تختزل منطقة نجران في طياتها إرثًا حضاريًا غنيًا يمتد لآلاف السنيين، يتجلى في المواقع الأثرية، والفنون الشعبية، والحرف اليدوية التي لا تزال حاضرة في تفاصيل الحياة اليومية.

وتحتضن نجران أكثر من (186) موقعًا أثريًا مسجلًا في هيئة التراث، يأتي في مقدمتها موقع الأخدود الأثري، الذي يُعد شاهدًا على تاريخ حضاري ضارب في القدم، ومنطقة حمى الثقافية التي تضم أكثر من (6,400) نقش ورسم صخري تعود إلى عصور ما قبل التاريخ، ما أهلها للتسجيل في قائمة التراث العالمي لليونسكو عام 2021.

وتكمل المتاحف الدور التاريخي للمنطقة، وفي مقدمتها متحف نجران الإقليمي الذي يمتد على مساحة تتجاوز (20) ألف متر مربع، ويضم أجنحة متنوعة تحاكي المراحل التاريخية التي مرت بها المنطقة، من العصور الحجرية إلى عصر توحيد المملكة، إلى جانب السوق الشعبي المفتوح المجاور الذي يعرض منتجات الحرفيين المحليين ويجذب الزوار من داخل وخارج المنطقة.

أخبار قد تهمك أمانة منطقة جازان تحقق المركز الثاني على مستوى أمانات المملكة في مؤشر الارتباط الوظيفي 27 يونيو 2025 - 8:11 مساءً أمانة المدينة المنورة تُجري (1,379) اختبارًا ميدانيًا وتفحص أكثر من (6,000) عيّنة أغذية خلال شهر مايو 27 يونيو 2025 - 7:34 مساءً

وتنعكس الهوية الثقافية لنجران بوضوح في تنوع الفنون الشعبية التي لا تزال تمارس بحيوية في المناسبات الاجتماعية والوطنية، مثل رقصة الزامل، والرازف، والطبول، التي تصاحبها الأهازيج والشعر النبطي، وتُعد هذه الفنون جزءًا من حياة المجتمع اليومية، وتُعرض بانتظام ضمن الفعاليات التراثية والمهرجانات الوطنية كمهرجان الجنادرية.

وتمثل الحرف اليدوية علامة بارزة في نسيج نجران الثقافي، وتشمل صناعات متعددة كصناعة الجنابي، والفخار، وصياغة الحلي الفضية، ونقش الخناجر، وصناعة الجلود التي تنتج قطع تراثية مثل الميزب والمسبت والعصم، التي لا تزال تصنع وتستخدم في الحياة اليومية، وتعرض في الأسواق التراثية، خاصة في مواسم الأعياد والمهرجانات، بما يوفر فرصًا استثمارية كبيرة للحرفيين من خلال إنشاء معارض ومصانع صغيرة تدعم الحرفيين، وتسهم في خلق وظائف مستدامة للسكان المحليين، وخصوصًا النساء والشباب.

 

وفي جانب الترفيه الثقافي، تحتضن نجران عددًا من الأسواق والمراكز التراثية المفتوحة مثل السوق الشعبي وسوق النساء وسوق الجنابي، إلى جانب القرى التراثية التي تعرض نماذج للعمارة القديمة من المنازل الطينية التقليدية، وتقدم عروضًا يومية من الفنون الشعبية والمأكولات التراثية، التي تستقطب الزوار من مختلف مناطق المملكة، لا سيما في الفعاليات الموسمية مثل رمضان ومهرجانات الصيف.

وأكد رئيس جمعية السياحة بنجران إبراهيم آل منصور، أن الثروة الثقافية بمنطقة نجران تتيح فرصًا استثمارية واسعة، خاصة في مشاريع تطوير القرى التراثية وتحويلها إلى وجهات سياحية متكاملة تضم مطاعم شعبية، ومتاجر للحرفيين، ومساحات عرض للفنون الشعبية، وكذلك في جانب السياحة الريفية التي تشهد نموًا متسارعًا، لا سيما في القرى المحيطة بوادي نجران مثل قرى الحضن، والقابل، التي تجمع بين الطبيعة الزراعية والموروث الثقافي، بما يشكل تجربة متكاملة للزوار.

وأشار إلى أن الاستثمار في القطاع الثقافي والتراثي في نجران لم يعد خيارًا هامشيًا، بل يمثل جزءًا أساسيًا من التنمية المستدامة التي تتوافق مع مستهدفات رؤية المملكة 2030، من خلال المعطيات القائمة من بنية تحتية متطورة، وتنوع تراثي وثقافي، وإقبال متزايد على الفعاليات المحلية، بما يؤكد أن نجران تمضي بثبات لتكون واحدة من أبرز الوجهات الثقافية والسياحية والاستثمارية في المملكة، ووجهة مفضلة للمبدعين والمهتمين بالعمارة التقليدية والتراث الثقافي.

