دار الكسوة بالخرنفش.. مهد روحاني يتحول إلى أطلال منسية
تاريخ النشر: 10th, July 2025 GMT
وسط زحام القاهرة القديمة، حيث تتناثر الحكايات في أزقة الخرنفش العتيقة، يقف مبنى دار الكسوة الشريفة كصرح مهيب يختزل قرونًا من الروحانية والفخر المصري.
من هنا، كانت تنطلق كسوة الكعبة سنويًا في موكب مهيب يطوف شوارع القاهرة، قبل أن تُحمل إلى الحرم الشريف، كرمزٍ للعطاء المصري المقدّس.
غير أن هذا الصرح الذي يعود إلى بدايات القرن التاسع عشر، لم يعد اليوم سوى مخزن مهجور يعلوه الغبار، وتحيط به الحسرة من كل جانب.
تأسست دار الكسوة الشريفة عام 1816م (1233 هـ) في عهد محمد علي باشا، وكانت جزءًا من ورشة الخرنفش الشهيرة لصناعة الأقمشة والغزل والنسيج.
سرعان ما تحوّلت الدار إلى معلم مركزي لصناعة كسوة الكعبة بخيوط الذهب والفضة، حيث عمل بها أمهر الصناع من مصر والعالم الإسلامي، لتغدو رمزًا لتفوق القاهرة الصناعي والديني.
واستمرت مصر في إرسال الكسوة حتى عام 1962، حين توقفت هذه المهمة في عهد الرئيس جمال عبد الناصر، لتبدأ بعدها رحلة الغياب التدريجي للدار عن ذاكرة الدولة.
ورغم تسجيل المبنى كأثر إسلامي في "الوقائع المصرية" بتاريخ 1 سبتمبر 2015، إلا أن واقع الدار اليوم لا يمتّ بصلة لمكانتها الدينية والتاريخية.
الآثار موجودة.. والاهتمام غائبالوصف المعماري للدار، وفق وثائق وزارة السياحة والآثار، يكشف عن تصميم ثري وفريد:
بوابة ضخمة تؤدي إلى ساحة واسعة.قاعات كبيرة مزينة بشبابيك خشبية.سلالم حجرية تقود إلى طابق علوي استخدم في تطريز الكسوة.سطح مخصص لتجفيف الأقمشة وصناعة الزينة.كل هذه الملامح التراثية ما زالت قائمة، لكنها مدفونة تحت طبقات من الإهمال، وتحاصرها "الكراكيب" التي حوّلت المبنى إلى مستودع لا يليق بتاريخه أو قدسيته.
مطالب شعبية بتحويل الدار إلى متحف مفتوحرغم إدراج المبنى على قوائم الآثار وتسليمه رسميًا لوزارة السياحة والآثار، لم تبدأ أي عمليات ترميم جادة حتى الآن. سكان الحي يطالبون بسرعة إعادة تأهيله وتحويله إلى متحف أو مزار سياحي، يُبرز الدور المصري التاريخي في خدمة الحرمين الشريفين.
إحدى الروايات الشعبية المتداولة بين أهالي الخرنفش تفيد بأن الدار لم تُفتح للجمهور منذ أكثر من 60 عامًا، وظلت حبيسة الإغلاق حتى بعد استلامها من قِبل الآثار.
وقد حذر عدد من المهتمين بالتراث من أن تأخير الترميم يهدد بتآكل ما تبقى من معالم الدار، مطالبين بإدراجها ضمن خطة عاجلة لإحياء المواقع الإسلامية ذات البعد الرمزي الكبير.
دار الكسوة ليست مجرد مبنى أثري في حي شعبي، بل هي صفحة حية من تاريخ مصر الروحي والمهني، وجزء من صورتها في المخيلة الإسلامية. أن تُترك هذه الدار في هذا الحال، هو تقزيم متعمد لدور عظيم أدّته مصر على مدى قرون.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: دار الكسوة القاهرة دار الکسوة
إقرأ أيضاً:
ارتفاع عدد ضحايا الحريق في المبنى السكني في هونج كونج
ارتفع عدد ضحايا الحريق في المبنى السكني في هونج كونج إلى 128 قتيلا، حسبما أفادت قناة "القاهرة الإخبارية"، في خبر عاجل.
وأعلنت السلطات في هونج كونج، أنّ مصير حوالي 200 شخص لا يزال مجهولا بعد الحريق.
تقارب مادورو مع الصين وروسيا يثير قلق واشنطنعلى صعيد آخر، قال الدكتور ياسر ثابت، الكاتب الصحفي والمحلل السياسي، إن التصعيد الحالي بين واشنطن وكراكاس يعكس سعي الولايات المتحدة، بقيادة الرئيس دونالد ترامب، لترسيخ ما يمكن وصفه بـ "عقيدة جيمس مونرو"، التي تعتبر دول أمريكا اللاتينية جزءاً من الفناء الخلفي للولايات المتحدة، بهدف ضمان سيطرتها ونفوذها الجيوسياسي في المنطقة.
وأضاف ثابت، خلال استضافته مع الإعلامية مارينا المصري، في برنامج "مطروح للنقاش"، المذاع على قناة "القاهرة الإخبارية"، أن الأزمة في فنزويلا لا تتعلق فقط بمحاربة تجارة المخدرات أو بمحاولة الإطاحة بالرئيس نيكولاس مادورو، الذي يمثل الإرث الشافيزية، بل تشمل محاولة فرض نفوذ وسيادة أمريكية، خاصة على ملفات النفط والوضع السياسي، بينما يبقى ملف المخدرات على الواجهة لكنه ليس الأولوية.
التحركات الأمريكية ضد مادورووأشار إلى أن التحركات الأمريكية ضد مادورو تصاعدت تدريجياً منذ عام 2019، لافتاً إلى أن محاولات ترامب السابقة للإطاحة بالرئيس الفنزويلي لم تنجح بسبب تقارب مادورو مع الصين وروسيا، وهو ما يشكل مصدر قلق كبير للإدارة الأمريكية ويزيد من حدة التوتر.