الجزيرة:
2025-08-08@23:27:21 GMT

فيلم المخطط الفينيقي.. كم تدفع لتصبح غنيا؟

تاريخ النشر: 20th, June 2025 GMT

فيلم المخطط الفينيقي.. كم تدفع لتصبح غنيا؟

في ظل أجواء عالمية ومحلية مشحونة بالتوتر، يُعرض منذ مطلع مايو/أيار الفيلم الأميركي "المخطط الفينيقي" (The Phoenician Scheme) للمخرج المبدع ويس أندرسون المعروف بدقته البصرية وأسلوبه الساخر كما في تحفته "فندق بودابست الكبير" (2014). لكن العمل الجديد لا يقتصر على الجماليات البصرية واللمسة الساخرة، بل يطرح مجموعة من الأسئلة العميقة التي تتشابك مع مصائر شخصياته، لتتحول الحبكة إلى مرآة تعكس دقة الصورة وتكامل الشكل والمضمون.

يمزج أندرسون ببراعة بين الحركة والسياسة والأخلاق والإيمان، ويدخلنا في مواجهة داخلية مع مفاهيم مثل السعي إلى السلطة والثروة، والثمن الوجودي الذي يدفعه الإنسان في سبيل تحقيق طموحاته، في سردٍ يتسم بالحساسية والتأمل العميق.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2حرارة الأحداث.. حين يصبح الصيف بطلا صامتا في الأفلامlist 2 of 2هوليود تنبش في أرشيفها.. أجزاء جديدة مرتقبة لأشهر أفلام الألفيةend of list "يوتوبيا" الفاسدين

تدور أحداث فيلم "المخطط الفينيقي" في خمسينيات القرن الماضي داخل دولة خيالية تدعى "فينيقيا الحديثة"، تقع في قلب الشرق الأوسط وتشهد اضطرابات سياسية واقتصادية حادة. يتقمص الممثل بنيسيو ديل تورو شخصية رجل الأعمال الفاسد زاسا زاسا كوردا الذي ينجو من محاولة اغتيال هي السادسة في سلسلة من التهديدات، بينما تلاحقه مخاوف فقدان إمبراطوريته الصناعية، خصوصًا بعد فرض ضريبة جديدة تهدد مشاريعه الكبرى في البنية التحتية، مثل السكك الحديد والقنوات والسدود.

وفي محاولة لإنقاذ إرثه، يستدعي كوردا ابنته الوحيدة ليزل (تجسدها ميا ثريبلتون) التي تخلّت عن حياة الثراء واختارت الرهبنة في الكنيسة. يسعى لإقناعها بخلافته في إدارة أعماله، لكنها تقاوم محاولاته بشدة، خاصة أنها تحمل له مشاعر الغضب واللوم لدوره في وفاة والدتها.

يأخذ الأب ابنته في جولة عبر أنحاء "فينيقيا"، في إطار حملة لإقناع مستثمرين وأمراء وشركاء قدامى بدعم مشروعه الطموح "المخطط الفينيقي"، بينما تنكشف خلال الرحلة خفايا العائلة المتصدعة، ويدخل على الخط الابن غير الشقيق نوبار الذي يطالب بحقوقه كوريث شرعي.

إعلان

تتصاعد الأحداث حين تكتشف ليزل أسرارا مظلمة في ماضي والدها، وتواجهه باتهامات صريحة، أبرزها تسببه المباشر في وفاة والدتها، فيعترف الأب -ولو جزئيا- بحقيقة جرائمه. مع تدهور صحته، يعيش زاسا زاسا رؤى سريالية بالأبيض والأسود لمحاكمته في الحياة الآخرة، ويواجه ذنوبه بصراحة لأول مرة.

وفي لحظة ندم حقيقية، يقرر التخلي عن طموحاته الإمبراطورية، ويبدأ حياة جديدة أكثر بساطة، متعاونا مع ابنته في إدارة مطعم صغير، حيث تلتئم العائلة الممزقة من جديد.

