كيف قادت سياسات الحكومات الانتقالية للحرب؟
تاريخ النشر: 14th, June 2025 GMT
كيف قادت سياسات الحكومات الانتقالية للحرب؟
تاج السر عثمان بابو
1كانت سياسات حكومات الفترة الانتقالية العسكرية والمدنية بعد ثورة ديسمبر 2018، كارثية قادت لانقلاب 25 أكتوبر 2021 الذي أعاد التمكين للطفيلية الاسلاموية وبعض الأموال المنهوبة، وأدي للحرب اللعينة الجارية حاليا التي دمرت البلاد والعباد، وتم تشريد الملايين وقتل وفقدان الآلاف من الأشخاص، والابادة الجماعية، كما أصبحت تهدد سلام المنطقة بعد انسحاب قوات الجيش من المثلث الحدودي بين ليبيا ومصر والسودان وسيطرة الدعم السريع عليه، وغير ذلك من جرائم الحرب التي يجب ألا تمر دون محاسبة وافلات من العقاب، فما هى أبرز تلك السياسات التي قادت للحرب؟
2تجاهل حمدوك توصيات المؤتمر الاقتصادى، وتوجه شطر تنفيذ توصيات صندوق النقد الدولي، مما أدى إلى:
– تدهورت الأوضاع المعيشية بعد سياسة التعويم أو التخفيض الكبير بنسبة أكبر من 600% للجنية السوداني، رغم ذلك هزم السوق الأسود الحكومة، واستمر ارتفاع سعر الدولار ليقارب حاجز (470 – 500 جنيه)، وهي نفس سياسات النظام البائد، وحدث ارتفاع جنوني في الأسعار أدى للركود في حركة البيع والشراء، وتجاوز التضخم 363% حتى اصبحت الحياة لا تطاق، وأدى تعويم الجنية السوداني الي المزيد من الارتفاع الجنوني للاسعار، وتدهور العملة، والمزيد من العجز في القوى الشرائية رغم تكدس البضائع (الانكماش) كما حدث في الأسواق ، والمزيد من إفلاس الشركات ومعاناة المواطنين ، ونهوض الحركة المطلبية الجماهيرية.
ولم يتم التوجه للداخل للإسراع في تفكيك التمكين واستعاد الأموال المنهوبة، ووقف سياسة رفع الدعم والخضوع لتوصيات صندوق النقد الدولي التي جربها شعبنا منذ العام 1978 ، وكانت النتيجة المزيد من تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية، ولم يتم ضم كل شركات الذهب والبترول والأمن والجيش والدعم السريع والاتصالات والماشية والمحاصيل النقدية لولاية وزارة المالية.ووقف التهريب للذهب والصادر، وتغيير العملة، وتحسين الأوضاع المعيشية والأجور، وتركيز الأسعار، وعدم تحميل الجماهير أعباء الأزمة، واستمرار الدعم للسلع الأساسية والتعليم العام والصحة والدواء والخدمات، وتخفيض الصرف علي الدفاع والأمن والقطاعين السيادي والحكومي، وزيادة الصرف على التعليم والصحة والتنمية، وحل كل المليشيات وجيوش الحركات وقيام الجيش القومي المهني الموحد، وعدم لجم مخطط الفلول لتخريب الاقتصاد، ورفع سعر الدولار.
3– استمرار القمع الوحشي للتجمعات والمواكب السلمية، وعدم الغاء القوانين المقيدة للحريات وعدم إجازة قانون النقابات الذي يؤكد ديمقراطية واستقلالية الحركة النقابية، وعدم تكوين التشريعي، وإصلاح القضاء وعدم قيام المحكمة الدستورية، وإعادة هيكلة الجيش والشرطة والأمن، وارجاع المفصولين من الخدمة العسكرية والمدنية.
– البطء في تحقيق أهداف الثورة كما في: لجنة التحقيق في مجزرة فض الاعتصام ومتابعة المفقودين، اضافة للبطء في تفكيك التمكين.
– التفريط في السيادة الوطنية وجعل البلاد في مرمي النيران بربطها بالمحاور العسكرية الخارجية. ولم يتم تحسين علاقات السودان الخارجية مع جميع دول العالم على أساس الاحترام المتبادل والمنفعة المشتركة.
