وبررت التنسيقية قرارها بإصرار قوات شرق ليبيا على منع القافلة، التي تضم أكثر من ألف ناشط من تونس والجزائر والمغرب وموريتانيا، من عبور مدينة سرت.

وتخضع مدينة سرت لسيطرة قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر التي فرضت حصارا عسكريا على القافلة منذ الجمعة الماضية عند مدخل المدينة، كما أعلنت التنسيقية اعتقال سلطات حفتر عددا من المشاركين في القافلة، وطالبت بالإفراج عنهم.

واتهمت التنسيقية سلطات حفتر بعزل القافلة عن العالم بقطع الاتصالات والإنترنت عنها، وبممارسة "الحصار التجويعي المشين" من خلال منع وصول أي تموينات من غذاء وماء ودواء للمشاركين.

وتداول ناشطون مشاهد لمتطوعين في القافلة وهم يعجنون الخبز باستخدام أدوات بدائية، وسط معاناة واضحة بسبب نقص الغذاء والاحتياجات الأساسية.

خذلان القضية

وأبرزت حلقة (2025/6/16) من برنامج "شبكات" إجماع مغردين على استنكار التعامل مع القافلة واعتباره عارا على العرب وخذلانا للقضية الفلسطينية.

وعبرت المغردة رشا عن خيبة أملها العميقة بالموقف العربي قائلة: "كل يوم نقول إن العرب قد خذلونا، نستيقظ لنكتشف أنهم قادرون على أكثر من ذلك، تعامل قوات شرق ليبيا مع قافلة التضامن فضيحة بكل المقاييس".

واتفق معها الناشط محمد في انتقاد حفتر شخصيا، حيث كتب يقول: "حفتر يثبت مجددا أنه أداة تعطيل لا همّ له إلا قمع الحريات وإفشال كل جهود التضامن مع الفلسطينيين، عار على كل من يسانده، حفتر لا يمثل ليبيا ولا شعبها".

وفي نفس الاتجاه، انتقد المغرد هيثم البريدي الموقف العربي العام وغرد: "إيقاف قافلة الصمود ليس فقط قرارا مستنكرا، بل صفعة لكل من آمن بوحدة الموقف تجاه فلسطين، لا يبدو أن العرب يرون فلسطين بوصلة بل يرون مصالحهم فقط.. يا للعار".

ومن زاوية أخرى، أكد الناشط الودادي على طبيعة القافلة السلمية قائلا: "قافلة سلمية تقل نشطاء ومدونين وأطباء لا سلاح ولا تهديد ولا أجندات، فقط تضامن مع غزة، ومع ذلك، أُوقفت واعتُقل أفرادها في أراضٍ عربية.. إن لم يكن هذا هو العار فما هو؟".

إعلان الصادق البديري16/6/2025

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

الأمن الغذائي: ركيزة السيادة وقوة الصمود الوطني

 

محمد البادي

ليس في الأمر مبالغة حين نقول إن رغيف الخبز بات سلاحًا، وأن سنبلة القمح تساوي طلقة في معركة البقاء.

فمن يقرأ التاريخ بعين البصيرة، وينظر إلى الواقع بعدسة الحقيقة، يشيب رأسه لا من كِبر، بل من هول ما يرى من تفريط، وغياب، وانشغال عن أخطر القضايا: قضية الجوع والسيادة.

قد تسقط دولة بلا جيوش وتنهض من جديد، لكن إذا سقطت في هاوية الجوع، فلن تنهض إلا بعد أن تدفع الثمن باهظًا: كرامةً، وقرارًا، ومستقبل أجيال.

وفي زمن تُحاصر فيه الشعوب لا بالسلاح وحده، بل بـ"لقمة العيش"، صار لزامًا أن نعيد ترتيب الأولويات: فلا أمن بلا غذاء، ولا سيادة لمن لا يملك قوت يومه.

لقد أُنفقت في العالم العربي مئات المليارات على ناطحات السحاب، والمدن الذكية، والقصور الزجاجية، والسيارات التي تُقاس قيمتها بالأصفار.

لكن كم استُثمر من هذه الأموال في الزراعة؟ كم أرضًا عربية خُصصت لزراعة القمح؟

الأمن الغذائي لا تصنعه المظاهر ولا ترف العواصم. فناطحة السحاب لا تُشبع طفلًا جائعًا، والشارع الفاخر لا يُغني وطنًا عن استيراد خبزه من الخارج.

