ملاحظات حول رؤية (صمود) لإنهاء الحرب واستعادة الثورة وتأسيس الدولة

تاج السر عثمان بابو

1

نشر التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة (صمود) رؤية سياسية لإنهاء الحروب واستعادة الثورة وتأسيس الدولة، يونيو 2025.

اتسمت الرؤية بالعمومية وعدم التقويم الناقد للتجربة السابقة ولاسيما بعد ثورة ديسمبر 2018، للمسار الذي مضت عليه الحكومات العسكرية والمدنية، بدءا من انقلاب اللجنة الأمنية للنظام البائد في 11 أبريل 2019 الذي قطع مسار الثورة، وتراجع قوى الحرية والتغيير عن ميثاقها الموقع في يناير 2019، الذي أكد على الحكم المدني الديمقراطي، وحل المليشيات وقيام الجيش القومي المهني الموحد، وقومية ومهنية الخدمة المدنية والنظامية، والقبول بالتفاوض مع العسكر، حتى التوقيع على الوثيقة الدستورية بتدخل إقليمي ودولي التي كرست شراكة العسكر وقننت الدعم السريع دستوريا، واتفاق جوبا الذي تحول لمحاصصات ومناصب، ومجزرة فض الاعتصام بهدف تصفية الثورة، والقمع الوحشي للمواكب السلمية، حتى تنفيذ انقلاب 25 أكتوبر الذي قاد للحرب الجارية.

الشاهد ان السرد التاريخي جاء عاما، ولم يستخلص دروس التجربة السابقة التي يجب تجاوزها، حتى يتم استدامة الديمقراطية والتنمية المتوازنة والسلام والحكم المدني الديمقراطي.

مع الاتفاق مع ما أشارت له الرؤية “أن الخيار الوحيد لوضع حد لمعاناة الشعب والحفاظ على وحدة البلاد ومقدراتها، هو الإنهاء الفوري للحرب، عبر إطلاق عملية سلام شاملة ذات مصداقية، يقودها السودانيون، تهدف إلى إيجاد حل سياسي يخاطب جذور الأزمة” إلا أن عدم الإفلات من العقاب، وخروج العسكر والدعم السريع والمليشيات من السياسة والاقتصاد، كان يجب أن يكون واضحا، الطرفان ارتكبا جرائم حرب، ويجب تقديم المسؤولين عن جرائم الحرب للمحاكمات، وعدم الإفلات من العقاب كما حدث بعد ثورة ديسمبر في مجزرة فض الاعتصام .فالحديث الغامض كما جاء في الرؤية عن “إرساء عملية عدالة وعدالة انتقالية تحاسب على الانتهاكات وتحقق الإنصاف للضحايا”، مربك ويفتح الطريق للإفلات من العقاب. وكذلك عبارة ” إطلاق عملية عدالة انتقالية ومصالحة وطنية تضمن كشف الحقائق، محاسبة الجناة، جبر الضرر، وتحقيق عدم الإفلات من العقاب”٠وهي نفس الصيغ التي جاءت في الاتفاق الإطاري الذي قاد للحرب.

كذلك من المهم عدم  تكرار تجربة  الخضوع لشروط صندوق النقد الدولي القاسية  التي أدت لتدهور كبير في الأوضاع المعيشية والاقتصادية والصحية، والتأكيد على دعم الدولة للوقود والكهرباء والتعليم والصحة والدواء، بدلا من الحديث العام الذي جاء في الرؤية مثل: “النهوض بالاقتصاد الوطني عبر وقف التدهور، ووضع خطة للتعافي وإعادة الإعمار، مكافحة الفساد، وضمان إدارة شفافة وفعالة للموارد”، فهذا حديث عام لا يسمن ولا يغني من جوع.

2

بعد مرور أكثر من عامين ودخول الحرب عامها الثالث، كما اشرنا من المهم، ليس وقف الحرب فحسب، بل عدم تكرارها، بالتغيير الجذري الذي يرسخ الحكم المدني الديمقراطي واستدامة السلام والديمقراطية.

لقد ناضلت جماهير شعبنا  بعد ثورة ديسمبر 2018 ضد الإفلات من العقاب كما في مجزرة فض الاعتصام، وتدهور المعيشة والاقتصاد والخدمات والأمن والتفريط في السيادة الوطنية ومصادرة الحقوق والحريات الأساسية، ومقاومة انقلاب 25 أكتوبر 2021، بمختلف الأشكال من مواكب مظاهرات ومليونيات واعتصامات ووقفات احتجاجية ، وتقديم المزيد من الشهداء.