4– عدم تنفيذ اتفاق سلام جوبا الذي تحول لمحاصصات ومناصب، وعدم تنفيذ بند الترتيبات الأمنية، وهي نفس ممارسات النظام البائد، إضافة للمراوغة وعدم الجدية والرغبة في تنفيذ الترتيبات الأمنية، بحجة عدم وجود التمويل، وذر الرماد في العيون. وكان ذلك امتداد لسياسات النظام البائد كما حدث في اتفاقات: نيفاشا، ابوجا، الدوحة، الشرق الخ، بحكم الطبيعة الطبقية لانقلاب اللجنة الأمنية الذي يعبر عن مصالح الرأسمالية الطفيلية والذي أعاد إنتاج سياسات النظام البائد القمعية والاقتصادية وتحالفاته العسكرية الخارجية، ونقض العهود والمواثيق، كما في الانقلاب على “الوثيقة الدستورية”، والمتحالف مع بعض عناصر البورجوازية الصغيرة التي شكلت ديكورا لحكم العسكر، والمرتبطة بتنفيذ سياسات صندوق النقد الدولي والليبرالية الجديدة التي تدافع عن سياسة اقتصاد السوق والتطلع للثراء، والوقوف ضد الجماهير الكادحة والتبرير لممارسات اللجنة الأمنية وقوات الدعم السريع، بالتالي بحكم تلك المصالح الطبقية، لا نتوقع سلاما شاملا وعادلا يخاطب جذور المشكلة، وتم الاستمرار في نقض العهود والمواثيق وعدم تنفيذ اتفاقية جوبا نفسها، والعض بالنواجذ على المناصب و المحاصصات حتى تم التحالف بين اللجنة الأمنية وبعض الموقعين على سلام جوبا مع الدعم السريع، ومليشيات الإسلامويين، وتم انقلاب 25 أكتوبر 2021 الذي أطلق رصاصة الرحمة على الوثيقة الدستورية، وتم نقض العهود والمواثيق، مما قاد للحرب الحالية بعد الخلاف في الاتفاق الإطاري حول مدة دمج قوات الدعم السريع في الجيش.
5مما يتطلب الاستفادة من دروس التجربة السابقة، وعدم إعادة التسوية والشراكة مع العسكر والدعم السريع والمليشيات التي تعيد إنتاج الحرب بشكل أوسع. و ضرورة قيام اوسع تحالف قاعدي جماهيري لوقف الحرب واسترداد الثورة، والحل الشامل والعادل الذي يحقق السلام المستدام والديمقراطية، وتوفير الدولة الحق في التعليم والعلاج والسكن والعمل والضمان الاجتماعي، وتحسين الأوضاع المعيشية، وحماية الطفولة وتوفير العمل للشباب، وضمان الشيخوخة، و حقوق المرأة ومساواتها الفعلية مع الرجل، وحماية ثقافات ولغات الأقليات القومية، والتنمية المتوازنة بين أقاليم السودان، وذلك لا يتم الا في ظل حكم مدني ديمقراطي، وقيام دولة المواطنة التي تسع الجميع غض النظر عن اللغة أو الدين أو الثقافة أو النوع أو الدين، وحل المليشيات ونزع السلاح، وفق الترتيبات الأمنية وقيام جبش قومي مهني موحد يعمل تحت إشراف الحكومة المدنية، وعودة النازحين لمنازلهم ولقراهم وحواكيرهم، وإعمار ما دمرته الحرب، وإعادة تأهيل مناطقهم وإعادة المستوطنين لمناطقهم، وعدم الإفلات من العقاب بمحاسبة كل الذين ارتكبوا جرائم الحرب وضد الانسانية، وتقديم البشير ومن معه للجنائية الدولية، وقيام المؤتمر الدستوري في نهاية الفترة الانتقالية لمعالجة قضايا الحكم والدين والدولة والهوّية، التوافق على دستور ديمقراطي يكفل الحقوق والحريات الأساسية، والتوافق على قانون انتخابات ديمقراطي لقيام انتخابات حرة نزيهة في نهاية الفترة الانتقالية. أهداف ومهام الفترة الانتقالية..
الوسوماتفاق سلام جوبا البنك الدولي الحكومة الانتقالية السودان المؤتمر الاقتصادي انقلاب 25 اكتوبر 2021 تاج السر عثمان بابو ثورة ديسمبر 2018 حمدوكالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: اتفاق سلام جوبا البنك الدولي الحكومة الانتقالية السودان المؤتمر الاقتصادي انقلاب 25 اكتوبر 2021 ثورة ديسمبر 2018 حمدوك الفترة الانتقالیة الأوضاع المعیشیة النظام البائد الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
محمد أبوزيد كروم يكتب: حيا الله السلاح والكفاح، والنصر الذي لاح
تحوّلت المؤامرة على السودان، في آخر تحولاتها، من الفعل العسكري عبر ميليشيا الدعم السريع، إلى معركة إعلامية وسياسية ودبلوماسية ودولية، وهو عين فشل المؤامرة.
