المسلة:
2025-10-15@18:57:20 GMT

خارطة الطريق نحو عراق الدولة

تاريخ النشر: 8th, July 2025 GMT

خارطة الطريق نحو عراق الدولة

8 يوليو، 2025

بغداد/المسلة: ليث شبر

خارطة الطريق نحو عراق الدولة: السلاح أولًا… ولكن ليس وحده

عشتُ سنوات طويلة في العمل السياسي والفكري والإعلامي، وكنت شاهدًا وفاعلًا في أخطر مراحل ما بعد 2003. وقد رأيت الدولة تتشكل، ثم تتشقق، ثم تُخترق.
كتبت وانتقدت وحاورت، لكنني لم أتوقف عن طرح السؤال الجوهري: كيف يمكن للعراق أن يتحول من دولة شكلية إلى دولة فعلية؟
لقد اختبرتُ النوايا، وعرفتُ عن قرب أولئك الذين رفعوا شعار الدولة، بينما يمارسون نقيضها، وأدركت أن البناء لا يكون بالشعارات، بل بخيارات حاسمة تعالج جذر الأزمة لا أعراضها.

وبينما يمكننا أن نعدّد مئات إن لم يكن آلاف المشاكل التي يعاني منها العراق، من الاقتصاد إلى الفساد إلى الخدمات إلى الانهيار التعليمي والصحي وإلى كل تفصيلة في حياة العراقيين، تبقى هناك مشكلة واحدة إن لم تُحلّ، فلن يكون هناك معنى لأي إصلاح:

السلاح المنفلت وتعدد مراكز القوة خارج إطار الدولة.

المشكلة كما هي… لا كما تُجمَّل

ليس السلاح المنفلت مجرد وجود بندقية بيد عشيرة، ولا حتى مجاميع صغيرة تمارس الابتزاز. بل هو ظاهرة متجذرة تشكلها:

ميليشيات وفصائل عقائدية لها ارتباطات خارجية،

قوى سياسية مسلحة تفرض إرادتها في الانتخابات،

جماعات تابعة لأحزاب تتقاسم النفوذ في المدن والمنافذ والوزارات،

وجود بيشمركة تابعة لحكومة الإقليم لا تخضع لسلطة القيادة العامة للقوات المسلحة، بل تعمل كقوى متعددة شبه مستقلة رغم أنها تموّل من موازنة الدولة.

ومع هذا التعدد، لم يعد هناك جيش واحد، ولا قرار سيادي موحد، بل أصبحنا إزاء فسيفساء قوى مسلحة، تشرعن بعضها تحت عناوين المقاومة أو حماية الطائفة أو الدفاع عن الإقليم.

من أين نبدأ؟ وما الطريق؟

إن أول خطوة في العلاج هي أن نسمي الأشياء بأسمائها.
نحن أمام مشكلة تهدد جوهر الدولة، ولا يمكن الالتفاف حولها بشعارات الدمج أو الهيكلة أو “توحيد الجهود الأمنية”.
ومع ذلك، لا بد من الاعتراف بأن الحل الأمني الصِرف، أي المواجهة المسلحة، ليس الخيار الأول، لأنه قد يفتح على العراق أبواب صراع داخلي.
كما أننا لا نريد أن نعطي الحجة للتدخل الدولي المدمر كما حصل في لبنان واليمن..

ولذلك، نطرح هنا خارطة طريق، مدروسة ومتدرجة، تنطلق من مبدأ الحوار، لكنها لا تنتهي بالتنازلات، بل تبني دولة ذات سيادة وهيبة.

أولًا: حوار بلا وهم… مع من؟ وبأي شروط؟

كلمة “الحوار” أصبحت مستهلكة في الخطاب السياسي، ولذلك يجب أن نوضح بدقة ما نعنيه.

أطراف الحوار هم خمسة :

1. الحكومة المركزية بصفتها الطرف الشرعي المفترض أن يحتكر السلاح.

2. الفصائل المسلحة غير الرسمية، سواء كانت شيعية أو سنية، والتي تمتلك أجنحة عسكرية.

3. البيشمركة كمؤسسة عسكرية غير خاضعة لسلطة بغداد رغم تمويلها من الخزينة العامة.

4. المجتمع الدولي كضامن للتسويات ومنسق للمرحلة الانتقالية.

5. المجتمع المدني وقياداته كمراقب شعبي.