أحداث الفيلم تدور  في خمسينيات القرن الماضي داخل دولة خيالية تدعى "فينيقيا الحديثة" (حساب آي إم دي بي على إنستغرام) لوحة مزينة بالدماء

قد يكون مشهد البداية صادما، لكن معرفة المشاهد باسم المخرج تزيل الغرابة، إذ اعتاد أندرسون تحويل أقسى المشاهد إلى لوحات تشكيلية جميلة، حتى لو كان يصور اصطدام سيارة بحقل ذرة، يصاب خلاله الملياردير صاحب التاريخ الغامض والفاسد. المشهد صامت تقريبا، يعرض بحركة بطيئة، فيظهر أقرب إلى عرض أزياء منه إلى حادث عنيف.

أبدع بنيسيو ديل تورو في تجسيد شخصية زاسا زاسا كوردا، التي لا تقدم بوصفها "شريرا تقليديا"، بل كنموذج لانهيار القيم الأخلاقية بشكل ممنهج ومدروس. تتجلى هذه السمة بوضوح في مشهد رمزي لصفقة مالية يعقدها مع مستثمر أميركي أثناء تبادل تصويبات كرة السلة في قاعة مهجورة؛ كأن إتمام الصفقات لا يتطلب سوى دقة التصويب، بلا مبادئ أو ضمير.

لكن الجانب الأكثر تعقيدا في شخصية كوردا ليس سلطته أو فساده، بل علاقته الهشة بابنته ليزل، الرافضة لامتيازاته الطبقية والتي اختارت حياة الزهد والانعزال في دير. تبلغ العلاقة ذروتها في أحد أكثر مشاهد الفيلم قسوة، حين تصرخ ليزل في وجه والدها: "قتلتَ أمي، لا الشركة!"، فتنهار واجهته المتماسكة لحظة، قبل أن يستعيد ملامحه الباردة وابتسامته المصطنعة، في تجسيد دقيق لصراع داخلي طويل لم يعترف به قط.

ورغم كل الحوارات الساخرة، والمشاهد المسرحية، والديكور المُتقن، فإن الموضوع الرئيسي للفيلم يبقى هذا السؤال الأبوي: ماذا لو كانت الحقيقة التي يهرب منها الأب هي وجه ابنته؟ فالابنة ليست راهبة فقط، بل تمثل الضمير المهزوم الذي يحاول النهوض، ولو كان وسط صحراء زاخرة بالوعود الكاذبة، هي لا تريد المال، بل تبحث عن إجابة. وفي مشهد يتقاطع فيه الواقع مع ما يشبه الحلم، نراه يتعرض للمحاكمة بالأبيض والأسود، أمام زوجاته السابقات، وربما أمام ذاته القديمة. لحظة نادرة في أفلام أندرسون، حيث تُنزع الألوان لتُكشف الجراح.

ولعل نزع الألوان والاكتفاء بالأبيض والأسود لا يدل فقط على عدم وجود إمكانية للحلول الوسطى في سياق يتعلق بيوم "الحساب"، ومن ثم لا وجود للرماديات، ولكنه إنجاز خاص بأندرسون نفسه الذي تكمن روحه كمخرج سينمائي في لعبة الألوان.

"المخطط الفينيقي" قد لا يكون أفضل أفلام أندرسون لكنه الأعمق والأصدق (حساب آي إم دي بي على إنسنغرام) مخرج "يكذب" ويعترف

لم يحرص المخرج على شيء قدر حرصه على التأكيد أن ما يقدمه "بصريا" ليس إلا كذبة مكشوفة، فالأسواق مصطنعة تماما، والمكاتب تشبه علب الشيكولاتة، وكل شيء يبدو فنيا بدرجة لا تصدق، وهو يشير هنا إلى كذبة أكبر من تلك الموجودة على الشاشة أمام المشاهد، وهي كذبة الرأسمالية الكبرى، فكل شيء زائف، ومجرد واجهة لشيء آخر أكثر توحشا وإجراما وطموحا. فالرجل الذي أعلن عن مشروعاته للبنية التحتية في الدولة المسكينة لا يهدف سوى لاقتناص الأموال، أندرسون يقدم ديكورا ولكنه حريص على التأكيد أن ما نشاهده ليس سوى إلا ديكور.

