شهدت مدينة إسطنبول التركية، الخميس 27 يونيو 2025، حفلاً رسمياً بمناسبة انطلاق عمليات نقل البضائع عبر طريق بري جديد يربط بين تركيا والعراق والكويت والأردن وألمانيا، في خطوة تاريخية تمثل أول نقل مباشر للبضائع من العراق إلى الكويت منذ 22 عاماً، وجاء هذا الحدث البارز على هامش منتدى “ممرات النقل العالمية” الذي عقد في مركز إسطنبول للمؤتمرات.

وبحسب وكالة الأناضول، كانت طرق العبور عبر العراق مغلقة أمام الشاحنات والبضائع منذ عام 2003 بسبب الظروف الأمنية والسياسية، مما أدى إلى توقف النقل العابر عبر العراق لأكثر من عقدين، ومع دخول نظام تنظيم الشاحنات الجديد في بغداد حيز التنفيذ، تم إعادة فتح هذا المسار الحيوي، حيث انطلقت ثلاث شاحنات في 25 يونيو لنقل البضائع من تركيا عبر العراق وصولاً إلى الكويت، لتكون بذلك أول رحلة نقل بري مباشر بين العراق والكويت منذ عام 2003.

في المقابل، يشهد النقل البري عبر سوريا تعطلاً مستمراً منذ عام 2011 بسبب الأوضاع الأمنية، مما حال دون فتح طريق بري مباشر إلى الأردن عبر سوريا. لكن يوم 27 يونيو، نجحت شاحنة محملة ببضائع من ألمانيا في الوصول إلى الأردن عبر مسار تركيا-العراق، لتسجل بذلك أول نقل بري مباشر من أوروبا إلى الأردن خلال 14 عاماً.

“طريق التنمية”.. مشروع جيوسياسي واقتصادي

خلال الحفل، أكد وزير النقل والبنية التحتية التركي عبد القادر أورال أوغلو أن المشروع يمثل المرحلة الأولى من “طريق التنمية” الاستراتيجي، وقال: “قمنا ببداية أولية.. هذا بمثابة بروفة لطريق التنمية.. سنقوم بتتبع الشاحنات التي تنطلق من تركيا حتى نهايتها”.

من جانبه، أعرب ناصر الأسدي، مستشار رئيس الوزراء العراقي لشؤون النقل، عن دعم بلاده الكامل لهذا المشروع قائلاً: “نريد أن نجمع بين الشرق والغرب عبر أراضينا.. نهنئ تركيا على هذه الخطوة الأولى ونتطلع إلى المزيد من التطورات”.

أما الأمينة التنفيذية للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأوروبا، تاتيانا مولسيان، فقد وصفت المنتدى بأنه كان ناجحاً للغاية وأعربت عن رغبتها في حضور فعاليات القسم الإلكتروني للنقل البري في العام المقبل.

كما أكد الأمين العام للاتحاد الدولي للنقل البري، أومبيرتو دي بريتو، أن هذا النظام الجديد سيعود بفائدة كبيرة على الشعب العراقي من خلال تسهيل وصول منتجاته إلى الأسواق العالمية بسرعة وأمان.

تصريحات أردوغان: فرصة اقتصادية ضخمة

في كلمته خلال المنتدى، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن بلاده تسعى لتحويل إمكاناتها الجيوسياسية إلى ميزة اقتصادية عبر مشروع “طريق التنمية”، الذي يمتد من العراق إلى تركيا وموانئها، بطول 1200 كيلومتر داخل العراق.

وأشار أردوغان إلى أن “طريق التنمية” سيؤثر بشكل كبير على الإنتاج الاقتصادي في المنطقة، متوقعاً أن تتجاوز قيمة الإنتاج المرتبط بالمشروع 50 مليار دولار خلال 10 سنوات، وأن يوفر حوالي 63 ألف فرصة عمل سنوياً في المتوسط.