المصدر: صحيفة المناطق السعودية

كلمات دلالية: رؤية المملكة 2030 منطقة نجران

إقرأ أيضاً:

أمين لجنة اليونسكو في إيران: آن الأوان لتحالف ثقافي إسلامي عربي

طهران ـ في ظل تصاعد التوترات الإقليمية وتزايد تهديد النزاعات التي تطال المراكز التعليمية والثقافية، تبرز منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) بوصفها عاملا دوليا محوريا لحماية التراث الإنساني وتعزيز قيم السلام والتفاهم بين الشعوب.

وكشف الأمين العام للجنة الوطنية لليونسكو في إيران حسن فرطوسي، في حوار مع الجزيرة نت، عن جهود المنظمة في التصدي للتهديدات التي تعرتض هذا التراث، وتفاصيل التنسيق بين اللجنة الوطنية الإيرانية واليونسكو خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على إيران.

كما تطرق إلى الأثر المحتمل لانسحاب الولايات المتحدة المتكرر من المنظمة، مؤكدا أن ذلك يشكل تحديا ماليا وإداريا لكنه يفتح فرصا للدول النامية والإسلامية لتعزيز وجودها وتأثيرها داخل اليونسكو، والعمل على بناء تحالفات قوية تحافظ على دور المنظمة كمنصة عالمية للسلام والثقافة.

كما أكد فرطوسي أهمية التعاون بين إيران واليونسكو في بناء جسور الحوار والسلام، خصوصا في ظل التوترات والصراعات التي تشهدها المنطقة، مشددا على أن اليونسكو يجب أن تظل إطارا فعّالا لتعزيز التفاهم الثقافي والتربوي والعلمي بين الشعوب، مما يساعد على تخفيف النزاعات وبناء مستقبل يسوده الاستقرار والسلام في مناطق النزاع.

فيما يلي نص الحوار:

 

في ظل العدوان الإسرائيلي الذي تعرضت له إيران قبل شهرين، ما الدور الذي يمكن أن تلعبه اليونسكو في حماية المراكز التعليمية والثقافية أثناء النزاعات؟

تلعب اليونسكو، باعتبارها المنظمة التربوية والعلمية والثقافية التابعة للأمم المتحدة، دورا مهما في الحفاظ على التراث الثقافي والمباني الأثرية، ولديها برامج متعددة من بينها برنامج لحماية حرية وسلامة العلماء. وقد قامت المنظمة بهذا الدور كما هو متوقع منها، ليس فقط عبر إصدار البيانات المهمة، بل أيضا من خلال تذكير الدول بمسؤولياتها تجاه حماية التراث الثقافي والتربوي، ودعم التعليم والعلوم، خاصة في الدول التي تشهد نزاعات.

إعلان هل تواصلت اللجنة الوطنية في إيران مع اليونسكو أو المنظمات الأممية الأخرى لبحث انتهاكات التراث والثقافة خلال العدوان الإسرائيلي الأخير؟

نعم، قامت اللجنة الوطنية بواجبها خلال العدوان الإسرائيلي الذي استمر 12 يوما، حيث أصدرت وأرسلت 13 رسالة إلى المديرة العامة لليونسكو وإدارتها، ليس فقط من جانب اللجنة نفسها، بل أيضا بالتنسيق مع جهات مختلفة مثل كراسي اليونسكو، والمراكز من الفئة الثانية، والمدن المبدعة، والمدن المتعلمة.

كما أُرسلت رسائل من وزير التعليم العالي الإيراني ووزير التراث الثقافي الإيراني، وذلك عبر الممثلية الدائمة للجمهورية الإسلامية الإيرانية لدى اليونسكو، وبالتعاون مع اللجنة الوطنية. وقد تلقينا دعما وتواصلا من لجان وطنية في دول شقيقة ومجاورة، وأخرى من المنطقة والعالم، مما أظهر لنا اهتماما عالميا بحماية سلامة الدول والعلماء.

في سياق آخر، برأيكم، ما أثر انسحاب الولايات المتحدة من اليونسكو على قدرة المنظمة على تنفيذ برامجها وحماية التراث العالمي؟

هذه ليست المرة الأولى التي تنسحب فيها الولايات المتحدة من اليونسكو، فقد فعلت ذلك ثلاث مرات: الأولى عام 1984، والثانية عام 2018، والثالثة عام 2025. ومن أبرز أسباب الانسحاب المعلنة ما وصفته واشنطن بانحياز اليونسكو لفلسطين، إضافة إلى ادعاءات أخرى مثل الحاجة إلى إصلاح هيكلي في المنظمة. وقد ردت المديرة العامة أودري أزولاي على هذه الانتقادات في بيان رسمي.