بالتالي من المهم مراجعة التجربة السابقة التي أدت لاختطاف قوي “الهبوط الناعم” للثورة، تلك القوى التي راهنت على الحوار مع النظام البائد والمشاركة في انتخابات 2020 كمخرج بديلا لإسقاط النظام التي رأت أنه من رابع المستحيلات.

عندما قامت الثورة تم انقلاب اللجنة  الأمنية للنظام البائد لقطع الطريق، تحالفت هذه القوي مع العسكر و تآمرت على الثورة، بعد مجزرة فض الاعتصام ، بدعم  خارجي خليجي وأمريكي وأوروبي وافريقي، وانقلبت علي ميثاق قوي الحرية والتغيير، ووقعت على “الوثيقة الدستورية” التي كرّست حكم العسكر، وتقنين قوات الدعم السريع دستوريا ، وبعدها تمّ الانقلاب علي الوثيقة الدستورية نفسها، بالسير في خط “الهبوط الناعم” الذي أعاد إنتاج سياسات النظام البائد الاقتصادية والقمعية، والاتفاقات الجزئية للسلام، والتفريط في السيادة الوطنية، وأبقت على مصالح الرأسمالية الطفيلية مع تغييرات شكلية كما يتضح في تدهور  الأوضاع المعيشية والاقتصادية والصحية.

كما أبقت الحكومة على القوانين المقيدة للحريات، اضافة لعدم تسليم البشير ومن معه للجنائية الدولية، والخرق المستمر “للوثيقة الدستورية” حتى انقلاب 25 أكتوبر الذي قضى على الوثيقة الدستورية وقاد للحرب.

هذا فضلا عن تأخير تكوين المجلس التشريعي، ورفض المحاصصات في تكوينه لمصلحة “الهبوط الناعم” وعدم إعلان نتائج التقصي في مجزرة فض الاعتصام ، والانتهاكات باطلاق النار على المواكب والتجمعات السلمية ومحاسبة المسؤولين عنها، والخرق  لـ “الوثيقة الدستورية” المستمر، اضافة  لتزوير توصيات المؤتمر الاقتصادى والتراجع عنها.

واجهت السلطة الحراك الجماهيري بالمجازر والقمع الوحشي واطلاق النار علي تلك الاحتجاجات السلمية مما أدي لاستشهاد وإصابات لبعض المواطنين، كما حدث في مجزرة فض الاعتصام التي لم تظهر حتى الآن نتائج لجنة التقصي فيه، المواكب السلمية   إضافة لعدم هيكلة الشرطة والجيش والأمن، وحل كل المليشيات وجيوش الحركات وقيام الجيش المهني الموحد، وعدم إصلاح القضاء والنيابة العامة وقيام المحكمة الدستورية، والبطء في تفكيك النظام واستعادة أموال الشعب المنهوبة، وعدم تكوين التشريعي والمفوضيات.

كما تم التفريط في السيادة الوطنية وربط البلاد بالأحلاف العسكرية الخارجية، وفتح الباب لنهب أراضي ومياه وثروات البلاد الزراعية والمعدنية، والسيطرة على الموانئ، والاتفاقيات لقيام قواعد عسكرية بحرية لروسيا وأمريكا، والتفريط في أراضي البلاد المحتلة. والخضوع للابتزاز الأمريكي بالرفع من قائمة الدول الراعية للإرهاب مقابل التطبيع مع اسرائيل الذي من مهام الحكومة المنتخبة القادمة، وإلغاء قانون مقاطعة إسرائيل 1958 الذي أجازه برلمان منتخب، ودفع مبلغ 335 مليون دولار عن جرائم إرهابية ارتكبها النظام البائد شعب السودان غير مسؤول عنها، وهو يعاني المعيشة الضنكا جراء الارتفاع المستمر في الأسعار ، والنقص في الوقود والخبز والدواء والعجز عن طباعة الكتاب المدرسي. الخ، فضلا عن المراوغة وعدم الشفافية في التطبيع، باعتبار ذلك استمرار في أسلوب النظام البائد القائم على الأكاذيب وخرق العهود والمواثيق، و الخضوع للإملاءات الخارجية، مثل فصل البشير للجنوب مقابل وعد برفع السودان من قائمة الإرهاب. الخ، تم فصل الجنوب وظل السودان في قائمة الإرهاب.