وشدد على أن المشروع سيحول الإمكانات الجيوسياسية للمنطقة إلى ميزة اقتصادية شاملة تعود بالنفع على جميع الدول المشاركة والمنطقة برمتها.

أهمية “طريق التنمية” للنقل الإقليمي

يمثل “طريق التنمية” ممرًا بريًا وسكة حديدية حيوية تهدف إلى تسهيل نقل البضائع بين أوروبا ودول الخليج، عبر العراق وتركيا. ويأتي المشروع في إطار جهود تعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي وتنشيط حركة التجارة بين الدول المجاورة، كما يسعى إلى تأمين مسارات نقل بديلة وفعالة، بعد أعوام من التحديات التي واجهتها النقل البري نتيجة الأزمات الأمنية والسياسية.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: الاقتصاد التركي الاقتصاد العراقي الاقتصاد الكويتي العراق والكويت العراق وتركيا تركيا تركيا والعرب طریق التنمیة نقل البضائع عبر العراق بری مباشر

إقرأ أيضاً:

لماذا قررت تركيا إنهاء الاتفاق النفطي مع العراق؟

 

تجديد مُحتمل:

لماذا قررت تركيا إنهاء الاتفاق النفطي مع العراق؟

 

 

أصدر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في 21 يوليو 2025، قراراً بعدم تجديد الاتفاقيات والبروتوكولات الموقعة بين بلاده والعراق منذ عام 1973، بخصوص خط أنابيب النفط الخام الممتد من العراق إلى تركيا، والتي بدأت بتشغيل خط كركوك في إقليم كردستان العراق إلى ميناء يومورتاليك النفطي في جنوب شرق تركيا، وأدت دوراً استراتيجياً في نقل ملايين البراميل من النفط العراقي عبر ميناء جيهان التركي إلى الأسواق العالمية، وكان من المقرر انتهاء العمل بالاتفاق المُشار إليه في 27 يوليو 2026، بعد أن جرى تجديده في 2010، لمدة 15 سنة أخرى.

أهداف أنقرة:

تهدف أنقرة من قرارها بإيقاف خط النفط مع بغداد، واستبداله باتفاق أكثر شمولاً، تحقيق العديد من الأهداف، أبرزها ما يلي:

التوصل لاتفاق جديد: تتطلع أنقرة لعقد اتفاقية جديدة مع بغداد بشأن توسيع التعاون الطاقي؛ إذ أرسلت تركيا مسودة مقترحة إلى العراق في 21 يوليو 2025؛ لتجديد وتوسيع اتفاقية الطاقة بين البلدين، لتشمل مجالات النفط والغاز والبتروكيماويات والكهرباء، وقد أكد وزير الطاقة التركي ألب أرسلان بيرقدار، أنه يجب أن تتضمن اتفاقية الطاقة الجديدة المقترحة بين البلدين آلية تضمن الاستخدام الكامل لخط أنابيب النفط بينهما، فقبل الإغلاق؛ الذي تم في 2023 ومستمر حتى الآن، كان خط الأنابيب ينقل نحو 500 ألف برميل يومياً من النفط الخام، في حين تبلغ قدرته نحو 1.5 مليون برميل يومياً عند تشغيلها بكامل طاقتها.

كما أن أنقرة تتطلع إلى أن تبلغ سعة الخط الجديد المزمع إنشاؤه 2.2 مليون برميل يومياً، وسيربط ميناء البصرة في جنوب العراق بميناء سيلوبي في جنوب شرق تركيا، وذلك كجزء من مشروع “طريق التنمية”؛ الذي يتضمن أن يربط بين منطقة الخليج العربي حتى أوروبا مروراً بتركيا؛ ما قد يعزز مكانة تركيا كممر رئيسي بين الخليج وأوروبا، وقد يرفع حجم تجارتها مع الدول العربية من 20 إلى 30 أو40 مليار دولار سنوياً، بحسب بعض التقديرات.

