الفلسفة السياسية والنظرية السياسية (2): الأيديولوجيا
تاريخ النشر: 27th, June 2025 GMT
الأيديولوجيا هي مجموعة من الأفكار والقيم التي تشكل رؤية الإنسان للعالم وتوجه سلوكه. على سبيل المثال، قد تكون الأيديولوجيا دينية، مثل ما ينبثق عن الإسلام، أو سياسية، مثل الاشتراكية. هي تساعد في تفسير الأحداث وتبرير الأفعال، لكنها ديناميكية وتتغير مع الظروف الاجتماعية. تؤثر الأيديولوجيا على كيفية اتخاذ القرارات، سواء في الحياة اليومية أو في السياسة.
غالبا الأيديولوجيات تدخل الذهن من تفاعل الإنسان ونظم سائدة في المجتمع كنظام الحكم بالذات، وربما يفكر الإنسان في تطويرها من العيش والحاجات وطريق سدها أو الغرائز وإشباعها. الإسلام مثلا نظام حكم قد يعتبره البعض أيديولوجيا دينية، لكن هذا خطأ فالإسلام يحوي فلسفات متعددة ومعايير وقيم، فهو يقع في موضع جامع لفلسفات لها معايير وقيم، لكن يمكن أن ينتج أيديولوجيا في النظرية السياسية من خلال رؤية للواقع تتغير مع الزمان والمكان. أما الاشتراكية فهي نظرية سياسية منبثقة عن الشيوعية التي لم تك قادرة على الدخول إلى الواقع مباشرة، بينما الرأسمالية فلسفة إدارة المال والآليات المحيطة بها ويمكن أن تشكل بيئة سياسية لكن لا تضع نظرية سياسية، لذا تجد هنالك فاعلية لمراكز القوى وما يمكن أن يسمى بالدولة العميقة، فسلوكها في الإدارة الداخلية مختلف عن سلوكها خارج الدولة في المستعمرات مثلا.
غالبا ما تستخدم الصفة الأيديولوجية في مجتمعنا كتعبير عن التعصب والسلوك السيئ لفئة سياسية كالشيوعية أو مجموعة دينية، وتربط بالفشل، بينما الأيديولوجيا هي منظمة الأفكار
التفريق بين التفكير الفلسفي والأيديولوجي قد لا يُفهم من العقليات البسيطة والشعبوية أي السوقية. بالتأكيد الأيديولوجيا تؤثر على تعبير الشخص نحو الأمور، لكني أرى أن هنالك اختلافا بين السلوك المنبثق عن أيديولوجيا وذاك المنبثق عن آلية، فالسلوك المنبثق في التعامل الحَسَن بهدف مصلحة لا يعبر عن قناعة، السلوك الأيديولوجي يعبر عن قناعات، والاثنان قد لا يلتزمان بالسلوك السوي الذي من الطبيعي أن تفرضه قيمهما عندما تتعاظم الغريزة أو الحاجة. وهنا تأتي الفلسفة والتي هي الأفكار الرادعة، وهذه أيضا تضبط ولكن قد يخرج الإنسان عنها مرافقا له نوع من الإحساس بالذنب وهذا رادع عن الاستمرار.
وإذا كان ظهور المصطلح أول مرة عند الفيلسوف الفرنسي أنطوان دستو دو تراسي في نهاية القرن الثامن عشر، حيث استخدمه لوصف "علم الأفكار" فإنه اليوم توسع. وهنا تظهر مشكلة الخلط التي قد تمنع التحديث والتطوير أو التوسع في الأفكار عندما يتعامل مع القيم، وهي معايير فلسفية لا أرى أن تدمج معا كتعريف رغم بقائها كمنظومة عمل وحياة، كذلك الأخلاق فهي نظام معياري لانتظام السلوك.
التباس المعنى للأيديولوجيا:
غالبا ما تستخدم الصفة الأيديولوجية في مجتمعنا كتعبير عن التعصب والسلوك السيئ لفئة سياسية كالشيوعية أو مجموعة دينية، وتربط بالفشل، بينما الأيديولوجيا هي منظمة الأفكار، وغالبا ما ترتبط الأيديولوجيات السياسية (مثل الإسلامية، القومية، الليبرالية) بالانقسامات الطائفية وتدهور الخدمات مثل الكهرباء والمياه، ما يجعل الجمهور يرى الأيديولوجيات كشعارات فارغة، عندما تفتقد الرؤية ويحبط الجمهور. والرؤية مهمة للعمل السياسي الجاد، وهي قواعد الحساب بين الأحزاب والجمهور، وبفقدانها سنجد الطموحات الشخصية تظهر، مع فقدان الثقة وعزوف الجمهور عن الانتخابات عند ظهور الفساد على هذه الطبقة. الأيديولوجيات تُشوَّه بسبب ارتباطها بأنظمة سياسية غير عادلة؛ دعم إصلاحات تعزز تكافؤ الفرص وتمثيل الفئات المهمشة يمكن أن يحسن صورتها، والابتعاد عن التحالفات المثيرة للجدل أو المرتبطة بالفساد يعزز المصداقية.