ومن الحكمة -بل من الواجب- إعادة توجيه جزء من هذه الثروات نحو الأرض، نحو سنابل القمح، نحو الاستثمار في رغيف الخبز قبل أن ينهار الزجاج تحت وطأة الجوع.

لا يقلّ الأمن الغذائي أهمية عن إعداد الجيوش أو بناء المدارس والمستشفيات، بل هو الأساس الذي تقوم عليه كرامة الأوطان واستقرارها.

فالوطن الذي لا يزرع لا يملك قراره، ولا يصمد طويلًا أمام الأزمات.

والقمح -بما يمثله من غذاء استراتيجي- هو حجر الزاوية في منظومة الصمود، وسلاح الشعوب في زمن الحروب والكوارث.

رغم كل الموارد، لم تحقق أي دولة عربية حتى اليوم الاكتفاء الذاتي من القمح، وهو مؤشر خطير على هشاشة الأمن الغذائي.

فكيف لأمة تتحدث عن السيادة، وهي عاجزة عن إنتاج خبزها؟!

الاكتفاء الذاتي ليس وهمًا، بل ممكن بوجود الإرادة واستغلال ما تيسر من الموارد المائية، ولو دون مكملات غذائية أخرى.

ففي زمن الحصار، يكفي ما يسد الرمق ويُبقي على الكرامة، أما من ينتظر المساعدات، فلن يملك يومًا قراره.

وقبل تجهيز الجيوش، يجب تجهيز لقمة العيش.

فهذا من الأولويات التي لا تحتمل التأجيل. الحرب لا تُعلن متى تبدأ، ولا تُمهل حتى تستعد، والعدو لا يرحم حين يُحاصر، ولا يكتفي بالسلاح إن كان الجوع أشد فتكًا.

لهذا، يجب أن نسير في خطين متوازيين: تأمين الغذاء، وتجهيز الجيوش.

فلا نصر في الميدان إن كانت البطون خاوية، ولا صمود في الحصار إن افتقد الشعب خبزه.

من يقرأ التاريخ بعقل مفتوح، يعلم أن الحصار كان قديمًا يُكسر بالحيلة والدهاء والطرق الوعرة.

أما اليوم، فأدوات الحصار تراقبك من الفضاء، وتغلق عليك الهواء والماء واليابسة.

لم يعد الهروب ممكنًا، ولم تعد الخيارات متاحة كما في السابق.

هذا الواقع يفرض علينا وعيًا أكبر، واستعدادًا أعمق، وإرادة صلبة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي.

ففي النهاية، الكرامة الوطنية تبدأ من رغيف الخبز.

إن الشعوب التي تُتقن صناعة السلاح، لكنها تُهمل تأمين الغذاء، تُقاتل بنصف قوتها، وتنهار عند أول حصار.

فالسلاح لا يكفي إن لم تُؤمَّن البطون والعقول، ولا نفع لجيوش تُقاتل خلفها شعوب جائعة.

ولهذا، فإن الأمن الغذائي يجب أن يُعامل بوصفه جزءًا لا يتجزأ من منظومة الدفاع الوطني.

فالنصر لا تصنعه البنادق وحدها، بل تسهم فيه الحقول والمزارع وأيدي الفلاحين كما تسهم فيه المصانع والثكنات.

وحين نُدرك أن رغيف الخبز هو خط الدفاع الأول، نكون قد بدأنا فعليًا مسيرة الكرامة والسيادة.

 

مقالات مشابهة

  • قافلة طبية مجانية بقرية أم الرضا لعلاج 2000 مواطن في دمياط
  • الأمن الغذائي: ركيزة السيادة وقوة الصمود الوطني
  • سوريا.. دخول قافلة مساعدات إنسانية جديدة إلى السويداء
  • كشف وعلاج بالمجان لـ 255 مواطنًا في قافلة طبية بقرية العروبة بدلنجات البحيرة
  • صحية بيطرية زراعية وتثقيفية.. قافلة تنموية شاملة لجامعة دمنهور
  • قافلة المساعدات الخامسة تدخل محافظة السويداء
  • قافلة بيطرية مجانية للحفاظ على الثروة الحيوانية وخدمة المربين بقرى أسوان
  • «افحص واطمن».. كشف وعلاج بالمجان لـ889 مواطنًا في قافلة الأمل بأبو مطامير البحيرة
  • قافلة مساعدات جديدة تدخل غزة وسط رفض إسرائيلي لمستلزمات طبية نسائية
  • قافلة إنسانية خامسة من مصر إلى غزة تحمل 6 آلاف طن مساعدات