ولكن إذا كان كل هذا الحرص على إظهار اللعبة باعتبارها "لعبة"، وأن البشر مجرد دمى تحركها دمى أخرى من وراء ستار، فكيف يحمل الفيلم قيمة بعد كل هذه المبالغة في إظهار الزيف؟ وهل يكفي الإبهار البصري؟ تحتاج الإجابة لمتابعة مشاهدة العمل، لأن قلب "المخطط الفينيقي" على عكس غيره من الأفلام يأتي في نهايته، حين ينفجر المشهد الأخير، حيث يجلس الأب والابنة قرب ضريح الأم، ليدرك المشاهد أن كل ذلك كان مقدمة لصوت الصدق الوحيد في الفيلم؛ صوت الغفران.

قد لا يكون "المخطط الفينيقي" أفضل أفلام أندرسون إجمالا، لكنه الأعمق والأصدق، إذ لم يحاول إبهارنا بصريا بقدر ما سعى لطرح السؤال عن الوحوش التي نتحول إليها حين ننسى أبناءنا، وعن الجمال الزائف والزائل حين يُستخدم كحيلة للهروب من الحقيقة. وهو عمل يجمع في موضوعه بين الخداع، والرغبة في الغفران، حين يسألنا أولئك الذين أحبونا وأخلصوا لنا ولم نحبهم بالقدر نفسه.

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

أقسم مرتين.. السيسي: علاقاتنا مع العرب جيدة وأحذر من هذا المخطط

كتب- محمد عمارة:
حذر الرئيس عبدالفتاح السيسي، من وجود مخطط يهدف لإيجاب خلافات بين الدول العربية بحيث يبدأ من الشعوب أولا، مؤكدا أن علاقة مصر بجميع الدول العربية طيبة وجيدة.
وأضاف السيسي، خلال تفقده فجر اليوم، الأكاديمية العسكرية بالعاصمة الإدارية الجديدة: خلال الأسابيع والشهور القليلة الماضية استخدمت وسائل الإعلام للإساءة بيننا وبين الأشقاء واحنا علاقتنا طيبة جدا، وأنا مش بقول كلام سياسي، لا والله، احنا علاقتنا طيبة جدا بكل أشقاءنا في منطقتنا العربية وأي حد بيحاول انتوا لازم تكونوا فاهمين كده، أي حد بيحاول يخليكم تقعوا وتختلفوا مع أشقائكم، ده بينشد الفرقة والضعف، واحنا في أحوج ما نكون إلى التعاون ونكون مع بعض، لإن أمننا الإقليمي مهدد.
وأضاف الرئيس: تفتكروا ده الوقت للخلاف والنزاع، أنا بأكد على علاقتنا القوية والمتزنة بمنطقتنا العربية، مفيش مشكلة خالص، وأنا والله صادق معاكم، سواء في المغرب العربي وشمال أفريقيا والمشرق العربي ودول المنطقة، فيه مخطط إننا نختلف مع بعضنا البعض، ونخليه يبدأ من الشعوب، احنا أمننا وأمنهم واحد، أشقاء وهنفضل أشقاء، اوعى يا إنسان يا عربي يا مصري يا سعودي يا إماراتي يا كويتي يا قطري يا سوري، بقول إنسان عشان كده، انتبهوا مش كل اللي بتشوفوه تصدقوه وتتحركوا، احنا محتاجين نكون مع بعض، أنا بقول ده عشان لقيت محاولات للوقيعة بينا وبينهم، لأننا بنحترمهم ونقدرهم، وأيضا مقدرين مواقفهم الإيجابية معانا، ومش هننسى ده أبدا، والمفروض مننساش ده أبدا ليهم.

لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا

لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا

الرئيس عبدالفتاح السيسي الرئيس السيسي العرب

تابع صفحتنا على أخبار جوجل

تابع صفحتنا على فيسبوك

تابع صفحتنا على يوتيوب

فيديو قد يعجبك:

الأخبار المتعلقة الرئيس السيسي من الأكاديمية العسكرية: مصر مستقرة.. والإصلاح الاقتصادي مستمر أخبار فجر اليوم.. الرئيس السيسي يجري زيارة تفقدية للأكاديمية العسكرية المصرية أخبار الرئيس السيسي يعلن ترفيع العلاقات مع فيتنام إلى مستوى "الشراكة الشاملة" أخبار الرئيس السيسي: التاريخ سيحاكم دولا وأشخاصا على موقفهم تجاه غزة أخبار

إعلان

أخبار

المزيد اقتصاد تنظيم المرحلة الأولى من برنامج بناء القدرات الرقمية لمعاوني الأمن بالتعاون اقتصاد المؤشر الرئيسي للبورصة يسجل رقمًا قياسيًا بنهاية تعاملات اليوم شئون عربية و دولية إسرائيل هيوم: زامير يعرض على الحكومة غداً مخاطر احتلال كامل لغزة اقتصاد سعر الذهب المعلن بموقع البورصة المصرية 6 أغسطس 2025 أخبار البنوك ارتفع في 4 بنوك.. سعر الدولار اليوم بنهاية تعاملات الأربعاء

الثانوية العامة

المزيد مدارس موعد بداية العام الدراسي الجديد 2026 مدارس فتح باب التقديم لمعلمي التعليم الفني في البرامج التعليمية على التليفزيون مدارس الأولوية للمعينين القدامى.. "التعليم" تعيد توزيع المعلمين لهذا السبب مدارس وزير التعليم العالي يترأس لجنة مناقشة رسالة دكتوراه بكلية التخطيط الإقليمي التنسيق تنسيق المرحلة الثانية 2025.. بدء تسجيل الرغبات علمي علوم ورياضة وأدبي

إعلان

أخبار

أقسم مرتين.. السيسي: علاقاتنا مع العرب جيدة وأحذر من هذا المخطط

روابط سريعة

أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلاميات

عن مصراوي

اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصية

مواقعنا الأخرى

©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا

الرئيس السيسي من الأكاديمية العسكرية: مصر مستقرة.. والإصلاح الاقتصادي مستمر بعد موافقة الرئيس.. الحكومة تعلن الموعد الجديد لافتتاح المتحف المصري الكبير ارتفاع الرطوبة.. تفاصيل حالة الطقس حتى الأحد المقبل 36

القاهرة - مصر

36 26 الرطوبة: 22% الرياح: شمال غرب المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب الثانوية العامة فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك خدمة الإشعارات تلقى آخر الأخبار والمستجدات من موقع مصراوي لاحقا اشترك

مقالات مشابهة

  • طارق صالح يكشف تفاصيل المخطط الإيراني لنشر الإرهاب عبر السواحل اليمنية من المهرة إلى حجة
  • كيف تخطط واشنطن لتصبح المورد الرئيسي للطاقة في آسيا؟
  • مصطفى بكري: مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر وضع المنطقة على فوهة بركان
  • ادفع لتصبح محمد صلاح.. هكذا يتلاعب السماسرة بأحلام ملايين المصريين
  • أجواء حارة في أغلب المناطق السورية ورطوبة مرتفعة في الغربية والجنوبية
  • باميلا أندرسون تعيش لحظة مميزة.. نظرة على مسيرتها
  • 10 معلومات عن داغفين أندرسون.. أول طيار يقود أفريكوم
  • أقسم مرتين.. السيسي: علاقاتنا مع العرب جيدة وأحذر من هذا المخطط- صور وفيديو
  • أقسم مرتين.. السيسي: علاقاتنا مع العرب جيدة وأحذر من هذا المخطط
  • تشابه لافت بين برنامجي الطهي لباميلا أندرسون وميغان ماركل… صدفة أم استلهام؟