحد النماذج قياسات تلقائية لحجم الكلى، وهو إجراء كان يُنجز يدويًا في السابق، ويستهلك وقتًا طويلًا.
وقال الدكتور ماثيو كالستروم، رئيس قسم الأشعة في مايو كلينك، إن الذكاء الاصطناعي يُستخدم كـ”زوج ثانٍ من العيون”، فهو يتولى المهام التكرارية، لكن الحكم الإكلنيكي (السريري) يظل مسؤولية الطبيب، وأكد أن أدوات الذكاء الاصطناعي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من الممارسات اليومية في الطب.
ويُعد تراجع هينتون عن تصريحاته السابقة درسًا في التواضع لتوقعات الذكاء الاصطناعي. فالكثير من التصريحات الحالية، مثل تلك التي يُدلي بها الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI سام ألتمان ومؤسس مايكروسوفت بيل غيتس، تتنبأ بأن الذكاء الاصطناعي سوف يحل محل العديد من المهن، وهي تصريحات غالبًا ما تبالغ، وتفتقر إلى التمييز بين أتمتة المهام الفردية واستبدال المهن بالكامل، كما حدث مع تصريح هينتون عام 2016 حين اختزل طب الأشعة في مجرد تحليل صور.
وحتى مع التقدّم التقني، فإن عوامل ثقافية وتنظيمية وقانونية تظل تشكّل عوائق أمام الاعتماد الشامل على الذكاء الاصطناعي.
وتحمل هذه القصة رسالة أوسع لمجتمع الباحثين في الذكاء الاصطناعي، وهي تجنّب إصدار توقعات شاملة بشأن مهن لا يدركون أبعادها الكاملة.