شروط الحوار:

لا يُفتح الحوار مع أي طرف يرفض مبدأ “احتكار الدولة للسلاح”.

يُمنح المشاركون مهلة زمنية محددة ( ثلاثة أشهر مثلًا) لتقديم خارطة التزام واضحة: هل سيحلون تنظيمهم؟ هل سيندمجون؟ أم يرفضون؟

من يرفض، يوضع على لائحة الجماعات الخارجة عن القانون، وتُجرى مواجهة قانونية أو أمنية معه.

ثانيًا: صياغة قانون شامل

لا تكفي القوانين العامة، بل نحن بحاجة إلى قانون خاص يتضمن:

تعريفًا دقيقًا للفصائل الخارجة عن القانون.

عقوبات صارمة على حمل السلاح أو الانتماء لمجموعة مسلحة خارج إطار الدولة.

آليات اندماج قانونية لمن يريد التحول إلى حزب سياسي مدني.

ثالثًا: إعادة هيكلة المؤسسة الأمنية

لا يمكن القضاء على الميليشيات دون أن نقدم بديلًا وطنيًا قويًا.
نقترح:

دمج جزئي للفصائل المنضبطة ضمن وزارتي الدفاع والداخلية تحت إشراف دقيق.

إخضاع قوات البيشمركة لقيادة الأركان العامة العراقية، مع ضمان حقوقهم ضمن المؤسسة.

تشكيل قوة نخبوية خاصة، تابعة مباشرة للقائد العام، لتنفيذ إجراءات نزع السلاح وحماية مراكز الدولة.

رابعًا: تأمين الغطاء السياسي والاجتماعي

من دون دعم المرجعية، والشعب، والقوى المدنية، فإن أي خطة ستفشل. لذا يجب إطلاق حملة وطنية تشرح للناس:

لماذا السلاح المنفلت والمليشيات ومظاهر اللادولة هم العدو الأول لحياتهم اليومية.

كيف يؤثر على الاقتصاد، والتعليم، والأمن، والانتخابات.

ولماذا باتت الدولة بلا هيبة.

خامسًا: الاتفاق على نهاية واضحة للمرحلة الانتقالية

يجب أن نحدد هدفًا زمنيًا واضحًا، لا يتجاوز 12 شهرًا، تكون فيه الدولة قد:

نزعت السلاح من كل القوى غير الرسمية.

أعادت هيكلة المؤسسة الأمنية.

نظمت الانتخابات في ظل قانون جديد وقوى غير مسلحة.

نعم، العراق يعاني من مشاكل كثيرة.
لكن إذا أردنا البدء، فلنبدأ من الرأس لا من الذيل.
فلنبدأ من المشكلة الكبرى التي ولّدت كل الفوضى: غياب الدولة أمام سلاح غير شرعي، وخطاب عقائدي يختطف الشرعية، ومليشيات تهدد كل إصلاح.

وخذوها مني:
لا يمكن لأي مشروع وطني أن ينجح،
ولا لأي زعيم أن يحكم،
ولا لأي دولة أن تُبنى…
ما لم يُسحب السلاح من الجميع، ويُعاد وضع العراق تحت سيادة القانون لا سطوة السلاح.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