الأيديولوجيا، والتنظير، عوامل أساسية لا يقوم بدونها فكر فاعل على الأرض، ولكن عليها أن تتبنى التفكير بما هو مطلوب لصناعة الحياة والمستقبل وليس بتجميد الفكر والإنسان أو جره إلى الماضي والعجز، أو إفراغ الطاقة بتغليب التخلف والعدمية
من الضروري إشراك الشباب ومراجعة وتعديل الخطاب، فالفساد لا يهدم المدنية فحسب بل يهدم القيم والثقافة، وبذلك تضيع الفلسفة والنظرية وكل ما يتبعها من فروع وتسميات.
خلاصة القول:
الفلسفة السياسية هي الأساس الفكري، تُلهم النظرية السياسية التي تُطوّر إطارا تحليليا، بينما الأيديولوجيا تُحوّل هذه الأفكار إلى برامج عملية؛ هذا في الحالة الطبيعية التي لا تستدعي الوصف السلبي لأي من هذه المعطيات.
الأيديولوجيا، والتنظير، عوامل أساسية لا يقوم بدونها فكر فاعل على الأرض، ولكن عليها أن تتبنى التفكير بما هو مطلوب لصناعة الحياة والمستقبل وليس بتجميد الفكر والإنسان أو جره إلى الماضي والعجز، أو إفراغ الطاقة بتغليب التخلف والعدمية.
عندما نضع فكرة كتحقيق المساواة للجميع علينا أن نكون صادقين في توزيع الموارد، وأن يكون الحاكم والمحكوم بنمو متوازن، وليس نموا انفجاريا عند المسؤولين وانحدارا عند الشعب، أو زيادة الضرائب لتعظيم الوارد بدل القضاء على الفساد، فهذه كلها من عوامل عدم الاستقرار وإن كان الأمن مستتبا وفق معايير السلطات.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات الأيديولوجيا الأفكار السياسة النظرية فلسفة سياسة فلسفة أفكار أيديولوجيا نظرية مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات مقالات مقالات مقالات مقالات اقتصاد سياسة صحافة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة رياضة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
أستاذ علوم سياسية: الإعلام في العصر الحالي يحتاج إلى قدر كبير من اللامركزية
أكد الدكتور محمد كمال، أستاذ العلوم السياسية، أن المنافسة الحالية في مجال الإعلام لم تعتمد على جودة المنتج بقدر اعتمادها على جذب انتباه المستهلك، لافتًا إلى أن دور المذيع هو تسهيل وصول المشاهد إلى المعلومة أو الحقيقة، بينما المرسل الأساسي للمعلومة يجب أن يتمتع بقدرة عالية على التواصل.
وأوضح "كمال" خلال حواره مع الإعلامي نشأت الديهي ببرنامج "المشهد" المذاع عبر فضائية "TeN"، مساء الأربعاء، أن الإعلام يشبه السوق الذي كان محدودًا في السابق وأصبح اليوم مفتوحًا ومتعدد المنتجات، مشيرًا إلى أنه سلعة تخضع لقوانين العرض والطلب.
وتابع : "هناك طلب كبير لا يقابله عرض كافٍ، ما يرفع من قيمة المحتوى المحدود المعروض في لحظات معينة.
وأشار إلى أن هناك وفرة في الإعلاميين، لكن ندرة في المرسل المؤهل، مشددًا على أن المتحدث الرسمي لا يقتصر دوره على قراءة بيان، بل يجب أن يتفاعل مع الجمهور، خاصة في الأوقات السياسية الحساسة مثل الانتخابات.
وأوضح أن المتحدث باسم البيت الأبيض قد يخطئ أحيانًا، لكن ذلك لا يعني إقصاءه، بينما في مصر يعاني المتحدثون الرسميون من الرسمية الزائدة التي تحدّ من فعاليتهم.
وأكد أن أول عنصر في أي رسالة إعلامية هو "السردية العامة" المرتبطة بالمشروع الوطني الكبير، والذي يجب التعبير عنه بلغة سياسية يفهمها المواطن العادي، منتقدًا غياب فريق أو رؤية إعلامية واضحة للحكومة، رغم أن المعارضة تقوم بذلك بشكل منظم.
وشدد على ضرورة التمييز بين الإعلام المحلي والقومي، موضحًا أن الإعلام المحلي هو الأكثر مشاهدة في كثير من دول العالم، وأن الاهتمام به يمنع تضخيم القضايا المحلية وتحويلها إلى أزمات قومية، كما يتيح إدارة الغضب المحلي بشكل مشروع.
وختم بالتأكيد على أن الإعلام في العصر الحالي يحتاج إلى قدر كبير من اللامركزية، بما يسمح بالتعامل السريع والفعال مع القضايا المتنوعة على المستويات المختلفة.