من ناحية البرامج، لا تتضرر اليونسكو وحدها، إذ توجد كراسي جامعية ومدن مبدعة ومتعلمة في الولايات المتحدة أيضا، كما أن بعض التراث الثقافي أو الأثري هناك بحاجة إلى التسجيل في قوائم اليونسكو. أما على الصعيد المالي، فكانت مساهمة الولايات المتحدة تمثل سابقا نحو 40% من ميزانية اليونسكو، لكن بعد الانسحاب انخفضت إلى نحو 8%. ورغم الخسارة، فقد شكل ذلك دافعا لإصلاح الهيكل الإداري وتطوير الموارد البشرية وتعزيز فعالية البرامج.

ما يقلقنا هو أن تتأثر دول أخرى بانسحاب واشنطن وتقرر الانسحاب كذلك، ولكن بتقديري، فإن انسحاب الولايات المتحدة قد يحمل دلالة رمزية تهدد هدف اليونسكو الأساسي: تعزيز السلام العالمي، خصوصا في ظل ما أعلنته واشنطن عن خلافاتها مع الصين، في حين أن مهمة المنظمة هي جمع الدول، خاصة عبر البعد الثقافي، لتحقيق التقارب وربما التفاهم السياسي.

كيف تعمل اللجنة الوطنية الإيرانية على تعويض الفجوات التي قد تسببها انسحابات بعض الدول المؤثرة من اليونسكو؟

ترى الجمهورية الإسلامية الإيرانية، واللجنة الوطنية لليونسكو، أن انسحاب بعض الدول المؤثرة يمثل فرصة ثمينة أمام الدول النامية، بما فيها الدول الإسلامية والعربية ودول الجوار، لبناء تحالفات قوية داخل المنظمة. فإذا كان السبب المعلن للانسحاب الأميركي هو انحياز اليونسكو للقضية الفلسطينية، فلماذا لا تتحرك هذه الدول لسد هذا الفراغ؟

نحن نعمل على تقوية التعاون بين اللجان الوطنية لليونسكو في هذه الدول لضمان أن تبقى المنظمة شاملة وفاعلة، مع الحذر من أن يؤدي الانسحاب إلى تشجيع دول أخرى على الخطوة نفسها. ونحن متفائلون بفوز الدكتور خالد العناني من مصر برئاسة اليونسكو المقبلة.

إعلان في ظل التوترات الإقليمية، كيف يمكن لإيران واليونسكو التعاون لإبقاء الثقافة والتعليم جسورا للحوار والسلام بين الشعوب؟

عندما تعجز الأطراف عن حل مشاكلها عبر الحوار، تبدأ النزاعات، وهنا تأتي مسؤوليتنا في بناء جسور التفاهم بدلا من تراكم الأزمات. ينبغي تبني سياسات متعددة الأطراف، لأن تعددية الأقطاب قادرة على معالجة كثير من القضايا التي تعجز الثنائية عن حلها.

انسحاب الولايات المتحدة من اليونسكو بحجة توسع نفوذ الصين يتناقض مع الهدف من وجود المنظمات الأممية، وهو تحسين العلاقات بين الدول. ومن الضروري أن تعمل اليونسكو بكل إمكاناتها على خلق الفهم المتبادل بين الشعوب والدول، بما يسهم في تطوير الثقافة والتعليم والعلوم والاتصالات، ويؤثر إيجابا على العلاقات الثنائية والمتعددة الأطراف حتى على الصعيدين السياسي والدبلوماسي.

مقالات مشابهة

  • فضيحة رسوم الزواج بالدنمارك.. مطالب بتعويضات لآلاف المتزوجين
  • أمين لجنة اليونسكو في إيران: آن الأوان لتحالف ثقافي إسلامي عربي
  • أوروبا تلجأ إلى العمارة التراثية لتكييف المساكن مع الحر الشديد
  • مؤسس «أمهات مصر»: تنوع الجامعات والمعاهد يسهم في استيعاب طلاب الثانوية العامة
  • الإساءة اللفظية في الطفولة.. جرح خفي يمتد أثره مدى الحياة
  • قرية البردي تستقبل يومًا ثقافيًا فنيًا يجمع بين التراث والإبداع في الشرقية
  • منال عوض: مسار العائلة المقدسة من أهم المشروعات التراثية والحضارية والثقافية والدينية
  • «ثقافي المكفوفين» يطلق حوارا لتعزيز دمج ذوي الإعاقة
  • وزير الثقافة: تنوع مشاركات البينالي يجسد روح التضامن لأطفال العالم
  • نيويورك تايمز: انقسام ليبيا السياسي يمتد إلى ملاعب كرة القدم في إيطاليا