في واحدة من أكثر الحوادث دلالة على مقاومة المصريين للاحتلال الفرنسي، سقط الجنرال “جان باتيست كليبر”، قائد الحملة الفرنسية على مصر، قتيلاً في قلب القاهرة يوم 14 يونيو عام 1800، على يد الشاب السوري “سليمان الحلبي”، في حادثة لا تزال مثار جدل تاريخي وتحليل سياسي حتى يومنا هذا.

من هو كليبر؟

كان الجنرال كليبر أحد أبرز القادة العسكريين الفرنسيين الذين خدموا تحت إمرة نابليون بونابرت.

 

وبعد انسحاب نابليون المفاجئ من مصر عائدًا إلى فرنسا في أغسطس 1799، أسندت قيادة الحملة الفرنسية لكليبر، الذي واجه أوضاعًا مضطربة في مصر تمثلت في ثورات شعبية مستمرة وأزمات داخلية.

سعى كليبر إلى إعادة بسط السيطرة الفرنسية على البلاد من خلال مفاوضات مع العثمانيين، ثم لاحقًا عبر سياسة عسكرية قمعية ضد المقاومين، خاصة في القاهرة والصعيد، ما زاد من غضب المصريين والعرب من وجوده.

سليمان الحلبي الطالب الذي دوّن اسمه في التاريخ

ولد سليمان الحلبي في مدينة حلب عام 1777، وجاء إلى القاهرة للدراسة بالأزهر الشريف. 

خلال فترة دراسته، تأثر بمشاهد الاحتلال الفرنسي وممارسات جنوده، فتبلورت لديه فكرة تنفيذ عملية اغتيال رمزية ضد رأس الاحتلال نفسه.

تسلل الحلبي إلى مقر إقامة كليبر في حديقة قصره بحي الأزبكية، متنكرًا في زي متسول.

 وعندما سنحت له الفرصة، وجه إليه أربع طعنات قاتلة بسكين صغير، أنهت حياة الجنرال على الفور.

القبض والمحاكمة

لم يتمكن سليمان من الهرب، إذ أُلقي القبض عليه بعد ساعات، وتعرض لتعذيب شديد أثناء التحقيق. 

وقد أدين في محاكمة سريعة، ثم أعدم بطريقة وحشية تمثلت في الإعدام بالخازوق، وهي وسيلة إعدام بالغة القسوة، وذلك أمام حشد كبير في ميدان عام بالقاهرة.

ردود الفعل والتأثير التاريخي

أثار اغتيال كليبر صدمة لدى الإدارة الفرنسية في مصر، وأدى إلى ارتباك مؤقت في صفوف الاحتلال، لكنه أيضًا زاد من حدة البطش ضد الشعب المصري. 

أما بالنسبة للمؤرخين العرب، فقد اعتُبر الحلبي بطلًا قوميًا، ومثالاً على التحدي الفردي في وجه الاستعمار.

وفي المقابل، نقل الفرنسيون جمجمة سليمان الحلبي إلى متحف الإنسان في باريس، حيث ظلت هناك لعقود طويلة كـ”تذكار غريب” من تركة الحملة الفرنسية.

طباعة شارك الجنرال كليبر الحملة الفرنسية سليمان الحلبي نابليون بونابرت ثقافة

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الحملة الفرنسية سليمان الحلبي نابليون بونابرت ثقافة الحملة الفرنسیة

إقرأ أيضاً:

تأخير الاعتراف بدولة فلسطين.. كيف يعرقل اللوبي الإسرائيلي السياسة الفرنسية؟

في ظل تصاعد الأزمات في الشرق الأوسط، تبرز ظاهرة "اللوبي المؤيد لإسرائيل" في فرنسا كأحد العوامل الحاسمة التي تؤثر على توجّهات باريس السياسية تجاه الاعتراف بدولة فلسطين، وكذلك الموقع من حرب الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة.

ويضم هذا اللوبي، شبكة معقدة من الفاعلين السياسيين والإعلاميين والثقافيين، إذ أنّه لطالما لعب دورًا محوريًا في تأخير الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين من قبل فرنسا، إلى جانب دعم السياسات الإسرائيلية المثيرة للجدل في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة.

وأكدت صحيفة "لو موند" الفرنسية، في تقريرها الصادر مؤخرًا، أنّ: "باريس، رغم إعلانها عن نيتها الاعتراف بدولة فلسطين في أيلول/ سبتمبر المقبل، إلاّ أنّ هذه الخطوة تأتي متأخرة بسبب التأثير القوي لتكتل سياسي وإعلامي يدعم تل أبيب بقوة".