واجه الجيش السوداني معركة الوجود والحسم بصبر وتكتيك عالٍ، وفي ظل ظروف معقّدة جداً.
انتهت الإمارات، راعية الحرب والخراب والتدمير في السودان، إلى البحث عن مخرج من ورطتها، عبر التصعيد في الميدان، من خلال استخدام المسيّرات الاستراتيجية التي وصلت إلى بورتسودان، وبالتصعيد والتحشيد النوعي والكمّي في الصحراء الكبرى، وفي كردفان والفاشر، لكنها فشلت في تحقيق أي إنجاز يُذكر.
في الجانب الآخر، فشل ما يُسمّى بتحالف “تأسيس”، الذي يُمثّل الجناح السياسي لميليشيا ال دقلو، في الاتفاق على تشكيل حكومة منفى، كما فشلت أطرافه المتناحرة والمتنافرة في التوصل إلى أدنى حد من التنسيق والعمل المشترك.
ثم خرجت إدارة ترامب المتحالفة مع الإمارات، الشهر الماضي، بإعلان عقوبات على السودان ضمن مسلسل الوهم الأميركي، ولم تمضِ أيام حتى فقدت هذه العقوبات أثرها ولم يعد لها أي اهتمام.
جاء بعد ذلك، في الأسبوع قبل الماضي، اجتماع وزراء دول الآلية الرباعية في واشنطن، بحضور السفير المصري، لكن لم يكن هناك أي جديد بشأن ملف السودان، بعد أن سلّمته هذه الآلية للحرب والخراب بفشلها وحقدها.
أما آخر أوراق العدو الإماراتي وميليشياته، فتمثلت في ورقة الميليشياوي خليفة حفتر، الذي اعتدى على الحدود السودانية، ودخل بميليشياته، بالتنسيق مع ميليشيا الدعم السريع، إلى المثلث الحدودي، في تطور خطير وغير مسبوق، وتعدٍّ سافر على السودان ومصر.
هذه الخطوة تُظهر بوضوح حالة الانهيار التي تعيشها الإمارات وميليشيا دقلو. أما الجيش السوداني، فهو في طور الترتيب للرد، وتلقين المجرم الفاشل حفتر درسًا لن ينساه. وما سيراه حفتر من الجيش السوداني سيكون أسوأ وأفجع مما لقاه من الجيش التشادي الذي هزمه في الحرب الليبية-التشادية، واعتقله مقيدًا بالحبال ليسلّمه إلى الولايات المتحدة لأكثر من عشرين عامًا، ثم لتُعيده عميلًا لمشروعها في المنطقة والشرق الأوسط، إلى جانب وكيلتها ووكيلة إسرائيل، الإمارات. أما تجرّؤه على السودان، فليعلم حفتر أن دخول السودان ليس كخروجه منه!
ولكي يعرف الناس مدى فشل المؤامرة على السودان، فلينظروا إلى هذه التطورات والمتغيرات، وليقرأوا ما قاله أحد أبواق الميليشيا الإعلامية، المدعو “عزّام عبد الله”، الذي يقدّم برنامجًا على وسائل التواصل الاجتماعي يستضيف فيه حواضن الميليشيا وحلفاءها.
قال هذا البوق، بغباء وصراحة مفرطة، وهو يتجرّع علقم الهزيمة والانكسار، إن “أمريكا وإسرائيل لن تتركا الدعم السريع ينهزم، لأن هذه الحرب أكبر من مشروع صراع داخلي”.
يقول هذا البوق هذه “الحقيقة” وهو يعلم تمامًا أنه مجنّد في هذا المشروع، وأنه لا مشروع لديهم أصلاً. ولكن، من قال لك أيها الغافل، إن الدعم السريع لن ينهزم رغم دعم أمريكا وإسرائيل؟!
إذاً، ما تفسير كل هذه الهزائم والانتكاسات، وهذه الدول معكم ومع ميليشياتكم؟!
إن الحل، وطريق النصر والخلاص، وهزيمة أعداء الداخل والخارج، يبدأ وينتهي بالسلاح والمقاومة الشعبية المسلحة، وبمزيد من التجهيز والترتيب للقتال والدفاع عن البلاد والعباد والكرامة والشرف.
وما كان لكل هذه الانتصارات العسكرية والسياسية والدولية أن تتحقق، لولا السلاح والكفاح والمقاومة.
لا أحد يحترم الضعفاء في هذا العالم، فحيّ على السلاح، والكفاح، والنصر الذي لاح.
محمد أبوزيد كروم
إنضم لقناة النيلين على واتساب