الطريق إلى الأسواق العالمية.. ورشة عمل بالغرفة التجارية ببورسعيد

  نظمت الغرفة التجارية ببورسعيد، برئاسة محمد سعده، السكرتير العام للاتحاد العام للغرف التجارية المصرية ورئيس غرفة بورسعيد، ورشة عمل، اليوم /الأربعاء/، تحت عنوان "الطريق إلى الأسواق العالمية"، بحضور محافظ بورسعيد محب حبشي، و مهندس عصام النجار، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات، ولفيف من قيادات الهيئة وأعضاء مجلس إدارة الغرفة، ورؤساء وأعضاء الشعب التجارية والمصدرين وأصحاب الشركات الصناعية.
ورحب المحافظ - خلال كلمته - برئيس الهيئة والوفد المرافق له على أرض بورسعيد، مشيدًا بالتعاون المثمر بين المحافظة والغرفة التجارية ببورسعيد والهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات، ومتطلعًا لمزيد من التعاون خلال الفترة المقبلة بالشكل الذي يعود بالايجاب على الاقتصاد القومي وأبناء بورسعيد، متمنيا أن تعود بورسعيد أفضل مما كان، وسيحقق ذلك - بإذن الله تعالى - بتضافر الجهود كافة.
من جانبه، رحب محمد سعده، في بداية كلمته، بالحضور، معربًا عن تشرف الغرفة بتنظيم واستضافة ورشة العمل بالتعاون والتنسيق مع الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات، في إطار الجهود المبذولة لدعم المصدرين وزيادة قدرتهم التنافسية في الأسواق العالمية، لافتًا الى أنه تأتي الورشة في إطار جهود الغرفة لتعريف المجتمع التجاري بالمستجدات على الساحة التجارية محليًا وعالميًا.
وثمن رئيس الغرفة، الجهود التي تبذلها الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات لدعم المصدرين والحرص على توعيتهم بكل جديد يطرأ في هذا الشأن، موجهًا خالص الشكر والتقدير لمحافظ بورسعيد ورئيس الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات، على تعاونها المثمر مع الغرفة، مُتطلعًا لمزيد من التعاون والتنسيق خلال الفترة المقبلة بالشكل الذي يعود بالايجاب على الاقتصاد القومي وأبناء المحافظة.
بدوره، وجه رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات، الشكر، إلى الغرفة التجارية ببورسعيد، برئاسة محمد سعده، على تعاونهم المميز والمُثمر لصالح الاقتصاد المصري ومنتسبي الغرفة، متطرقًا للحديث عن الخدمات المختلفة التي تقدمها الهيئة، بالإضافة إلى تطبيق تقرير البصمة الكربونية في إطار تطبيق الاتحاد الأوروبى لآلية تعديل حدود الكربون بداية من يناير 2026، والتي سيتم احتساب النسبة وفقا لمقاييس عالمية موحدة، وأن CBAM هي اختصار آلية تعديل حدود الكربون، وهي ضريبة كربون على الواردات التي يفرضها الاتحاد الأوروبي على سلع مستوردة معينة من خارج الاتحاد، كما أن القطاعات التي سيرتكز عليها في البداية كمرحلة أولى هي: الالمونيوم، والأسمدة، والحديد والصلب، والكهرباء، والهيدروجين.
من جانبهم، أكدت قيادات الهيئة - خلال الورشة - أن وحدة إصدار شهادات المطابقة تعمل على مساعدة المصدرين للنفاذ بمنتجاتهم إلى الأسواق العالمية من خلال مساعدتهم على التوافق مع المعايير التي تضعها الدول المختلفة، وأن شهادات المطابقة التي تصدرها الوحدة معترف بها في جميع دول العالم، موضحين أنه للتصدير إلى المملكة العربية السعودية يجب انهاء عدة إجراءات أهمها: إحضار ملف فني، وفحص المنتجات، والتسجيل في منصة "سابر" الإلكترونية، ودفع الرسوم المستحقة، والحصول على شهادات المطابقة.
وعرض منتسبو الغرفة التجارية ببورسعيد - خلال الورشة - استفساراتهم ومقترحاتهم في نقاش مفتوح مع رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات، الذي استجاب لعدد منها خلال الورشة كما وعد بدراسة عدد من الملفات الأخرى ووضع حلول لها.
 

طباعة شارك الغرفة التجارية ببورسعيد الطريق إلى الأسواق العالمية الهيئة العامة للرقابة

مقالات مشابهة

  • الطريق إلى الأسواق العالمية.. ورشة عمل بالغرفة التجارية ببورسعيد
  • تيتيه: ليبيا لا تحتمل تأخير خارطة الطريق… وحوارٌ شامل في نوفمبر
  • البعثة الأممية تعلن عن تفاصيل «خارطة الطريق» للانتخابات
  • أبو راس: توافقٌ نسبي بلا قبول واسع… وثقة غائبة تعرقل خارطة الطريق
  • الدوسري: الطريق إلى «المونديال» لم يكن مفروشاً بالورود
  • تيتيه أمام مجلس الأمن: ليبيا لا تتحمل مزيدًا من التأخير في تنفيذ خارطة الطريق
  • خوري تحث مجلسي النواب والدولة على تلبية تطلعات الشعب وتسريع جهودهما لتنفيذ خارطة الطريق
  • خوري تلتقي وفداً من «المجلس الأعلى للدولة» لدعم خارطة الطريق السياسية
  • انتشار السلاح.. تحدي السلام أمام الفوضى في السودان
  • خوري تبحث مع «عقيلة صالح» خارطة الطريق السياسية