وأوضح التقرير الذي أعدّه الصحفيان سيرج حليمي وبيير ريمبرت، أنّ: "هذا اللوبي يستخدم أدوات مختلفة منها الضغط السياسي والإعلامي للوقوف ضد أي مبادرات قد تزعج المصالح الإسرائيلية أو تؤثر على العلاقة الاستراتيجية بين باريس وتل أبيب".


وأشار التقرير إلى أنّ دولة الاحتلال الإسرائيلي قد حوّلت قطاع غزة إلى ما يشبه "معسكر اعتقال" حسب وصفه، فيما تسعى إلى ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية المحتلة، وهو ما قوبل بصمت رسمي من الحكومات الغربية وعلى رأسها فرنسا التي كانت تتبع سياسة توازن دقيق، تحافظ من خلالها على علاقات متينة مع الطرفين، لكن دون اتخاذ خطوات جريئة ضد الانتهاكات الإسرائيلية.

ورغم أن فرنسا أعلنت مجددًا اعترافها بدولة فلسطين، إلاّ أن التقرير يؤكد أنّ: "هذا القرار جاء بعد ضغط شعبي ودولي واسع، وأيضا نتيجة محاولات لتصحيح مسار السياسة الفرنسية في الشرق الأوسط".

ولفت التقرير إلى أنّ: "تصاعد قوة اللوبي المؤيد لإسرائيل في فرنسا، يعود جزئيًا إلى تحولات أيديولوجية شهدها الغرب خلال العقد الماضي، خاصة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وصعود قوى يمينية وشعبوية في العديد من الدول الغربية".

وأردف التقرير: "أدّى هذا التغير إلى تعزيز التحالفات التي تدعم إسرائيل، سواء في الأوساط الحكومية أو الإعلامية، حيث تجاهلت معظم هذه الجهات الانتهاكات الإسرائيلية تحت ذريعة الحفاظ على الاستقرار الإقليمي ومصالح الدول الغربية".


وتشير الصحيفة إلى أنّ: "هذا الدعم لم يقتصر على السياسيين فحسب، بل امتد إلى قطاعات الإعلام والثقافة، حيث يلعب بعض المثقفين والصحفيين دورًا في تبرير السياسات الإسرائيلية وشيطنة الفلسطينيين". كما يوضح التقرير أنّ: "هذه الشبكة من المؤيدين تسعى إلى التأثير في الرأي العام الفرنسي عبر حملات إعلامية منظمة ومؤثرة".

يذكر أنّ السياسة الفرنسية الرسمية تجاه القضية الفلسطينية مرّت بفترات من التردد، حيث كانت باريس بين دعم الحقوق الفلسطينية وحرصها على الحفاظ على علاقات مميزة مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، ولكن التزامها بالإعلان عن الاعتراف بدولة فلسطين في سبتمبر المقبل.

أيضا، تؤكد مصادر "لو موند"، أنّ الأمر يرتبط بنقطة تحوّل قد تضع فرنسا في مصاف الدول التي تعترف رسميًا بدولة فلسطين، وهو ما يزيد من الضغوط على دولة الاحتلال الإسرائيلي لمراجعة سياساتها في الأراضي المحتلة.

مقالات مشابهة

  • تأخير الاعتراف بدولة فلسطين.. كيف يعرقل اللوبي الإسرائيلي السياسة الفرنسية؟
  • نجاة عنصرين أمنيين من محاولة اغتيال في حلب بسوريا
  • الرئيس سليمان: 48 ساعة مفصلية في تاريخ لبنان
  • 27.2 مليون خدمة.. ماذا قدمت حملة 100 يوم صحة خلال 18 يومًا؟
  • هاجر سليمان تسأل: أين النائب العام؟
  • ماليزيا تتوسط لعقد اجتماع حدودي بين كمبوديا وتايلاند
  • سليمان: على الحكومة أن تتجه إلى حصر السلاح
  • سليمان الهتلان نائبًا للأمير نواف بن سعد
  • في عيد الجيش.. هذا ما قالته السفارة الفرنسية في لبنان
  • تدريب قوات فلسطينية وفق خطة أمنية مصرية.. ماذا تُعد القاهرة وشركاؤها لغزة؟