3

بالتالي من المهم عدم السير في الطريق الذي قاد للأزمة والحرب، وقيام أوسع جبهة جماهيرية قاعدية لوقف الحرب واسترداد الثورة، ومن أجل:

أ – إعادة إعمار ما دمرته الحرب، وتأمين عودة النازحين لمنازلهم ولقراهم، وتوفير خدمات الكهرباء والمياه والانترنت، واستقرار خدمات التعليم والصحة، تجسين  الأوضاع المعيشية والاقتصادية، وتركيز الأسعار مع زيادة الأجور التي تآكلت، ورفض توصيات صندوق النقد الدولي في تخفيض العملة والخصخصة، ورفع الدعم عن التعليم والصحة والدواء، زيادة المحروقات التي ترفع أسعار كل السلع، ودعم التعليم والصحة والدواء، وتغيير العملة، وتخفيض منصرفات الأمن والدفاع والقطاعين السيادي والحكومي، وزيادة ميزانية التعليم والصحة والدواء والتنمية، وضم كل شركات الذهب والبترول والمحاصيل النقدية والماشية والاتصالات وشركات الجيش والأمن والدعم السريع لولاية وزارة المالية، وزيادة الصادر وتقليل الوارد الا للضروري، وتقوية الدور القيادي للقطاع العام والتعاوني اضافة للمختلط والخاص، ودعم الإنتاج الزراعي والصناعي والخدمي والنقل لتوفير فرص العمل للعاطلين، وتقوية الجنية السوداني، سيطرة بنك السودان علي العملات الأجنبية. الخ، والغاء قوانين الاستثمار 2021 وقانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص 2021، وقانون التعدين الهادفة لنهب ثروات البلاد وأراضيها الزراعية.

ب – إلغاء  كل القوانين المقيدة للحريات، القصاص لشهداء مجزرة فض الاعتصام وبقية الشهداء، وإجازة قانون ديمقراطي للنقابات، وإصلاح النظام القانوني والعدلي وتكريس حكم القانون، وإعادة هيكلة الشرطة وجهاز الأمن، وتحقيق قومية ومهنية الخدمة المدنية والقوات النظامية، وحل كل المليشيات وجمع السلاح وفق الترتيبات الأمنية، وعودة المفصولين من العمل مدنيين وعسكريين، وتسليم البشير ومن معه للجنائية الدولية، ورفض المحاصصة في تكوين التشريعي.

اضافة لتحقيق أوسع تحالف للدفاع عن الحقوق والحريات الأساسية، ومراجعة كل الاتفاقات السابقة حول الأراضي التي تصل مدة إيجارها إلى 99 عاما!!، قومية ومهنية الخدمة المدنية.

قيام المؤتمر الدستوري في نهاية الفترة الانتقالية، وسن قانون ديمقراطي لانتخابات يضمن قيام انتخابات حرة نزيهة في نهاية الفترة الانتقالية، ودستور ديمقراطي يؤكد قيام الدولة المدنية الديمقراطية التي تسع الجميع غض النظر عن الدين أو اللغة أو الثقافة أو العرق.

ج- تحقيق السلام بالحل الشامل والعادل الذي يخاطب الذي يشارك فيه الجميع من حركات وقوى سياسية ومنظمات مدنية وجماهير المعسكرات، للوصول للحل الشامل الذي يخاطب جذور المشكلة، ووقف التدخل الخارجي..

د- تحقيق السيادة الوطنية والعلاقات الخارجية المتوازنة بإلغاء كل الاتفاقات العسكرية الخارجية التي تمس السيادة الوطنية.

الوسومإعادة تأسيس الدولة إيقاف الحرب استعادة الثورة التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة (صمود) الرؤية السياسية السودان السيادة الوطنية المؤتمر الدستوري تاج السر عثمان بابو ثورة ديسمبر 2018

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: إيقاف الحرب استعادة الثورة التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة صمود الرؤية السياسية السودان السيادة الوطنية المؤتمر الدستوري ثورة ديسمبر 2018 الوثیقة الدستوریة المدنی الدیمقراطی الإفلات من العقاب السیادة الوطنیة النظام البائد ثورة دیسمبر من المهم

إقرأ أيضاً:

ميشيل الجمل: تصريحات الرئيس تعكس رؤية شاملة لبناء الإنسان المصري

أشاد المهندس ميشيل الجمل، القيادي بحزب مستقبل وطن، بتصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال زيارته التفقدية إلى الأكاديمية العسكرية المصرية، مؤكدًا أنها عكست رؤية شاملة لبناء الإنسان المصري، وإعداد أجيال جديدة تتحلى بالوعي والانضباط والقدرة على خدمة الوطن في مختلف القطاعات، سواء المدنية أو العسكرية، وفق أسس علمية وتربوية متطورة.


وأكد الجمل، في بيان له اليوم ، أن الرئيس أرسل رسالة واضحة تؤكد أن الأكاديمية لم تعد فقط مصنعًا للرجال، بل أصبحت منارة لإعداد الرجال والسيدات، وهو ما يعكس إيمان القيادة السياسية العميق بأهمية تمكين المرأة المصرية، وتعزيز دورها في منظومة العمل الوطني، خاصة في المجالات المرتبطة بالأمن القومي وبناء الدولة الحديثة، بجانب أهمية تطوير المناهج وأساليب التدريب داخل الأكاديمية، بما يواكب التحديات المعاصرة، ويؤهل الشباب من الجنسين لتحمل المسؤولية بكفاءة واقتدار، سواء في المؤسسات العسكرية أو القطاعات المدنية الحيوية، التي تعتمد بشكل متزايد على الانضباط والالتزام.