إسقاط الدعاوى القضائية: يهدف قرار أنقرة إلى إسقاط الدعاوى القضائية التي تقدمت بها بغداد، في 2014، إلى محكمة التحكيم الدولية التابعة لغرفة التجارة الدولية (ICC) في باريس، ضد تركيا، على خلفية استيراد الأخيرة للنفط من إقليم كردستان، دون الرجوع للحكومة المركزية في بغداد، والتي قضت في 2023، بتغريم أنقرة نحو 1.5 مليار دولار. كما أن هناك قضية تحكيم ثانية مُعلَّقة؛ حيث تطالب بغداد بمبلغ إضافي يتراوح بين 3 و5 مليارات دولار عن الصادرات غير المصرح بها بين عامي 2018 و2023، كما يهدف القرار كذلك إلى أن تتنازل العراق عن مطالبات التعويض المتعلقة ببند التجديد التلقائي للاتفاقية لمدة خمس سنوات. تحقيق مكاسب اقتصادية: تسعى أنقرة من وراء تلك الخطوة إلى تحقيق مكاسب اقتصادية كبيرة، فبحسب مصادر رسمية تحدثت إلى وكالة “بلومبرغ”، فإن أنقرة ترى أن الشروط الحالية للاتفاق الراهن غير مجزية، وتطمح لاتفاق جديد يعزز عوائدها ويمنحها مرونة أكبر في إدارة الخط؛ إذ كانت تركيا تتقاضى ما بين 90 سنتاً إلى 1.5 دولار عن كل برميل نفط عراقي تصدره شركة “سومو” (المؤسسة المسؤولة عن تسويق النفط في العراق)، بينما كانت تتقاضى نحو 16 دولاراً عن نقل كل برميل من نفط إقليم كردستان؛ لذلك تحركت تركيا نحو إلغاء الاتفاقية والسعي للتوصل لاتفاق جديد مع العراق بغية تحقيق منافع اقتصادية أكبر. درء الخلافات مع بغداد: تتطلع أنقرة من وراء القرار، إلى درء الخلافات مع بغداد، خاصة وأنه يأتي في الوقت الذي وافق فيه الرئيس أردوغان، في 2 يوليو 2025، على زيادة ضخ مياه دجلة والفرات للعراق، بمعدل 420 متراً مكعباً في الثانية لمدة شهرين؛ ما جعل البعض يعتقد أن هذا التعاون قد يفرز تعاوناً شاملاً في مختلف المجالات؛ فهذا التطور دفع بغداد لعرض تسهيلات اقتصادية على تركيا، مقابل استمرار رفع الإطلاقات المائية.

كما قد يُسهم التقدم في عملية السلام بين تركيا وحزب العمال الكردستاني في تعزيز العلاقات بين أنقرة وكل من بغداد وأربيل؛ مما يدعم استكمال مشروع خط النفط الجديد؛ إذ إن استكمال مسار السلام بين أنقرة والحزب قد يمهد لحل أشمل للقضية الكردية، التي طالما أعاقت التقارب بين الأطراف الثلاثة.

سيناريوهات مُستقبلية:

قد تسير الأمور نحو عدة سيناريوهات مُستقبلية، يمكن تناول أبرزها على النحو التالي:

السيناريو الأول: إتمام الاتفاق الجديد: يرجح هذا السيناريو، نجاح أنقرة وبغداد في توقيع اتفاق جديد شامل وموسع للنفط بينهما، ولا سيما مع استعداد البرلمان العراقي للتصويت على مشروع قانون ينظم قطاع الطاقة المتجددة ويشجع الاستثمار المحلي والدولي، كما يعزز هذا التوجه دعم واشنطن؛ حيث أكدت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، تامي بروس، دعم بلادها للتفاهم بين بغداد وأربيل ومع تركيا. السيناريو الثاني: استمرار الوضع الراهن: يرى هذا السيناريو، أن الموقف النفطي بين العراق وتركيا، سيستمر على ما هو عليه؛ فإعادة تشغيل خط أنابيب النفط بين البلدين بكامل قدرته لا تزال حلماً بعيد المنال حتى الآن، ويعزز ذلك أن التقديرات تُشير إلى أن العراق لا يمتلك القدرة في الوقت الراهن على تصدير 1.5 مليون برميل يومياً باتجاه تركيا. السيناريو الثالث: تعثُّر الاتفاق الجديد: يتوقع هذا السيناريو أن هناك العديد من التحديات الفنية والدبلوماسية بين أنقرة وبغداد، قد تحول دون إتمام الاتفاق الجديد، هذا على ما يعتبره البعض أن اتفاقاً جديداً قد يحد من صادرات النفط من خلال شركة تسويق النفط العراقية (سومو)، كما قد يضعف استقلالية حكومة إقليم كردستان. السيناريو الرابع: تجديد الاتفاق القديم: يرجح هذا السيناريو؛ والذي يُعد الأكثر ترجيحاً، لجوء البلدين لتجديد اتفاق النفط القديم بينهما، ولكن مع توسيع التعاون والتنسيق وزيادة حصص التصدير، خاصة مع تأكيد وزير الطاقة التركي ألب أرسلان بيرقدار، استعداد بلاده لتمديد اتفاقية عام 1973 مع إدخال تعديلات قانونية وتوسيع النشاط، كما أشار مستشار رئيس وزراء إقليم كردستان كمال أتروشي، إلى إمكانية تجديد الاتفاق؛ إذا كانت تكاليف الصيانة والعبور مناسبة اقتصادياً لجميع الأطراف، وبما يحقق فوائد كبيرة للجميع.

وفي الختام، في ضوء معطيات الموقف الراهن بين أنقرة وبغداد؛ فإنه من المتوقع أن يكون قرار إنهاء اتفاقية النفط بينهما، واحتمالات تدشين خط جديد، بمثابة اختبار حقيقي لمستقبل العلاقات بين البلدين، ومدى إمكانية تشكيل هيكل جديد وشامل للعلاقات الثنائية، رغم ذلك يتكهن البعض أن البلدين قد لا ينجحان في إتمام خط جديد، وسيتم تجديد الاتفاق القديم؛ ليس فقط للتحديات المتعددة التي قد تحول دون ذلك، بل أيضاً بسبب أن الحكومة العراقية الحالية ستنتهي ولايتها بعد أشهر، فمن المقرر أن تجري الانتخابات البرلمانية في العراق في نوفمبر 2025؛ لذلك من المستبعد أن تتمكن الحكومة أو البرلمان من تأمين شروط عقد اتفاقية جديدة لتصدير النفط العراقي عبر تركيا.


مقالات مشابهة

  • وزير النقل يعزي عائلات ضحايا سقوط حافلة لنقل المسافرين بواد الحراش.. ويكشف الجديد 
  • تطوير النقل في شتورة: 15 محطة جديدة لخدمة الركاب
  • مذكرة الحدود العراقية الإيرانية في قلب العاصفة: مسار على خيط دبلوماسي مشدود
  • 16 سيارة إسعاف لنقل مصابي انقلاب سيارة عمال على طريق القاهرة الإسماعيلية
  • لماذا قررت تركيا إنهاء الاتفاق النفطي مع العراق؟
  • أبوظبي وسيؤول تعززان التعاون في مجالات التنمية الذكية والمستدامة
  • النقل العراقية تكشف عن خطتها الاستثنائية لنقل زوار الأربعينية
  • صور.. افتتاح حمام سباحة نصف أولمبي بمركز التنمية الشبابية بالأسمرات
  • العراق يلاقي هونغ كونغ في افتتاح مشواره بكأس ملك تايلاند الودية
  • الزراعة النيابية:تركيا تعلن الحرب المائي على العراق والسوداني ما زال”ساكتاً”