مصر في أمان وتدمير غزة غير مسبوق.. رسائل قوية للرئيس السيسي من الأكاديمية العسكرية«مستقبل وطن»: رسائل الرئيس السيسي من الأكاديمية العسكرية دعوة صريحة لليقظة"المصريين": رسائل الرئيس السيسي تتطلب الوقوف صفًا واحدًا خلف القيادة السياسيةنائب: رؤية الرئيس السيسي تؤكد على إعداد جيل واعٍ قادر على مواجهة تحديات العصر


وأشار القيادي بحزب مستقبل وطن ، إلى أهمية ما أكده الرئيس حول استقرار الدولة الداخلي، رغم ما يحيط بمصر من مخاطر وأزمات إقليمية واضطرابات مستمرة منذ أكثر من عقد،  موضحاً أن سياسة الدولة القائمة على الصراحة والمصداقية أثمرت عن ثقة متزايدة من الشعب المصري في قيادته، وأسهمت في تجاوز العديد من التحديات الاقتصادية والأمنية.


وأضاف الجمل، أن حديث الرئيس حول الوضع في قطاع غزة يؤكد الموقف المصري الثابت والراسخ من القضية الفلسطينية، وحرص الدولة على تجنيب الشعب الفلسطيني المزيد من المعاناة، مشيداً بالدور المحوري الذي تقوم به مصر في دعم جهود وقف الحرب، وإدخال المساعدات الإنسانية، والمشاركة في مفاوضات إطلاق سراح الأسرى والرهائن، رغم حملات التشويه التي تحاول النيل من هذا الدور الإقليمي الرصين، والذي يحظى باحترام وتقدير دولي واسع.


وفي ختام بيانه، أكد المهندس ميشيل الجمل أن حديث الرئيس عن وسائل التواصل الاجتماعي وأثرها على المجتمع، يُعد رسالة موجهة إلى الشباب خاصة، بضرورة الاستخدام الواعي والمسؤول لتلك الوسائل، موضحاً أن الشعب المصري بات أكثر إدراكًا لمخاطر الشائعات والحروب النفسية، وأن ارتفاع منسوب الوعي الجماهيري هو الحصن المنيع الذي يحمي المجتمع من محاولات الهدم والتشكيك، ويُعزز قدرة الدولة على الصمود ومواصلة البناء والتنمية.

طباعة شارك الرئيس عبد الفتاح السيسي المهندس ميشيل الجمل حزب مستقبل وطن الأكاديمية العسكرية المصرية بناء الإنسان المصري

مقالات مشابهة

  • مصدر مسؤول في الحكومة السورية عن مؤتمر قسد: هذا المؤتمر خرق للاستحقاقات التي باشرت الحكومة السورية في تنفيذها بما في ذلك تشكيل هيئة العدالة الانتقالية وبدء أعمالها، ومسار الحوار الوطني الذي أطلقته الحكومة السورية في شباط الماضي والمستمر حتى إيصال البلاد إ
  • مصدر مسؤول في الحكومة السورية عن مؤتمر قسد: إن ما جرى في شمال شرق البلاد لا يمثل إطاراً وطنياً جامعاً بل تحالف هشّ يضم أطرافاً متضررة من انتصار الشعب السوري وسقوط عهد النظام البائد وبعض الجهات التي احتكرت أو تحاول احتكار تمثيل مكونات سوريا بقوة الأمر الوا
  • توفيق زيد العليوي قاضٍ ثوري يحاكم النظام السوري المنشق عنه
  • المحكمة الدستورية تصرح بدستورية منع برلمانيين من رفع لافتات أو الاعتصام داخل مقر البرلمان
  • لبنان بين عدوان مستمر وانهيار السيادة وشبح الحرب الأهلية
  • المحكمة الدستورية: مسك وزارة العدل النظام المعلوماتي للعمل القضائي مخالف لمبدأ فصل السلط ولاستقلالية القضاء
  • المحكمة الدستورية وقياس أثر التشريع: تلازم الوظيفة والأداة
  • من نزع السلاح إلى نزع السيادة .. الحكومة تُسلّم لبنان للاحتلال
  • قبل نهاية 2025.. الحكومة: الإعلان عن رؤية متكاملة لـ 5 سنوات قادمة
  • ميشيل الجمل: تصريحات الرئيس تعكس رؤية شاملة لبناء الإنسان المصري